الوسواس القهري
حضرة الدكتور وائل أبو هندي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا مريض أعاني من الوسواس القهري في الصلاة وبدرجة أخف الوضوء منذ ما يقارب الـ 25 سنة وقد استعملت علاجات مختلفة وكذلك قمت بالدخول بدورات العلاج السلوكي المعرفي. وبعد عدة محاولات من المزج بين العلاج الدوائي والعلاج المعرفي السلوكي تحسنت حالتي بطريقة لابأس بها وخفت حدة الأفكار الوسواسية وكذلك الأفعال القهرية.
بعد فترة عام أو أكثر بدأت حالتي بالتدهور من جديد مع استمراري بأخذ الدواء من طبيبي المختص وازدادت حالة التدهور من حيث الأفكار والأعمال القهرية كذلك, وأصبحت حتى لا أستطيع القيام بتمارين الاسترخاء التي طالما ساعدتني في التخفيف من حدة الأفكار وما إلى ذلك وأن الذي يحدث معي هو عندما أحاول القيام بتمارين الاسترخاء من خلال الجلوس في مكان هادئ والقيام بكل ما تعلمته, لا أستطيع الاسترخاء وقد تعتقدون أن هذا غريب ولكن هذا هو الذي يحصل معي فما أن أقرر أن أعمل شيء يساعدني للتخفيف من الوساوس حتى تأتيني فكرة أو إحساس لا أدري بالضبط ما هو, يمنعني من المواصلة فيصبح كل شيء مقفلا أو تأتي فكرة أو إحساس تمنعني من المواصلة فأحاول مرة بعد مرة بلا فائدة
وبعدها أحاول أن أفكر لماذا يحصل هذا معي؟ وأعطي لنفسي فرصة للتفكير وأحاول أن أعرف السبب وراء ذلك وأكتشف مثلا أني لم أكن مستعداً جيداً أو لم أكن مركزاً وأحاول مرة أخرى وأخرى والنتيجة واحدة وبعد هذه المحاولات أصبحت في دوامة لا منتهية من المحاولات (الإحباطات) التي جعلتني في حالة من السوء وكثرت واشتدّت الوساوس بشكل لم أعهده من قبل.
وقد أثّر ذلك في صلاتي حيث ازدادت الوساوس وإعادة قراءة السور والبطء ولا أستطيع أن أسترسل بالقراءة إذا لم أحس أنها مرت على قلبي فأبدأ بالإعادة مرات ومرات وأثناء الإعادة تأتي الوساوس الأخرى من أفكار مثلاً أني لم أركز في المقطع الفلاني فأقوم بإعادته وكذلك عبارات الكفر وما غير ذلك.
لقد وصلت إلى مرحلة اليأس من كل شيء. ما هو السبب في ذلك؟؟؟. لا أعرف هل أنا مخطيء, هل أنا مقصّر بشيء أم أني لست جدياً ولا أريد أن أساعد نفسي حتى أشفى؟؟؟
آسف للإطالة لكني في حالة لايعرفها إلّا الله تعالى.
أرجو منكم الرد بسرعة إن أمكن والشكر الجزيل لكم
14/1/2022
رد المستشار
الأخ الفاضل "zaid suud" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
رغم ما توحي به عبارتك (..استعملت علاجات مختلفة ... قمت بالدخول بدورات العلاج السلوكي المعرفي. وبعد عدة محاولات من المزج بين العلاج الدوائي والعلاج المعرفي السلوكي تحسنت حالتي بطريقة لا بأس بها وخفت حدة الأفكار الوسواسية وكذلك الأفعال القهرية)... من أن كل شيء كان تمام وتم بنجاح على الأقل معقول إلا أن الواقع أنك تناولت علاجا عقاريا أو أكثر... بينما كان العلاج السلوكي المعرفي بعيدا تمام البعد عن لب أعراضك!! وسأشرح لك على أي أساس أقول هذا الكلام الخطير.
وصفت حالتك بقولك (الوسواس القهري في الصلاة وبدرجة أخف الوضوء منذ ما يقارب الـ 25 سنة)... ومثل هذه الحالة أو مثل هذا العرض من عروض الوسواس القهري يحتاج شكلا خاصا من الع.س.م ليس من بينها تدريبات الاسترخاء و/أو التركيز التي تعلمتها أنت في "دورات" العلاج السلوكي المعرفي... أتدري لماذا لأنه حين تكون الصلاة نفسها عبارة عن تركيز + استرخاء، ثم يدرب المعالج مريض (وسواس في الصلاة) على الاسترخاء المعتاد... فإن الأمر يكون عبثيا.
لا أدري ما هي المهارات التي تعلمتها لتناجز وساوس الصلاة؟ ولا أدري ماذا تدربت عليه من فنيات عدم الانتكاس؟ ... باختصار أقول بالفم الملآن أنت لم تحصل على الع.س.م المطلوب لحالتك وإنما تلقيت علاجا عقاريا للوسواس كثيرا في حالات الوساوس والقهور الدينية ما يخفق وحده أو ينجح لفترة ثم ينتكس المريض... ببساطة لأن الوسواس يمارس حيلا جديدة ولأن المريض لم يتعلم كيف يتعامل مع الوساوس الدينية بطريقة صحيحة.
ومن كلامك أدلل فأنت تقول (وقد أثّر ذلك في صلاتي حيث ازدادت الوساوس وإعادة قراءة السور والبطء ولا أستطيع أن أسترسل بالقراءة إذا لم أحس أنها مرت على قلبي فأبدأ بالإعادة مرات ومرات وأثناء الإعادة تأتي الوساوس الأخرى من أفكار مثلاً أني لم أركز في المقطع الفلاني فأقوم بإعادته وكذلك عبارات الكفر وما غير ذلك) ... هذا كلام لا يمكن أن يصدر عن شخص تلقى الع.س.م وتمت مآلفته عليه وتطبيق مهماته العلاجية، ... وسترى لماذا في النقطتين التاليتين اللتين تظهران غيابا لمفاهيم أساسية لابد تتعلمها أثناء الع.س.م.:
1- زيادة الوساوس أو نقصانها لا علاقة له بنجاح العلاج من عدمه فالع.س.م يعمل في اتجاهين الأول هو تغيير طريقة استجابة الشخص للوساوس بالعمل المعرفي أي أن الوساوس ستبقى تحدث ولكن الاستجابة لها ستختلف بدلا من الخوف أو الهرب أو النفي أو التفنيد فقط سيكون التجاهل، والاتجاه الثاني هو منع القيام بالقهور برغم التعرض لما يثير الوساوس... وأن يستمر الشخص في التجاهل مهما حصل.
2- وبخصوص الوسوسة في التلاوة ... كان مفترضا أن تتعلم في الع.س.م ليس فقط عن التجاهل وإنما كذلك عن ضرورة الانتباه إلى فخ تفتيش الدواخل فعندما يتهمك الوسواس بأنك لم تركز لا تقع في فخ محاولة التذكر هل ركزت أم لا ولا في فخ التكرار ... الواجب عليك هو الإهمال والاستمرر في التلاوة.. ونفس الكلام حين يتهمك بأن المعنى لم يمر على قلبك... أهمله ولا تحاول استبطان مشاعرك هل مر المعى على قلبك أو لم يمر ... أنت كموسوس معفي من ذلك بسبب اختلال قدرتك على قراءة دواخلك أو مشاعرك الداخلية.
واقرأ على مجانين:
ط.ب.ح.د الموسوس والتفتيش في الدواخل
باختصار عليك أن تتعلم القيام بعباداتك الوضوء والصلاة والتلاوة متبعا استعارة القطار أو المترو والتي تقوم على أساس متين من التجاهل والاستمرار في أعمال العبادة .. مع التيقن المسبق بأن معنى أن يأتي وسواس في خطوة من أعمال العبادة هو أنني أحسنتها وعلي ما بعدها وإياك من محاولة التذكر.. فإذا انتهت العبادة فقد قبلت وتم ثوابها ولا تعدها مهما حصل وسوسة أو واقعيا...
واقرأ في ذلك:
وسواس التكبير وقطع الصلاة : استعارة القطار !
الشك ككل وساوس الصلاة : استعارة القطار !
أظن ألا داعي لليأس يا "zaid suud" يا صديقي فهناك كثير من الأمل والعمل ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات