مساكم الله بالخير
أنا متزوج منذ سبع سنوات، وأعاني من مشكلة هي أن الشهوة الجنسية عند زوجتي شبه معدومة، ولا تحس بلذة الجماع إلا يومين أو ثلاثة بعد انقطاع الدورة الشهرية، ثم تعود إلى انعدام الشهوة، وإذا لم أطلب الجماع؛ فإنها لا تفكر في الأمر أبدًا، علمًا بأن زوجتي من النساء الملتزمات بالدين جدًّا، وقد حاولت معها جميع أنواع المداعبة …، ولكن دون فائدة، ولقد قرأت في إحدى الأجوبة السابقة أنه يوجد عطر للرجال يساعد على إثارة الشهوة عند المرأة.
فأرجو منكم معرفة نوع هذا العطر!
وشكرا لكم
1/2/2022
رد المستشار
أخي العزيز، الزهد في الجنس، أو قلة الشهوة عند الرجل أو المرأة يمكن أن يحدث من جراء أسباب عديدة.. بعضها عضوي، وبعضها نفسي واجتماعي.
فهناك أمراض معينة تصاحبها أعراض قلة الرغبة الجنسية مثل: كسل الغدة الدرقية، وهناك أدوية تصاحبها نفس الأعراض مثل: بعض أدوية ضغط الدم المرتفع، وهناك اضطرابات في الهرمونات تحدث بصفة مرضية مرتبطة بالسن أحياناً، وبالدورة الشهرية أحياناً أخرى، أو غير مرتبطة بهذا أو ذاك، وتكون مصحوبة بأعراض ضعف الرغبة في ممارسة الجنس.
أما الأسباب النفسية والاجتماعية فمتعددة أيضاً: منها الموقف الثقافي أو النفسي من الجنس حين يكون عند البعض نشاط معيب أو مستقذر، أو ليس من معالي الأمور "على الأقل"، وهذا تصور عرفته المسيحية، واستمر في أوروبا حتى ثارت على الكنيسة، وطرحت دينها برمته خالعة عنها القيود والمحرمات المخالفة لفطرة الإنسان وطبيعته التي خلقها الله، وزين له حب الشهوات – ومنها الجنس – ليكون سبيلاً لمتعة الإنسان خليفة الله في أرضه، وكذلك ليكون مقدمة لعمارة الأرض، وقد تسلل إلى العقل الإسلامي الكثير من هذا التراث المسيحي إضافة إلى روافد أخرى من محافظة كاذبة، وحياء في غير موضعه؛ فوصلنا إلى هذه الحالة المتناقضة بين رغبة البعض في الإغراق بالملذات، ونفور آخرين منها، وما عرف الإسلام في شرعه أو عصور ازدهاره هذه الثنائية الدخيلة، إنما عاش المسلمون، وعلّموا الدنيا كيف تكون الحياة ممتعة على قاعدة هدي الله، وفي ظلال شرعه الحنيف، فهل تجهل زوجتك الملتزمة "جداً" هذه المعاني؟!
وهناك أسباب أخرى اجتماعية وأسرية لقلة الرغبة في الممارسة، منها ما قد يتعلق بك من سوء تقديم لهذه المسألة، أو قلة تقديرك لها كأنثى وامرأة لها روح وعقل كما أن لها جسداً سواء بسواء، واعذرني لأن الكثيرين يقعون على زوجاتهم دون تقدير أو تقديم، وهو مخالف لهدي الإسلام، وفطرة الإنسان، واعتبارات الذوق الراقي المتحضر، وأنت ذكي يا أخي، وينبغي أن تتعلم ما تصلح به حياتك وأمورك.
ومن الأسباب الاجتماعية إنهاك المرأة في شئون بيتها وأولادها، الأمر الذي يجعل المطلوب منها أن تكون خادمة نهار يومها، غانية في ليله، وهذا أمر مستحيل؛ لذا يجب التخفيف عنها بعون من خادمة أو من زوجها نفسه إن عجز أن يحضر لها من يساعدها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مهنة أهله ـ أي يساعدهم في شئونهم ـ وقال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
ومن الأسباب النفسية عدم التماس المكان المناسب أو الزمان المناسب، أو الظروف المناسبة للجماع مثل: ازدحام البيت، أو المسكن المشترك مع الأهل أو انشغال الذهن.. وهكذا. فابحث في هذه الأمور جميعاً لأن الأصل أن رغبة المرأة في هذا الشأن يمكن أن تمتد لتشمل الوقت كله، إلا أن هذا تمنع منه موانع تستدعي منك البحث والتأمل، فإن كان في الأمر مرض عالجناه، وإن كان العيب فيك أصلحته، وإن كان غير ذلك فلكل داء دواء إلا الموت كما قال الحبيب -صلى الله عليه وسلم- وتفاهم مع زوجتك بود، وتحاور معها في هذا الشأن بلطف وانفتاح، واحترام يختلط بالمحبة، وخاطب الأنثى فيها، وهذه كلها مهارات قل من يجيدها، وشاع الجهل بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.