السلام عليكم
أود أن أطرح مشكلتي في زواجي هذا الذي مضى عليه تقريبا خمس سنوات، وقد استعصى عليّ وأتعبني نفسيا مؤخرا حتى كدت لا أستطيع القيام بعملي أو بأعمال الدعوة التي كنت متعودا عليها بصفتي عضوا في جمعية مسجد في ناحيتنا.
زوجتي تصغرني بثلاث سنوات، وأنا عمري 31 سنة، لم ننجب إلى الآن بسبب دراستها في الأول ثم لما سيأتي ذكره.. على العموم.. زوجتي متديّنة، خلوقة، على قدر من الجمال، نشيطة في البيت، تحبني وأحبها حتى النخاع على الرغم من أننا لم نتعارف حتى الزواج، فأنا من مصر ودرست في أمريكا وبها أعمل الآن، وقد اخترت أن أرجع إلى بلدي لأتزوج من هناك لحرصي على خلق زوجتي.
لكن وكأن هذا الحرص أدى إلى انقلاب إلى الجهة الأخرى!
بداية أحدثكم عن بيئة زوجتي، فقد نشأت في بيئة متخلّفة من ناحية معاملتهم للنساء، يعني تعرفون أعراف بعض العرب.. طيلة عمرها وبنات أهلها وأمها يحذرنها من الرجال، فهم هؤلاء الشريرون الذين لا يريدون لها إلا الشّر! حذار ثم حذار أن يحدث مكروه لغشائك! والجنس شيء مقرف، حذار ثم حذار، لا فيه حب ولا شيء، وليلة الدخلة هي ليلة المهمة المستحيلة وليلة المصير وميزان الشرف! حتى أنهم اشترطوا عليّ ليلة العرس أن أظهر لهم الدم (دليل عذرية بنتهم عند الناس) ووافقت بعد أخذ وجلب كاد أن يعصف بالزواج، إلا أني اخترت أخف الضررين.
لكن اكتشفت في ليلة الزواج أنها تخاف من الجنس خوفها من الموت، لم يمكننا أبدا أن نقوم بشيء، وأمام انتظار الملأ خارجا اضطررت أن أجرح ساقي لأعطيهم قماشا ملطخا بالدم فرحوا به فرحا شديدا.. والله يحزنني أن أتذكر هذا.
ويوما بعد يوم كنت أكتشف أن بيئة حبيبتي قتلت أنوثتها.. يعني هي لا تهتم بما تهتم به بنات أقرانها، إضافة إلى أنها سادية، وإلى حدّ ما تحبّ الحزن، تظل دائما تتخيّل سيناريوهات حزينة، كأن تموت كل عائلتها لا قدّر الله، أو أن أموت أنا، أو أن أصاب بمرض عضال والعياذ بالله، ثم تتساءل ماذا عساها أن تفعل في هذه الحالات، وتظل حزينة بسبب هذه التخيلات؟!
أحاول دائما أن أطمئنها وأكون معها لكن والله أتعبني هذا الأمر، أتعبني جدا جدا.. لا تتزين لي قط إلا بعد طلبات كثيرة تلميحا وتصريحا، لها شهادة ليسانس في علم النفس (آه لو نفعت) وهي مثقفة في أمور الجنس، أحاول وأحاول أن أتزين وأداعبها وأكلمها كلاما، أحيانا أفلح في استجلاب أنوثتها لثوان معدودة، لكن سرعان ما تنطوي مجددا إلى أفكارها وكأن شيئا يمنعها من الجنس!!
ويمكن أن تتخيلوا كم أضر هذا بنفسيّتي وبثقتي بنفسي، تتهمني أحيانا بأني كثير التفكير بالجنس، ولكن ماذا عساي أن أفعل في عزّ شبابي؟! فلست أرسل الهرمونات في عروقي بإرادتي.
وممّا زاد الطين بلة هو ألمها في الجماع الذي بالكاد نقوم به أصلا.. لا أكاد أقرب منها إلا ويبدأ الصراخ والبكاء رغم استعمالنا للعديد من الطرق والنصائح، ممّا ينفرنا من الجماع فأصبحت كل اتصالاتنا سطحية منذ سنتين.. اتصلنا بالأطباء وأخذنا نصائح العديد دون فائدة.. ثم حتى دون اتصال يُخيّل لي أحيانا أنها شرطي في الفراش: لا تفعل هذا، لا تنزع هذا، انتظر قليلا، لا تلمسني هنا إلى آخر ذلك من منغصات، لا أعرف ماذا أفعل معها في تلك اللحظات، لكن في اليوم التالي أكاد أقسم لنفسي ألا أقربها مجدّدا، لكن الهرمونات تفعل مفعولها مجدّدا بعد مدّة، وهكذا أجد نفسي في حلقة لا متناهية.
هذا مع أن هنا في الغرب توجد كل أنواع الفتن والتفنن في الإغراء الجنسي التي هي مجرّد أحلام وأوهام بالنسبة لي، إلى هنا كان يمكنني أن أتحمل هذه المشاكل، لكن مصيبتي في التطورات الأخيرة.. فمنذ عامين تقريبا بدأت تهون همتي وتزداد نفسيتي سوءا، حتى وهن التزامي، أصبحت لا أذهب للمسجد إلا نادرا، ثم صاحبت جماعة من كثيري اللهو واللعب ليست بالملتزمة، وأصبحت كثير التوهمات والتخيلات التي للأسف معظمها جنسية.
فأنا كما قلت في عز شبابي، أحس أن بداخلي طاقات مكبوتة هائلة، وأنا صراحة سريع التأثر بالصّور والبنات في الطريق، ثم شيئا فشيئا اعتدت العادة السرية، وربما صاحبها أحيانا تخيلات أو مشاهدة للصور والأفلام على الإنترنت، أجد نفسي أحيانا مع الإنترنت أو التلفاز سريع التلهف وراء صور الحرام، وما أكثرها هنا في أمريكا، لكن يكاد ضميري يقتلني، يعني تجنبت هذه الأمور في مراهقتي بنجاح والآن أقوم بها؟ ثم أنا لست بالقبيح، فأنا على قدر من الوسامة والنشاط مما يجلب عددا من النساء في العمل، وهذا يزيد من قلقي واضطرابي.. أجد نفسي أحيانا على مرمى حجر من الوقوع في الحرام.
وقد انعكس هذا أيضا على معاملتي لزوجتي، فقد أصبحت أظلمها كثيرا، أرسلتها إلى أهلها مرات عديدة في العام الماضي، أغضب منها ولا أستطيع احتمال كلمة سوء منها، (وهي، مع طول لسانها أحيانا ليست بالسيئة، فحتى عائشة رضي الله عنها قالت للرسول صلى الله عليه وسلم "هذا أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟"). سريع الغضب أنهرها كل يوم، ثم يتفطر قلبي لها، لم أكلّمها مرّة (إلا الضروري) لمدة شهر كامل، ماذا يمكنني أن أفعل لمساعدة زوجتي؟
كيف يمكنني تحصين نفسي؟ ماذا أفعل؟
هل أنا وحيد في هذه الحالة؟ شكرا مسبقا.
19/1/2022
رد المستشار
يا أخي الكريم.. أراك تسير في الاتجاه الذي يُزيد المشكلة تفاقما وتعقيدا!! فأنت تكبت السخط والألم في داخلك ثم تحوّل هذه المعاناة إلى انفجارات من الغضب أثناء معاملتك لزوجتك، فلا تُطيق منها كلمة حينا، وترسلها لأهلها حينا آخر لتكون النتيجة في النهاية هي المزيد من تشوّه صورة الرجل بداخلها، وبالتالي المزيد من انقطاع التواصل بينكما، ليس الجسدي فقط وإنما العاطفي والإنساني أيضا.. ثم تزداد الأمور تعقيدا من جانبك، فتتجه نحو صحبة السوء، ثم العادة السرية، ثم.. ثم.. ثم..
كان الطريق الأصوب من البداية هو أن تتوجه زوجتك نحو العلاج النفساني بواسطة طبيبة أو اختصاصية نفسانية، وخاصة أن الأمر استمر فترة طويلة، بل يزداد تفاقما مع الزمن.
حالة زوجتك من الوضوح لدرجة أنك أنت شخصتها بنفسك: تشوّه لصورة الرجل بداخلها مع تراجع معنى الأنوثة بكل نواحيها.
وهذه الحالة - في بعض الأحيان - تزول بعد الزواج بالتدريج، وخاصة عندما يكون الزوج لطيفا رومانسيا صبورا، ولكنها في أحوال أخرى تحتاج فعلا لتدخل أخصائي نفساني، وذلك من خلال جلسات علاجية قد تمتد لشهور، كما أن الأمر قد يستلزم مشاركتك وتعاونك في البرنامج العلاجي من خلال واجبات وتوصيات محددة.
أتصور أن هذا هو الحل وأن الفرصة لم تضع، وخاصة أنكما مازلتما في بداية حياتكما، كما أنك ذكرت "أحيانا تُفلح في استجلاب أنوثتها لثوان معدودة"، وهذا معناه أن "الأنثى" بداخلها مازالت على قيد الحياة، ولكنها ربما تحتاج الدخول إلى "العناية المركزة" بعض الوقت لإنقاذها.
لا تتأخر يا أخي الكريم عن جلسات العلاج النفساني من جانب، ثم من جانب آخر حاول أن تكون أكثر لُطفا معها، فهي فعلا لا ذنب لها، وهي في أمسّ الحاجة - مثلك تماما - للعلاقة الزوجية، ولكن ربما أنت أكثر حظا منها لأن احتياجك واضح في وعيك، وأنت قادر على التعبير عنه والمطالبة به، أما هي فإن احتياجها مدفون في عقلها الباطن، يؤلمها دون أن تدرك أو تعي مصدر الألم.