مشكلة أخي
مشكلتي أن لي أخا يبلغ من العمر 24 عامًا، ذهب بعد إصرار شديد منه للغرب للدراسة، ويتبقى لديه الآن عام واحد، فقط صارحني هذا العام بأن لديه مشكلة، وهي بأنه يرغب بالشباب أمثاله لا بالفتيات، الحمد لله على أنه لم يتورط حتى الآن لا مع شاب ولا مع فتاة، وقد ردعه الدين عن ذلك رغم أنه ليس شديد التدين، وغير منتظم في الصلاة، ولكن هذا أيضا سبب له مشكلة هناك، فهم يتهمونه بأنه لوطي تارة، وبأنه عاجز أصلا تارة أخرى، فأنتم تعلمون أن هناك على المرء أن يعاشر أيا كان متى رغب!!
المهم أنه يخبرني بأنه خائف جدًّا من العودة هناك؛ لأن مسؤولا كبيرا هناك لوطي علم بأن أخي لديه هذه الميول، وأنه لا يستطيع البقاء هنا أيضا، هو خائف وحائر، الجميل في الموضوع أنه يراجع طبيبا نفسيا ليتخلص من هذه المشكلة، وبمجرد بقائه هنا لمدة أسبوعين نسي الأمر، وأخبرني بأن أموره في تحسن كبير، وقد تعرف على فتيات كثيرات، ربما يكون ذلك حراما، لكنني شجعته كنوع من التخلص من المشكلة. فما الحل برأيكم، وهل تصرفي صحيح؟
أيضا أشجعه على استمرار علاقة بينه وبين زميلة له هناك محترمة ومن عائلة راقية؟
فما رأيكم أفيدوني؟؟؟
21/1/2022
رد المستشار
الأخت الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الطاقة الجنسية موجودة في الإنسان منذ سن مبكرة جدًّا، ولكنها تأخذ أشكالا ومسارات مختلفة طبقا لكل مرحلة، وفى بعض المراحل تكون كامنة، وفى مراحل أخرى تكون ظاهرة ونشطة، وهذه الطاقة خلقها الله تعالى فينا لأداء مهام معينة تتصل بالحفاظ على النوع إضافة إلى ما فيها من جانب استمتاعي، جعله الله أيضا وسيلة لتقارب الجنسين وعيشهما في حياة زوجية ينعما فيها معا بهذه الهدية الربانية الممتعة والحلال في نفس الوقت.
وقد يحدث في بعض مراحل النمو أن تتوجه هذه الطاقة الجنسية في اتجاهات مختلفة بعيدا عن الفطرة السليمة، وهذا يسلبها وظيفتها في إعمار الحياة على الرغم من بقاء الجزء الاستمتاعي فيها في هذه الاتجاهات أو المسارات الشاذة.
ومن المعروف في عالم الطبيعة أن الكوكب أو النجم الذي يخرج عن مساره مصيره الدمار أو الاحتراق، أو يحدث اضطرابا فلكيا كونيا، ومن المعروف في دنيا الناس أن فرع الشجرة المائل أو الخارج عن السياق الجمالي يحتاج لتهذيب وتعديل. وفى حالة الإنسان قد تضطرب بعض وظائفه أو ميوله أو اتجاهاته ويكون التصرف الحكيم حينئذ هو إعادة ضبط الوظيفة حتى تؤدى مهمتها في نمو الحياة وتطويرها، وليس تركها كما هي على اعوجاجها.
والموقف من الشذوذ الجنسي يختلف بين الشريعة الإسلامية والنظرة الغربية؛ ففي الأولى يعتبر انحرافا وتوضع أمامه الضوابط حتى لا يستشرى في المجتمع ويخرج به عن مساره كما حدث لقوم لوط، وفى المقابل تيسر كل سبل الزواج الشرعي لإعادة استيعاب تلك الطاقة الجنسية في مسارها الفطري الصحيح، أما في التصور الغربي السائد فإنهم يرون أن الطاقة الجنسية تخرج كيفما يريد لها صاحبها، وأن التعبير عنها لا يدخل فيه الجانب الأخلاقي أو الديني، وإنما يتحدد بتفضيلات الشخص حيث أنها – في رأيهم – وظيفة بيولوجية منقطعة الصلة عن أي اعتبارات دينية أو أخلاقية.
وهذا التصور الأخير جعل الشواذ يعلنون عن أنفسهم بشكل واضح، ويفخرون بهويتهم الجنسية ويدعمونها في أنفسهم وفى غيرهم، وقد شجع هذا أصحاب الميول الجنسية الكامنة على إطلاق ميولهم بكل فخر واعتزاز، وأصبح من المحظور مهنيا على الطبيب في الغرب أن يبذل جهدا لتحويل اتجاهات أصحاب الجنسية المثلية؛ لأنه في هذه الحالة يعتبر متهما لأصحاب هذه الجنسية المثلية بالانحراف، وهذا ما لا يقبله الفكر الغربي.
وبما أن الأمر يختلف في الثقافة الإسلامية والعربية بناءا على أن اللواط من الكبائر، وأن الوعي العام والذوق العام يرفضه فإن من يصاب بانحراف في مسار الطاقة الجنسية يعتبر هذا ابتلاءا (أيا كان سببه) وعليه أن يأخذ بالأسباب التي تساعده على التوقف عن السير في هذا الطريق، ثم محاولة تحويل مسار الطاقة الجنسية في اتجاه إيجابي؛ بمعنى أنه يصرفها فيما يساعد على عمارة الحياة وازدهارها بالزواج والإنجاب وتكوين أسرة، ويحاول أن يستمتع بها في شكلها الجديد. وهذا الأمر يعرف أي متخصص في العلوم النفسية أنه ليس سهلا وأنه سيحتاج إلى وقت وجهد وصبر من الشخص المصاب بالشذوذ ومن المعالج الذي يساعده في رحلة علاجه.
وأخوك والحمد لله برغم ميوله نحو نفس الجنس إلا أنه لم يتورط في الممارسة، وهذه نقطة إيجابية هامة لأن الذي يتورط في الممارسة يحدث لديه تدعيم لهذه الميول ويحتاج لجهد أكبر في العلاج. إذن نحن الآن في حاجة إلى دعم أخيك في موقفه من عدم الممارسة وأن يعتز بذلك (رغم الاتهامات الموجهة له من أصدقائه بالعجز) وهذا يعتبر نصف العلاج ويبقى النصف الآخر وهو أن تتاح للطاقة الجنسية فرصة للخروج في مسار طبيعي ومقبول دينيا وأخلاقيا حسب بيئة الشخص وثقافته.
وبما أن أخيك ينتمي إلى الثقافة الإسلامية (حتى ولو كان غير متدين بشكل واضح) فإنه يحتاج لطريق مشروع يستوعب تلك الطاقة التي أغلق أمامها طريق التعبير الشاذ، وتحويل الطاقة كما قلنا يحتاج إلى وقت وجهد وصبر لأنه لا يحدث في يوم وليلة، وكثيرا ما يحتاج إلى معالج متمرس يواكب رحلة التغيير ويساعد بالتفسير والشرح والمشورة والدعم، وأحيانا يحتاج الشخص إلى بعض العلاجات الدوائية خاصة حين يتضح أن الميول الشاذة ذات طبيعة وسواسية قهرية أو أنها ذات طبيعة إدمانية لأنها هنا تكون قد ارتبطت وتدعمت بتركيبات كيميائية في المخ تجعل مواجهتها أمرا صعبا دون مساعدة علاجية متخصصة.
ومحاولات أخيك الاقتراب من الجنس الآخر ومحاولاتك أنت لتسهيل هذا الاقتراب بهدف تعديل الميول تساعد في هذا الطريق، ولكن بما أننا نبحث عن الحل في إطار الثقافة الإسلامية فلنحاول أن تكون المحاولات العلاجية فيما هو حلال؛ لذلك أقترح تشجيعه على التفكير في الخطبة والارتباط الشرعي بفتاة مناسبة بحيث يتوجه نحوها بمشاعره خاصة أن كثيرين ممن لديهم ميولا جنسية مثلية يكونون قادرين على الارتباط العاطفي أو الإنساني بالجنس الآخر، وهذا يكفى في المراحل الأولى، ومع استمرار العلاقة تبدأ المشاعر الجنسية في النمو شيئا فشيئا، وقد لا تنمو تلك المشاعر الجنسية إلا بعد الزواج، وهناك حالات كثيرة نجحت في الزواج على الرغم من ضعف ميولهم الجنسية تجاه الجنس الآخر قبل الزواج، وكان دافعهم للزواج التخلص من ميولهم المثلية وفى نفس الوقت الحياة والاستقرار في كنف أسرة وإنجاب أطفال.
وعلى الرغم من مخاوف المثليين من الزواج إلا أنهم كثيرا ما ينجحون كأزواج على الرغم من بقاء الميول لدى بعضهم تطل برأسها من آن لآخر. وإلى أن يحدث هذا يمكن لأخيك تنشيط عملية تحويل الاهتمامات الجنسية عن طريق التخيل للجنس الآخر، وفى بعض الحالات قد يفيد بعض الصور (وحول استخدام الصور في هذا الأمر خلاف فالبعض يراها في حكم الضرورة لدفع ضرر أكبر والبعض الآخر يراها حراما , وأنا أؤيد الرأي الأول مرحليا إلى أن تأتى فرصة الخطبة والزواج).
ولا شك أن أي جهد يبذل في مثل هذه الظروف يحتسب عند الله سبحانه وتعالى لأن الدافع إليه هو الالتزام بشرع الله وضوابطه والعودة إلى الفطرة السليمة.
واقرئي على مجانين:
المثلية أو الشذوذ الجنسي هل من علاج ؟ نعم !
المثلية أو الشذوذ الجنسي علاج الآسف للشذوذ: ع.س.م(1-2)
الجوع للأبوة.. مفتاح الشذوذ الجنسي
برنامج علاجي لحالات الشذوذ الجنسي مشاركة1