ضياع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا طالب جامعي عمري 21 سنة من صفاتي أني إنسان نظيف لا أحب أذية أحد واجتماعي جدا أحب الخروج من المنزل، مشكلتي أنني تائه في مكان وبيئة منذ ثلاث سنوات إلى الآن بدأت وأنا كنت طالب مرحلة ثانويه 2017 تعرفت على فتاة عن طريق الصدفة في إحدى مواقع التواصل الاجتماعي تكبرني سناً ولكني كذبت بشأن عمري عليها لظني أننا لن نستمر معا لفترة طويلة وأنا طبعي إنسان جيد لا أحب أذية الغير أبدا أبدا وأمقت هذا الشيء.
لكن بمرور الأيام والشهور ازداد تعلقنا ببعضنا البعض وكل فترة كنت أعاني من نوبات تأنيب ضمير بسبب كذبي حتى جاء اليوم الذي لم أتحمل فيه هذا التأنيب الداخلي واعترفت بكذبتي ولكن الفتاة صدمتني ببقائها جانبي وأظن أن سبب البقاء رغم معرفتها هو أنها لم تتقبل ذلك بادئ الأمر حتى استمرينا بضعة أسابيع أخرى تغير فيها تعاملها وهذا ما كنت أتوقعه إلى أن وصلنا لمرحلة الترك لم أتقبل الأمر أبدا ولكن ما باليد حيلة الذنب ذنبي.
كنت تأتيني نوبات بكاء وحزن شديدين بين الحين والآخر ولكن مسار حياتي كلها يعتمد على هذه السنة الدراسية (ثانوية عامة) واستطعت بفضل الله أن أحقق ما أريد والتحقت بالجامعة التي أريدها بشده في بلدي الأصلي لأني تربيت طيلة حياتي في بلد آخر إلى مرحلة الجامعة وهنا تأتي تكملة الأحداث أنني لم أستطع أبدا التأقلم في بلدي لعدة أسباب أولها أنني مسكت مسؤوليتي أنا وإخواني بعد أن كنت تحت مسؤولية أبي وأمي وكانت المسؤولية كبيرة جدا خصوصا أن بلدي من البلدان الغير متقدمة وأنا تربيت في بلد متقدم جدا لذلك تعبت جدا من المسؤولية واتضح لي جانب آخر من الحياة وجوانب أخرى كنت أغفل عنها من قبل في إخواني نظرتي المثالية تغيرت جدا بعد أن عشت معهم بدون أمي وأبي.
السبب الثاني أنني لم أتعرف على أناس أو لم أنجح بذلك لا أدري بالسبب صراحة ولكن مضى ثلاث أعوام وأنا للآن لم أنجح بتكوين صداقات أبدا. صداقاتي في البلد الذي كنت أعيش فيه انتهت وأشعر بوحدة رهيبة لا يوجد من أتحدث إليه أبدا والذين حولي لا يشبهوني أبدا والحزن تراكم داخلي من انفصالي عن الفتاة التي للآن أشعر بالذنب تجاهها والوحدة الشديدة حتى أصبحت نسخة سيئة جدا من نفسي سمنة مفرطة تدخين إهمال دراسي تام وفراغ كبير جدا حياتي أصبحت فارغة تماما
أعتذر عن الإطالة
وشكرا جزيلا لكم
24/1/2022
رد المستشار
صديقي ... لا شك أنك لا بد وأن تعي بأن اختيارك واعتقادك في بعض المعاني والأمور هو ما يعطلك ... مثلا تريد أناسا يشبهونك لكي تصادقهم ... هذا شيء مفهوم ولكن ليس معقولا أن تقول لنفسك أنهم ليسوا موجودين مهما كانت الظروف وأيا كان المكان.
سوف تجد من يشبهونك عندما تمارس أنت الحياة التي تريدها وتقدم على خبرات وتجارب وهوايات واهتمامات متعددة، تتعلم منها كيف تحدد وتجد ما تريد ... مثلا إن كنت تهوى رياضة معينة فمما لا شك فيه أنه يمكنك التعرف بالناس الذين يمارسون نفس الرياضة والهواية ... سيكون منهم الصالح والطالح ... من يناسبك ومن لا يناسبك ... يمكنك عندها أن تنتقي الناس الذين يناسبونك ثم تتواصل معهم أكثر فأكثر ومع الوقت سوف تتكون صداقات مع البعض منهم وربما الكل.
ليس هناك ما يمنع أن تعمل على أن تجعل نظرتك المثالية تدفعك وتحفزك لكي تكون إنسانا أفضل وقدوة للآخرين بدلا من أن تنتقدهم وتنزوي عنهم لانهم لا يشبهونك ... أعطهم سببا جيدا لكي يريدون أن يكونوا مثلك... هذا يعني أن تستمر في محاولة التحسن والتقدم في حياتك مهما كان حالك ومهما كانت ظروفك في الوقت الراهن ... يجب مع هذا أن تتقبل أننا كلنا نخفق أحيانا وننجح أحيانا ويجانبنا التوفيق أحيانا أخرى ... قد تكون مشاعرك السلبية من إحساس غير منطقي بالذنب والوحدة هي كل ما ترى الآن ولكن يمكنك تغيير هذا ... أقول غير منطقي لأن هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها بأن كذبت عن عدد سنوات عمرك ليست بشنعاء وليست بجريمة أصلا.
لقد قابلت فتاة في عالم افتراضي وقدمت لها شخصية افتراضية ... لا شك أن هذا خطأ ولكنه ليس بجريمة ... إن كنت سوف تحزن لأنك خسرت الفتاة بسبب كذبتك فقد تكون محقا ويمكن أيضا أن العلاقة لم تكن بعلاقة حقيقية وبالتالي أنت لم تخسر شيئا على الإطلاق سوي فرصة تكوين صداقة وعلاقة على المدى الطويل بعد كشف الحقائق ... ماذا يدريك ربما كذبت هي أيضا في بعض الأمور ... لن تعرف أي إنسان حقيقة بدون التواصل وجها لوجه وتبادل الأفكار ومشاهدة كيف يعيش الآخر وكيف يطبق ما يقول.
من ناحية الوحدة ففي الحقيقة أنت تشعر بالوحدة لأنك لست صديقا جيدا لنفسك (مع أنك تريد أصدقاء جيدين في حياتك)... أحيانا نشعر بالوحدة ونحن محاطون بالأصدقاء والأحباب وأحيانا نكون وحدنا تماما ولكن لا نشعر بالوحدة لأننا مندمجون في ممارسة الحياة بشكل وبآخر ... بالتالي شعور الوحدة لا علاقة له بوجود آخرين إلا إذا كنا دائما نريد من يلهينا عن ما يجب أن نواجهه ونصلحه في أنفسنا ... الشيء الصحي هو أن نوازن بين النشاطات الاجتماعية وبين عزلة اختيارية نستمتع فيها بوقت خاص مع أنفسنا ... إن كنا أصدقاء جيدين وصحيين لأنفسنا فستكون هذه العزلة شيء بناء وممتع للغاية ... هذا إذا أحببنا أنفسنا وعاملنا أنفسنا بطيبة ومحبة تتطلبان بعض الصرامة والحزم.
يمكنك الآن أن تغير من نمط حياتك إلى شيء أفضل ولو قليلا جدا كل يوم وكل عدة أيام ... يمكنك الآن أن تمارس هواية وتتعرف على أناس جدد ... يمكنك أن ترى مسئولياتك الحالية على أنها تحديات لطيفة في لعبة كبيرة اسمها الحياة ... كل ما هومطلوب فيها هو أن تفعل ما في استطاعتك حقيقة وصدقا وتترك الباقي على الله.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب