السلام عليكم إخوتي
أنا شاب عمري 31 عاما.. أبدأ بسؤال محدد:
هل نحن "مخيرين" بموضوع اختيار الزوجة أم أنه القدر والنصيب؟!
جملة دائما نسمعها "لسه نصيب البنت مجاش (لم يحضر)"، "لسه نصيبك ما حضر".
أرجو أن تكون الفكرة قد وصلت.
2/2/2022
رد المستشار
سؤالك يا أخي الكريم لا ينطبق على اختيار شريك الحياة فقط ولكنه في الحقيقة ينطبق على كل "قدر" بل كل "موقف" أو "اختيار" في حياتنا... أو بمعنى أصح هو ينطبق على حياتنا كلها. فها هو نوح عليه السلام بذل كل جهده ليكون ابنه صالحا، ولكن لم يكن له نصيب في ذلك، وها هو لوط عليه السلام يجتهد في اختيار الزوجة المناسبة ولكن القدر يشاء مصيرا آخر.
ولقد دار جدال واسع عبر مئات السنين بين علماء العقيدة حول كون الإنسان مسيرا أم مخيرا، ولكن أجمل ما قرأت في هذه القضية هو قول المفكر الإسلامي "خالد محمد خالد" يقول: إن هذه المجادلات قد حسمتها الآية الكريمة: "فعال لما يريد"، فالإنسان قد يفعل أشياء لم يكن يريدها، كما أنه قد يريد أشياء ثم لا يستطيع فعلها... أما الله تعالى فهو –وحده- الفعال لما يريد.
نحن -معشر البشر- كل ما نستطيع أن ننجزه هو أن نخلص نيتنا لله تعالى عند اختيارنا، ثم لا نترك سبيلا للاستشارة أو العلم أو التفكير إلا طرقناه، ثم في النهاية ندعو الله ونستخيره.
في معظم الأحيان يتحقق ما سعينا إليه، وأخذنا بالأسباب لنصل إليه، وقد لا يكون لنا فيه "نصيب"... ربما لأن الله تعالى أراد أن يدخر لنا ثوابا عظيما في الآخرة تعويضا عما حرمنا منه، أو ربما لأن هذا الاختيار كان خطأ فأنقذنا الله تعالى منه، وهذا هو ما تحدث عنه فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي عندما قال: "اللهم إنك تصحح خطأ الدعاء بألا تجيب!!!"
وأستطيع أن ألخص لك كل كلامي في نقطتين:
النقطة الأولي: هي ألا نتوقف عن التفكير والعلم والاستشارة والأخذ بالأسباب من أجل الوصول لقرار صحيح.
النقطة الثانية: هي الرضا بقضاء الله وقدره في كل الأحوال.
لماذا؟!
لأن الله تعالى يحاسبنا على الأمرين.. يحاسبنا على الأخذ بالأسباب، ويغضب من المتواكلين الكسالى الذين لا يتعلمون ولا يجتهدون، ويحاسبنا أيضا على الإيمان به والرضا بقدره، ويغضب من المغرورين الساخطين الذين يتصورون أنهم يمتلكون من الحكمة والبصيرة أكثر منه سبحانه... وحاشا لله.
وأختم يا أخي الكريم بحكمة جميلة أحبها جدا تقول: "It s all about the juerney" ... أي أنه ليست النتائج هي الأهم، ولكن أهم شيء هو الرحلة نفسها! كيف كان أداؤنا وسعينا وخلقنا ونيتنا؟!.