الخيانة الزوجية
أنا امرأة متزوجة من 15 سنة عمري 36 سنة وزوجي عمره 39 سنة. أنا وزوجي متدينين، زوجي رجل كريم وعاطفي وحنين وبه كل الصفات الجميلة التي تتمناها أي امرأة. لو مدحته إلى الغد لن أوفيه.
ولكن مشكلتي تبدأ من سنة تقريبا منذ اكتشفت أن زوجي يجري شات مع بعض البنات على النت ويشاهد مواقع إباحية. لاحظت في البداية تغيير من ناحيته معي وبعدها بدأ ينام على الأرض ويتركني وحدي في السرير وعندما كنت أزعل يتحجج لي أن هذا أفضل لظهره؛ حيث كان قد أصيب بانزلاق غضروفي قبلها بأشهر قليلة. وإنما كان يفعل ذلك حتى يتمكن من التسلل للجلوس على النت وأنا نائمة دون أن أشعر به. مع مرور الأيام ولأن المصر على المعصية لابد أن يفضح، قدر الله أن ينسى الجهاز والماسنجر مفتوح ليلا وقرأت أنا المحادثات عندما استيقظت واتقدت نار الغيرة في.
كنت أعلم أن الحل أن أبحث عن موضع الخلل عندي وأصلحه، خاصة أننا في هذه الفترة بحكم مرضه مررنا بأزمة مادية على إثرها كنت أقوم بعمل أشغال فنية وأبيعها فأثر هذا على البيت وعلى زوجي بأن انشغلت وقصرت بعض الشيء في البيت والأولاد، مع العلم أن عندي من الأطفال خمسة- وكان هذا التقصير خارجا عن إرادتي؛ نظرا للظروف الصعبة التي مررنا بها.
فبدأت أصلح من نفسي كثيرا ولكني كنت أجد منه صدودا يجرحني عذرته لما أعرفه من شخصيته أنه -سي السيد وعنيد- ظللت مستمرة بالإصلاح والتغيير لكسر الروتين الذي ربما يكون سببا لبعده عني ونفوره مني حتى ضقت ذرعا ولم أستطع الكتمان أكثر من ذلك. فصارحته بما عرفته عن علاقاته على النت فأنكر فذكرت له أني قد رأيت وقرأت قدرا ما كان من محادثات. وحتى لا أطيل وعدني أن يترك كل ذلك، وأقسم بالله أنه يحبني وأنه غلطان، وهذا كان على أثر انهيار وبكاء شديد من قبلي، بعدها تكرر الأمر واشتد أكثر وأكثر نظرا لفراغه؛ حيث لم يكن هناك عمل يعمله في هذه الفترة.
حاولت أن أعطيه الثقة بعد هذه المصارحة وأني قد نسيت الأمر تماما، وكل إنسان معرض للخطأ حتى لا تأخذه العزة بالإثم ويعاند أمامي أكثر، وإلى الآن والأمر مستمر، بالرغم من انشغاله ولكن يسهر إلى الفجر ويتركني أنام وحدي ولازلت أطلع على محادثاته دون أن يعلم ويصيبني ذلك بألم شديد جدا، وأحيانا أكاد أن أنفجر فيه وأصارحه، ولكن أستخير الله فأرجع عما قررت، وأحيانا أفكر في تصعيد الأمر والانفصال لأني لا أطيق هذا الوضع.
بعض الأحيان أشعر أنه عندما يريدني كأنه يفرغ شحنة داخله فأراجع النت فأجد ما ظننته صحيحا، وأنه كان على إثر مشاهدة لبعض الأفلام الجنسية دون علم منه أني أعلم أي شيء عن مغامراته ومشاهداته. أنا لا أعرف كيف أتصرف وصبري عندما ينفد أضعف وأتصرف تصرفات دون حكمة، أنا أخشى على نفسي من الفتنة، وأخشى على ديني من الضعف، وأخشى من تسليط الشيطان ووسوسته أحيانا بالانتقام. وأخاف على صحتي من الضياع من كثرة حرق دمي.
ما الحل؟ أرجوكم أجيبوني بسرعة؟ وكيف أكون حكيمة في تصرفاتي؟ وأيضا كيف أدخل روح المرح، وأخلق جو من المرح والدعابة داخل المنزل كشيء من التغيير في نفسي وكسر الروتين؟؟
ربما يكون سببا في جبر الكسر لو كان الحل هو الاستمرار
وجزاكم الله خيرا.
31/1/2022
رد المستشار
قد كان زوجك متدينا وكريما وعاطفيا وحنونا على مدى 15 سنة من زواجكما، ولديكما خمسة من الأطفال، ثم انقلب الحال منذ عام، واكتشفت أن زوجك وقع في شباك بعض الفتيات على الشات، كما أدمن مشاهدة المواقع الإباحية حتى إنه يتسلل ليلا ليجلس على الإنترنت حتى الفجر.
وبما أن زوجك في التاسعة والثلاثين من عمره فهو يمر بأزمة منتصف العمر، والتي يكون أحد مظاهرها الرغبة في استعادة حالة التوهج العاطفي والجنسي، خاصة شعوره بأنه يقترب من الأربعين، وأن قطار الشباب على وشك أن يفوته، وكأنه يريد من داخله أن يلحق بالفرصة الأخيرة قبل أن يدخل إلى عالم الكهولة والكبر، وربما يكون قد منعه تدينه من التورط في علاقات حيّة في الواقع، ووجد البديل في تلك العلاقات الإلكترونية التي ربما يتخيل أنها أكثر أمانا وأقل من ناحية الحرمة الشرعية.
فهو يمارس كل ما يريد متخفيا وراء شاشة لا يعرفه أحد ولا يراه أحد، وربما يسوق لنفسه تبريرات تسهل له الاستمرار في هذا السلوك، وهذا أمر يقع فيه كثير من المتدينين -للأسف الشديد- هذه الأيام، وهو يهرب من كونه زوجا مضى على زواجه خمسة عشر عاما، وأبا لخمسة أطفال، ويحاول أن يعيش فترة مراهقة ثانية يمارس فيها علاقات عاطفية وجنسية إلكترونية.
ويتعلق بها تعلقا إدمانيا وتتغير ملامح شخصيته مع الوقت فيصبح مثل طفل تعلق بلعبة ولا يستطيع الاستغناء عنها، أو مثل مراهق ترك كل واجباته الدراسية وعلاقاته الاجتماعية ليتفرغ لحب الفتاة التي تعلق بها قلبه.
وحين تم الانكشاف وكانت المواجهة بينك وبينه ربما يكون قد شعر بالندم ووعدك ألا يعود، ولكنه لم يف بوعده إذ كان قد سقط في هاوية الإدمان الإلكتروني، وهي حالة إدمان حقيقية، تحدث نتيجة ما يجده على شاشة الكمبيوتر من إبهار وجاذبية الكلمة والصورة والحركة والصوت، فهذه الأشياء مع تكرارها تحرك مراكز الشعور باللذة في المخ (وتسمى مراكز التعزيز)، فتنشط هذه المراكز وتطلب المزيد من هذه المؤثرات الممتعة وشيئا فشيئا يفقد القدرة على السيطرة -مثل أي مدمن- ويحتاج إلى قوة خارجية تساعده في السيطرة على إدمانه.
ويبدو أنه قد سقط في هذه الهوة في لحظة ضعف؛ حيث كان يعاني من مرض في الغضروف، ويجلس في البيت بلا عمل، وفي ذات الوقت كنت أنت مشغولة بتدبير احتياجاته واحتياجات الأطفال، واستمر هو في سلوكه حتى بعد زوال الأسباب التي سهلت وقوعه في هذا الفخ.
تذكري أن بينكما رصيدا من الحياة السويّة والسعيدة لمدة خمسة عشر عاما كان فيها نعم الزوج، لذلك حاولي معه مرة أخرى، ولكن هذه المرة من باب الحب، وليس من باب الغضب أو الغيرة، اقتربي من قلبه وأشعريه بحبك وشفقتك على صحته وعلى سلامته وعلى دينه، وافعلي ذلك من وقت لآخر دون ضغط أو إلحاح شديد، ثم اتركيه بعض الوقت لإعطاء فرصة لضميره كي يصحو.
وفي هذه الفترة الهادئة (وفي غيرها) تجنبي متابعة محادثاته والمواقع التي يدخل عليها؛ لأن هذا يثير غضبك واشمئزازك منه، ويعطل مشاعرك الإيجابية نحوه ويخلق حاجزا لا تستطيعين تجاوزه، كما أن هذا التتبع منهي عنه شرعا (لا تجسسوا ولا تدابروا ...) (من اطلع في كتاب أخيه بغير علمه فكأنما اطلع في النار).
وإذا توقفت عن تتبعه فإنك قد تصبحين قادرة على استعادة حضورك الأنثوي معه (عاطفيا وجنسيا) مع إبداء استعدادك لممارسة كل صنوف الحب المباحة معه بشكل أكثر تجديدا ومرونة من ذي قبل، فربما يكون قد شعر بالملل من التكرار النمطي للعلاقة بينكما، أو تكونين أنت انشغلت أكثر من اللازم بدورك الأمومي، فأثر ذلك على توهجك الأنثوي، فراح هو يبحث عن التجديد والإثارة على شاشة الكومبيوتر.
حاولي أن تستعيديه برفق إلى الجو الأسري من خلال تناول الطعام معك أنت وأطفالك، وأن تخرجا لقضاء بعض الأوقات في أماكن كنتما تحبانها، وأن تستعيدا بعض ذكريات أيام الخطوبة وبدايات الزواج.
ومن وقت لآخر اعرضي عليه بعض الفتاوى في حرمة ما يشاهده على المواقع الإباحية وما يمارسه من"شات" مع الفتيات، وأن يكون ذلك بشكل فيه حب ومودة وحرص على دينه ودنياه، وإذا تلمست أن لديه رغبة في الصلاح فاقترحي عليه فصل الإنترنت لفترة أو حتى استبعاد جهاز الكومبيوتر من البيت حتى يستعيد توازنه وسيطرته على نفسه ويستطيع العودة إلى حياته الطبيعية وزوجته وأطفاله وعمله وأصدقائه، وقبل كل ذلك إلى ربه.
قد تفعلين كل ذلك بصبر وإخلاص زوجة تحاول إنقاذ زوجها من الضياع وأسرتها من الانهيار، ولكنه قد يصر على الاستمرار فيما يفعله، وهنا أخبريه بأنك ربما تلجئين إلى طرف خارجي يساعدك ويساعده على الخروج من هذا المأزق، واقترحي عليه زيارة أحد المتخصصين النفسيين، أو أحد علماء الدين، أو أحد الخبراء في المشكلات الزواجية، وهذا سيوفر المساعدة في جو من السرية.
وإذا رفض ذلك أيضا فأعلني أنك ربما تضطرين للجوء لبعض الأقارب الذين يحمل لهم تقديرا واحتراما، وأعطيه مهلة لعل ذلك يجعله يعمل حساب معرفة الآخرين لما يفعله فيتراجع، ولكن إذا أصر فلا مانع من اللجوء فعلا لوساطة أحد الأقارب ولكن بشروط وهي:
أن تخبريه بذلك، وأن تنتقي الشخص الذي يتسم بالحكمة والعقل، وأن يكون ذلك في إطار من السرية حتى لا يفتضح هذا الأمر في العائلة كلها فتهتز صورته، وربما يشعر بأن الفضيحة قد تحققت فيتمادى إلى أكثر من ذلك.
وأثناء كل هذا عليك أن تنتبهي لنفسك ولأطفالك ولبيتك حتى لا يضيع كل هذا وأنت تحاولين إنقاذ زوجك من الغرق، واحرصي على أن يرى فيك زوجك المرأة الصالحة النظيفة العفيفة الطاهرة المخلصة، فينبهه ذلك إلى ما ينغمس هو فيه من تلوث وعهر وفجور وخيانة، وإذا كان قد بقي في نفسه مساحة من تدين والتزام وطهارة نفس فإنه سيعود إليك في لحظة يفيق فيها، ويكتشف قذارة الحياة التي غرق فيها، وانبهر بزيفها وبريقها، ويعرف الفرق بين محترفات البغاء والدعارة وبين النساء العفيفات الطاهرات المخلصات الوفيات لبيوتهن وأزواجهن وأطفالهن، وستحن نفسه لحياة الفضيلة والنظافة والطهر التي عرفها قبل ذلك أثناء فترة استقامته.
وطوال الوقت لا تكفي عن الدعاء له في صلاتك بأن يهدي الله قلبه وينصره على شهواته ونزواته وضعف نفسه وتسلط شيطانه، وأن تنظري بداخلك وتستغفري من ذنوبك وتطهري حياتك من أي شيء يكدرها.
واعلمي أن رحلة التعافي للزوج تستلزم تخليه عن إدمانه، كما تستلزم مواصلة مشوار النمو الطبيعي له كشخص، واستكمال مسيرة النمو الموازي لك كزوجة، والنمو المتصاعد (حتى بعد الانتكاسة) لكما كزوجين معا ثم لكم كأسرة.
وإني لأشعر بالقلق من نهاية رسالتك حين تقولين "أنا لا أعرف كيف أتصرف، وزادي عندما ينفد أضعف وأتصرف تصرفات دون حكمة، أنا أخشى على نفسي من الفتنة، وأخشى على ديني من الضعف، وأخشى من تسليط الشيطان ووسوسته أحيانا بالانتقام، وأخاف على صحتي من الضياع من كثرة حرق دمى".
وأخشى أن تفقدي أنت سيطرتك على نفسك بأي صورة من الصور فيضيع كل شيء، ولكي تحتفظي بتوازنك وتظلي قادرة على إدارة دفة البيت حتى يفيق الزوج، توقفي تماما عن تتبع محادثاته، أو رؤية المواقع التي يرتادها، حتى لا تدوري معه في نفس دائرة التلوث، وتفقدي قدرتك على الإنقاذ التي يحتاجها هو ويحتاجها البيت والأطفال.
وقد يساعدك على تحمل آلام رحلة الإنقاذ والنمو الصحي للأسرة أن يكون لديك صحبة طيبة تمنحك زادا متجددا يعينك على العبور بأسرتك من هذه الأزمة، ومواصلة رحلة النمو السوي والطبيعي في الحياة ابتغاء وجه الله، واعلمي أن أي جهد تبذلينه وأي معاناة تعانينها لا تذهب سدى، بل توضع في ميزان حسناتك، كما أنها تقوي قدرتك على المواجهة والصمود وتدعم مهاراتك الحياتية.
واقرئي أيضًا:
برنامج التعافي من الخيانة الزوجية
كيف تكتشفين خيانة زوجك
هل الخيانة الزوجية مرض نفسي أو اجتماعي ؟!!