السلام عليكم
الحقيقة أنا إنسان مليء بالمشاكل سواء نفسية أو اجتماعية وحتى دينية في علاقتي مع ربي، ومن أكبر مشاكلي التي أعرضها عليكم هذه المرة إحساسي القاتل بأن الأيام مرت مني ولم أنجز شيئا في جميع مجالات الحياة، وقد قرأت تقسيما لمجالات الحياة التي يجب أن يسعى فيها الإنسان وهي (العبادة، العقيدة، القلب، العقل، الخلق، العلاقات الاجتماعية، الأسرة، المهنة، البدن).
والحقيقة أنى فاشل في جميع هذه المجالات، وأحس أن الأيام ضاعت منى سدى، فأنا ليس لي أصدقاء ولا أصحاب، وخجول جدا، ولا أعمل في تخصصي، ولم أتزوج إلى الآن، كنت أمارس رياضة دفاع عن النفس وتركتها، ومن ناحية العبادة والعقيدة وأخلاق المؤمنين فبعيد تماما وأحس بأني لست مؤمنا حقيقيا بل ضعيف الإيمان، وهكذا فأنا لم أنجز شيئا.. لا في أمور الدنيا ولا في أمور الآخرة.
عمري الآن 28 عاما فهل هناك أمل أن أعوض ما فات منى في كل هذه النواحي وكيف؟ أرجو النصيحة..
وجزاكم الله خيرا، وآسف للإطالة.
27/1/2022
رد المستشار
هناك قصة بسيطة وطريفة قرأتها في أحد الكتب، وهي قصة حقيقية لشاب صغير السن كان يتطوع لمدة ساعة واحدة في الأسبوع لأعمال الخير البسيطة، ومن أمثلة هذه الأعمال أن أحد الجيران اتصل به ليجلس مع (كلبه) -كلب الجيران- لمدة ساعة حتى يستطيع هذا الجار أن يذهب لموعد هام!!
صاحب هذا الموقف يتحدث عن الإنجاز العظيم الذي قام به عندما كان جليسًا للكلب لمدة ساعة، وأن لولاه لما استطاع الرجل أن يذهب لموعده الهام، ولولاه لتعذب الكلب من الجوع، أو العطش، أو الوحدة، وربما لعب الكلب في المنزل لعبًا خطيرًا أدى لنشوب حريق أو حدوث كارثة و... و... و...
أعجبتني هذه القصة جدًّا، وتعلمت منها أننا بحاجة إلى احترام إنجازاتنا مهما كانت بسيطة، وأن إحساسنا بهذه الإنجازات هو الذي يساعدنا على المزيد من التقدم، أما عدم شعورنا بوجود أي إنجاز فلا يؤدي إلى للمزيد من الإحباط والتشاؤم والعجز.
أنا شخصيًا أطبق هذا المبدأ على نفسي، أحيانًا أجد الساعة اقتربت من العاشرة مساءً، ولا أجد نفسي فعلت شيئًا ذا قيمة، فأقول لنفسي بسرعة: أنا استطعت اليوم أن أصلي صلواتي الخمسة، كما أنني اتصلت بوالدتي واطمأننت عليها، وكذلك نجحت أن أوقظ أبنائي ليذهبوا للمدرسة.
شعور الإنسان بأي إنجاز مهما كان بسيطًا يفتح شهيته للمزيد من الإنجازات.
وهذه هي أول خطوة، اسأل نفسك: هل أنت حقًا فاشل في كل مجالات الحياة؟ كم مرة سرقت؟ كم مرة قتلت؟ كم مرة أكلت حرامًا؟
إذا كانت إجاباتك: لم أفعل هذا فقد أنجزت، كم مرة صليت؟ كم مرة صُمت؟ كم مرة صليت القيام في رمضان؟ كم مرة تصدقت على محتاج؟
إذا كانت إجابتك: نعم. فعلت ذلك مرات كثيرة فقد أنجزت.
إذا كنت تعمل عملاً ليس في مجال تخصصك فقد أنجزت!! لأنك بالتأكيد أفضل من الشاب العاطل الذي ينتظر أن يعمل في تخصصه. إن كنت تشكو من ضعف الإيمان فقد أنجزت!! هذا معناه أن لديك (إيمان) وهذا شيء عظيم، ومعناه أيضًا أنك ذو ضمير حي، غير راض عن (مستوى إيمانه)، وهذا أيضًا شيء مبشر بالخير.
تقول إنك في الثامنة والعشرين ولم تتزوج.. ألا تعلم أين وصل سن الزواج الآن؟ ألا تعلم أن هناك من تجاوز الثلاثين من الذكور والإناث ولم يتزوج.
تقول إنك "فاشل" جسديًّا؛ لأنك لا تمارس رياضة!! هذا معناه أن كل الناس فاشلين بدنيًا.
لا أقصد من كلامي هذا أنك هائل ورائع ومثالي، ولا ينقصك شيء!! لا أقصد هذا، ولكني أريد أن أرسل لك رسالة واضحة: ليس صحيحًا أن حياتك بلا إنجاز أو أنك (فاشل) تمامًا في جميع مجالات الحياة، لماذا أؤكد على هذه الرسالة؟ أؤكد عليها؛ لأن أولئك الذين لا يستطيعون أن يروا إنجازاتهم البسيطة (لن) يستطيعوا أن يروا إنجازاتهم الأكبر!!
تعال نبدأ خطوة بخطوة..
تعالى نقسم الحياة إلى أربعة مجالات:
العلاقة بالله - الدراسة والعمل - العلاقة بالناس - الزواج.
ضع خطة وهدفا كبيرا لكل مجال من المجالات الأربعة لتصل إليه بعد 10 سنوات، بشرط أن يكون هذا الهدف واقعيا ومحددا، ثم ابدأ من الآن الخطوط البسيطة للوصول للهدف الكبير.
فمثلاً إذا كان هدفك الكبير مع الناس هو: عمل علاقات متوازنة، فابدأ أول خطوة هذا الشهر بالتطوع في إحدى الجمعيات الأهلية لتوسع دائرة علاقاتك (أو) ادع أصدقاءك في العمل لإفطار جماعي (أو) أي فكرة تناسبك، وإذا كان هدفك الكبير في علاقتك مع الله هو: رضا الله والجنة، فابدأ خطوة بسيطة وهي مثلا: المحافظة على الصلاة في وقتها جماعة.
وهكذا.. نضع هدفا كبيرا بعيد المدى، وخطوات بسيطة قريبة المدى.. ولكن المهم هو أن تشعر بكل إنجاز مهما كان بسيطًا، فهذا الإنجاز البسيط هو الذي يقودك للنجاح الأكبر، هكذا علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.
اقرأ على مجانين:
ملف تأكيد الذات