السلام عليكم ورحمة الله
أعزائي.. عندي مشكلة.. أو بالأحرى عند والدتي مشكلة. منذ أن بدأت أعي الدنيا كنت أرى والدتي وأسمعها تتحدث مع نفسها بصوت مرتفع مسموع، لم أكن أفهم ما ذلك، وكنا نضحك من عملها. وكلما كنت أكبر وكنت ألاحظ أن صوتها في الكلام الذاتي (مع نفسها) يعلو، حتى بتنا نستطيع تمييز ما تقول، واتضح أنها في أغلب الأحيان تكون تتذكر ماضيها القاسي وآلامه، وتشتم بصوت مرتفع كل من سبب لها ذلك الماضي، ومنهم أمها وأبي وإخوتها وغيرهم كثيرون.
لقد حاولت فهم حالتها، ولكني محتار جدا، أحيانا أظن أنه الفصام؛ لأن لديها بعضا من صفات مريض الفصام، كعدم العناية الشخصية، وهي غير اجتماعية في حياتها.
أنا حقا أريد معرفة ما نوع مرضها وإن كان الفصام، فما أسباب هذا المرض، وكيف أقنعها بالعلاج عند الطبيب النفسي؟! وحدث مرة أنها اتهمت ابنة عمي بأنها شتمتها أمام الناس من دون سبب واتضح فيما بعد أن شيئا من ذلك لم يحدث.
أفيدوني جزاكم الله خيرا!
كي أساعد والدتي.
8/2/2022
رد المستشار
أهم ما يميز مريض الفصام هو أن (إدراكه) للواقع غير حقيقي، بمعنى أنه (يسمع) أصواتا لا وجود لها، أو "يرى" أشخاصًا أو أشياء لا يراها أحد، أو "يفكر" في أفكار غير حقيقة.
فيتصور مثلاً أن زوجته تخونه، أو أن هناك أشخاصا يتجسسون عليه أو يضطهدونه، كما أنه غالبًا ما تصدر عنه تصرفات مجنونة ومختلة، أي أن مرض الفصام هو في الحقيقة مرض "عقلي"، ومريض الفصام هو شخص مختل عقليًا.
أما حالة والدتك، فأنا لا أرى فيها أعراضًا واضحة لمريض الفصام، فهي على أكثر تقدير ربما تكون "شخصية فصامية" وهذا ليس مرضًا عقليًا، وإنما هو "نمط" من أنماط الشخصية التي تتميز ببعض الملامح القريبة من مريض الفصام، فهي شخصية غريبة الأطوار بعض الشيء، وهي -كما ذكرت- لا تهتم بالعناية الشخصية، وغير ذلك من الصفات.
أما الشكوى الأساسية في رسالتك -وهي أن والدتك تتحدث بصوت مرتفع- فهنا يجب أن نميز بين حالتين؛ هل هي تتحدث مع أشخاص تتخيل أنها تراهم -وهم غير موجودين في الحقيقة- وعندئذ فهي مريضة بالفصام.
أم أنها تتحدث وهي تعلم تمامًا أن هؤلاء الأشخاص غير موجودين، وعندئذ يصبح حديثها معهم هو مجرد نوع من "التنفيس" عن غضبها أو مشاعرها السلبية، فبما أنها لم تجد أحدًا مناسبًا تبث شكواها له، وبما أنها -في الأساس- غير اجتماعية، لذلك قررت أن يتم "التنفيس" بشكل ذاتي!!
وهنا يأتي السؤال: ما الحل؟
الحل: هو أن تجد وسائل أخرى للتنفيس، مثل الدعاء، أو كتابة المذكرات، أو حتى الحديث الذاتي، ولكن بدون صوت مرتفع.
ولكن تغيير مسار التنفيس قد يحتاج وقتًا، وتدريبًا، وتدرجًا، وربما يحتاج أيضًا مساعدة أخصائي نفساني.
أدعو الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدرها، ويفرج همومها.
واقرأ أيضًا:
الكلام مع النفس: بين الطبيعي والمرضي مشاركة
الكلام مع النفس ليس مرضا
الكلام مع النفس متى يصبح مرضيا؟
الكلام مع النفس علاج سلوكي