السلام عليكم
إني متزوجة غير أن زوجي ليس لديه رغبة جنسية لمعاشرتي بالقدر الذي أرغبه، مع أننا نسمع أن لدى الرجل عامة شهوة أو رغبة جنسية أكثر من المرأة، ولكن زوجي على العكس، فأنا دائما أرغب بالمعاشرة أكثر منه، وأنا أحيانا أبادره، فتارة يتجاوب معي وأكثر الأوقات لا يتجاوب، ولا أعلم ماذا أفعل؛ حيث إنني إذا لم أقترب منه لمدة أسبوع أو أكثر لا يبادرني بشيء خلال هذه الفترة.
أرجو إفادتي، فأنا أحب زوجي ورغبتي في الجماع ليس فقط للشهوة الجنسية ولكن لأنني أحبه أيضا، ما العمل هل من العدل أن أكون دائما متضايقة لهذا السبب، وأشعر بأني- عذرًا لذلك - مكبوتة جنسيًّا، وهذا يقودني إلى أن أكون عصبية، وهو ما يؤدي إلى حدوث جدل ومشاجرات مع زوجي.
انصحوني ما الحل، فإني لا ينقصني شيء من صفات المرأة. فلماذا زوجي على هذا الحال؟
وما الحل إذا بقي كذلك؟ وماذا أفعل مع أنه يعلم بشعوري هذا؟
2/2/2022
رد المستشار
أعتقد أنه قد آن الأوان لرفع جدار الصمت والظلم عن هذه القضية الشائكة شديدة الحساسية، وهي : ماذا تريد المرأة في علاقتها الخاصة بالرجل؟!.
طوال قرون عديدة ظل هذا الجزء معتمًا عليه، خاصة في الأوساط المحافظة ولا أدري لماذا؟ هل هو من باب الحياء المذموم؟ أم بسبب استثقال الخوض في هذه المسألة المهمة الشائكة؟ أم من باب الجهل؟ أم التجاهل والتعامي؟!
على أية حال قد آن الأوان لفتح هذا الملف بكل صراحة.
هناك كم هائل من الخرافات والمفاهيم المغلوطة التي لن يتسع المقام لذكرها كلها الآن، هذه الخرافات شاركت في تشكيل عقلية المجتمع، وأثرت على تناوله لهذه القضية... ومن أشهر هذه الخرافات تصور المجتمع ولن أقول الرجل وحده إن المرأة في علاقتها الخاصة بالرجل هي الطرف التي يشبع ويلبي، وإن الرجل هو الطرف الذي يشتهي، والرجال هم أكثر شهوة، وبالتالي على المرأة أن تحسن التلبية ولا بأس من أن تعرض خدماتها ... حقائق اختلطت بخرافات فأدت إلى تصور غامض وظالم.
فليس الرجل هو الطرف الذي يشتهي وحده، وليس الرجال أكثر شهوة بإطلاق كما أن المرأة العروب التي تتزين وتبادر، وهي نموذج طيب محمود، لا تفعل ذلك من أجل الطرف الآخر فقط، ولكن لتساهم بطريقتها الخاصة ودورها الفعال في نجاح العلاقة ككل التي هي بين طرفين من البداية للنهاية.
المرأة طرف هام في الموضوع إذن، ولها حق مهضوم ومسكوت عنه، وأول الساكتين على هذا الوضع الغريب هو المرأة نفسها، فهذه المفاهيم استقرت في عقل المرأة أيضًا، حتى استطاعت أن تقنع نفسها لا إراديًا بهذه الضلالات فتؤمن أن ليس لها شيء، وأن عليها أن تعطي ولا تأخذ، وأنه ليس من الأدب أن تتكلم في الأمر مع زوجها، ماذا سيقول عنها عندئذ، وتظل تدفن رأسها في الرمل، ولا تفيق إلا بعدما يدفعها الجوع والعطش نحو الزنا أو السحاق أو الاستمناء، أو على أحسن الفروض الكبت والعصبية والغيظ، أو كثرة الخلافات بينها وبين زوجها وكثرة المشاكل التي كان من المفترض أن تذوب فوق الفراش، فإذا بالعكس هو الذي يحدث حيث تؤدي اضطرابات الفراش إلى كثرة المشاكل!!!.
وقلما نجد زوجة صادقة مع نفسها مثل صديقتنا صاحبة السؤال التي تقول: أنا أريد!!، وهي حتى تستحي أن تقولها لزوجها، بل تقولها لصفحة استشارات مجانين ربما نرشدها لطريقة تجعله أكثر شهوة من ذلك، وفي الحقيقة ليس هذا هو الحل ... فالحل هو أن يعرف زوجك، وأن يعرف المجتمع كله أن للمرأة حقًا كما أن للرجل حقا، وأن الزوج لا يقبل على زوجته عندما يريد هو فقط، وأنها أيضا تريد مثله، يقول سبحانه وتعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف".
ولن أسوق عشرات الأدلة والبراهين الشرعية على هذه الحقيقة، ولكنني سأكتفي بالإشارة إلى أمرين:
1- أحد وسائل عقاب المرأة الناشز هو الهجر في الفراش، فإذا كان حرمانها من الفراش عقوبة، ترى ماذا يعني الفراش بالنسبة لها، في الحقيقة يعني الكثير، وعاطفيًا قبل غيره.
2- نلاحظ أن الله تعالى في القرآن الكريم عندما يتحدث عن العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة يكرر جملة "واتقوا الله" مخاطبًا الرجال، والحكمة واضحة، فالموضوع شائك ولا يطلع على الإحسان أو التقصير فيه إلا الله، وإذا ظلمت المرأة أو تجاهل زوجها طلباتها الخاصة فالشاهد عليه هو الله، هي ربما لن تشكو حياء أو خوفا أو ظنا منها أنها ليس لها الحق في شيء، ولكن الله تعالى حسيب ورقيب.
ولا أريد أن يفهم أحد كلامنا على أن المشكلة الوحيدة هي أن يدرك المجتمع أن للمرأة طلبات خاصة وحقا خاصا، ولكن المشكلة الكبرى هي: كيف تمنح الحقوق، فإذا منح هذا الحق على طريقة: هذا حقك، خذي!! فوالله إن هذه مثل التوبة التي تحتاج إلى توبة!!.
هذه علاقة إنسانية والمرأة تقبل على الرجل بقلبها قبل جسدها، وآليات إشباعها مختلفة كثيرًا عن الرجل، كما أن الفصول الأولى من المشهد أكثر أهمية عندها من الفصول الأخيرة وإن كانت تحتاج للأمرين. أقصد أن الغزل والكلمات الحلوة والمقدمات الناعمة هي الأصل عند المرأة، بينما ربما تأتي في المقام الأخير عند الرجل، والله سبحانه وتعالى أشار إلى هذه الحقيقة بوضوح شديد قال تعالى: "وقدموا لأنفسكم".
وأخيرًا أيتها الأخت السائلة، فإن النصيحة الوحيدة التي نملك أن نسديها لك هي مصارحة زوجك بالأمر بالأسلوب الذي ترينه مناسبًا؛ فالصمت هنا جريمة، وإذا كان المجتمع صامتًا وما زال يبث خرافاته وضلالاته في ضمير أبنائه، فتكلمي أنت لعل الله يفتح بينك وبينك زوجك بالحق وهو خير الفاتحين.
وقد يكون الحل الوسط الذي يرضي الطرفين هو إحسان الأداء من ناحية الكيف، مع زيادة الكم بما تسمح به الظروف، واستثمار أساليب التواصل العاطفي الأخرى التي لاحظنا أنها مجهولة لدى الأغلبية، ومهجورة رغم كثرتها، ولكن أكثر الناس لا يعلمون...
واقرئي أيضا:
جنسي زواجيMarital Sexual Problems عزوف الزوج