السلام عليكم
لي أخت أصغر مني.. هي الآن في المرحلة الجامعية. رأينا منها الأمرين من أفعالها؛ فقد قامت بالافتراء على أختها الكبرى وزوج أختها، ونحن نعلم أنها تكذب دائمًا في حديثها، ولقد سامحوها عندما أظهرت أنها تغيرت للأفضل، لكن الأيام أثبتت لنا كذبها، وأنها غير صادقة في توبتها، وأنها كانت تمثل علينا؛ حيث قامت بافتراء أشنع على زوج أختها؛ مما حذا به وبأختي إلى اعتزالها نهائيًا وخصامها للأبد.
فما حكم الدين في هذا الخصام المطلق؟ خاصة أنهما إن سامحاها فلن تكف عن ألاعيبها معهما، كما أنني الآن مخطوبة وأخشى أن تفعل مع خطيبي نفس الشيء؛ لذا أخبرته بأنها كثيرة الكذب، لكني لم أذكر تفاصيل، وذلك حتى لا توقع بيننا ويصدقها، وهو لا يعرفها.. ولا أدري إن كان ما فعلته صوابًا أم خطأ، لكننا وكل من يعرفها على حقيقتها يَحْذَرُها، ولا أدري الأسلوب الأمثل للتعامل معها..
أحيانًا لا أكلمها لأني أحس بعدم الرغبة في التعامل مع إنسانة أعرف أنها لا تحبني، بل تكن لي الشر، وسوف تفعل بي كما تفعل مع أختي؛ فهل أعتزلها أنا الأخرى أم هذا حرام؟ ثم كيف نراقبها؟ وهذا شيء ليس بالهين.. مع العلم أن أبي وأمي أحيانًا يدعوان عليها من جراء ما تفعله.. أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
وبالمناسبة لقد ذهبنا بها من قبل إلى طبيب نفسي، وقال: إنها ليست مريضة، لكنها تحب لفت الأنظار إليها دائمًا وهي لن تتغير.. إننا نشعر بأننا نعيش مع شيطان في ثياب أنثى.
فما هو العقاب الرادع لها؟ خاصة حين لا يجدي الكلام بالحسنى، وكذلك الضرب؛ فلا شيء يجدي معها..
الرجاء الإجابة على كل هذه التساؤلات.
10/2/2022
رد المستشار
الأخت السائلة، ما تعاني منه أختك يبدو أقرب إلى ما نسميه في الطب النفسي "اضطرابات الشخصية"، ولهذه الاضطرابات أسباب وأعراض وأنواع كثيرة يضيق المقام عن ذكرها، وعلاج هذه الاضطرابات يحتاج إلى وقت طويل، وجهد كبير، وقد ينجح وقد يخفق.
وكل الأساليب التي تم تجريبها مع أختك من الدعاء عليها، أو اعتزالها أو.. أو.. هي أساليب عقيمة تزيد الطين بلة، خاصة أنه من المعروف أن التنشئة الأسرية الخاطئة تلعب غالبًا دورًا كبيرًا في حدوث هذه الاضطرابات، ولكنها ليست السبب الوحيد.
وفي مثل حالة أختك يلزم الحذر، ولكن أيضًا ينبغي أن تأخذ محاولات الإصلاح شكلاً منهجيًا يتمثل في الاحتفاء الشديد بكل عمل طيب تقوم به، أو حتى تنوي فعله، سواء على المستوى الفردي: مظهرها، مستوى دراستها،...إلخ، أو على المستوى الجماعي في علاقتها بالناس، والأحداث.
وفي مقابل ذلك ينبغي إظهار النقد والانزعاج الشديد عند حدوث مخالفة واضحة، أو خطأ كبير على أي من المستويين السابقين، خاصة المستوى الجماعي، وينبغي أن يتكامل مع هذا نوع من التمرير "التطنيش"، بشأن التصرفات والحماقات الصغيرة، والقاموس المستخدم مع أختك قاموس فاشل: الضرب – العقاب... إلخ.
والأسلوب الذي تستعملونه منذ فترة لا يؤدي إلا إلى تكريس انحراف شخصية أختك، بينما هذه الثلاثية (الاحتفاء- الانزعاج- التمرير) من شأنها أن تعيد ترتيب وتدريب سلوكها لتحصل على الاحتفاء، وتتجنب الانزعاج والنقد، وتستمتع بالمخالفات الصغيرة، وهي يمكن أن تتغير فعلاً، ولكن شريطة أن يتغير أسلوبكم معها تمامًا.
وهذا الأمر يحتاج منكم إلى صبر وتماسك وطول نفس، وهو أسلوب ينجح غالبًا إذا توافرت مقوماته، ويفشل لأن صبر الأهل ينفد سريعًا، أو أنهم يستسهلون النقد والتجريح، خاصة أنها تخطئ فعلاً، ومن السهولة أن نصف الشيطان بأنه شيطان، بينما من الصعب أن نتعاون ونبذل جهدًا لترويضه.. وتمانينا بالتوفيق، والله المستعان.