هل أخي يعاني من فصام أم مس؟ كيف أتعامل معه؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزيل الشكر للطاقم الذي يحرص على دراسة هذه الاستشارات والرد عليها، تقبل الله أعمالكم وأسأل الله أن يضاعفها في ميزان حسناتكم، الاستشارة بخصوص أخي الذي لا أعلم مرضه ولا يقبل فكرة زيارة الطبيب، يبلغ حاليا الثلاثين من عمره سأحاول أن أتدرج في حياته لعلكم تصلون إلى نتيجة بإذن الله.
كان صعبا وعصبيا في طفولته وفي سن مراهقته، أنا أصغر منه سنا وأتذكر ذكريات حول كيف كان يصيح في البيت يقلبه رأسا على عقب ويجاري أمي وأبي وأحيانا يكسر الأشياء ويتشاجر مع إخوتي وهم أكبر سنا لكن كل تصرفاته هنا طبيعية لأنها ترجع إلى انحرافه وتعاطيه للمخدرات .. كان يتعاطى الحشيش والسجائر وأحيانا يشرب الخمر، بعدها كان يحاول أن يهاجر إلى إسبانيا وآخر محاولة له حاول أن يسبح ويتسلق مؤخرة سفينة كبيرة توشك على الخروج لكن شغلت السفينة المحرك ودفعته الأمواج القوية التي تنتجها المروحات وجد نفسه صبيحة يوم ملقى على ضفة ما ولا يذكر كثيرا كيف وصل إلى هناك.
بعد هذا بمدة قطع صلته بمخدر الحشيش بين ليلة وضحاها وتحول إلى الصلاة والعبادة دون خلفية دينية لكن قلنا هذا جيد، لكن هل تعرض لغسيل دماغ أم كانت رغبته الشخصية؟ .. أصبح متشددا يصلي كثيرا يقوم الليل ويأخذ منه الوضوء ساعة في الحمام (وساوس) يمزق الصور في البيت ولا يأكل معي لأنني لا أصلي مثلا وأشياء هكذا أما فيما يتعلق بخارج البيت فبعد مدة كان يقول بأن من ليس لديه لحية كافر ولا تجوز صلاته ولا يجوز الصلاة وراءه .. حتى أنه كان يصلي الجمعة في مسجد فيوقف الخطيب قبل الخطبة ويقول له بخصوص أمر اللحية وتقع ضجة، المهم من مسجد لآخر حتى كرهه من كان يوقره من الفقراء إلا قلة وكثرت الشكاوى في البيت وتعب والدي من الكلام لكنه يتبع هواه وما يمليه عليه عقله.
بعدها أصبح مهتما بموضوع عالم الجن وانغمس فيه على وجه الخصوص موضوع الكنوز وقد عانينا معه إثر هذا أيضا كان يسافر إلى مسقط رأسنا (منطقة جبلية) وتردنا اتصالات أن ابنكم يفعل ويفعل .. كان يتزعم أن أماكنا يوجد بها كنز ويحفر فيها أحيانا ليلا .. وقد تطور الأمر أن وصل إلى تعميم الأماكن فبيتنا فيه كنز في الصالة مثلا وآخر تحت غرفة النوم وتزامنا مع هذا يستطيع رؤية أماكن السحر فأصبح بيتنا مسحور كليا بالإضافة إلى اتهامه لبعض أفراد العائلة أنهم من فعلوا وأحيانا يواجههم ويضعنا في موقف صعب.
كانت شخصيته هنا تتصف بالسطوة كأن له طاقة تحركه كذلك الإيمان والثقة القوية بالنفس وبما يفكر فيه .. بعدها زار السرطان بيتنا وسرق منا أبي وأخي شارد في أوهامه ولا يبدي اهتماما لمرض أبي ولم يستلطفه ويطلب غفرانه كان عندما يطل عليه يطل بنية أنه له قوى خارقة وتخدمه الملائكة وهذا كان يغضب أبي .. أنا ألومه أحيانا يقال أن السرطان قد ينتج عن الغضب والضغط النفسي وربما هو سبب في هذا كما ألومه لأنني أنا أيضا أعاني نفسيا ربما لأن الكثير من الأشياء التي فعلها وأنا طفل قد أثرت في بشكل ما، قد أستشيركم في وضعيتي لاحقا.
بعد هذا جاءت كورونا، تزعم أنه عثر على علاج كورونا رغم أن العالم لم يصل إلى شيء وقد خرق قانون الطوارئ ليصل لمدينة الدار البيضاء ليخبر جهة ما بدوائه، وقد عانينا معه في هذا، تزعم أنه شخصية ستأتي في المستقبل شخصية من أساطير الشيعة وآمن بهذا إيمانا قويا. أخيرا .. تلاشت قوته شيئا فشيئا ابتعد عن الصلاة .. عاد إلى التدخين .. لازالت لديه صلة طفيفة بموضوع الجن يترك بعض الطعام في بعض الأماكن زعما أنه يقدمه لهم .. مؤخرا وهذا أهم جزء .. توقف عن الكلام نهائيا لا يتكلم إلا بالإشارة والإيماء مع كل شخص أيما كان حتى في المناسبات إلى الآن قرابة سنة وأكثر وهوعلى هذا الحال.
منزلنا من ثلاث طبقات هو وأنا في الوسط وباقي أفراد العائلة في الطابق السفلي، بالنسبة للأكل .. نأكل في الطابق السفلي مع العائلة .. كان ينزل ويأكل ثلاث وجبات .. ويخرج لكي يقتني السجائر .. الآن لا يخرج من غرفته إلا للحمام يقضي اليوم كله في تصفح الهاتف ولا ينزل بحثا عن الطعام .. نجلب له الأكل والسجائر لغرفته ما عليه إلا أن يفرقع إصبعيه كأنه ينادي نادلا .. لا يهتم بنظافته ربما لم يغتسل منذ سنة .. أنا ضد سلوكياته لا أعتبره أحمقا وغير عاقل، أعتبره متحاذقا ومريضا نفسيا قليلا ربما .. أنا أتعاطف معه أحيانا وأحيانا أخرى أضغط عليه وأقسو عليه ..
البارحة مثلا .. قلت أنني لن أجلب له السجائر .. أزعجني ذهابا وإيابا غيرت رأيي في نهاية المطاف بشرط أني شرطت عليه أن يستحم غدا فأماء برأسه أنه حسنا سوف يفعل وعندما جاء الغد أي اليوم .. لم يفعل إلى حد الساعة، وقد حرت فيما أفعل هل ألتزم بكلمتي لأنني حلفت أم أغير رأيي؟ أرى وكأنها لعبة من سيفوز قد لا يأكل اليوم بأكمله مثل ما فعل اليوم من أجل أن يفوز بمبتغاه وأنا أرى إن سار الأمر هكذا فسيصبح الأمر روتينيا وسنكون مثل خدمه وهذا ما لا أطيقه وفي نهاية المطاف يرق قلبي ويخبرني جانب بأن أحضر له السجائر وحسب .. بالرغم مما أخبرتكم عنه فهو يحمل جانبا جميلا لقد حقق إنجازات لا أظن أن الكل يستطيع إنجازها .. أقلع عن التدخين بين ليلة وأخرى .. تحول من الشخصية العصبية إلى الشخصية الهادئة .. هذه المراحل التي ذكرت تشكل فترة زمنية تقدر بسبع سنوات أي سبع سنوات منذ بداية أعراضه إلى الآن .. سامحوني أرجوكم على أفكاري المشتتة وإطالتي في الموضوع ..
كيف أتعامل مع أخي؟ لا يقبل فكرة الطبيب !
استشارت أختي طبيبا وحاولنا إعطاءه دواءا للفصام دون أن يعلم لكنه فر منا مسافرا لمدينة أخرى
19/2/2022
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
ما تحتويه رسالتك وصف نموذجي للفصام المزمن. بدأت الأعراض في سن مبكر مع عدم تنظيم وجداني وأعراض ذهانية موجبة من وهام العظمة ووهام الاضطهاد. صاحب ذلك تغيير تدريجي في الشخصية وتدهور الأداء المعرفي والاجتماعي، وفي النهاية بدأت الأعراض السالبة تطغي على الحالة النفسانية. رفضه للعلاج وعدم تجاوبه لا يعكس سوى انعدام البصيرة وهذا يكاد يكون أكثر الأعراض الفصامية ملاحظةً.
الفصام مساره مدمر للشخصية تدريجياً ولا شفاء منه بدون علاج. يشكل الانسان المصاب بالفصام خطورة على غيره وعلى نفسه وعلى صحته النفسانية والجسدية على حد سواء.
التعامل معه يجب أن يكون من خلال تعامل الجهات الصحية المسؤولة، وعليك أن تعلمه بأن لا مفر من استشارة أحد مراكز الصحة العقلية حيث تسكن.
لا يوجد بلد في عالم بدون قوانين خاصة بالصحة العقلية لعلاج المرضى قسراً، وهذا ما يجب أن تستفسر عنه وتطلب تدخل السلطات الرسمية لكي يدخل أحد مصحات الصحة العقلية قسراً لعلاجه. مع تأخر العلاج ينخفض احتمال استجابته للعقاقير المضادة للذهان، ولذلك يجب علاجه بأسرع وقت.
وفقك الله
واقرأ أيضًا:
لعلاج الفصام الصبر قاعدة الناجحين !
ثلاث سنوات فصام انظر كيف المسار !
العزلة والضحك دون سبب : امسك فصام !
أخي والذهان الزوراني ماذا نفعل ؟
مشكلة أخي : فصام يحتاج عقاقير الذهان !