السلام عليكم
أنا زوجة وأمّ لطفلة عمرها عام، تزوجنا عن حب ولكن حبي له كان أكثر، وهذا جعلني دائمًا أحس أنه غير مقتنع بي، وأن أي امرأة غيري قد تعجبه، وأنا غيورة جدًّا وشكاكة، وهذا الموضوع سبّب لي مشاكل مع زوجي، ولا أستطيع السيطرة على نفسي، والحمد لله زوجي لم أر منه شيئًا، ولكني لا أستطيع أن أكون آمنة من ناحيته أو مرتاحة البال، وأي حركة بسيطة منه أشك فيها ولا أعرف ماذا أفعل؟
أرجوكم ردوا علي؛ لأن هذا الموضوع قد يؤدي إلى هدم البيت.
وللعلم، أنا والحمد لله أتمتع بقدر من الجمال وهذه شهادة الناس، وواثقة من نفسي جدًّا، ولكن مع زوجي أحس- وهذا طبعًا منه- بأنني قبيحة وفاشلة وغير مهندمة، رغم أن كل هذا بعيد كل البعد عن شخصيتي، لا أعرف ماذا أفعل كي أرضيه، وأجعله لا يفكر في غيري ويكتفي بي!!!
أصبحت أفضل له الموت كي أرتاح من هذه الوساوس والقلق
وشكرًا لكم.
14/2/2022
رد المستشار
الأخت الكريمة ،، أنت تحبين زوجك بجنون، وهذا جميل، ولكنه ليس كافيًا لإدارة دولاب أو ماكينة بيت تريدين له أن يستمر بإذن الله.
مطلوب بعض الحكمة والتماسك، ويلزم طرد هذه الوساوس والهواجس، وأن تعرفي أن عليك القيام بما في وسعك للحفاظ على حب زوجك، وبنيان بيتك، وعليك السعي وليس عليك إدراك النجاح، فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وهو القائل: "أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض" لن أقول: ثقي بنفسك، ولكن أقول: ثقي بالله، واعلمي أنك ـ مهما كنت ـ لن تكوني المرأة الكاملة، ولكن عليك دائمًا السعي لتقتربي من الكمال.
والعلاقة بين الزوجين أوسع بكثير من علاقة إعجاب بجسد أو أزياء أو نجاح في الحياة العملية، رغم أنها تتضمن هذا بالتأكيد، لكنها أيضًا تتضمن الاهتمامات المشتركة، والمشاركة في المسئوليات والهموم، واللحظات السعيدة والعصيبة، فاقتربي من زوجك فكرًا وعاطفة، اكتشفي تضاريس روحه ونفسه وشخصيته: ماذا يحب؟ وماذا يكره؟ ماذا يريد؟ وكيف يعبر؟!!
اخرجي معه، استمعي جيدًا له حين يتكلم، وتأملي جيدًا حين يتصرف لتعلمي مفاتيحه، فإن لكل شخصية مفاتيح، تحدثي إليه في الوقت المناسب عن الموضوع المناسب، كوني دائمًا مصدرًا لكل شيء طيب وجميل فلا يسمع منك إلا خيرًا، ولا يشم فيك إلا عطرًا، أشركيه في أمور البيت بقدر محسوب لا يقل فيشعر أن بيته يسير بدونه، ولا يزيد فيشعر أن كل شيء ملقى على رأسه، ولا تحاولي أن تراقبي تحركاته أو تعبثي بأوراقه أو أشيائه الخاصة ليرتاح بالك وتقطعي أي شك باليقين!! فإن ذلك لن يزيدك إلا شكًا، ولا يتعارض هذا السماح مع الغيرة المحمودة، وهي الغيرة في شبهة واضحة، أو بينة دافعة.
إن الرجل الكريم حين يشعر أن زوجته لا تطبق على أنفاسه يزداد حبًا واحترامًا وحرصًا واقترابًا إلى الحد الذي تعرف فيه أكثر مما يعرف عن نفسه. واعلمي أنه لا يعصم الإنسان إلا خوفه من الله رجلاً كان أو امرأة، ولقد سقطت ـ إلى الأبد ربما ـ من حياة البشر فكرة التقويم بالقيود والمراقبة الخارجية، وبقيت الأصول الفطرية: الضمير، والوعي الذاتي، ومراقبة الله عز وجل، وهكذا كان من دعاء النبي للمسافر أن يقول له: (زودك الله التقوى) وما الحياة إلا رحلة قصيرة وإن طالت.
أختي... بغض النظر عن دينك ـ فأنا لا أعرفه ـ أقول للمسلمين وغيرهم: إنه لا أسرة بغير قيم، ولا قيم بغير دين، والأسرة المتدينة عن حق أشد تماسكًا، من الأسرة التي لا تهتم بالدين، والدين نظام شامل وبحر واسع، ونسيج متشعب يتداخل مع كل تفاصيل الحياة، فاحرصي على أن تلتزمي به شكلاً ومضمونًا، وشجعي زوجك على الالتزام فإنه خير لكما في الدنيا والآخرة، ومن شأنه حين يكون راقبًا وعميقًا ـ أي الالتزام ـ أن تهدأ مخاوفك، وتنصرف جهودكما إلى معارك حقيقية هي فرائض غائبة عن بيوتنا، لأنها مستبدلة بمناوشات داخلية، وحروب أخرى طاحنة ما أنزل الله بها من سلطان.
أختي... حين نستوعب هذا الدين حقًا، ونلتزم به صدقًا، ونستلهم روحه عمقًا تصبح صفوفنا أكثر تماسكًا، وتراحمًا، وتلاحمًا؛ لأننا ندرك أن هناك الكثير مما ينبغي التعاون على إنجازه في شئون الدنيا والآخرة، وضياع الوقت والجهد في تسوية الصف، يوشك أن يخرج معه أوان الصلاة!!
اطرحي هذه الوساوس الساذجة التي تتكاثر عليك، وتنهش سلامتك النفسية، ادفعيها كما يدفع الإنسان الذباب عن وجهه، وأقبلي على ربك وزوجك وبيتك، ولا تستعجلي فسيكون لك ما تريدين بإذن الله.