السلام عليكم
أنا شاب في مقتبل عمري (25 عاما).. أنهيت دراستي الجامعية دون أي علاقات تذكر، ولم تتعد علاقتي بالبنات زمالة أو إعجاب وسرعان ما يبدأ بالزوال، وقد كان لأسرتي أثر جيد في حياتي من الناحية الدينية والتقرب إلى الله والقيام ببعض النوافل، أما من الناحية العاطفية فكنت أصغر إخوتي وكلهم يكبروني بأعوام كثيرة.
فمنذ صغرى كنت أشعر وكأن لي عالمي الخاص، وكنت أتمنى أن يشاركني أحد أحلامي وتفكيري، والحقيقة أنني لم أجد ذلك من صغرى؛ فنشأت شخصية اجتماعية جدا إلى حد يفوق الوصف، ومحبوب جدا؛ حيث وجدت نفسي دون أن أدري أحاول التقرب إلى كل الناس الذين من حولي وكسب ودهم ليس إلا فقط حبا لهم ورغبة في أن أكون قريبا منهم. وعند تخرجي التحقت بعمل، والحقيقة أن عملي جيد جدا، وسرعان ما يكرمني الله بأن أعلو في عملي وأنتقل من الدرجة إلى الأخرى وكان علي أن أخطو السلم من أوله.
وقد كنت مثل أي شاب يتمنى أن يجد الإنسانة المناسبة التي يستطيع الارتباط بها، لكي يحقق أحلامه معها، ويسعد معها ويسعدها وتكون الإنسانة التي ستمثل له الزوجة والصديقة وكل حاجة حلوة في حياته، ولكن في أول عملي لم يكن هذا هو الوقت المناسب، خصوصا أن أهلي لن يستطيعوا مساعدتي في الزواج وكان من الواجب أن أنتظر لأملك بعضا من المال الذي يعين على الزواج.
ولكن في عملي التقيت فتاة جذبتني بشدة، ولكنى أخرجت الفكرة من رأسي لأني لم أكن مستعدا في هذا الوقت، ولكنى أحسست أنها تشدني بعينها، تجذبني بحيائها، تبهرني بأسلوبها، وأحسست أنها تبادلني نفس الشعور وأنها تجذبني إليها، ووجدت نفسي لأول مرة في حياتي أحب، بل أحب من أعماق قلبي، وقلبي يصرخ "مش قادر أفكر في حد غيرها، وهي دي اللي أنا كنت بحلم بيها من صغري". والحقيقة أنها استحوذت على تفكيري حتى هذه اللحظة، فأستيقظ على التفكير فيها، وأنام على التفكير فيها، سألت عنها وعن أخلاقها فإذا هي ممتازة.
وعرفت أنها كانت مخطوبة قبل هذا الوقت ولكن شاءت الظروف أن لا يواصلوا وانفصل كل واحد عن الآخر، أسرعت وأخبرتها عن حبي لها وأنني أريد الارتباط بها، وأحسست من ردها أنني مناسب وأنني أملك أخلاقا جيدة وأنها ستفكر.. وأحسست بالقبول، وأخبرتني بالفعل أنها كانت تتوقع أن أفاتحها في مثل هذا الموضوع فهي قد شعرت بشعوري من أول يوم.
وعندما رأيتها ثانية أخبرتني أن أهلها ليسوا متواجدين الآن في بلدنا، وإنها كانت مرتبطة من فترة، ولكنها لم تكمل، وإن هناك إنسانا آخر متقدم لها، وسألتها عن موقفها، وكان الرد أنها لا تشعر بارتياح مع هذا الإنسان، وذكرت بعض صفاتي الجيدة، وأحسست أيضا أنها إشارة جيدة منها، وكان الرد أن علي الانتظار فترة قصيرة لحين نزول الأهل إلى بلدنا، لكي أستطيع أن أفاتح أهلها.. وكنت معتمدا على الله ومتوكلا عليه حق توكله، وأعطيتها فكرة أنني في بداية طريقي، وأعطيتها فكرة عن نفسي وعن أسرتي وكانت علاقتنا جيدة في أول اتصالاتنا.
وازداد تمسكي بها، ومع مرور الوقت أحسست أنها تتراجع وعرفت أنها لم ترفض الإنسان الذي كان متقدما، لم أفهم الوضع، فهي الآن لم ترفضني ولم ترفضه أيضا، وصارحتها بحبي الشديد لها، وهي أدركت حبي لها وقد قابلته بالسكوت وطلب بعض الوقت للتفكير، ومع مرور الوقت وجدتها تفضل الإنسان الآخر، ووجدتها مخطوبة له، ووجدت نفسي مصدوما صدمة "مش هقدر أوصفها لو قعدت أكتب من هنا لبكرة". المهم.. مرت الأيام، وقد انتقلت إلى عمل آخر وأنا أجد عملي يزداد نجاحا مع مرور الوقت بفضل الله وتوفيقه، وشاءت الظروف أن يكون للشركة التي تعمل بها عمل خاص بالشركة التي انتقلت إليها، وأن يكون هناك عمل مشترك بيننا مرة ثانية.
واستمر هذا العمل فترة من الزمن وأنا أحاول جاهدا أن يكون الحوار بيننا في نطاق العمل لأني الحقيقة لم أستطع نسيانها وفي نفس الوقت هي مخطوبة الآن، وقد أردت أن أنهي هذه القصة من حياتي نهائيا، واختار الأهل لي إنسانة، وارتبطت بها، ولم أشعر من ناحيتها بأي شيء، كانت إنسانة طيبة جدا، تحبني جدا، وأنا أول إنسان في حياتها، ولكني استمررت معها فترة قصيرة جدا، لم أشعر أنها ستزيد على حياتي جديدا، بالإضافة إلى تفكيري الدائم في حبيبتي السابقة، وأنهيت ارتباطي بهذه الإنسانة بعد فترة قصيرة حتى لا أظلمها... وبعد فترة قصيرة من انفصالي جاءني الخبر الأعظم، وهو انفصال حبيبتي عن خطيبها، فكرت كثيرا.. ولكنى لم أجرؤ على معاودة الاتصال بها، وقد كان عملي يزداد نجاحا، فأنا الآن أستطيع أن أرتبط بأي إنسانة وأحقق لها كل ما تشاء.
وتقدم الزمن إلى أن أراد عملي أن أنتقل إلى فرع لنا في خارج الوطن، وهذا الوضع سيكون دائما حتى إشعار آخر، ومع اقتراب موعد سفري أحسست بالجنون، وأني أعشق هذه الإنسانة، وشعوري أن سفري هذا سيبعدني عنها نهائيا، فاتصلت بزميلة سابقة في عملنا المشترك السابق والتي كان تعرف هذه القصة لكي تدبر الأمر، وأن تحاول أن تقرب بيننا إن أمكن، وأخبرتني أنها كانت معجبة بخطيبها، ولكن حدثت بعض المشاكل التي أعاقت الموضوع. ولكنها إنسانة جيدة جدا... وأنني لو صبرت عليها وإن استطعت أن أجعلها تحبني ستكون ملاكا لي مدى الحياة، وأن علي فقط أن أصبر قليلا وأن أسافر وهي ستحاول أن تقرب بيننا.
وسافرت وجاءني الرد بأنها تخبرني إذا كنت أريد أن أحادث الوالد فافعل. وبالفعل تحدثت مع الوالد مبينا رغبتي في أن أرتبط بابنته، وأن لا يقلق من أي شيء وأنا سأحقق كل أحلام ابنته مهما كانت، وطلب منى مهلة للتفكير استمرت فترة كبيرة فعلا. وكانت مطالبه مادية ومعنوية، فهو يريد ألا تسافر ابنته معي في مكان عملي لأنها تعمل في بلدها (مع إخبارهم بإمكانية أن أوفر عملا لها معي) فمجال عملنا مشترك، ولها حياتها التي لا تستطيع الاستغناء عنها، وأحسست أن الوالد ليس متعاونا إطلاقا. وعندما لم أفهم منه إذا كان موافقا أم لا بعد مرور فترة كبيرة أخبرته أنى أريد ردا قاطعا، فأخبرني مبديا عن مطالبه المادية بالإضافة إلى رغبته بقاء ابنته في بلدنا، وأن علي الانتظار فترة أخرى حتى آخذ ردا نهائيا لأن ابنته في حالة نفسية سيئة ولا تستطيع المواجهة بسبب ما حدث لها من خطيبها السابق.
وشعرت من كلامه أنها مقهورة نتيجة أن خطيبها السابق تركها، وأخبرني أن هناك من يريد أن يتقدم لها، وإن كنت أنا مستعجلا على فكرة الارتباط.. فارتبط بأي واحدة ثانية فهذه الأمور لا تأتي ما بين يوم وليلة، وأن هذه الأشهر ليست بقليلة في الارتباط، وأحسست من كلامه أن الفترة التي علي انتظاره فيها سيقابل فيه الإنسان الذي يريد التقدم لها، ولو لم يتم التوفيق فسيعاود الاتصال بي، وإن حدث توفيق فإن الموضوع قضاء وقدر.
أنا لن أذكر شعوري من ما حدث.. أنا أريد تقييمكم لقصتي فهل أنا غلطان في تمسكي بها؟ وما رأيكم في هذا الموقف؟ هل أخطأت عندما فكرت مرة أخرى في الارتباط بها وما هو أنسب تصرف لي ولها؟
آسف على الإطالة.
وجزاكم الله خيرا.
23/2/2022
رد المستشار
عندما يكون الحب من طرف واحد،، والصبر من طرف واحد،، والتنازل من طرف واحد،، فإن هذا يُنذر بتطورات ونتائج غير طيبة!!
فمع كل تقديري للحب، وقناعتي بأن السعادة التي يعيشها الإنسان عندما يسكن إلى من يحبه قد لا تعادلها سعادة في الدنيا، وعلى الرغم من كل هذا إلا أن ذلك الحب عندما يكون من طرف واحد فإنه يتحول إلى لعنة لا تحمل لصاحبها إلا الشقاء والألم!
ثم تصبح اللعنة أكثر تدميرًا عندما يكون أيضًا الصبر والتنازل من طرف واحد، فأنت عليك أن تقبل بجميع الشروط المادية لأهل محبوبتك، ثم تقبل أن تغير مسار حياتك وتضحي بفرصة العمل في الخارج لأن محبوبتك لها حياتها التي لا تستطيع الاستغناء عنها، ثم تتوالى بعد ذلك سلسلة التنازلات والتضحيات لأنك تتعامل مع طرف يشتري ويبيع بحسابات المصالح –وهذا من حقه- أما أنت فإنك تتعامل بلغة القلب، وهي لغة لا يعرفها الطرف الآخر، وربما لا يعترف بها.
وهنا يأتي السؤال المهم... لماذا كل هذا التنازل؟
* إن كان من أجل السعادة، فالسعادة لا تتحقق إلا إن كان الحب والعطاء متبادلا.
* إن كان بسبب اعتقادك أن هذه الفتاة –كشخصية- لا مثيل ولا شبيه لها، فهذا أيضا اعتقاد خاطئ، لأنك لم تعرف الفتاة معرفة حقيقية، غير أنها "شدتك وجذبتك وبهرتك" كما ذكرت في رسالتك إلا أنه لا يوجد دليل عملي واحد أن هذا الانبهار في محله، أي أنك تعشق إنسانة لا تعرف إلا ظاهرها الذي يبدو مبهرًا، فهل من المنطقي أن تقدم هذه التنازلات من أجل شخصية تبدو مبهرة، والله أعلم بمدى حقيقة هذا، وهل الإنسانة المبهرة تظهر لك القبول والموافقة ثم ترتبط بآخر لأنها بعدما أعادت حساباتها وجدته أفضل؟!
* وان كانت التنازلات على أمل أنك ستستطيع أن تجعلها تحبك، أو أنك إذا صبرت عليها فستجدها ملاكًا –كما تقول صديقتها- فإن هذا الأمل لا يستند على شيء!! وإن القلوب بيد الله، ليست بيدك ولا بيد تلك الصديقة، وإن الأرض لا تمشي عليها ملائكة! يتبقى السؤال الأخير: إذا تأكدت فعلا أن الطرف الآخر لا يبادلك الحب أو الاستعداد للتضحية ثم قررت أن تحفظ مستقبلك وكرامتك، هل سيكون هذا الحل سهلا؟
والإجابة بالتأكيد هي: لا.. لذلك فأنت مخير بين أمرين كلاهما مر:
إما أن تقبل الدخول في سلسلة من التنازلات، في سبيل أن تظل قريبًا ممن تحب وإما أن تحفظ كرامتك ومستقبلك، وتعطي نفسك فرصة طويلة للنسيان، ولا تتعجل الارتباط بأخرى حتى يتعافى قلبك من آلامه، ثم تفتح قلبك مرة أخرى، وتعطيه الفرصة للإعجاب والارتباط بمن تبادلك الحب والعطاء.
وتضيف د. هالة مصطفى:
الأخ الكريم : جزاك الله خير على ثنائك وأعانك على كل خير.. لقد شعرت من كتابتك أنك حقا إنسان ممتاز وتملك صفات رائعة إلى جانب مستقبلك العملي الذي سيكون موفقا بإذن الله، كل ما ينقصك هي تلك الخبرة في التعامل مع الناس وفهم مقاصدهم وهو ما افتقدته في تربيتك بحكم أنك الصغير، ولكننا لا نكتسب تلك الخبرة بالتربية فقط بل بالاحتكاك والتعامل والمعاشرة والتجربة والفشل (trial and error) وهنا تكون الفائدة أكثر إقناعا والخبرة منتجة.
لذلك.. أيا كانت نتيجة تجربتك هذه فستكون مستفيدا بإذن الله.. ولنتكلم الآن عن المشكلة.. أنت أحببت فتاة واقتنعت بها وأردتها زوجة، وعلى الرغم من أنها اعترفت لك بإعجابها بك وأنها كانت تنتظر تلك اللحظة تركتك وارتبطت بغيرك الذي كانت تفاضل بينك وبينه لفترة لم تجعل فيها صفاتك وإعجابك وصراحتك طرفا فيها، بل وضعت حسابات أخرى لتخرج أنت من المنافسة بجدارة.. ألا وهى الماديات التي أعتقد أنها كانت الميزة الواضحة في ذلك الخطيب.
إذا هي لم تكن معك بكل مشاعرها مثلما كنت أنت معها فهي كانت سعيدة بخطيبها ولم تفكر فيك لحظة، بل كانت ستكمل الموضوع لولا أنه تركها فأصابها الإحباط والحالة النفسية السيئة التي ذكرها لك والدها.. أما أنت فلم تنسها ولم تستطع أن تستمر في خطبتك مع تلك الفتاة التي اختارها لك أهلك على الرغم من أنها فتاة طيبة، فتاتك التي أعجبت بها يا صديقي غيرك.. هي تفكر بعقلها أكثر وترجح ما يمليه عليها عقلها وهذا ليس عيبا ولكنها طريقة تفكير وأسلوب حياة.
هذا موقف الفتاة فلننظر إلى والدها.. سنجده لا يختلف عنها في طريقة التفكير التي يبدو أنها اكتسبتها منه، لقد تقدم إليه شاب متدين ناجح ومستقبله رائع بإذن الله ولكنه وضعه جانبا إذ ربما يظهر في الأفق من هو أفضل، لقد وضعك في قائمة الانتظار ليصلك رده بالقبول أو الرفض ثم بعد أن يمنحك الموافقة يبدأ في الكلام حول سفرها ومادياتك وما ستقدمه.
إذا أنت موقفك الآن stand by فإن لم يظهر العريس المناسب من وجهة نظره هو فسيرد عليك وربما بعد الخطبة يرفضك ثانية إذا ظهر آخر مثلما فعلت فتاتك من قبل؛ فهل تقبل هذا الوضع؟ وخاصة أن الفتاة لم تبد أي محاولة من جانبها لإقناع والدها بك وأنها تراك مناسبا أو غيره.
أنا لا أحب أن أراك أو أرى أي شاب محترم مثلك في هذا الموقف، بل على العكس أحب أن يعرف والدها من خلالك أنك لست صفقة ينتظر الربح من خلالها.. أنت شاب ترجو العفاف وطرقت الباب بكل أدب، فإما أن يفعل مثلما قال حبيبنا (فزوجوه) أو يرفضك لتذهب لغيرها وتستقر قبل أن تسافر، وليت كل الآباء يفعلون هذا حتى تنتهي تلك الظاهرة اللعينة التي أصابت بلادنا "العنوسة". أرجو أن تراجع نفسك ثانية في أمر تلك الفتاة وهل هي حقا تستحق كل هذا العناء أم لا.. وإن أخذت قرارك بالارتباط بها فاعلم أنك ستدفع الكثير من وقتك وتفكيرك ومشاعرك.
كن قويا فأنت تملك الكثير من عناصر القوة وتعلم من تجاربك ولا تنس أن تستخير الله، وفقك الله وهداك للخير.
واقرأ على مجانين:
الحب من طرف واحد.. طريق النجاة
الحب الحقيقي لايكون من طرف واحد