بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جُزيتم خيرًا على هذا الركن المهم في موقعكم.. وأنا أستشيركم في حيرتي.. أنا فتاة متدينة ومستعدة للزواج من رجل مسلم أتفق معه على أمور الحياة والدين، وبصراحة لا رغبة لدي ولا أي ميل للزواج من شاب عربي، وإن اضطررت فسأفعل إن وجدت الإنسان المناسب جدًّا.. وأرغب كثيرًا في الزواج من شاب مسلم متدين غير عربي.
والحاصل أنني على أعتاب خطبة من رجل زنجي أمريكي الأصل، ومسلم ويتعلم العربية من أجل أن يتواصل معي، وهو سعيد؛ لأنه سيتفق مع عربية مسلمة متدينة تملك الصفات التي يحلم بها في زوجة المستقبل. ولكن ورغم ما نتفق عليه وما لا نتفق عليه، فإن من حولي من أهل بلدي وصديقاتي وأقاربي يعترضون على هذا الزواج، والفكرة من أصلها.. أفتوني في أمري.
أنا مُوقِنة أن هناك اختلافًا في طبيعة الحياة، والنشأة، وغيرها، ولكن إذا أمكنني التأكد من دينه، وحسن سلوكه، وأخلاقه عن طريق صديقات لي يَعِشن في أمريكا فهل من الممكن أن أعطي لهذا الشاب الضوء الأخضر ليتقدم لخطبتي رسميًّا، وأنا مقدِّرة لكل ما سيترتب عليه من زواجي به، نرجو الرد بأسرع ما يمكن فأنا أثق بما ستشيرون به عليَّ.
ملاحظة: أنا لست مرتبطة به عاطفيًّا، والأمر ما زال قيد التفكير والاستخارة.. وأنا أستخير.. وحتى الآن قلبي مرتاح ولم أتأكد من شيء بعد، ويمكنني أن أقنع أهلي. إن صعوبة الأمر تكمن في أنه أمريكي زنجي، وفي مكان بعيد عن موطني.
2/3/2022
رد المستشار
الأخت السائلة:
ليس في شأنك رأي قاطع يمكن أن يجزم به أحد فيقول لك: هذا أو ذاك هو الاختيار الصواب، وغيره خطأ.
رأينا من خلال صفحتنا هذه - في مشكلات سابقة - كيف أن الاختلاف الثقافي كان مقدمة لدهشة مستمرة، وما يشبه العزلة الاجتماعية بين أسرة من تزوجت أجنبيًّا، وتعيش في بلدها، ورأينا كيف أدى عدم تقدير عواقب وتبعات هذا الاختلاف إلى تداعيات سلبية على من عاشت واستقرت وسط مجتمع هي غريبة عنه في تكوينها، وثقافتها، وطريقة تفكيرها.
ولكن هذه المحاذير والخبرات السالبة ليست كل الصورة، فهناك من لم تجد الشخص المناسب إلا خارج الحدود، وتعيش معه في تفاهم وانسجام، ولم ترسل إحداهن لنا تصف خبرتها ربما لأن السعداء لا يكتبون لنا غالبًا!!
وبالنظر إلى أنك في النصف الثاني من العشرينيات، ولم يَلُح أمامك شخص مناسب من بلدك، ومن حيث إن مبدأ الارتباط بهذا الرجل غير مرفوض أصلاً؛ لذا يلزم وزن المعادلة من جميع أطرافها، دون النظر إلى الانطباعات السالبة، والرفض المبدئي للفكرة الذي يبديه المحيط الذي حولك.
ينبغي أن تتعمق نظرتك إلى هذا الشاب وراء لون جلده، والتفاهم النسبي الذي بينكما، إلى تفاصيل أموره، والمشاهد المتوقعة لمستقبلك معه، تحتاجين إلى معلومات بأكثر ما يمكن عن شخصيته وعيوبه قبل ميزاته، وعن أسرته، وأوضاعه الحياتية والوظيفية، ولعلك تتوافرين على فرصة لرؤية البيئة التي سترتبطين بها على الطبيعية.. ولا أدري كيف؟! ولكن ليس من سمع وتخيل، كمن رأى وعاين بنفسه، ومغادرة الأهل والأصحاب ليس قرارًا بسيطًا.
وجود جالية عربية وإسلامية قرب مكان إقامتك المتوقع هناك عليه عامل هام، واتفاقك معه حول ترتيبات العلاقة بين أسرتك وأسرته، وعالمه وعالمك، وموقع أطفال المستقبل وسط هذا التنوع، وهل سيكون أقرب إلى التعريب أم إلى الأمركة، أم إلى نموذج مركب يجمع بين هذا وذاك!!
الانسجام العاطفي، والتفاهم الإنساني، والاتفاق الشخصي والثقافي، وتساؤلات أعمق بكثير من لون الجلد، ومكان الإقامة على أهمية هذا وذاك في تأثيرهما على ما سبق ذكره.
تجاوَزِي الرفض الأبله غير المستند إلى منطق سليم، وتجاوَزِي أيضًا الاندفاع الأهوج الذي يظن أنه يعرف العواقب، وهو بالتفاصيل غير خبير، وتمهَّلِي، وتفحَّصي، وخُذِي وقتك طالما ليس في الأمر عاطفة تدفعك إلى الإسراع، واستخيري، واستشيري من يعرفك ويعرفه حتى يأتي قرارك على أساس سليم، وتابعينا بأخبارك.