دلوني كيف أتصرف؟
أنا فتاة أحببت شابًا زميل دراسة، وهو يعمل حاليا، وهو الذي أبدى حبه لي، وبعدها بادلته الشعور نفسه، لكنني فوجئت أنه لا يريد الزواج مني، فقط يحبني ويريد أن أكون له حتى بعد أن أتزوج من غيره لماذا لا أعرف؟ مع أنني تمنيته زوجًا لي؛ لأنه يحمل الكثير من الصفات الحميدة! ولا أعرف لماذا يفكر هكذا؟
وأنا والحمد لله على خلق وجمال ودين وحساسة لأبعد مدى، والله لا أعرف لماذا يفكر هكذا وأكاد أجن؛ لأنني أحببته ولا أحب غيره. ووالله الذي لا إله غيره إنني لا أريد زوجًا أبدًا غيره.
أرجو أن تمدوا لي يد العون وأن تنصحوني؛ لأنني في أشد الحاجة لمن يقف بجانبي ويرشدني، أرجو أن تنقذوني، وأنا أؤكد أنه ليس هناك ما يعوق زواجنا لا أهله ولا مال ولا شيء، فقط تفكيره بهذه الطريقة؟
وأنا على استعداد أن أفعل كل ما تقدمونه لي من إرشاد،
وشكرا لكم.
24/2/2022
رد المستشار
دار حوار منذ أيام بيني وبين رجل أمريكي مسلم حول كلمة Girl Friend (أي صديقة)، واكتشفت من خلال هذا الحوار أن لدي تصورًا خطأ حول هذه كلمة؛ حيث كنت أعتقد أن الصورة الوحيدة لها أنها فتاة يتعرف عليها الشاب، ويقيم معها علاقة لبضعة أيام أو شهور، ثم يتركها لغيرها، ثم غيرها... وهكذا.
ولكن الجديد الذي عرفته من هذا الرجل الأمريكي أن هناك صورة أخرى ربما لا تقل شيوعًا، وهي أن هذه الصديقة يكون وضعها الاجتماعي قريبًا جدًا من الزوجة؛ فالعلاقة بينها وبينه تكون بعلم الأهل والأصدقاء، وربما يكون لهما حجرة في منزل أسرته، وفي اللقاءات والمناسبات يعرفها للآخرين على أنها رفيقته، وربما تستمر هذه العلاقة 10 سنوات مثلاً دون أن يبدل بها أخرى!
سألت الرجل الأمريكي: فلماذا لا يتزوجان إذن طالما أن كل عناصر الزواج تقريبًا موجودة؟ قال: إن الزواج يعني أطفالاً، وأسرة، واستقرارا، وإن الشخص المتزوج -ويسمونه Family Man- لا يستطيع أن يطير اليوم إلى ألاسكا وغدًا إلى هونولولو!!
وكأن الشخص إذا تزوج وأصبح مسئولاً عن بيت وأسرة فإن مسئولياته تفقده شيئًا من حريته وانطلاقه!! وتفرض عليه مستوى أعلى من الالتزامات الثقيلة.
سؤالك الذي كررته عدة مرات (لماذا؟) .. لماذا يريدني صديقة -ولو بالمعنى الحميد للكلمة- ولا يريدني زوجة؟ سؤالك هذا جعلني أتعجب كيف وصل هذا النموذج لبلادنا المسلمة حيث "لم يُر للمتحابين غير الزواج" كما قال صلى الله عليه وسلم، وحيث إنه غير مسموح بالحب بين رجل وامرأة خارج إطار الزواج!!
والإجابة هي أنه كلما كان الحرام السهل بدون مسئوليات متاحًا، فلماذا يلجأ الشاب إلى الزواج الحلال الصعب غير المتاح؟!
الزواج أصبح فكرة ثقيلة الظل لدى قطاع كبير من شبابنا –خاصة البعيدين عن الدين- ومن هؤلاء صديقك الذي تتحدثين عنه، هو ذاق طعم نموذج "الصديقة" –طبعًا ليس بكل معناه ولكن بعضه- فوجده لذيذًا جدًا وبدون فواتير أو تبعات؛ فلماذا يفكر في الزواج؟
هو لن يتنازل عن حريته ويدفع فاتورة الزواج من مسئوليات وتبعات مادية ونفسية واجتماعية لفتاة عادية، بل سيضع قائمة طويلة من الشروط التي يجب توافرها في الفتاة التي سيسلم لها نفسه!! وعلى رأس هذه الشروط بالطبع أن تكون فتاة عفيفة ليس لها تجارب عاطفية سابقة حتى ولو كان بطل هذه التجربة هو نفسه. هو لن يطلب فتاة جميلة، بل سيطلب جميلة الجميلات.
وكما يقول البعض: سيبحث عن فتاة في جمال مارلين مونرو، وتدين رابعة العدوية، وبالتأكيد هذه الفتاة ليست أنت!!
هذا هو الرجل الشرقي، وربما إذا اطلعت على مشكلة بعنوان تحذير من.. سيكولوجية الرجل الشرقي فستجدين المزيد من الأسرار.
أما أنت فأنا لن أتوقف كثيرًا عند اندفاعك في علاقة لا تعرفين نهايتها، فربما لك العذر لصغر سنك أو عدم اكتمال خبرتك.. ولكن ما هو عذرك الآن؟
الصورة اتضحت أمامك، والرجل لا يمنعه عنك أهل أو مال، كل ما في الأمر أنه لا يريد الزواج منك!!
أنت تسألين "لماذا؟" وأنا أجبت عن سؤالك: وبعد، ماذا ستفعلين؟
إذا كنت صادقة في قولك "أنا على استعداد أن أفعل كل ما تقدمونه لي"، فاسمعي مني شيئًا واحدًا:
تقولين "والله الذي لا إله غيره إنني لا أريد زوجًا غيره". أنا معك في الشق الأول من الجملة. فالله تعالى حقيقة لا إله غيره، ولكني لست معك في الشق الثاني؛ فإن أي أحد سوى الله تعالى يوجد غيره!!
الله تعالى هو الإله الواحد الأحد، ولكن حبيبك ليس هو الحبيب الواحد الأحد!!
اسألي الله الذي لا إله غيره أن يرزقك بزوج وحبيب غيره، وأطمئنك من واقع خبرتي وأقول لك: ربما تتألمين بعض الوقت، وربما تحرق حرارة الدموع خديك في الليالي الطوال، ولكنها تجربة وستمر، ولن تذكري منها إلا العبرة.
اشغلي نفسك، وتقربي إلى الله بالطاعات، وليتك تطلعين على مشكلة: إحياء الرغبات الضامرة وتحويل الشعار إلى عمل، وتحاولين من خلالها اكتشاف نفسك وشغل عقلك ووجدانك (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب).