بسم الله الرحمن الرحيم،
أعيش مرحلة من الضياع والحيرة اللذين لازماني منذ أن تقدم شاب لخطبتي.. لم أكن أظن أن في اختيار شريك الحياة كل هذه الحيرة والضياع.. أنا فتاة جامعية جميلة، ولله الحمد، أبلغ من العمر 22 عامًا .. مشكلتي هي أنني حين تقدم شاب لخطبتي وقد كان صديق أخي.. وافق أخي على أن أتحدث معه هاتفيا قبل الموافقة عليه؛ وذلك للتعرف على شخصيته.. أعجبت بشخصيته فقد كان شابا متدينا ذا أخلاق طيبة، منحه الله العطف والحنان، وكنت أشعر بأن قلبه مليء بحبه لي.
كان ذا شخصية مرحة، يبعث على من يسمعه الراحة.. وافقت على الارتباط به قبل أن أراه، ولكن كان لا بد من رؤيته.. حضر إلى منزلنا، وكانت الصدمة بالنسبة لي .. لقد أخبروني بأنه جميل، وذاك ما زاد تعلقي به، ولكن من رأيته على الطبيعة كان غير هذا.. لم أشعر بالطمأنينة لشكله، بل على العكس شعرت بالخوف، والحزن وبكيت؛ لأنني ظننت أنني سأخسره؛ لأنني لم أستطع مجرد التفكير في أن هذا الشاب سيكون زوجي للأبد، أصبحت تراودني تلك الفكرة.. كيف يمكنني العيش معه حياتي كلها في منزل واحد؟!! إنني لم أحتمل جلوسي معه نصف ساعة، وفضلت الهرب، فماذا بعد؟؟
حاول أهلي إقناعي به خاصة أنهم أعجبوا بأخلاقه، وقد تعلق الشاب بي كثيرًا بعد رؤيتي، وشعرت بالضعف، فأنا لا أستطيع قتل قلبه ورفضه.. أجبرني أهلي على الموافقة وقالوا: إنني سأتعود على شكله مع الأيام فوافقت في البداية.. وعدت أحادثه هاتفيا على اعتبار أنه سيكون زوجي.. عدت بعد أن نسيت شكله، وعادت العلاقة تقوى، وأنا أشعر بالراحة كلما سمعت صوته، بل أشعر بالحزن إذا لم أجده على الخط .. أخبرني عن حياته، وأعجبني حديثه .. كان يحاول إرضائي دوما، ويكاد يقتل نفسه إذا أحس يومًا بحزني.. وما كان يقتلني في تلك الأيام هو أنني كنت أشعر بعدم تبادل المشاعر معه، وأنا أحس بفيض المشاعر التي يغدقها علي، وأنا لا أبادله شيئا.. حاول استمالة قلبي بكل الطرق، وحاولت أن أقترب منه، لكن شكله كان يقف حاجزا بيننا.
كان يسمعنني كلمات يذوب منها الحجر، ولكن قلبي كان معه أقسى من ذلك، لم يلن لحبه .. كنت أشعر بالقرب منه كلما تحدثت معه هاتفيا، لكنني كلما تذكرت وجهه نفرت منه.. حينما طلبوا مني تحديد موعد الخطبة شعرت بالخوف، وتذكرت ما أحسست به أول مرة؛ فطلبت مشاهدته مرة أخرى، وحضر الشاب، ولم أرتح للمرة الثانية، وعدت أخشى من رفضي له، وأخشى الزواج من زوج أحب أخلاقه وأكره شكله .. أعلم بأن الله ورسوله أوصانا بقبول الزوج الذي نرضى خلقه ودينه، وليس لشكله، ولكن المشكلة هي أنني لا أستطيع تقبل ذلك، فكلما تخيلت نفسي معه في منزل واحد شعرت بقلبي يقبض.. أخشى أن أوافق على الخطبة ثم مع أول أيام الخطبة أشعر بالنفور منه ولا أقبل منه الجلوس معي.. أخشى أن يعقد القران، وأرى نفسي معه في منزل واحد، وأحس بالنفور كلما أقترب مني.. أخشى أن أستمع إلى كلام أهلي بأنني سأتقبل شكله فيما بعد، وسأحبه حين أرى منه كل الخير حين أتزوجه، أخشى عدم حدوث هذا، ويكون الطلاق بعد أيام من عقد القران.
استخرت كثيرا وفي كل مرة لا أحس بشيء، وأصبح الشاب قلقا من ترددي، وزاد ترددي، وطلبت مقابلته مرة بعد مرة، وفي كل مرة أشعر بنفس الشعور، ولكن حين تمر أيام على المقابلة وأنسى شكله، أعود فأتعلق بالهاتف، وأتوق لمحادثته.. شعرت بأنني أعذب الشاب معي خاصة أنه أصبح يحاول عمل كل ما أريده فقط لينال رضاي، شعرت بتأنيب الضمير، وأحسست بأن هذا الشعور لن يبتعد عني كلما رأيته.. جمعت قواي، وأخبرته بأن الحيرة ما زالت مستمرة معي، وأنني لن أستطيع الزواج منه.. وكانت الصدمة للشاب، أحسست بقلبي يموت مع سماع صوت بكائه .. كان يبكي بحرقة، وهو يخبرني بأنني أقتله بما أقول وأن حديثي سكاكين في قلبه.. كان يقول: إنه حاول معي كل ما يستطيع وإنه على استعداد على إعطائي قلبه وعينه إن أردت.. كان حديثه يقتلني، وأنا أراه يتعذب، وأنا لا أستطيع عمل شيء.. وصفتني أمي بالقسوة؛ لما فعلت، وأخبرتني بأنني سأتعذب كما عذبت الشاب.
تمنيت لو يزرع الله في قلبي له الحب، وأن أغير رأيي، وأتزوجه لكن دون فائدة.. وأنا أحدثه بالهاتف أخبرته بأنني أتمنى من الله أن يعوضه عني خيرا، وأن ينساني، ويبدأ حياته من جديد.. أخبرني بأن هذا لن يحدث وبأنه يخشى أن يكون موته بعد هذا القرار.. كدت أموت، وأنا أرى ما يفعله بنفسه من أجلي، وتمنيت لو أجد في يدي سببا منطقيا لعدم الزواج منه غير شكله؛ لأرتاح من هذا الرفض ولكي لا أحس بأنني ظالمة، لكنني لم أجد.. أغلقت الهاتف، وأنا أبكي ليلتها لم أنم .. وما إن استيقظت صباحا حتى هاتفته في مقر عمله، وانفجرت باكية حين سمعت صوته، أخبرني بأنه لا يقوى على الحديث أمام زملائه، وبأنه سينفجر باكيا.. وأخبرني أنه على استعداد أن يعطيني قلبه أن أردت، لكن المسألة أنني لا أقدر.. أخبرته بأنني لا يمكنني أن أحلم بشاب يحترمني ويحبني كما فعل، وأخبرني أنه سيموت لو شعر أن هناك من سيتزوجني غيره .. بكيت، وأنا أقول له: ليتك لم تأت لخطبتي، كان هذا أرحم لكليْنا.
استمرت هذا العلاقة أربعة أشهر، ومنذ يومين فقط كان آخر اتصال بيننا.. وأنا أتقطع يوميا على ما اتخذته من قرار، خائفة من عقاب الله في شيء لا أملكه، لكن يملكه قلبي .. فالإعجاب والقبول من عنده وحده .. أفكر في حالته وعذابه، وأتقطع من أجله ومن أجل نفسي لا أقوى على تركه أو الزواج منه .. أصبحت أعتبره شخصين: أحدهما من يحادثني في الهاتف، والآخر من أراه وجها لوجه.. عائلتي تلومني على القرار، وتهددنني بمن سيأتي بعده، فقد يكون وسيما ولكنه قاس أو شرير...
أصبحت أحيا في دوامة .. في انتظار ردودكم،
فأنا أسيرة الدموع يوميًّا.. فما العمل؟؟ والسلام
21/03/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اذكرك أن أول حالة خلع في الإسلام كانت امرأة ذهبت للرسول عليه الصلاة والسلام وقالت إنها لا تكره في زوجها خلقا ولكنها لا تطيقه، ويروى أنه لم يكن بهي الطلعة فنفرت منه فلم يؤنبها عليه الصلاة والسلام بل أمرها برد مهرها والذي كان حديقة قدمها له كي لا تجتمع على الرجل الخسارة العاطفية والمادية. من خلال مشاعرها السلبية نحو شكل زوجها سنت هذه المرأة حكما في الشرع يعرف بالخلع وهو قيام المرأة بإنهاء الزواج كما يفعل الرجل في حالة الطلاق.
ربما يرى أهلك أنك غير ناضجة أو غير عقلانية في قرارك، ولكنه في النهاية قرارك وحياتك ولست الأولى التي تمر بما تمرين به بل هي حالة موجودة من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام ولم ينكر عليها الرسول عليه الصلاة والسلام موقفها ولم يهددها بعذاب الله وانتقامه منها.
لا خلاف بأن شخصية الإنسان ودينه وخلقه واستقراره أكثر أهمية من شكله، ونادرا ما نرى النساء تهتم بجانب الشكل الخارجي للرجل كما يفعل الرجل مع المرأة، ولكن لا أحد ينكر أهمية القبول النفسي والعاطفي في علاقة الزواج فهي علاقة تقوم على الألفة والمودة التي يمنعها أي شكل من النفور. ولو لم يكن للشكل الخارجي أهمية لما أمر الشرع بضرورة النظر إلى من يريد الزواج إلى من يتزوج خلافا للأمر العام بغض النظر. وبموقفك لم تخالفي فطرة ولا شرعا تخشي عواقبه الآن أو فيما بعد.
لا يوجد ما يبرر حيرتك فقد اتخذت قرارك ونفذته وما كان ينبغي لك أن تعودي لمحادثته ولا تكرريها، موقف وانتهى وخاطب لم يناسبك بغض النظر عن اقتناع من حولك بالسبب يكفي أنك مقتنعة. سينساك وتنسيه وتسعدي ويسعد إن شاء الله أكثر مما لو تزوجته وأنت كارهة.