ماذا أفعل لفتاة تحبني ومهتمة بالإسلام رغم أنها تعرف أننا لن نتزوج؟!
أنا طالب أدرس في أوروبا، وفي منتصف العشرينيات من عمري، ولدي رفيقة أصاحبها دون ممارسة الجنس الكامل أبدًا لأنني أخاف الله، ولا أقبل أن أفضها دون زواج، وقد حاولت الابتعاد عنها، ولكنني ما ألبث أن أعود إليها، وأخرج معها، ومع باقي الزملاء والزميلات إلى المطاعم والمراقص، وبصورة عامة فإن العلاقات بين الزملاء في الجامعة مفتوحة من حيث الكلام، والتعامل بحرية.أنا تعرضت لتجربة مؤسفة عندما مارست الجنس ذات مرة مع إحداهن، وكانت تعمل في محل مساج، وقد سبب لي هذا ما يشبه الصدمة التي تؤثر علي حتى الآن.
والفتاة التي أرافقها أصغر مني بعدة سنوات، وهي أصلا مسلمة، ولكنها لا تعرف شيئا عن الإسلام، وهي تحبني، وتقول إنني أول من تصادقه، وهي عذراء حتى الآن - كما تقول - وتحاول التعرف على الإسلام، وقراءة القرآن وفهمه، وهي تحترمني وتسألني عن الإسلام دائمًا، وعندما صرخت فيها أن تبتعد عني، وأنني لن أتزوجها.. عدت أنا بعد يومين واتصلت بها، وعدت إليها.
ماذا يمكنني أن أفعل لهذه الفتاة البريئة التي لا تعرف شيئا عن الحياة، وبدأت تتعرف على الإسلام وتحبه من أجل عيوني؟!
وكيف أبتعد عن بقية الفتيات؟!
19/3/2022
رد المستشار
الجنس أم إعادة البرمجة؟ ..
صار لزامًا علينا أن نتعرف بعمق ووضوح على هذا العالَم الذي نعيش فيه، لا تفصلنا عن أقصى أو أبعد نقطة به إلا ضغطة زر، وكثيرًا ما أقول إننا مقصرون شرعًا في تحقيق هذه الفريضة اللازمة لعيشنا فيه فضلا عن التأثير أو الدعوة لما نعتقد أنه الحق، وغير ذلك مما نطمح إليه.
التدخل الحضاري والثقافي الذي تتصاعد وتيرته الآن بفعل وسائل الاتصال، وسهولة الترحال، وحاجة الناس ليتعارفوا.. هذا التداخل يفرض علينا -أكثر من أي وقت مضى- أن نعرف عصرنا، وما يجري في عالمنا حتى لا نظل مجرد متفرجين بلهاء، أو نظل نعاني من مشكلات عدم فهمنا لطبيعة الاختلاف بيننا وبين غيرنا .
ورسالتك تتيح إلقاء بعض الأضواء الكاشفة على جوانب مما أتحدث عن أهميته هنا:
1- قلنا من قبل إنه بالنسبة لشاب عربي مسلم يعيش في الغربة فإن الشأن الجنسي لا بد له من معالجة تتجاوز التجاهل أو التسكين الشائع في مجتمعاتنا المحلية، فالضغوط هناك أكبر، ومساحة القبول بأي شيء أوسع، والرغبة الفطرية الطبيعية لدى الناس بالاهتمام بالجنس وممارسته تلاقي هناك احتفاءً واهتمامًا لا يحقق لها الأداء فحسب بل يتجاوز كما تعرف أنت وترى ونرى جميعًا صورًا من الانحراف، ودرجات من التحلل والشذوذ الذي يؤذي فطرة كل سويّ، ولو لم يكن مؤمنًا برب أو ملتزمًا بدين، فهل ندرك إذن الفارق بين مجتمعات تعتبر كلمة الجنس "مجرد كلمة" شيئا تحمرّ له الخدود، وتتلعثم له الشفاه.. إلخ، ومجتمعات أخرى تتحدث عنه وتمارسه مثل المشي أو الأكل والشراب!
عندما يتواجد أحدنا في هذا المناخ "المختلف" عن مألوفه فلا بد أن يعيد "برمجة" حياته لتتيح له هذه البرمجة أن يعيش بلا تناقض بين واقعه وقناعاته الإيمانية والثقافية، ولا أظن أنك فعلت هذا، ولا أظن غيرك يفعل!
2- طبقًا للبرمجة المطلوبة يكون أمامك عدة حلول، منها أن تتشاغل عن الأمر برمته، وتحيط نفسك بالعديد من الأنشطة والبشر بحيث يكونون بمثابة الدرع الواقي لك من التفكير بالخطأ، ناهيك عن ممارسته، وهذا الحل قد يكون في مقدور البعض ومتناولهم، ويعجِز عنه آخرون بحكم ظروف إقامتهم، ومكان دراستهم أو بحكم تركيبهم الشخصي والنفسي. والناس في هذا الباب يختلفون، والبعض الآخر يلجأ إلى الاستمناء كحل مؤقت لتسكين شهوته، وبوصفه أخف الضررين، ولنا في الاستمناء كلام كثير لو بسطناه لامتد بين مكتبنا في القاهرة، ومحل سكنك فيما وراء المتوسط، فهل اطلعت عليه؟!
وهناك من تغلبه شهوته، وتقل في التدبير حيلته فيتورط بأية درجة من درجات العلاقات بدءًا من المصاحبة، وحتى الوقوع بالزنا، وقد يجمع بين هذا وذاك كما في حالتك، والبعض يسعفه التفكير بالزواج، وهي قصة أخرى لمن يعيش في الغربة، ولنا فيها أيضًا كلام كثير.
3- ويبدو أننا جميعًا نحتاج لهذه العملية العميقة من إعادة البرمجة؛ لأن ما لدينا لا يقيم حياة معاصرة فضلا عن طرح بديل مختلف بحضارة إنسانية أفضل مما يقدمه الغرب.. أقول إن أغلب رجالنا ينظر إلى المرأة في المسألة الجنسية كأنها أقرب إلى "المرحاض" الخصوصي "أعزكم الله"، فأهم شيء لديه أن يقضي حاجته، ويجد راحته في "بيت الراحة" وأن يبقى الموضع مهيئًا له ونظيفًا لا يغشاه أحد غيره.
ولا يبدو أكثرنا فاهمًا أن الجنس من الأصل قد جعله الله سبحانه للبشر الأسوياء المتحضرين المفضلين عن الأنعام، فهذه الممارسة هي جزء من علاقة مركبة فيها ود ورحمة ومجاملة وسكن وحنان ومسئولية وحقوق وواجبات، ولذلك كان الزواج.
وفي أوروبا والغرب كله فإن العلاقة الجنسية هي جزء من علاقة أوسع وأعمق، فيها نوع من الالتزام بشريك محدد...إلخ من مكونات العلاقة الإنسانية بين رجل وامرأة. وللذين سيقولون هنا بأن القوم هناك قد حادوا عن الصواب واعتبروا توثيق العلاقة وتسجيلها رسميًّا نوعا من التقييد أو التكلف فتحللوا منه، واكتفوا بالاتفاق العرفي الشفوي والاجتماعي... أقول لمن يشمئزون من هذا وتتمعر وجوههم، ويرمون الغرب وأهله بالتحلل: إن ما نقوم به نحن يبدو فادحًا، وربما أفدح، فالأغلبية سقط من وعيها إدراك ماهية الزواج وحكمته وفلسفته أصلا، ولم يبق في الرءوس منه غير استحلال البُضع بكلمتي الإيجاب والقبول!
4- وعندما يسافر أحدنا إلى الخارج محملا بنظرية "المرحاض الخصوصي" يصطدم بالتشكيل الغربي المختلف، فالتي تقبل بهذه الصيغة العابرة "أجر مقابل وقت أو عمل" هي العاهرة، أما المرأة العادية فتبحث عن علاقة مركبة فيها ثقافة وعواطف، وترفيه ومشاعر، وصحبة ومشاركة، والجنس جزء منها... وصاحبنا يريد أن يقضي حاجته، ولم يتعود على هذا الفهم المركب للعلاقات، وغالبًا لا يمارسه حتى مع زوجته إلا مضطرًا أو حسب الظروف!
وطبقًا للبرمجة السائدة عندنا يرى أحدنا المطروح أمامه هناك بوصفه اختيارًا بين ثلاثة:
الأول أن يضاجع عاهرة، وهي تجربة يمكن أن تكون قاتلة للنفس المؤمنة السوية ليس فقط لأن الزنا محرم، ووقعه على النفس شديد، ولكن لأن طبيعة العلاقة الجنسية أو الممارسة مع العاهرة تكون خالية من كل ما يتوقعه صاحبنا من مشاعر متبادلة، فالعاهرة المحترفة تعرف تمامًا أنها "مرحاض" وتقوم بالعمل على أصوله، في هذا الإطار، ولذلك فإن آثار التجربة تكون شديدة إلا على من تاب، وعفا الله عنه برفع الذنوب، ورفع العبء النفسي، والتبعات الشعورية التي علقت بالذاكرة من الممارسة.
5- والاختيار الثاني أن يصاحب الشاب فتاة على طريقتك يا أخي السائل، وانظر وتأمل بربك إلى اختلاف التصورات والممارسات بينك وبين تلك الفتاة:
هي تحاول إقامة علاقة إنسانية كاملة معك بما فيها الجنس، فتبحث عن الإسلام لأنه دينك وثقافتك لتعرفك وتعرفه أكثر، وأنت تحب الجميلات، وتريد إقامة علاقة صداقة معهن، وطبقًا لبرمجتك فإن هذه العلاقة أو الصداقة تبدو باهتة المعالم أو ملتبسة، فالزمالة عندهن معروفة الحدود والمساحات، والجنس جزء من علاقة أخرى أكثر تركيبًا، وأنت تريد ممارسة الجنس، ولكن أمامك أن هذا لا يكون إلا بزواج، وفي نفس الوقت لست مستعدًا للتفكير بالزواج حاليًّا أو من فتاة ممن حولك لأنك تعتقد أنهن منحلات لأنهن يضاجعن الشباب بغير زواج، وفي ذات الوقت تصاحب إحداهن فلا تمارس معها الجنس لأن الجنس بدون زواج حرام، ولا تقيم معها علاقة أبعد من هذا أو أعمق لأنك لا تدرك، وربما لا تستطيع... أنت تريد الجنس، وهي تريد الحب ولا مانع لديها من إعطاء الجنس في إطار العلاقة الأوسع، ولكن كيف يمكن هذا؟!
6- إذا كنت بكلماتي قد استطعت أن أكشف لك عن "اللخبطة" التي تعيشها ويعيشها كل الشباب العرب المغترب، بل والمقيم في وطنه الراغب في إقامة علاقة مع أجنبية.. لو كنت أنا استطعت وصف التشابك والتعقيد والتداخل الذي يكتنف أطراف المسألة أكون قد نجحت.
أذكر لك الاختيار الثالث بسرعة لأنك جربته بالفعل، ولعل آثاره على نفسك تكون رادعًا لك عن تكراره.
وإذا برمجت نفسك على النحو الذي أشرحه هنا فلن تقرب هذا المستنقع أو المرحاض النجس مرة أخرى.
والسؤال الصحيح هو: ماذا ينبغي أن تفعل لنفسك وليس لتلك الفتاة التي تراها مسكينة، بينما هي واضحة جدًّا ومتسقة مع نفسها، ومع الثقافة التي نشأت فيها بغض النظر عن الإسلام الذي لا تعرفه هي كما تقول أنت.
7- دعني أصل معك إلى الوضوح بعد إبراز التشابك.
- النساء عندك أربعة أصناف:
أ- المرأة العابرة في الشارع أو الجيرة أو السوبر ماركت، وهذه لا شأن لك بها، ولا تقل لي إنها تسير عارية أو تضحك بصوت عال، أو تفعل كذا أو كذا... ما لك ولها؟!! غض بصرك، واهتم بشأنك، وتعاملك معهن يكون على قدر الضرورة فقط مع التأكيد على التعفف، وحسن الأدب ليس لأن هذا هو أمر الله سبحانه فقط، ولكن لأن غيره سيؤذي نفسك ويشوش عقلك.
وهذا الكلام تندرج فيه كل المواد المرئية والمسموعة التي تتعرض للجنس وجسد المرأة، فإذا تعرضت لها متعمدًا ستؤذيك وتهيجك.
ب - زميلاتك في الجامعة:
حدود الزمالة معروفة، ويمكنك أن تزيد أنت عليها ما تحب أن يكون، والناس تحترم الخصوصيات الثقافية بهدوء، فإذا أخبرتهن أنك لا تريد زميلتك أن تحتضنك أو تقبل خدودك حين تقابلك، وأن المصافحة تكفي، بل إذا طلبت الاكتفاء في التحية بهز الرؤوس فسيحترمن هذا ويطبقونه بسلاسة دون أن ينقص ذلك من قدرك عندهم، أو من قوة العلاقة أو رابطة الزمالة في حدودها.
ومثل ذلك ما يتعلق بالأماكن العامة، وأماكن الترفيه واللهو، وعادات المأكل والملبس والمشرب، ما ستطلبه وتحدده أنت ستجده دون عناء، وفي إطار من الاحترام والود والقبول.
جـ - العلاقة الخاصة بفتاة محددة:
إذا راقت لك إحداهن وأردت أن تقيم معها علاقة حميمة وخاصة فعليك أن تعرف تكاليف مثل هذه العلاقة وأبعادها المركبة، والجنس وموقعه بكونه جزءًا من هذه العلاقة، ولأنه "لا جنس بغير زواج" في ديننا الحنيف، فعليك أن تفهم أن علاقة خاصة تتضمن الجنس لن تكون إلا بزواج، وأية علاقة خاصة لا تتضمن الجنس فهي مسخ أو تهريج سينقلب بعد حين إلى علاقة كاملة بجنس ولو دون زواج، أو تنفصم العلاقة لتعود إلى مستوى الزمالة أو حتى ما دون ذلك.
ودعونا نعد إلى أمر لم يناقشنا فيه أحد لنعرف جدواه أو الصعوبات التي تواجهه
وهذا الشيء هو صيغة الزواج المناسب للظروف التي أنت فيها، فأنت تتفق مع الفتاة بعلم أهلها أنك سترتبط بها بالزواج بصيغته الشرعية المعروفة مع وجود فترة بعد الزواج -قد تكون عدة سنوات- تختبران فيها مدى التآلف والتفاهم بينكما، وهذه الفترة ستكون دون إنجاب، وخلال هذه الفترة عليك أن تقرر، وعليها هي أن تقرر نجاح أو فشل القدرة على التفاهم واستيعاب الاختلافات الثقافية والقبول بها، والتعامل معها، وتتعلم هي الإسلام -وحبذا لو كنت أنت نموذجًا مشرقًا له- وتقرران غدًا أو بعد عام أو عدة أعوام أنكما مستمران، وتدخلان في مرحلة إنجاب الأطفال، أو تقرران الانفصال في هدوء كما يحدث يوميًّا هناك.
قد تقول لي يا أخي:
وماذا عن أهلك؟! وأنك تفضل الزواج من فتاة من بلدك الأصلي.
ومن حقك أن تسأل، وأنا أجيبك أن اختيارك إقامة علاقة خاصة تتضمن الجنس مع إحداهن تعني زواجك بها، وتعني مواجهة أهلك بوجهة نظرك، وقد تختار إخفاء هذا الأمر عنهم حتى حين، ولن تحتاج عونهم المالي لأن الزواج في أوروبا لا يكلف شيئا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد تختار أن تحسم أمورك مع أهلك من البداية... المهم أنك ينبغي أن تتحمل مسئولية قرارك سالف الذكر، وإذا اخترت أن تتزوج فتاة من بلدك الأصلي فلا ترسل لي بعد زواجك منها تشكو من الفارق الثقافي بينكما، ومن أنها روتينية لا تهتم إلا بالطبخ والكنس وتربية الأولاد، وممارسة الجنس، وأنك تفكر بالزواج من أوروبية لما عندها من مميزات في نظرك!
إذا أردت الغربية أو أردت العربية فعليك أن تفهم أن لكل واحدة منهن مذاقًا مختلفًا، أو بالأحرى ذوقًا وطبعًا، وعيوبًا ومميزات، فاختر لنفسك، هل أذكرك بالصنف الرابع من النساء حولك أم أنك تذكره؟!
د - الصنف الرابع: يا أخي الكريم هن بائعات الهوى، وهذه المراحيض المتنقلة في ثياب الإغراء والإغواء لا يمنحن إلا على قدر الثمن المدفوع، هذه هي حرفتهن لمن أراد أن يكون زبونًا، فلا تفعلها ثانية وتعود لتشتكي من الصدمة.
وأكرر لك ولإخواني وأخواتي الذين لا يرون في الغرب إلا الجنس، رفضوه أو ذهبوا من أجله، أقول لهم: إن الله قد بث آياته في آفاق أرضه كلها "وفي الأرض آيات للموقنين"، "سنريهم آياتنا في الآفاق"، وفي الغرب الكثير مما يمكن أن تتعلمه، وفيه الكثير من الفرص لنا لنعلمهم شيئا عن ديننا إذا فهمناه نحن أصلا، فلا يعودن أحدنا من سنوات قضاها هناك فقط بشهادة علمية، أو مغامرات نسائية أو نظرة قاصرة لهم ولنا وللعلم، فإن من يعود بهذا يكون كمن عاد بخفي حنين، وعلى طرف لساني أن أقول: ليته ما ذهب.
واقرأ أيضًا:
المراهق العربي عبر الإنترنت