حكموا عقولكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بداية.. أوجه جزيل الشكر للقائمين على هذا الموقع المتميز في أسلوبه ومعالجته التي تتسم بشمولية وواقعية ذات صبغة إسلامية.. فجزاكم الله خيرا.
تقدم شاب لخطبتي ذو دين وخلق، حافظ لكتاب الله، ويقوم بعمل خيري وتطوعي، ومتفهم، ومن الناحية الأخرى هناك اختلاف بيننا في أسلوب المعيشة ومكانها، وكذا وضعه المادي.
المشكلة أو النقطة التي تحيرني هي أن أهلي يقفون عند هذه النقطة، ويرون أن التكافؤ الاجتماعي مهم؛ وهو ما دفعهم للرفض، مع أني أشعر بميل تجاهه، وهذا الميل للعلم جاء بعدما تعرفت عليه وتحدثنا؛ إذ عندما رأيته أول مرة لم أشعر باستلطاف من الشكل؛ فهل هذا يعني أن ميلي نحوه غير صادق؟.
هل فعلاً موضوع التكافؤ الاجتماعي مهم لهذه الدرجة بحيث لا ترجح كفة الدين والخلق عنده؟ مع العلم أني لم أرتح لوسط أهله (طريقة التحدث والمعاملة)، فهل هذا الشعور ممكن أن يزول مع الأيام ومقابل ارتياحي لدينه وخلقه؟ هل أقف وأناقش أهلي وأصر على موقفي أم أرضخ لرأي أهلي وأنتظر خيارًا آخر!! وأكون أكثر عقلانية كما يقولون لي؟
أرجوكم أرشدوني،
وجزاكم الله خيرًا.
10/4/2022
رد المستشار
ابنتي العزيزة..
قلنا ونقول دائما: إن الزواج ليس ارتباطا بين اثنين في الفراغ، بل هو ارتباط عائلتين في مجتمع؛ وهذا ليس رأيا فقط لعلماء النفس والاجتماع؛ بل هو نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث شريف لا أذكرها نصا ولكني سأتلو عليك معناها: "تخيروا لنطفكم، فإن العرق دساس"، "إياكم وخضراء الدمن"، وهي المرأة الجميلة في المنبت السوء، وأحاديث أخرى كثيرة كلها تؤدي إلى مجموعة نقاط مهمة في الاختيار، منها التكافؤ الاجتماعي والتوافق الأسري.
والتوافق الأسري في معناه الشامل، أي قبول الأسرة لكل طرف في الأسرة الأخرى؛ فتقبل أسرة العريس العروس والعكس صحيح،،، ووجود نوع من الرفض يستلزم وقفة فعلية صادقة منك أولا فتتعرفين على حيثيات قبولك له، وتناقشين نفسك في بنود رفض أسرتك لهذا الشاب، وهل معهم حق في موقفهم أم لا؟ وهل فعلا ما وضعوه أمامك من أسباب اعتبروها عقلانية هي أسباب حقيقية أم لا؟.
يستلزم الأمر منك وقفة أخرى مع أهلك لو لم تجدي مبرراتهم قوية لمناقشتهم بحجتك أنت، ومنطقك أنت، ومحاولة إقناعهم بوجهة نظرك.. بل والدفاع عنها، وهو ما قلت عنه في رسالتك: "هل أقف وأناقش أهلي وأصر على موقفي؟".
إذن يا ابنتي أنت وحدك من يستطيع أن يقرر هل أنت فعلا اقتنعت بهذا الشاب زوجا لك... رجلا تقضين معه ما بقي لك من حياة بحلوها ومرها، وإنك معه من الممكن أن تتخطي عقبة رفضك أو عدم تقبلك لأهله، وكل عقبة أخرى أو مشكلة تظهر بين أي زوجين يعيشان حياة مشتركة.
أرى دائما أن الانطباع الأول الرافض والذي يتحول إلى راحة وإعجاب بعد الحوار والحديث يعطي ثقة أكبر في أن الميل ناشئ عن اقتناع وليس عن خداع بصري، بمعنى أن الرؤية الأولى تكون للشكل والهيئة والتي لا دخل لابن آدم فيها من طول أو قصر أو وسامة أو دمامة أو أي شيء وضعه الله سبحانه وتعالى على هيئته ولا يستطيع أحد له تغيير.
أما الحوار، فهو عادة يكون مع روح الشخص وشخصيته التي بناها لنفسه ويتابعها بفكره ويختار لها الاتجاه والهدف؛ ولذلك حين تميلين إليه بعد أن تكلميه فأنت قد ملتِ للشخص والشخصية والفكر والهوية وليس للطول أو العرض، وهذا أدعى لأن يكون ميلا حقيقيا.
ولكن الميل وحده يا ابنتي ليس كل بنود الزواج؛ فالزواج شراكة اجتماعية حتى تنجح تحتاج لدراسة جدوى مفصلة، وخطة عمل متقنة؛ فعليك إذن قبل أن تقرري أن تستمعي لأهلك وتتعرفي على أسبابهم، وإما ستقتنعين بما يقولون وبالتالي تقفين معهم في نفس الخندق وترفضين الشاب، أو أن تجدي أن كل ما يقولون لديك له مبرر وحجة مقنعة، فتناقشيهم أنت وتفندي أسباب تمسكك بالشاب.
وآخر ما أريد لفت نظرك إليه يا ابنتي أنه يجب عليك أن تقتنعي بقرارك، لا يهم أي قرار ستتخذين، ولكن دائما اتخذيه وأنت مقتنعة أنه الأفضل؛ فأنت وحدك من يقع عليها التبعات حتى لو شاركك الجميع التفكير.
وننصحك بقراءة الروابط التالية؛ لأنها تتحدث بشكل مفصل عن مسألة التوافق الاجتماعي بين الزوجين، وفقك الله لما فيه الخير.
التوافق بين الزوجين : قواعد عامة
عدم التوافق بين الزوجين