السلام عليكم
أكتب إليكم هذه الرسالة، راجية من الله أن أجد حلا لمشكلتي وأستطيع تنفيذه.
لقد نشأت في أسرة متدينة ولكن لم يخل منزلنا من المشاكل، وعلى الرغم من ذلك أكسبتني هذه المشاكل رجاحة العقل والاعتماد على النفس والاستقلالية ونشأت على أن الزواج آخر أولوياتي. ونظرا لمشاكل المنزل وبلوغي سن الزواج وحرصا مني على رضا أهلي قررت الزواج وهو ما كنت أهرب منه وأرفض حتى التفكير فيه، وإذا بي أتعرف على زميل عمل ويتقدم لخطبتي. توسمت فيه الطيبة والحنان وطيبة الأهل، ولكن أيضا الاختلاف الشديد بيننا، ولاحظت ذلك منذ فترة الخطوبة، ولكني أدرك أن لكل منا عيوبه ومحاسنه ولن أجد زوجا "تفصيل" وعلي تقبل الوضع وعلى أمل في التغيير.
ولكني لم أشغل بالي في كيف يكون التعامل مع هذا الاختلاف، وهل سينتج عنه الكثير من المشاكل؟ وتم الزواج وإذا بي أشعر بالاختناق من هذا الاختلاف؛ فهو عاطفي وأنا عملية، يدقق في صغائر الأمور وأنا أتفاداها، طموحة وهو كسول، متدينة وأحاول الالتزام وهو لا يصلي ويشرب السجائر، يطلب مني مشاركته في كل شيء بيننا، وأنا أحب وأحترم خصوصيتي وخصوصية الآخرين، لا أفشي سرا وهو يتحدث مع والدته في كل شيء حتى إذا قلت له لا تذكر ذلك لأي أحد، مسرف بشدة ويشتكي ضيق الحال، وأنا أرتب أولويات مصاريفي، ولا أستطيع التفاهم معه وكل حوار يبدأ بالصوت العالي، وينتهي بخناقة.
بدأت أشعر بالاختناق بسبب فقد سيطرتي على حياتي، تركت عملي الذي أحبه وعملت في عمل لا أحبه؛ لأنه يرى أن ذلك يناسب ظروفي كزوجة،،، مع مرور الوقت أصبحت أطلب منه سيارتي إذا أردت الذهاب لمشوار وعلي أن أرتب ظروفي بالشكل الذي يناسبه؛ لأني إذا لم أفعل وطلبت منه أن يركب أي مواصلة أخرى أكون أنانية ولا أراعي مشاعره ولا أحرص على راحته.
لا أنكر أن زوجي احتملني كثيرا؛ فلقد سببت لي حالة الاختناق هذه عصبية شديدة، وكنت أتصرف تصرفات لا تليق ولا أدري كيف كنت أفعل ذلك؛ ولكن لأن زوجي طيب وحنون وكان يحبني كان يغفر لي... حملت تلبية لرغبة زوجي والأهل بالرغم من أني كنت أحب أن يتم ذلك بعد فترة من الزواج، حملت مسئولية المنزل بالرغم من أن كل ذلك كان جديدا علي فلم أمارس أي أعمال تخص المنزل وأنا في منزل والدي، بل كنت أقضي لهم حاجتهم خارج المنزل من مصالح وكانوا يعتمدون علي كثيرا لحسن تصرفي وثقتهم في.
لقد حاولت أن أفكر مع زوجي في أن يحسن دخله، ولكن إمكاناته ضعيفة في سوق العمل ففكرت في مشروع خاص واستعرت له مبلغا من المال، ولكن إلى الآن لم يبدأ، وله في كل محاولة تفشل الكثير من الحجج؛ فهو كثير القول قليل الفعل. ومع الوقت اتسعت الفجوة بيني وبين زوجي وزاد الخلاف وقلَّت ساعات الصفا ونادرا ما كان يجلس بجانبي وحينها يكون يريد ممارسة علاقتنا الزوجية؛ ولهذا السبب أصابني الملل منها وأصبحت أتهرب منها بالاهتمام بطفلتي.
لقد صدمني زوجي حينما اكتشفت أنه يشاهد أفلاما إباحية كان ينكر تارة ويتحجج بإهمالي تارة ومرة لاكتساب الخبرة، ووعدني أنه لن يفعلها ثانية، وأكتشف غير ذلك. وحين ضيقت عليه الخناق مؤخرا أصبح يتحدث مع زميلة له في العمل عن مشاكله وحياته الخاصة وحين اكتشفت ذلك كعادته أنكر وألقى عليَّ اللوم في ذلك.
ومع مرور الوقت أصبح وقتنا في المنزل هو أمام جهاز الحاسب وأنا أمام التلفاز، لا حوار، بدأت أشعر أن علاقتنا تنتقل من فشل إلى آخر وأشعر أني ضحيت بأشياء كثيرة ولم ألق في المقابل السعادة والرضا، وأصبحت لا أرى إلا كل شيء سيئ في زوجي وأكره الحوار معه أو الكلام في أي شيء، ولا أمل لديَّ في تغير أي وضع ولا أرغب في تكرار تجربة الإنجاب.
لا أدري كيف أربي ابنتي في هذا الجو من الاختلاف، أنا أصلي وأشاهد البرامج الثقافية والدينية، وزوجي لا يصلي إلا الجمعة، ويشاهد الأفلام الإباحية. عادة ما يقول إنه امتنع عن ذلك، ولكن اعذروني أنا لا أثق فيه. كما أن زوجي يتدخل في شئون المنزل أكثر من اللازم ويريد أن يكون كل شيء كما كانت تفعل والدته،، ماما كانت تفعل كذا وتقوم بكذا... أنا لا أحاول أن أختلق المشاكل في هذا الموضوع بالذات لحبي لحماتي؛ لأنها حقا سيدة محترمة وتحبني كابنتها فأستجيب أحيانا وأضيق وأعبر عن ضيقي أحيانا أخرى.
وأخيرا أريد أن أذكر أهم عيوبي وهو أني امرأة غبية تفقد حب زوجها ولا تحاول أن تحافظ عليه.. لا أسمع زوجي الكلام المعسول، ولكن ربنا وحده يعلم كم أحاول مساعدته ماديا حتى يتحسن مستوانا وحتى لا يشعر بالفرق المادي بيننا، وأساعد في مصروف واحتياجات المنزل، وبالرغم من ذلك اتهم بالتقصير والبخل.
أصبحت لا أهتم إذا تحدث زوجي لفتاة أو سيدة بل أرجو أن ينخرط في علاقة حتى تكون سببا لإنهاء حياتي معه، لقد اقترحت على زوجي أن نلجأ إلى استشاري علاقات زوجية بدلا من أن نناقش مشاكلنا أمام كل الأهل، وهو ما لا أحبه، ولكن زوجي رفض بشدة.
ماذا أفعل؟
وشكرا لجهودكم
31/3/2022
رد المستشار
قبل الزواج.. يرسم كل من الزوج والزوجة صورة شديدة التفاؤل والمثالية للطرف الآخر؛ فالزوجة تنتظر أن يكون زوجها مصدرا للحب والحنان، وأن يعينها على طاعة الله، ويُحسن تربية أبنائه، ويُدير شئونهم المالية إدارة حكيمة و.. و.. و..
والزوج ينتظر من زوجته أن تحقق له الاستقرار والعفة، وتُحسن إلى أهله، وتربي أولاده على أفضل ما يتمنى، وتتزين له في كل ليلة، وتخفف عنه عناء الحياة و.. و.. و.. ولكن الواقع غالبا أو ربما دائما يختلف عن الأحلام؛ فيضطر كل طرف إلى التنازل عن أحلامه تدريجيا، الواحد تلو الآخر، حتى يتبقى في صدره ربما حلم واحد أخير.. هذا الحلم الأخير هو الذي تستمر به الحياة الزوجية، فإذا سقط فلا حل سوى الطلاق.
والآن أسألك.. بعد أن سقطت أشياء جميلة كان يعنيها زوجك بالنسبة لك، ألم يبق ولو حلما واحدا أخيرا قد تحقق؟
أوضح كلامي أكثر:
زوجك -مثلا- كان يتمنى أن تكوني أكثر عاطفية من هذا، وأكثر احتراما له ولطباعه ولشخصيته، وأقل صلابة وخشونة معه.. هو كان يتمنى أشياء كثيرة، ولكن لم يجدها، ولكنه يرحب بالاستمرار في ارتباطه بك؛ لأن هناك حلما واحدا قد تحقق له معك وهو: أنك سيدة على خلق ودين ذات عقل راجح وقلب طيب كريم.
والآن.. أسألك نفس السؤال:
بعد أن سقطت كل الأحلام، ألم يتبق ولو حلما واحدا قد يتحقق؟
وليكن مثلا، أن زوجك هو الرجل الوحيد في حياتك، أو أنه طيب وحنون، أو أنه يحب ابنته ويسعى لسعادتها، أو أنه يتمنى إرضاءك من قلبه ولكن كسله وضعفه في تحمل المسئولية يمنعانه أو.. أو.. أو..
إذا فتشت بداخلك فوجدت حلما واحدا قد تحقق، وفتشت بداخل زوجك فوجدت نفس الشيء، فثقي وتأكدي أن رحلة الإصلاح ستؤتي ثمارها، وأن هذا الحلم يمكن أن نضيف إليه مع الواقع أحلاما أخرى، ربما لن تصل للمستوى المثالي الذي كنا نتمناه، ولكن ستصل لمستوى يجعل الحياة ممكنة.
أقترح أن تجلسا جلسة هادئة في وقت مناسب، وأن تصلي ركعتين لله قبلها أن يفتح بينكما بالخير، وتطرحا السؤال الأول: ما هو الشيء الجميل الذي يراه كل منكما في الآخر؟.
ثم أن تطرحا السؤال الثاني: ما هي الأشياء التي يتمنى كل منكما أن تتغير في نفسه؟.
ثم السؤال الثالث: ما هي الأشياء التي يتمنى أن تتغير في الآخر؟.
ثم أبدأ معا رحلة التغيير.. أبدأ بشيء واحد فقط كل منكما يغيره في نفسه.
ثم في جلسة تالية بعد بضعة شهور تضيفان شيئا ثانيا ثم ثالثا...
وأنصحك نصيحة:
لا تعطي الأولوية لمشكلة المواقع الإباحية أو مشكلة التدخين مثلا... ولكن أعطي أولوية لمسألة ترك الصلاة ومسألة الحوار المفتوح مع الأخريات.
وأختتم بنصيحة أخرى:
الحسم مطلوب ومهم وفي بعض الأحيان ربما تضطرين لأخذ مواقف حادة، ولكن دون إهانة أو سوء معاملة؛ لأن هذا يؤدي إلى نتيجة عكسية، وعلى الجانب الآخر الرفق أيضا مطلوب ومهم فإن له تأثير السحر في النفوس، وإن المرء يتذكر أثره حين يأتي وقت الحزم.
لا تنسي الدعاء.. والله تعالى بيده الأمر كله.
واقرئي أيضا:
عيوب زوجي.. كسول وكتوم وغير طموح