عندي سؤال بالنسبة لابنتي البالغة من العمر سنتين؛ فهي تخجل جدا عندما ترى أحدا غريبا، ولا تتكلم عندما يتم سؤالها، على الرغم من أنها تتكلم في البيت وتلعب مع أختها البالغة من العمر 10 أشهر.
أدخلتها حضانة قبل شهرين، ولكنها ما زالت لا تشارك الأطفال في اللعب.. واضطررت إلى إدخالها الحضانة؛ لأننا ببلد الغربة ولا تلتقي بالأطفال. ومشكلة أخرى أنها تقوم بضرب أختها عندما تأخذ الألعاب من عندها أو عندما تراها تمسك بأي لعبة، وبعض الأحيان تشاركها في اللعب والأكل.
أتمنى مساعدتي.. كيف أجعلها تثق في نفسها؟ وكيف تعامل أختها بلطف؟ أحاول دائما عدم التفريق بينهما في أي شيء؛ لأني أعرف أن فارق السن بينهما بسيط... (سنة وشهران)، وهي دائما تغار من أختها الصغيرة، كما أني أحاول منذ فترة تعويدها على ترك الحفاظ، ولكن عندما تراني أغير لأختها تريد هي كذلك أن تلبس مثلها.
وهي سريعة الانفعال؛ فمثلا عندما تريد أن تلبس حذاءها ولا تستطيع إدخاله تقوم بالصراخ، وأريد أن أعلمها الصبر؛ فهي ما شاء الله تتعلم بسرعة وتفهم.
أرجو مساعدتي
وشاكرة لكم تعاونكم.
28/4/2022
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الكريمة "أم ليان" حفظها الله،،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بك على موقعك ونحن نرحب دائما بأسئلتك واستفساراتك
الأخت الكريمة: يطلق على حالة ابنتك الصمت الاختياري، وهو نوع من أنواع الخجل والتجنب ودرجة من درجات الرهاب الاجتماعي، ويتضمن عدم وجود ميول عند الطفلة في المشاركة الاجتماعية وتفضيلها للصمت على الكلام بالرغم من أنها طبيعية جدا بين ذويها داخل المنزل، فابنتك لديها خجل مفرط وتحتاج إلى الثقة في مواجهة المواقف، وهذا السلوك يظهر في بعض أطفال الروضة وبدايات المرحلة الابتدائية، ولا سيما لدى الإناث، والخجل في حد ذاته ليس خطيرا، ولكن المشكلة فيما قد يترتب عليه من عدم اندماج الطفل ومشاركته مع غيره.
والشعور بالنقص المصاحب والغيرة الداخلية من الاقتران، ونقص الخبرات والتفاعل، وربما ظهور الحساسية الانفعالية على الطفل، والحذر والارتباك والتلعثم في الكلام، وقد يكون السبب في هذه المشكلة عدم شعور الطفلة بالأمان والطمأنينة، وكثرة السخرية من الطفلة وتوجيه الانتقادات لها، وإشعار الطفلة بالتبعية وكثرة مراقبة سلوكياتها، وتدعيم فكرة أنها خجولة، وترديد ذلك أمام الطفلة وأمام الناس مما يثبت هذا السلوك، وهناك أسباب أخرى – أرجو استناء وجودها في طفلتك – مثل وجود تأخر في مستوى الذكاء والاستيعاب، ووجود اضطراب في اللغة، والإصابة بتأخر في النمو الجسدي ووجود عيب خلقي وبعض الأمراض الأخرى التي تؤدي بالطفلة إلى التجنب.
ولعلاج هذا الأمر يجب أن نضع في الاعتبار أن الطفلة حساسة بافراط، وهي بحاجة إلى بناء الثقة بالنفس، وتدعيم مفهوم الذات لديها، أعطها المسئولية وحمليها أدوارا قيادية، وشجعيها على التعبير عن النفس وإبداء الرأي، شجعيها على الخطابة والتعبير، وقدمي لها مكافأة إذا نجحت في ذلك، امدحيها وتحاشي توجيه النقد لها، وأطمئنك بأن كثيرا من الحالات عموما تتحسن بعد ذلك – أي مع تقدم العمر – ولكن لابد من التفهم، والصبر، والتشجيع، والتوقف عن النقد المستمر.
أما بالنسبة لمشكلة غيرتها من أختها الصغيرة فمن الطبيعي أن يشعر الأطفال بالغيرة لأنهم في حاجة ماسة ومستمرة للحب والاهتمام، والغيره تظهر عندما تشعر الطفلة بأن الأخت الصغرى أصبحت مركز الاهتمام والحب، مما يعمل على تطور شعور الغيرة لديها، فنحن هنا نتحدث عن الأحاسيس السلبية التي جنتها الطفلة بعد ولادتكم للطفلة الصغيرة إذ تعتبر على المستوى النفسي أن الطفلة الجديدة أخذت مكانها في الأسرة، فمعاملة الوالدين بعد أن كانت لها وحدها أصبحت مقسمة بينها وبين الطفلة الجديدة، وهنا لابد من توفير الطمأنينه للطفلة، وإشعارها بأنها محبوبة على قدم المساواة مثل أختها
وهنالك بعض الأمور التي أنصحك بالقيام بها للتغلب على هذا الأمر، ومنها:
* تقبلي كأم مشاعر الطفلة واعلمي بأن ما تشعر به هو أمر طبيعي، ولا تنتقدي شعور الطفلة بالغيرة مما يسبب لها الضيق ويزيد من مشاعر الغيرة لديها، وتحدثي معها بالحديث الذي تظهري فيه الحب والتقبل لها عند صدورأي سلوك يدل على الغيرة، ووجهيها مع كل سلوك يظهر بشكل طبيعي، مما يشعرها بأنها محط اهتمام وحب وملاحظة، مع مرور الوقت سيساعد ذلك في تقليل الغيرة
* أكدي لها بأنها محبوبة بنفس القدر، وهنا لابد من أن يأكد الأب كذلك لها نفس الشعور وأنها محبوبة لديه بنفس القدر، مما يساعدها على الهدوء، وتخفيف القلق، ولابد من التأكيد لها بأنكم قادرين على محبتها بشكل دائم ومستمر مع اختلاف الوقت والظروف.
* عدم اللعب أو تقبيل الطفلة الصغيرة أمامها لأنها ستلاحظ ذلك، ويزداد الصراع الداخلي الذي يظهر على شكل صراخ وبكاء من أجل التعبير عن غضبها وهذا الأمر أيضا يدعم كرهها لأختها
* مشاركة الطفلتين في اللعب من أجل تنمية الرابط الروحي العاطفي بينهما
* يمكنك شراء ملابس وحلوى وألعاب جديدة للطفلة الكبيرة، وأخبريها بأن اختها الصغيرة هي من أحضرتها لها، وأنها تحبها، وتحب أن تشاركها الألعاب والحلوى .
* التحدث إلى الطفلة بخصوص أختها وأنها لا تزال صغيرة وعلينا أن نعتني بها إلى أن تكبر وتصبح مثلك، فقد يحتاج أحد طفل لوقت اهتمام أكبر عن الآخر، وهنا لابد من التوضيح للطفل الذي يصدر سلوك الغيره وشعور الغيره أن للأخ والأخت متطلبات خاصة لابد من التعامل معها بطريقة معينة ولوقت أطول، فمعرفة الطفل أن ما يصدر من سلوك اهتمام نتيجه لسبب معين يخفف من أثر القلق لديه بأنه غير محبوب ومهمل
* حاولي تحميل الطفلة بعضا من المسؤوليات الصغيرة نحو أختها كان تكلفيها بجلب الأغراض الخاصة بتحميمها وتغيير الملابس لها مع ترك المجال لها من أجل أن تختار لك نوعية الألبسة والألوان كل هذا يسهم في تحبيبها لأختها
* التحاور مع الطفلة ومحاولة التعرف على الأفكار الداخلية السلبية المتعلقة بأختها مع تعديلها إلى أفكار إيجابية تضمن التفاعل الإيجابي والتخلص من مشاعر الكره اتجاهها
* دمج الطفلة مع الأصدقاء من نفس سنها حتى لا تركز كثيرا على أختها وتبقى حبيسة الأفكار السلبية التي تعود على سلوكها بالسلب
* توفير جو أسري هادئ مفعم بالراحة والاطمئنان لنمو سليم ومتوازن لكلى الطفلتين
حاولي من خلال النصائح السابقة وستجدي نتائج إيجابية بإذن الله، ويجب أن لا تنسىي – أختي الكريمة – أن المرحلة العمرين من سنتين إلى 3 سنوات هي مرحلة تمركز الطفل حول الذات فهو يرى بأن كل ما هو حوله هو له وملكه ومشاركة أحد آخر فيما يملك يعد أمر غير مقبول ويشعره بالغيره، وفي بعض الأحيان قد يظهر الطفل بعض أفعال النكوص كأن يتصرف بتصرفات لا تتناسب مع عمره الحالي وإنما تعود لمراحل عمرية أصغر، كأن يعود الطفل للتبول في ملابسه وإصدار أفعال حركية تتصف بها مراحل عمرية سابقة مثل الحبو والرغبة في الرجوع للبس الحفاضات – وهو ما تقوم به ابنتك للتعبير عن رغبتها في زيادة الاهتمام بها – وهذا يتطلب منا إظهار الحب بالمقام الأول للطفل الذي يصدر سلوك الغيرة.
أسأل الله أن يحفظ لك بناتك، وأن يجعلهما قرة عين لك ولوادهما في الدنيا والآخرة، وأن يرزقك برهما ومحبتهما، وبالله التوفيق .