وسواس الصيام
السلام عليكم، عانيت كثيرا ولسنوات طويلة مع الوسواس وكلها بفضل الله ذهبت ما عدا وسواس الصيام تحديدا في بلع ما لايمكن الاحتراز منه مثل رذاذ الماء وأنا أغسل الصحون أو الشوائب والغبار إذا جاءت على الشفتين أو دخلت الفم ولكن لم تدخل الحلق بعد، لأنه يظل بالي مشغول جدا بها فلا أعلم كيف أتصرف، فإما أقوم ببصق ريقي حتى تخرج أو أقوم بتجفيف الشفتين ومسحها رغم أنها بالكاد تكون قطرات بسيطة وهذا الأمر شاق جدا علي ويسبب لي حرج.
وحاولت التجاهل كثيييرا لكن التفكير المستمر بها وبوجودها ،الآن كي أتخلص من كل هذا العناء أقوم بلعق شفتي بالريق وأنا أعلم أن هذا اللعق غير مفطر أو أقوم كذلك بتجميع ريقي في فمي وأبلعه كي أتخلص من التفكير بوجودها وأقول لنفسي هي بلعت الآن مع الريق الجائز بلعه ليس قصدا مني، هل أكون بهذا أفطرت أم لا؟؟ علما حين كنت غير مصابة بالوسواس لم أكن أبالي أبدا بها وأبلع ريقي بشكل عادي ولا ألتفت هل بلعت الشوائب أو رذاذ الماء عمدا أم لا لأني لم أكن قبل أنتبه لمثل هذه الأمور.
علما أن أكثر شيء أفكر به هو رذاذ الماء وأنا أجلي وكذلك رذاذ ما يخرج من الخضار وأنا أقطعها
حيث أني يوميا أقوم بذلك لهذا الوسوسة تظل معي.
16/5/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "سلام"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مجانين
تذهب بعض الوساوس ويحل محلها غيرها! ولابد من الانتباه للوسواس منذ البداية وقطعه، وإلا فسيظل الموسوس ينتقل من وسواس إلى آخر، فيستبدل هذا بذاك ويبقى يعاني
لقد أجبت نفسك بنفسك وقلت: (وسواس الصيام تحديدا في بلع ما لا يمكن الاحتراز منه). وما لا يمكن الاحتراز عنه في عبادة ما، يكون معفوًا عنه ولا يبطل تلك العبادة؛ لأن الإنسان لا يكون قاصدًا له، ولا يمكنه التحرز عنه. فلو دخل رذاذ الماء وغيره إلى حلق الصائم (وليس إلى الفم فقط)، فإنه لا يفطر.
جاء في الدر المختار للحصكفي الحنفي في الأمور التي لا تفطر: (..(أو دخل حلقه غبار أو ذباب أو دخان) ولو ذاكرا استحسانا لعدم إمكان التحرز عنه)
وقال الدردير المالكي في الشرح الكبير: (..(ولا قضاء في غالب قيء) ... أي خرج غلبة ولو كثر ما لم يزدرد منه شيئا كما مر (أو) غالب (ذباب) أو بعوض؛ لأن الإنسان لا بد له من حديث والذباب يطير فيسبقه إلى حلقه فلا يمكن الاحتراز عنه فأشبه الريق (أو) غالب (غبار طريق) لحلقه للمشقة (أو) غبار (دقيق أو غبار كيل أو جبس لصانعه) قيد في الدقيق وما بعده).
وقال الهيتمي الشافعي في نهاية المحتاج: (..(وكونه) أي الواصل (بقصد، فلو وصل جوفه ذباب أو بعوضة أو غبار الطريق وغربلة الدقيق لم يفطر) وإن أمكنه اجتناب ذلك بإطباق الفم أو غيره لما فيه من المشقة الشديدة).
وجاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: (..(وإن دخل حلقه ذباب أو غبار طريق أو) غبار (دقيق أو دخان من غير قصد) لم يفطر لعدم القصد كالنائم).
فما ينبغي لك أن تفكري في هذه الأمور لأنها إن دخلت وحدها إلى الحلق لا تفطّر، وإذا كانت على الشفة أو الفم فالأمر بسيط، ويمكن تجفيفها أو بصقها.
ويغلب على ظني أن إحساسك المتكرر بوصول الرذاذ إلى الشفة سواء من الماء أو من تقطيع الخضار، ليس إلا أهلاس بسبب الوسواس؛ فكلنا نغسل الصحون ونقطع الخضار، ونرى بعض الرذاذ يتطاير منها، ولكن نسبة إصابته للشفتين وداخل الفم قليلة جدًا، ربما في رمضان كله لا تصيب الفم غير مرة واحدة ... أما أن تخافي طوال اليوم بسبب هذه الأشياء، وأن تصيب شفتيك وفمك كل يوم مرة على الأقل، فهذا قطعًا وسواس وأهلاس.
ولو فرضنا أن الأمر حقيقة فأنت كالطحان ومن يصنع الجبس، إذ كل يوم تحتاجين للعمل في المطبخ ولا تستطيعين التحرز عن الرذاذ الذي يطير إلى فمك طوال عملك!!!
وخلاصك أن تتجاهلي، أي إن أحسست بشيء لا تحاولي التأكد من إحساسك وهل هناك شيء أم لا؟ ولا تحاولي فعل أي شيء مختلف عن المعتاد. لا تلعقي شفتك، ولا تجمعي الريق ولا أي شيء آخر ...، تابعي عملك وفقط
من المؤكد ستشعرين بالقلق البالغ في البداية، لكنه سيزول تدريجيًا، وستصبحين قادرة على تمييز متى يصيب الرذاذ فمك فعلًا وليس هلوسة.
عافاك الله