السلام عليكم ورحمته وبركاته
لن أطيل عليكم فسؤالي بسيط ولكني أريد إجابة شافية له، وأنا أثق بكم وبقدرتكم على إرضاء جميع الأطراف وحل المشاكل بالشكل الأمثل. باختصار أنا متزوجة منذ ثماني سنوات وأسكن مع زوجي وأولادي في بلد بعيد عن أهله، وقد قرر زوجي السفر منذ مدة ليحسن وضعنا ولكن بالطبع الفكرة السائدة للجميع وخصوصا الأهل بأن الشاب يسافر ليسكب من بئر النقود في حجر زوجته؛ ولذلك قررت حماتي أن تأتي وزوجها وأولادها من بيتها وبلدها لتسكن في بيتي، علما بأن وضعي أصلا غير مستقر ولست أعرف إن كنت سألحق بزوجي أصلا أم لا أو إن كان هو سيبقى أصلا في عمله أو سيتركه.
المهم أنني فاتحت زوجي بالموضوع وأخبرته بأن أهله ليسوا مضطرين للرحيل من بلدهم فقط لأنهم يرغبون باقتناص الفرصة والسكن في منزلي، لن أخفيكم وكما في أي مكان المشاعر المتضادة بين الحماة والكنة (زوجة الابن)، وهنا يتضح جليا ما أقول فلا هدف بل خسارة لكل الأطراف، وعندما فاتحت زوجي بالموضوع اتهمني بأنني أتفق أنا وهو على والديه وأنه عليه طاعتهم، وإن كان ولا بد من وجود أخويه فليستأجر شقة لهما ويسكن والداه في شقتي.
طبعا هو بالطبع من سيقوم بدفع هذه الأجرة بالإضافة إلى المصروف الشخصي ومصاريف الدراسة التي يدفعها هو أصلا في بلد والديه، لن أشرح لحضرتكم الكثير من المشاكل التي ستحدث عندما تجتمع حماتي وحماي المريض وأولادي وتبدأ الصراعات فيمن نظف وطبخ وفيمن أزعج؛ لأنكم أعرف وأدرى بهذا حتى مني، ناهيكم عن الزيارات الليلية التي قد تحدث من قبل إخوته.
باختصار أنا سئمت هذه المشاكل التي لا تنتهي والتي صدقا يفتعلها أهل زوجي ما أمكنوا، علما بأنهم قاموا بتطليق أخيه من زوجته مرتين، وأشعر أنني على الطريق إن استمروا باستفزازي.
أرغب منكم توضيح الأمر لزوجي؛ فهو يحب موقعكم كثيرا ويؤمن بوجهة نظركم،
أرجوكم أنا بأمس الحاجة لمساعدتكم!!
14/5/2022
رد المستشار
حين تتزوج الأنثى ... تنفصل ماديا وفكريا عن أهلها وإن كانت تظل مرتبطة بهم ... وتبدأ في بناء عشها الخاص وتتفنن الإناث في تجميل وترتيب وتنظيم العش.. ومحاولة امتلاك كل شيء وأي شيء لوضعه فيه ... ولذلك نجد أحيانا الأختين تدب بينهما الغيرة وربما الغضب والمشاكل لمجرد أن إحداهما نقلت من بيت الأسرة منقولا أثريا.. أو طقما نادرا من الأكواب أو حتى البيانو العتيق ... وبالتالي يصعب جدا عليهن -الإناث- قبول فكرة مشاركة أهل الزوج لها في رزقها ورزق العيال.
أفهم إحساسك ورغبتك في الانفراد ببيتك تبنينه وتشكلينه وتنظمينه على ذوقك ... أفهم معاناتك أنك لن تكوني حرة الحركة لا في إعداد البيت واختيار المأكولات؛ نظرا لوجود الحماة ولا في الملبس والحركة؛ نظرا لوجود شقيقين من الشباب ... أفهم وأرى أنك لست سعيدة ... ولكن يا ابنتي جزى الله زوجك كل خير وبارك له في ماله وصحته وعياله ... يقول صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وغيرهم، وصحيح أن البعض ضعف الحديث والبعض حسنه ... وعليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وطوال أيام الزمان كانت البنات تتزوج في بيت الحماة ... وتذكري معي الأغنية القديمة: "طالعة من بيت أبوها رايحة بيت الجيران" ... ببساطة لأنها تزوجت ابنهم ثم ظهرت دعاوى الحرية والانفصال ... واستئثار الجيل الجديد ببيت يستقلون فيه ... فيخرج الابن والابنة يتزوجان ويعيشان وحدهما ... وكان من يفعل ذلك إلى زمن قريب يعتبر ابنا عاقا ... يمشي وراء زوجته وباع أهله ... ثم تطور الزمن وأصبحت هذه هي القاعدة ثم لأن لله سبحانه وتعالى في أرضه وملكه سننا ... عاد الشباب يطلب أن يعيش مع أهله أو مع أهل عروسه لأن شرط وجود شقة منفصلة للزوجية ليس دائما مطلبا متاحا ... وأصبح الأهل هم من يتخوفون من الفكرة.
لماذا أقول لك كل ذلك ... لأساعدك على تقبل الأمر ... لو كنت مكانك فلن أكذب وأقول لك كنت سأكون أسعد الناس ... أبدا كنت سأغتاظ من فقدي حريتي في مملكتي وإجباري على خدمة عدد ليس بالقليل من الناس والخضوع لرغباتهم بل وطاعتهم فيما أرفض رغما عني ... ولكني بالتأكيد يا ابنتي وليس حبا فقط في زوجي الطيب الذي يكد ويشقى ويعمل من أجلنا بل حسبة لوجه الله تعالى أن أدخل السعادة على قلب أمه وأبيه أن يشعرا أنهما يتنعمان في خير ابنهما الذي ربياه وأنفقا عليه ولولاهما ما أصبح رجلا.
إذا كانت القصة كلها قصة المال الزيادة، سواء كان قليلا أو كثيرا الذي سيحصل عليه زوجك من عمله بالخارج ورغبتهما أن يحصلا على جزء منه في شكل حياة أكثر رغدا ... فلوجه الله تعالى اقبلي منهم هذه الفكرة واعتبريهما ضيفين فرض رب العباد عليك كزوجة لذلك الرجل أن تحسني معاملتهما وتكرميهما ... فالمال في النهاية رزق مكتوب لا يزيد ولا ينقص بالإنفاق بل برزق الله ... فكم من ناس لديهم رواتب خيالية الأرقام تطير في أشياء كثيرة ولا يشعرون أنهم زادوا مليما ... وكم من ناس يفيض بين يديهم القليل ويزيد ... فحاولي يا ابنتي تقبل حماك وحماتك.
وإذا كان زوجك يقرأ الردود وسيقرأ كلامي هذا فأنا أقول له بارك الله فيك من ابن بار بأهله ... ولكن حاول يا ولدى ألا تحمل على كتفيك وزر هذه المرأة التي استحللتها بكلمة الله وعقده -زوجتك- ساعدها من أجل أن تساعدك ... فخدمتها لأهلك في البيت عمل شاق وكبار السن متعبون فساعدها يا ولدى بالكلمة الطيبة والتقدير الكامل لما تفعل وبمهاداتها هي شخصيا من آن لآخر بهدية ولو بسيطة تشعرها بأنك تقدر لها صنيعها وتحفظ لها جميلها ... هذا سيجعلها تتحمل أي مشاكل -وستنشأ بالطبع مشاكل من الاحتكاك القريب- وتتغلب عليها حبا لك وإكراما لحسن معاشرتك.
تراني أتحدث عن أبيك وأمك اللذين سيعيشان في بيتكما ... نعم ولم أذكر إخوتك من الشباب ... نعم ليس سهوا ولا نسيانا ولكني لا أرى لهما مكانا في بيتك لا بالليل ولا بالنهار ... فكما طالبت زوجتك أن تتقي الله في والديك ... أطلب منك أن تتقي الله فيها ... فصلى الله عليه وسلم القائل: أنت ومالك لأبيك قال أيضا عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: الحمو الموت... رواه البخاري (4934) ومسلم (2172). وكما ترى هذا الحديث أقوى من الآخر لأنه صحيح متفق عليه. أي إنه لا يجوز وليس مستحبا إطلاقا تواجد إخوتك في بيتك في غيابك لأي سبب حتى لو كان أبوك وأمك في البيت فهم ليسوا محارم هذه المرأة ... زوجتك.
هنا أقول لك اتق الله وضع حلا يناسب الجميع بما يرضي الله حتى يرضى الله عنك.
لست أنا من يقترح فأنت أدرى بظروفك ... فلا هي تذهب إلى شقتهما لتقوم بخدمتهما ولا هما يأتيان إلى بيتك إلا في أضيق في الحدود ... إذا كنت تريد أن تتقي الله فاتقه ولا تكن من المطففين ... خدمة أبويك واستضافتهما من البر الذي ينسحب على زوجتك لكونها زوجتك واجب عليها طاعتك وإكرام أهلك أما ما زاد عن ذلك فليس من مكارم الرجال.