السلام عليكم ورحمة الله
الإخوة في الله، قرأت ردودكم على موضوع تعدد الزوجات، ولا أحسبكم أردتم إلا خيرًا، غير أني آخذ عليكم الآتي:
1-ربطتم في حديثكم عن التعدد وتعدي الخطوط الحمراء بين الرجل والمرأة، سبحان الله أهذا هو السبب الذي من أجله يباح التعدد، يفترض في المسلم الملتزم أن يبتعد عن الخطوط الحمراء ابتغاء مرضاة الله، يبتعد عن حمى الله خشية الوقوع فيه، وهل تخطى صحابة رسول الله الخطوط الحمراء عندما عددوا في الزوجات؟
2-تحدثتم عن موافقة الزوجة الأولى، ولا أعلم في شرع الله وجوبَ ذلك؟!
3-تحدثتم عن المبررات للزواج و….. إلخ، ووجهة نظري كالآتي: أنا أملك القدرة على الزواج من الثانية، كما أنني لا أنكر شيئًا على زوجتي فهي جميلة الجميلات، وهي المسلمة الملتزمة رزقني الله منها الولد الصالح، وكانت خير معين لي على أمور ديني ودنياي غير أني أريد الزواج من الثانية لماذا؟ دونما سبب لست مطالبًا بتقديم أسباب في أن آتي ما أحل الله لي، وحتى أكون محقًّا فالصورة من وجهة نظري كالآتي: كل أمر تفعله إما لك أو عليك فإذا كنت ترغب في زواج الثانية تزوج، واعلم أنه إما لك أو عليك، عدلت بين زوجاتك والتمست الذرية الصالحة؛ فأنت فائز يكفيك أن اللقمة تضعها في فم امرأتك لك بها صدقة، يكفيك أن يمتد عملك بعد وفاتك إلى ولد صالح يدعو لك، يكفيك أن تعف امرأة مسلمة عن الحرام، يكفيك أن يفاخر بك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الأمم يوم القيامة، وغير هذا كثير لا يتسع له المقام.
والأحمق من يرى الخير فلا يستكثر منه، ويشكر الله أن جعل الخير في هواه، ولكن اعلم أنك إن لم تكن على التعدد قادرًا أو لم تعدل بين أهلك أو أضعت ولدك أو وغير هذا ثم أقدمت على الزواج من الثانية؛ فقد أهلكت نفسك، وأضعت أهلك، وحملت في ميزانك أمام الله ما لا تطيق ... والله أعلم،
هذا ما أراه فإن كان خيرًا فمن الله وإن كان غير هذا فمن نفسي.
وشكرا لحسن قراءتكم
14/5/2022
رد المستشار
الأخ العزيز ... أهلاً وسهلاً
هناك مساحة من الاتفاق لا بأس بها، أرجو أن تكون مدركاً لها، وكذلك القراء الأعزاء، وأرجو أن تعيد قراءة كل ما كتبناه عن "الزواج الثاني" لتكتشف التالي:
أولاً: تقول بأنك لست مطالباً بتقديم أسباب أو مبررات رغم أنك في خطابك السابق، وفي هذا الخطاب تسرد لنا قائمة بأسباب ومبررات منها الجاد، ومنها ما يثير الدهشة، ومنها ما هو مغلوط، فلماذا تقدم مبررات وأسبابًا في أمر لا يحتاج لهذا "على حد قولك"؟!!
ثانياً: لم نقل: إن موافقة الزوجة الأولى واجبة، ولا أدرى من أين فهمت هذا؟!
ولم نقل بأن الزوج مطالب بالتبرير أمام الزوجة أو المجتمع، فهو ـ وله أن يستقل بالقرار في هذا الشأن ـ مسئول أمام الله سبحانه، والعلة أو السبب وراء الفعل هي التي تعطي الحكم الشرعي له من كراهة أو وجوب أو غيرهما من درجات.
ثالثا: الزواج الثاني لا يكون إلا لحاجة أو ضرورة تدعو إليه، وقد تكون حجة أحدهم أنه يحب النساء أو يحب امرأة بعينها، ولا يريد أن يقع في الحرام، ونحن نرى في هذا أمراً يمكن تفهمه والحوار بشأنه "في حد ذاته" دون الحاجة إلى إلباس المواضيع أثوابًا ملحمية تحمل الأمر أكثر مما يحتمل.
رابعاً: الآية الثالثة من سورة النساء، وهي الوحيدة في القرآن التي جاء فيها ذكر التعدد، ربطته بما أوضحته مقدمة الآية: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم...إلخ" والبحث عن العلة في الحكم الشرعي أمر محمود ومطلوب، وميدان اجتهاد واسع لا ينتهي في هذه الآية وغيرها، وهو أمر وارد أن تتعدد فيه الأفهام.
خامساً: أعتقد أن معنى العدل والمسؤولية يحتاج إلى توضيح؛ لأننا من خلال عملنا نرى أن الكثير من الرجال، وبعض النساء، يهملون ويهملن تبعات الزواج والوالدية، فالعبء يقع على الأم وحدها غالباً، وأحياناً على الخادمة!! وبالتالي لا توجد مشكلة عند الرجل أن يتزوج أخرى، وينجب منها لأنه لم يقم بواجباته نحو الأسرة الأولى أصلاً، والزواج والإنجاب في إدراكه وممارسته عبارة عن نفقة مادية، وإعفاف امرأة بالحلال، ولقمة يضعها في فم الأولى أو الثانية!!! لا يا سيدي، الزواج والإنجاب والتربية أكبر من هذا بكثير، ولا عبرة بمن لا يدرك هذه المعاني والتبعات فيسعى إلى تراكم الأعباء، ويجمع تقصيرًا إلى تقصير، وهو عن هذا غافل.
سادساً: ما زلنا نحاول تبصير الناس بجوانب مشكلاتهم أو قضاياهم السلبي منها والإيجابي؛ لأننا نعتقد أنه من الحماقة الاقتصار على رؤية جانب دون الآخر، ومهمتنا ليست أن نختار للناس، ولكن أن نساعدهم على الاختيار لأنفسهم ببصيرة ووعي لتبعات كل اختيار، وأن نرشدهم لتحمل مسئولية ما يترتب على اختيارهم برجولة وشرف دون التهرب من المسؤولية، أو إلقاء التبعة على الغير أو على الظروف.
وأعتقد أن كثيراً من المعاني التي أكدت عليها أنا هنا جاءت بأسلوب أو بآخر في رسالتك، فقط أردت أن أزيد الأمر وضوحاً، ولعلي فعلت!!