استرجاز الزوجات.. قنبلة موقوتة.. الانتفاضة هي الحل!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً أود أن أشكركم على هذه الخدمة التي تقدمونها، فهي جهود متميزة، فبارك الله فيكم. مشكلتي أنا أم وزوجة في الأربعين من عمري وزوجي في الخمسين، ومشكلتي بدأت منذ بداية زواجي، فزوجي لا يعاشرني جنسيًا بما يكفيني، فأحيانًا يتركني لمدة شهرين أو أكثر بدون جماع وليس هناك مانع أو عائق، فهو صحيح جسميًا ونفسيًا وحياتنا مستقرة ونحب بعضنا، وقد أبديت له رغبتي في الإكثار من عدد مرات الجماع بالتلميح والتصريح والإغراء ولكن لا حياة لمن تنادي.
وهو على حاله منذ زواجنا ويحرمني من هذا الحق وهو قادر عليه. بالله لو كانت مشكلة زوجة تمتنع عن زوجها في الفراش لكان الحل أن يتزوج ثانية، ولكن ما الحل بالنسبة لي؟ فأنا لا أفكر في الطلاق إطلاقًا، من بداية زواجي مارست العادة السرية لإشباع رغبتي، تجتاحني الرغبة وتتملكني الشهوة وهو لا يبالي فأضطر إلى ممارستها، ولكني بعدها أتألم لشعوري بالإثم وشعوري بالنقمة عليه فهو قادر على أن يكفيني من الوقوع في هذا، ولكن ليس له مزاج للمعاشرة، صدقوني... فمن خلال سنوات زواجي أعرف أنه لا يوجد ما يعيقه عن المعاشرة، سواء من جهتي أو من جهته.
ستتساءلون: ألا تستسلمين للأمر الواقع وتصبرين وتحتسبين؟ أقول: لا، فشهوتي ورغبتي تزداد يومًا بعد يوم، مع أني أدعو الله أن يطفئها، ولماذا أصبر وقد أمرنا بالزواج لإشباع هذه الشهوة؟!! وزوجي متدين وله مكانة محترمة يلجأ إليه الناس لحل مشاكلهم، ولا أستطيع عرض مشكلتي على أحد، لذلك
سؤالي هو:
هل سيعذبني الله عليها وأنا لم أدع أسلوبًا إلا اتخذته حتى أجعل زوجي يعاشرني ولو مرة كل عشرة أيام
أليس هذا أخف من الوقوع في الزنا والعياذ بالله؟؟؟
20/5/2022
رد المستشار
مشكلتك يا أختي ذكرتني بسؤال كنت قد سألته لأستاذي في الفقه في "معهد الدعاة" منذ 6 سنوات، قلت له: لماذا يجب على المرأة أن تستأذن زوجها لصيام النافلة ولا يجب عليه هو أن يستأذنها؟ رغم أن المنطق يفترض العكس، فالرجل ربما يكون متزوجًا بأكثر من واحدة، فإذا صامت إحداهن فالأخريات موجودات، أما المرأة فلها زوج واحد فقط ولا بديل له! ضحك أستاذي، ولمحت في عينيه اتهامًا لي "بقلة الحياء" .. ثم تلعثم قليلاً وقال: شهوة الرجل أربعة أضعاف شهوة المرأة!! ولكن ثبت لي -مع مرور الأيام- أن هذه العبارة التي قالها الأستاذ ليست صحيحة على إطلاقها.
ويبدو أن تراثنا الفقهي كله في هذه القضية يحتاج لإعادة نظر ليس لتجديده فقط، وإنما لإحياء مساحات تعمّد البعض إخفاءها من أجل تضخيم مساحات أخرى!! نجد الضوء مسلطًا بقوة على أن المرأة التي تمتنع من زوجها تبيت تلعنها الملائكة، وأن المرأة يجب أن تلبي رغبة زوجها ولو كانت على التنور، والإطناب في أهمية التزين و... و...
بينما نجد مساحات أخرى في الظل، مثل الأمثلة التي أشارت إليها د. سحر طلعت، ومثل الموقف الشهير لسيدنا عمر بن الخطاب عندما اشتكت له إحدى الزوجات من غياب زوجها للجهاد، حتى إنه رضوان الله عليه غير نظام الجيش بأكمله وجعل فترة تغيب الزوج لا تطول عن الفترة التي تطيقها الزوجة، وكذلك موقف سيدنا علي بن أبي طالب عندما اشتكت إليه المرأة من زوجها الصوام القوام الذي يتركها تتلظى وحدها في الفراش.
نجد إطنابًا وإسهابًا هنا، واختصارًا واختزالاً هناك، مما رسم صورة مشوهة في العقول، صورت المرأة على أنها هي الطرف السالب الذي يلبي فقط! ولن ينصلح الحال إلا إذا اعتدلت كفتا الميزان، وأخذت كل مساحة ما تستحقه من الفهم والوعي، دون الاهتمام بجانب على حساب الآخر ... وإن لم يحدث هذا فستظل حاجة المرأة "تسولاً وليس حقًا" يعاقب تاركه، وسيظل إعطاؤها هذا الحق "فضلاً وليس واجبًا" مفروضًا على الزوج.
وكما ذكرنا من قبل في مشكلة "شهوة المرأة أساطير وأكاذيب"، أن الصعوبة ليست في فهم هذا فقط، وإنما في وسيلة التطبيق أيضًا، فإن شهوة المرأة في غاية الدقة والرقة والتعقيد، وتلبية احتياجاتها تحتاج فهمًا وإحساسًا بأسرارها الوجدانية والجسدية، فليس ما يشبع المرأة هو ما يشبع الرجل، وليست الاحتياجات متطابقة كيفًا، وإن كانت متطابقة كمًا!
وأنتهي بالجملة التي قلتها لأستاذي: المنطق يقول أن يستأذن الرجل! وما زلت أؤمن بهذا، مع إدراكي للاختلاف فقط في "أسلوب" الاستئذان، فاستئذان المرأة قد يكون صريحًا واضحًا مباشرًا مهذبًا بما يناسب طبيعة علاقة الزوجة بزوجها، وهي التي لو جاز السجود لغير الله لسجدت لهذا الزوج .. أما استئذان الزوج فيكون غير مباشر، لطيفًا، مداعبًا!
أختي السائلة: أذكرك في نهاية رسالتي بنصيحة أجد أنه من الأمانة أن ألفت نظرك لها: تقولين "شهوتي تزداد يومًا بعد يوم" ... هذه العبارة توقفت عندها، وفي الحقيقة ليست "الشهوة" هي التي تزداد، ولكن "اهتمامك" بالشهوة -النابع من شعورك بالحرمان- هو الذي يزداد، وإذا استسلمت لهذا فستصبح هذه الشهوة محور تفكيرك واهتمامك، وعندئذ لن يكفيك زوجك مهما تحسن .. أنا ما زلت أشجعك -مثل د. سحر طلعت- على أن تطالبي بحقك، ولكني فقط أحذرك من الانزلاق في التمحور حول الجنس، فالدنيا واسعة، والحياة أرحب مما تتخيلين، فتجولي في سبلها ولا تحبسي نفسك في حجرة واحدة من حجراتها.