متاعب الزوجة الثانية
بصراحة أنا فتاة متزوجة من رجل وأنا الزوجة الثانية، على علاقة جميلة والحمد لله مع زوجته الأولى، لكن مشكلتي هي أنني أحس أن زوجي يهملني مرات وأحس بالوحدة ومرات بالغيرة لأنني أحس أنه يفضل زوجته وأولاده علي، مع العلم أنه تزوجني عن حب.
فطلبي منكم الآن نصيحة؛ كيف أتصرف في حياتي مع زوجي لأكسب قلبه واهتمامه؟ (مع العلم أنني لا أطلب أكثر من حقي الشرعي طرفه دون إهمال عائلته الأخرى)، فانصحوني من فضلكم كيف أتصرف لأعيش مع زوجي عيشة طيبة يرضاها الله وأكسب وده واهتمامه وحبه لأنني أحبه كثيرا؟
من فضلكم أجيبوني!!
جزاكم الله خيرا
21/5/2022
رد المستشار
الأخت الكريمة:
هل تعلمين أننا كنا ننتظر رسالتك منذ وقت طويل!! منذ دعونا كل الأطراف التي عاشت تجربة تعدد الزوجات أن تتحدث إلينا وأن تذكر لنا عوامل نجاح أو فشل التجربة التي عايشوها وذلك حتى تكون نبراسا هاديا لمن يريد أن يخوض غمار هذه التجربة من الأزواج أو البنات والنساء اللاتي يرغبن في الزواج من رجل متزوج، ولكن رسالتك جاءت مقتضبة جدا ولا تحمل الكثير من التفاصيل. وكل ما فهمناه منها أنك متزوجة من رجل متزوج وله أولاد.. يحبك وتحبينه.. ولكنك تشتكين من أنه يهتم بزوجته الأولى وأولاده منها أكثر من اهتمامه بك، وعلى قدر المتوافر من معلومات سنحاول جاهدين أن نساعدك... وإن كنا نود أن نسمع منك تفاصيل أكثر إن كان هذا في إمكانك.
وحتى تصلنا هذه التفاصيل إليك ردنا:
تقولين بأن زوجك يهملك وأنك تشعرين بالوحدة في غيابه وأنه لا يعطيك حقك الشرعي... فما هي علامات هذا الإهمال؟ ألا يبيت عندك كما يبيت في بيته الأول؟ ألا يعدل بينكما في قسمة الوقت؟!! ألا يعطيك من جهده مثلما يقدم لبيته الأول؟!! مع الأخذ في الاعتبار أن وقته وجهده سيقسما بين عمله وأولاده وزوجتيه ونفسه (راحته واهتماماته وهواياته) وأهله ... وبالتالي فلا نتصور أن يكون الوقت والجهد المتبقي لك كثيرا .. فهل يقدم لك هذا القليل أم أنه بالفعل يبخل عليك به؟ الأمر بالفعل يحتاج منك لمراجعة نفسك؛ لأنني بالطبع أعلم أنك كأي زوجة وخصوصا لو كانت في بداية حياتها ولم يرزقها الله بأطفال يشغلون حياتها.
أنت كأي زوجة في ظروفك تريد أن يكون زوجها خالصا لها من دون الناس، ومن في مثل ظروفك تغار من عمل زوجها وتتمنى أن يترك عمله لأجلها، ولكنك تزوجته وأنت تعلمين أن له زوجة غيرك وأبناء منها وأنه لن يكون خالصا لك أبدا، فراجعي نفسك، فإن كان بالفعل يقدم لك ما يمكنه أن يقدم وما يسمح به جهده ووقته فاحمدي الله على نعمته وارضي بما بين يديك ولا تفسدي حياتك بالظنون والشبهات، وإن تأكدت بما لا يدع مجالا لأي شك أنه معك مقصر ولا يقدم لك هذا القليل فتعالي نناقش سويا هذا الأمر.
ذكرت في رسالتك أن علاقتك بزوجته الأولى جيدة جدا، أي أنك تزورينها وتتعاملين معها، وهذا قد يفيدك كثيرا في محاولة التعرف على ما يميزها وما يجعله يفضلها عليك. حاولي أن تتعرفي على هذه الميزات من خلال حديثها ومن خلال طريقة تعاملها معه، ما هي الأطعمة التي تعدها له؟ وكيف تنظم بيتها؟ وكيف يقضون أوقاتهم سويا؟ واجتهدي في أن تكوني كما يحب، مع تجنب أن تكوني نسخة مكررة منها، ولكن احتفظي بشخصيتك وبتميزك مع اكتساب أفضل ما يحبه فيها، واجعلي بيتك جنة وارفة يحب أن يستظل بأشجارها ولا تجعليه مسرحا للنكد والصراعات واللوم والتقريع.
الحوار مع زوجك بالحسنى، مع تخير الأوقات الملائمة، أخبريه أنك بحاجه إليه، وحاولي أن تعرفي منه أسباب ابتعاده عنك لتتجنبيها.
كلنا نعلم مقدار حب الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم لأمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها ولكنه صلى الله عليه وسلم لم ينس يوما ما السيدة خديجة، وعندما قالت له السيدة عائشة: "وهل كانت إلا عجوزا أبدلك الله خيرا منها" قال لها: "لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، صدقت بي إذ كذبني الناس، وواستني بنفسها وبمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد"، فالسيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها استحقت مكانتها في قلب الرسول بما كان لها من سبق، ولم تستطع أي زوجة أخرى من زوجاته أن تحتل هذه المكانة.
وعادة ما يكون للزوجة الأولى الكثير من الأفضال على زوجها، فهي تصبر معه على صعوبات البداية، وتعيش معه على المر، والزوج الأصيل هو الذي لا ينكر جميل زوجته الأولى ويحفظ لها هذا الجميل مهما تزوج غيرها.
ومن الواضح أن زوجة زوجك قدمت الكثير وما زالت تقدم ويكفيها أنها تقبلت أن تشاركيها في زوجها بنفس راضية، وبالتالي فرصيدها عنده كبير ولن يمكنك ملاحقتها بأي حال من الأحوال مادامت أنها تعطي وتقدم، فحاولي أن توطني نفسك على أن ترضي بما بين يديك من نعمة الله، وهذبيها بحيث تكف عن الغيرة التي تفسد عليك سلامك الداخلي وقد تفسد عليك حياتك كلها.
لم يتضح في رسالتك المقتضبة أي شيء عنك، هل تعملين؟ وكيف تنفقين وقتك وجهدك وطاقتك؟ ومن الواضح أنه لا شاغل لك إلا زوجك، متى يأتي ومتى ينصرف؟ وماذا قال؟ وماذا فعل؟ وهذه الحياة الرتيبة المملة هي التي تسمح للغيرة أن تنهش قلبك، فهل خلت أرض بلدك ومجتمعك من الهموم التي تحتاج جهدك ووقتك وطاقتك؟!!
ألا تجدين من حولك أي مجال تخدمين فيه وطنك وأهل بلدك؟ مجال تجدين فيه نفسك وتصرفين فيه جهدك ووقتك وطاقتك بدلا من الجلوس ويدك على خدك في انتظار زوجك.
أختي الكريمة:
خلاصة ما أردت قوله لك أن الغيرة نار تأكل أول ما تأكل صاحبها، وهي تفسد عليك حياتك بالظنون والشكوك، وزوجك كما ذكرت يحبك ولكنه موزع بين احتياجات أسرتيه فكوني عونا له ولا تكوني عليه، واقتربي منه أكثر، ليتضاعف رصيدك في قلبه،
واستعيني بالله واسأليه أن يربط على قلبك. ونحن معك ... فتابعينا بالتطورات.