مشكلتي زوجي؟؟
يعتبرني قطعة يمتلكها ويريد وحده التحكم فيها والاستمتاع بها بغض النظر عن رغبتي الشخصية، يتحكم في كل تصرفاتي، علاقاتي مع أسرتي وإخوتي وأمي، مع العلم بأنه قطع جميع اتصالاتي مع صديقاتي منذ زمن، وقطع علاقتي بخالاتي وجدتي وحتى أقاربه هو شخصيا مثل أمه وإخوته، يعتبر أن من حقه التحكم في أموري الشخصية مثل نوع الأكل، وقت الأكل، المشروب المفضل، برامج التلفزيون، وقت النوم، وقت الاستيقاظ، وما إلى ذلك من أشياء دقيقة جداّ!!.
مما يسبب لي الانزعاج الشديد ويراني دوما مقصرة وفاشلة، ولا أصلح لأي شيء ولا أجيد حتى التفكير وحسن التصرف؟ أنا خريجة علوم إدارية قسم محاسبة، تخرجت وبقيت بالمنزل بعد تخرجي لمدة 4 سنوات لرغبة زوجي لأتفرغ له وللمنزل، وبعد 4 سنوات بدأ ينتقص مني بأنني لست موظفة مثل زوجات إخوته مع العلم بأنه ليس جميعهن موظفات وأن الخطأ في ذلك لاختياري تخصصًا غريبًا ليس له مجال في التوظيف.
بدأت رحلة البحث عن وظيفة وطبعا بشروط تعجيزية من زوجي ووفقت أخيرا في إيجاد وظيفة محترمة في الحرم الجامعي ولله الحمد وبراتب معقول جدا لكن الدوام طويل نسبيا فهو من الساعة 8-2 مما يعتبره زوجي إنقاصا في حق المنزل مع العلم بوجود خادمة وأذهب للدوام عن طريق سائق خاص بأختي يقوم بإيصالي وإيصال أبنائي للمدرسة ليتمكن زوجي من التمتع بنوم هادئ صباحا، ومع ذلك يشعرني دوما بالذنب لتأخري في العودة للمنزل مع العلم بأن الجزء الأكبر من الراتب يكون له.
لكني أصبحت أعيش جوًّا من الضغط النفسي مما يجعلني أفكر إما بالطلاق أو أن أستقيل من وظيفتي، لكن الاستقالة تعني أن أعود للسجن مرة أخرى فوظيفتي هي مجال الخروج الوحيد لي بعد حرماني من جميع وسائل الترفيه الممكنة أو الزيارات لغير والدي يوما واحدا في الأسبوع.
فماذا أفعل
وشكرا لكم
27/5/2022
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم، الأخت الفاضلة "ريتال" حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد،،،
أشكرك على تواصُلك معنا، وثقتك في موقعنا، وندعو اللهَ تعالى أن يُسَدِّدَنا في تقديم ما ينفعكِ
الأخت الكريمة: بعضُ الأزواج يُظهر قدْرًا مِن الحزْم والسيطرة على البيت وعلى زوجته، بسبب أنه تربَّى في بيئة رأى والده يتحكم بأمه، ويمنعها من الممارسات الطبيعية بحجة الخوف عليها، أو بسبب معتقدات اجتماعية خاطئة يجد لها عذرًا شرعيًّا، ويُقَوْلِبُ النصوص الدينية حسب ما يوافق هواه، وأحيانًا يفعل ذلك بسبب فرط حبه لها أوغيرته عليها ... وفي الحقيقة – يا عزيزتي – فإن طاعة الزوج واجبة على الزوجة ما لم يأمرْها بمعصية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلَّتِ المرأة خَمْسَها، وصامت شهرها، وحفظت فَرْجَها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)، والمعروف ألا يأمرها بمعصية، ولا ينهاها عن شيء مباح، ولا يسلُبها حقَّها الطبيعي في أن تحيا حياة كريمة هنيَّةً.
أختي، لا نعلم عن البيئة التي تربى فيها زوجكِ، وهل كانت هذه ممارسات والده مع أمه، أو بسبب أنه يخشى عليكِ الأغْرَاب، أو يخشى عليكِ النساء اللواتي يُفْسِدْنَ المرأة على زوجها، ولا يأمن عليكِ في وجودهن، كما أننا لا نعلم هل سبق أن سمِع شيئًا عن هؤلاء النسوة من كثرة القِيل والقال، والتدخل في شؤون الغير، أو أنهن كن سببا - قبل ذلك - لحدوث المشاكل بينكما ، فقرر أن يمنعك من التواصل معهن - درءا للمشاكل - حتى و إن كن هؤلاء النسوة هن أمه وأخته! ... ذكرتِ في رسالتك – يا عزيزتي – أن زوجك يعتبر أن من حقه التحكم في أمورك الشخصية الدقيقة مثل نوع الأكل، وقت الأكل، المشروب المفضل، برامج التلفزيون، وقت النوم، وقت الاستيقاظ مما يسبب لك الانزعاج الشديد، و أنه يراكِ دوما مقصرة وفاشلة، ولا تصلحين لأي شيء ولا تجيدين حتى التفكير وحسن التصرف، فهل هو فعلا يتحكم في هذه الأمور ويتسلط بدون مبرر؟ أم أنه يبدي رأيه ويسدي إليكِ النصح في هذه الأمور؟ ولم تستجيبِ لتوجيهاته، فترتب على ذلك حدوث أضرار جعلته يصفك بأنك مقصرة وفاشلة ولا تحسنين التصرف؟ وفسرتي الأمر من جانبك على أنه تحكم وتطاول عليك!!
أنا يا عزيزتي لا أبرر لزوجك التسلط أو أختلق له الأعذار، ولا أقول أنه محق فيما يطلقه عليكِ من صفات، ولكني لم أسمع وجهة نظره لأحكم بشفافية على الأمر وأعرف هل هو فعلا متسلط ومتحكم بطريقة مرضية غير مقبولة، أم أن الأمر مجرد اختلاف في وجهات النظر بينكما فيما يتعلق بالأمور الحياتية كنوع الأكل، المشروب المفضل، برامج التليفزيون، وفيما يتعلق بتنظيم الوقت مثل وقت النوم، وقت الاستيقاظ، ووقت الأكل ...إلخ.
أيضا – يا عزيزتي – ذكرتِ في رسالتك سلبيات زوجك ولم تذكرِ إيجابياته!!، ومن المهم جدا قبل اتخاذ أي قرار مصيري في حياتك - مثل الطلاق - أن تعقدي مقارناتٍ بين إيجابيات زوجك وسلبياته، ولا أنصحك بالتفكير في موضوع الطلاق؛ فلديكِ أطفال في سن المدرسة، وما زالوا في بداية الطريق، وهم في حاجة إلى أن يتربوا في وجودك وفي وجود والدهم ليخرجوا أسوياء للمجتمع، أيضا لا أنصحك بالاستقالة من وظيفتك لاسيما وقد عانيتي في الحصول عليها لندرة تخصصك في التوظيف، كما أنها – كما ذكرتِ - وظيفة محترمة، وفي مكان محترم، وساعات الدوام معقولة جدا، وهي وسيلتك للتواصل مع المجتمع الخارجي، وتكوين صداقات، واكتساب خبرات، وزيادة الثقة بالنفس حتى ولو لم يكن الراتب مغري بالدرجة الكافية، وطالما أنه توجد خادمة تقوم بأعمال المنزل، وتعوض غيابك، وأنتِ ملتزمة بالعودة إلى المنزل مباشرة بعد نهاية الدوام، ولا يؤثر خروجك للعمل على أدائك لواجباتك اتجاه أسرتك، إذن فلا مشكلة – بإذن الله – من استمرارك في العمل.
نحن لا نريد أن تخرجِ عن طاعة زوجكِ؛ فهو جنَّتُكِ ونارُكِ، وهذه حقيقة أختي الفاضلة، وهو يحبك ويهتم بك وبالأسرة وهذا جانبٌ إيجابيٌّ في الزوج، ولكنه – مع الأسف – يهتم بك بطريقة خاطئة، وهو بحاجةٍ إلى التوجيه بطريقةٍ صحيحةٍ، بحيث يقدِّم لك هذا الاهتمام والحب بطريقة مُهَذَّبة وسليمة لتتقبلي الأمر بصدر رحب ... وقد يستجيب زوجك للأمور التي يقتنع بها – رغم شخصيته العنيدة والمتحكِّمة – لذلك يمكنك العمل على تحسين أسلوبه في الاهتمام بك دون تضييق، خاصة بعد أن ذكرت لكِ بعضًا من أسباب تصرُّفه، وسوف أساعدكِ لتتدرجي معه في المحاولات؛ حتى يغير طريقته وأسلوبه، وإليكِ الاقتراحات الآتية:
الأسلوب الأول: هو أسلوب الحوار المباشر معه بطريقة هادئة حول حقك في اعطائك مساحة من الحرية الشخصية، فطاعة الزوج لا ينبغي أن تكون سيفًا مُسلطا على رقبة الزوجة بمناسبة وبدونها، وكما أن طاعة الزوجة لزوجها بالمعروف، فكذلك إدارة الرجل لبيته وقوامته على زوجته ينبغي أن تكون بالمعروف، فلا يمنعها من مباحٍ، ولا يُضيق عليها، طالما أنه لن يحصل ضرر عليه، ولا على أي فرد من أفراد الأسرة، أكدي له أنك ترفضين الاهتمام أو النصح عن طريق التضييق عليكِ، أو عن طريق الإهانة أو التطاول، وأن صمتك لا يعني ضعفا وإنما حكمه منك لتمضي الحياة ... وعليكِ أن تتخيري وقتًا مناسبًا للتحدث معه، ولا تيأسِ أو تستعجلِ النتائج، فلا بد من الصبر والاستمرار في المحاولة معه حتى يتغيَّر أسلوبه، ومع المحاولات الهادئة ستصلان لنتائج طيبة بإذن الله تعالى.
الأسلوب الثاني: أن تستعيني بشخصٍ حكيمٍ في العائلة يعزُّه زوجك ويحترمه ويثق فيه، ولا يتحسَّس منه في الكلام عن هذه المواضيع الأسرية، فإن توفَّر هذا الشخص الحكيمُ فسيساعدك كثيرا في الوصول إلى نتائج حسنة مع زوجك.
الأسلوب الثالث: أن توجِّهي زوجكِ للاستماع لبعض المرشدين الأُسَريين والمحاضرات التي تعالج ما يشبه حالتكِ، وتستعرض الحقوق الزوجية بشكل تفصيلي، ومسألة الذكاء العاطفي، وحاجة الزوجة لعطف زوجها وإكرامها، كلُّ هذه المعاني وأكثر يمكن أن يتلقَّاها بطريقةٍ غير مباشرة عن طريق هذه المحاضرات التطويرية، ويمكنكِ أن تُرسلي له على الواتساب بعض الرسائل في هذا الخصوص، وسوف يتأثر وتتغير قناعاته تدريجيًّا بإذن الله.
الأسلوب الرابع: لا تتحسسي من نصائحه أو توجيهاته أو تتذمري منها، ولا تترجمي الأمر على أنه تسلط أو تحكم، أشعريه بأنك تثقين بآرائه وتحترميه، استشيريه فيما يُقلِقكِ، ولا تعارضيه على طول الخط، حتى لا ينتقم لرجولته، ويصر على رأيه كنوع من إثبات الذات، ويزداد بذلك تسلطه وتحكمه.
وأخيرا: أنصحك بممارسة الرياضة لتخفيف توترك، ثقي بنفسك، اختاري متى ترفضين تصرفاته ومتى تقبليها
نسأل الله تعالى أن يَهْدِيَ زوجك، وأن يُصْلِحَ ما بينكما، وأن يحفِظ لكما بيتكما الدافئ، وأن يقرَّ عينكما بأطفالكما.
واللهُ الموفِّق ،،،