السلام عليكم.. ما هو الحب؟ أليس هو ذلك الشعور بالسعادة عندما نكون مع شخص ما؟ أليس هو ذلك الشعور الذي يدفعنا إلى أن نكون أفضل ما يمكننا لنفوز به؟ أليس هو ذلك الشعور بأن هذا الشخص هو ما يعطي حياتنا المعنى والدافع والأمل؟ أليس حبنا لشخص هو ما يجعلنا متلهفين للقائه ومتحرقين لسماع أخباره ونشعر كأننا حزنا الدنيا إذا ما حادثنا أو كلمنا أو حتى جلس معنا؟ أليس هو ما يجعلنا نغار عليه ونخاف عليه؟ إن لم يكن ذلك حبا فما هو؟
وماذا نفعل إن كان هذا الشعور هو الدافع الوحيد في حياتنا ولا دافع غيره بغض النظر عما نعرف أنه يجب أن يكون دافعنا؟ وماذا نفعل إذا تصارع العقل والقلب؟ ماذا إذا أخبرنا العقل أن هذا الشخص غير مناسب وأن نقاط الاختلاف كثيرة؟ بل ماذا نفعل إذا كان من نحبه هو النقيض عنا تماما؟ ماذا إذا لم أكن أعرف أصلا ماذا أريد في من أحب وما يجب أن تكون صفاته أصلا؟ بل ماذا إذا كانت هذه المشاعر تتوجه دائما إلى من يخبرنا عقلنا دائما بأنهم غير مناسبين لنا؟ وماذا بعد هذا الشعور؟ علميا سيستمر لـ3 سنوات في حده الأقصى فماذا بعده؟ وماذا نفعل إن كان من الأهمية بحياتنا - كما تخبرنا عقولنا وليس مشاعرنا فقط - بحيث لا نستطيع أن نفقده؟
أنا شاب عمري 25 عاما، أعيش في الأردن متخرج محاسبة بتقدير جيد منذ أكثر من عامين ولم أعمل بعد، (وهذه قصة طويلة ولكن السبب الرئيسي ابتعادي عن الحرام وضعف قدراتي في تخصصي الذي لم أحبه وأزمة نفسية متصلة منذ انتهاء الثانوية توجت بانهيار نفسي في نهاية الجامعة وعدم وجود واسطة أو معرفة تيسر لي التقدم لوظيفة في بلد تعتبر الواسطة بابا أساسيا فيه) ... عشت حياتي وليس لي هوايات ولا أصدقاء (تقريبا)، وكانت لدي دائما مشكلة في إقامة العلاقات الاجتماعية، أحس بتيه وحيرة، وأحيانا أمر بظروف نفسية صعبة، أنا شخص عاطفي وطيب إلى حد السذاجة أحيانا، لست غبيا حتى أنني كنت متفوقا في مدرستي في صغري وأنهيت تخصص المحاسبة بدراسة قليلة، حسن الشكل ولا أصف نفسي بشدة الوسامة، لدي اتجاه ديني منذ صغري ... ولدي ثقافة عامة جيدة وإن كانت بشكل رئيسي من متابعة البرامج التلفازية المهمة ومطالعة الصحف وإن كنت في الفترة الأخيرة قد ابتعدت عن هذا لشعوري بسرعة الملل والضجر، أنا لم أعرف الحب في أسرتي إلا حب أمي لي، فأبي تزوج أمي صغيرة (يكبرها بـ20 عاما وهي ابنة خاله) وهو مليء بالعقد النفسية نتيجة ظروفه، الأمر الذي انعكس جحيما على حياتها وحياتنا ... ولطالما لمته لأنه تزوج دون أن يحل مشاكله أولا.
الأمور الآن أفضل بحمد الله، ولكن يشغلني كثيرا أن أكرر أخطاء أبي إذا ما تزوجت يوما.... أنا لم أعرف السعادة في أسرتي، فلا والداي كانا سعيدين ولا إخوتي وحتى أنا، حتى الأوقات التي تتصف بالسعادة عادة لم تكن كذلك بالنسبة لنا، فرغم أنني كنت مدللا في طفولتي المبكرة فإنني في مرحلة المدرسة كنت دائما منبوذا وبلا أصدقاء وكنت دائما محل استهزاء ومضايقة، وأوقات تخرجي من الثانوية والجامعة كانت من أصعب الأوقات في حياتي ... أنا ببساطة لا أعرف كيف أكون سعيدا، حتى النشاطات التي يسعد بها الناس كالذهاب إلى المقاهي والسينما والرحلات والتسوق لا أكون فيها سعيدا، بل تعطيني شعورا بالنقص والحسرة ... طبعا بعد تأخري في إنهاء الثانوية العامة (حيث أصبت بحالة كنت أنام فيها لساعات طويلة جدا، كما اكتشفت أنه كان لدي وسواس قهري في النظافة والدراسة، فكنت كلما بدأت أدرس بدأت من البداية خوف أن أكون نسيت شيئا مما درسته من قبل) وتعالجت من حالة الاكتئاب التي أعقبت ذلك لدى طبيب نفساني لمدة حوالي 5 سنوات ... كان علاجه دواء مرتفع الثمن تسبب في أنني كنت أنام 16 ساعة في اليوم، وجلسات تحليل نفسي قال لي فيها إن التهاون في الصلاة وشرب الخمر أمر عادي وكل هذا بكلفة كبيرة أرهقت ميزانية أسرتي.
كانت هذه مقدمة عني، وعلى كل حال أكتب إليكم الآن بخصوص إحدى أسوأ مشكلاتي، الحب ... أنا أحب ابنة خالي، عمرها 21 عاما، تدرس الحقوق بالانتساب وتعيش في سوريا، منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهي بشهادة كل من رآها آية في الجمال، طيبة القلب جميلة النفس، تجيد الفرنسية والإنجليزية، وحبي هذا ليس أمرا جديدا، فأنا أحبها منذ 16 عاما على الأقل، وإن كان "البعيد عن العين بعيدا عن القلب"، إلا أن مشاعري تجاهها تثور كلما ذكرت أمامي، فما بالكم إذا ما رأيتها عند سفري لزيارة أهل أمي هناك ... طبعا أنا أعرف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه إن المرأة تنكح لجمالها ونسبها ومالها، وإن الظفر يكون بذات الدين... وهنا مشكلتي، أو جانب منها، إذ إن أمها من أصل درزي وإن كانت مسلمة فبالاسم، وأبوها مضيع لدينه رغم كل نعم الله عليه، وهكذا تربت ابنة خالي على حياة البعد التام عن الدين، بل وأسوأ ... تصوروا كيف يكون شعوري عندما أعرف أنها كانت تذهب لحفلات راقصة أو مسابح مختلطة وتظهر فيها شبه عارية ولا تصوم ولا تصلي وتشرب النبيذ.
كل هذا وهي حفيدة أفضل البشر، أبواها مطلقان منذ بضع سنين، وطلاقهما الذي جاء نتيجة زواج خالي بأخرى ترك أثرا عميقا عليها، كان تجاوزه عن طريق الرياضة والاقتراب من عائلة أبيها وخاصة خالة أمي و(هي دكتورة في الجامعة درست في الاتحاد السوفيتي، مثقفة جدا وشخصيتها قوية جدا، ولكنها تتبنى معتقدات غريبة، فهي تؤمن بالله ولكنها لا تصلي ولا تصوم ولا تنكر على من يفعل ذلك وتؤمن بتناسخ الأرواح ...إلخ) ... طبعا ما يثير الجنون هو موقف أبيها (وأنا أحبه ويصعب على من يتعرف عليه ألا يفعل، فقد آتاه الله كل نعمة من أحسنها، إن كان من ناحية الشكل أو القوة أو الذكاء الحاد أو الشخصية الاجتماعية ...إلخ) الذي رباها على ذلك كله وكأنما انعدمت في داخله أبسط معاني المروءة والغيرة، وربى أخاها على ذلك، بل إنه اتبع طريقة عجيبة في التربية، فمثلا أخذ كلا منهما في سن معينة وقدم له الخمر حتى لا تكون أمرا مغريا (من باب إن كل ممنوع مرغوب) ... هو لم يحرمهم من شيء، بل في الواقع أمن لهم حياة ممتازة من الناحية المادية وبأقصى درجاتها، فمثلا عندما علم خالي ابنته قيادة السيارة (وهو سائق محترف) علمها حتى المناورات الخطرة وأحضر لها عدة سيارات لتقودها من باب التجربة، طبعا هذه الطريقة سببت مشاكل عدة، منها عدم تقدير الأمور البسيطة وتوقع الترف دائما، فمثلا عندما ذهبت في العام الماضي للإسكندرية لتقديم امتحاناتها ونزلت في فندق بالإسكندرية اعتبرت الفندق "مزريا" والسبب كان لون الجدران!!
والمشكلة الأخرى أن أهل أمها، وهم دروز، يعيشون حياة جيدة، بل إنها تبدو مثالية، فهم سعداء ومتفقون ومستقرون ومثقفون، خاصة خالتها التي تعيش في لبنان، وهي فنانة تشكيلية، حتى أن أمها أخذتها إلى السويداء (محافظة سورية فيها غالبية درزية) وكانت سعيدة لدرجة أنها مددت زيارتها لعدة أيام ... طبعا عقلي لم يحتمل كل ذلك، ولذلك آثرت أن أتناساها، وإن ذكرني بها الأهل بغير قصد غالبا بأحاديثهم عنها، ولكنني ما انفككت أدعو لها ... لكن مصيبتي أنني منذ بضعة أسابيع نزلت لزيارة أهل أمي، وخاصة جدي الطاعن في السن والذي أحبه كثيرا، وهو متدين، والواقع أن تشدده في شبابه ترك أثره العكسي على خالي وباقي إخوته، وهناك جاءت لزيارتي على غير العادة، حيث إنها ربيت على أن لا تقيم أي حساب للواجبات الاجتماعية، والصراحة أنني لم أرغب في لقائها رغم شوقي لرؤيتها، ولكن لم أجد وسيلة أستطيع التهرب بها من ذلك، وهناك اكتشفت تغييرا كبيرا في شخصيتها، فهي لم تعد تلك الفتاة السطحية، والسبب أنها وبسبب ظروفها انكبت على هواية القراءة، وهذا بطبيعة الحال أمر كفيل بالنهوض بعقلها وتنويرها، ولكنه في نفس الوقت سلاح ذو حدين.
فمثلا وجدت أكثر قراءاتها في الأدب العالمي والروايات لمؤلفين وكتاب كبار مثل أنطون تشيخوف، ولكن أيضا وجدت كتبا كـ"أدب الحياة" لكمال جنبلاط و"أوشويو الشجاعة" من تقدمة مريم نور، وتساهم خالة أمي التي ذكرتها بتوجيهها نحو ما تقرؤه، حتى تفضيلاتها في الموسيقى تغيرت من الـ"راب" والـ"هيب هوب" إلى الموسيقى الكلاسيكية والجاز ... طبعا إضافة إلى ذلك خرجت معها وأخيها وابن خالتي هناك في زيارة لأماكن الشام القديمة عرضتها هي (وذلك كان وقتا سعيدا في حياتي)، كما قامت بزيارتي في بيت جدي عدة مرات وهو أمر لم أعهده فيها من قبل، وعندما أردت السفر قبل العيد فجأة اكتشفت أنها كانت أعدت هي وأبوها استضافتي في منزلهم للنوم عندهم، وأبدت انزعاجا شديدا إلى حد أنها قالت إنه لا بأس من تمزيق التذكرة إن كان لا يمكن تأجيلها ... وعندما أرسلت للجميع هناك رسائل هاتفية أعايدهم فيها، كانت الوحيدة التي ردت وتمنت أن لو كنت بينهم هناك، وقالت لي أن أنتبه لنفسي، إضافة إلى ذلك فقد بدأت صيام رمضان في العامين الأخيرين ... أمام هذا التغير الكبير استيقظ في نفسي الأمل ... هل من الممكن أن تهتدي، خاصة ببعض المساعدة مني؟ الواقع أنني بحاجة لدافع يحفزني لأشق طريقي في الحياة، وبحاجة إلى أن أكون مرغوبا فيّ ومحبوبا ... إضافة لما أخبرني به طبيبي النفساني من أنني أحب التميز وأن أحظى بفتاة مميزة مثلها جزء من ذلك على ما أعتقد، وبالتأكيد أنا أحتاج علاقة السكن والود والرحمة وأن أجد من أوجه عاطفتي اتجاهها.
لكن أيضا هذا الاهتمام منها "كما أراه" هو على الأغلب أمر عادي بالنسبة لها، ولا يحمل أي معنى مهم في داخلها، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نمط تربيتها "المتحرر" - مع اعتراضي على هذه التسمية طبعا - قد تقولون إن هذا بسبب قلة خبرتي في التعامل مع الجنس الآخر وهذا صحيح إلى حد ما، فمع أنني مررت ببعض الصفوف المختلطة ودرست في الجامعة، فإنني تجنبت التعامل مع البنات بشكل مستمر، فأنا غير ناجح في تكوين صداقات مع الشباب، فكيف بالإناث واللاتي إن تعاملت مع إحداهن كان ذلك بحرص شديد وخوف أشد وضمير يقظ إلى حد الألم ... وما أعجبت يوما بفتاة إلا وضعت أمام عيني أنني غير قادر على الزواج في حينها، وبالتالي أتجنبها متحملا - أو غير متحمل - رؤيتها أمامي يوميا دون أن أنبس ببنت شفة، طبعا تعرضت لمواقف كنت فيها محط إعجاب من بنات حاولن التقرب مني، ولكنني لم أتأثر بهن ولم أسايرهن ... وهذا أمر يؤرقني، هل أدفع الآن ثمن التزامي في هذا الجانب أم أن الله سيعوضني عن ألمي وصبري؟ الأهم من ذلك، وهو ما يؤرقني أكثر، أنه حتى إذا ما سار كل شيء على ما يرام فهل سأتمكن من إسعادها؟ وهل سأكون سعيدا معها؟؟ هل سأتمكن من تجاوز أخطاء والدي؟ كيف سأسعدها دون أن أكون أنا نفسي سعيدا؟ كيف ستكون حياتنا اليومية؟ هل ستكرهني أو تفقد اهتمامها بي أو تمل مني بعد فترة؟ هل يكفي أن تكون سعادتي في أن أتمكن من إسعادها وأن أراها سعيدة؟ أم أن هذه حالة مرضية لدي ستؤدي إلى كوارث بيننا؟
طبعا ما منعني أن أفاتحها برغبتي في خطبتها أنني لم أجد عملا بعد، فتوفير البيت ونفقات الزواج ليست مشكلة كبيرة إذ يمكنني ترتيبه مع والدي، لكن المشكلة هي إيجاد عمل ومتابعة الدراسة ... أنا لم أذكر أنني سافرت إلى ماليزيا للبحث عن تخصص التمويل الإسلامي، حيث كانت النية أن أعمل أو آخذ دورات لغة وأكتسب خبرة حياتية وأتمكن من اختيار الجامعة الأفضل بشكل أدق من المراسلة، لكنني وجدت العمل ممنوعا والمراكز التي قدمت لها قالوا إن لغتي جيدة جدا بحيث لن أحتاج أكثر من مستوى واحد، وكان موعد التسجيل لذلك الفصل قد فات، إلا أنني اكتسبت خبرة حياتية مذهلة، فقد تمكنت من تكوين صداقات وتدبير أموري بنفسي بشكل لم أكن أتخيل قدرتي عليه ... على أي حال عدت وسجلت في دورة لشهادة مهنية بحيث أزيد فرصي في الحصول على عمل وبراتب جيد، إلا أنني لم أدرس للدورة بجد بسبب غياب الحافز وعدم قدرتي على التركيز وسرعة الملل، طبعا أنا أريد أن تكون فترة الخطبة فرصة في التعرف عليها بشكل أفضل لتقييم إمكانية تحسنها في الجانب الديني، أو على الأقل تقبلها لأمور مثل احتشام اللباس وعدم الاختلاط ... أنا متيقن من أنها ليست على علاقة الصداقة بمعنى الـ"Boyfriend" وأنها ليست في وارد الزنا أو حتى مقدماته ... وأنا مستعد لعملية تغيير بطيء وتدريجي وبالإقناع والحوار والنقاش والتفهم، لكن المشكلة أنها ترفض فكرة الزواج التقليدي، بمعنى أن يتقدم لها شخص لا تعرفه بحيث تكون موضع اختيار أو رفض منه ولا أعرف تحديدا الطريقة التي تنوي الزواج بها.
ولكنني أعود وأفكر في أنها لا يمكن أن تقبل بي وأني أحمق واهم أعيش سرابا، وكلما جاءتني هذه الفكرة أصبت بحالة شديدة من الاكتئاب والحزن والإحباط، ثم أقول لنفسي هناك كفار اهتدوا في لحظة، والله لا يضيع عباده، والقلوب بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، وهو القائل: "أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما يشاء؟، فيملؤني الأمل ... وهذا التدافع في الأفكار والمشاعر يكاد يصيبني بالجنون، حقا وليس مجازا، طبعا تعجيلي في العودة قبل العيد كان بهدف تجنبي الإصابة بهذه الحالة التي واجهتها في نهاية الجامعة واستغرقتني 9 أشهر للتعافي منها إلى حد جيد ... لكن يبدو أن "علاج البتر" كان متأخرا، في الواقع أنا لم أكن أساسا أرغب في رؤيتها رغم شوقي لذلك، لعلمي بمؤدى ذلك ومنتهاه ... بصراحة أنا أعيش الآن على أمل، وهذا وضع خطر، هل أسمح لنفسي بالانزلاق إلى اليأس أم أخاطر بأمل مربحه كبير؟ وكذلك خسارته!
طبعا صديقي الوحيد (وهو بمثابة أخ، إذ إنه لطالما وقف بجانبي رغم شدة تقصيري في حقه، وهو ناشط في مجال الدعوة منذ عرفته)، نصحني بألا أفتح الموضوع وأن أبذل جهدا في تحسين نفسي أولا وأن أنجح في حياتي، واقترح علي أن أبدأ مشروعا تجاريا؛ لأنه إذا نجحت في حياتي فستتغير نظرة الجميع لي وستكون قدرتي على التأثير وفرصي في الزواج منها أفضل، وذلك مع أن تبذل هي جهدا فيما يتعلق بدينها عبر القراءة بشكل يحدث تقاربا ما بين نقيضين، وأن الموضوع في النهاية "قسمة ونصيب" ... يجدر الذكر أنني كنت قبل عام ونصف العام قد حاولت – بغباء - أن أرسل لها بعض المقالات من موقعكم - المحظور في سوريا - دون أن أظهر هويتي ومن بريد إلكتروني ذكرت فيه اسمها وفي الزيارة الأخيرة جاءت على ذكر الموضوع عرضا مبدية أن ذلك أخافها، وأنها ليست بحاجة لمن يساعدها، ولكنني تجاهلت الأمر لكي لا أكشف نفسي.
أنا حقا أحتاج إلى مساعدتكم .. أنا أقضي الليل أحيانا أحدث نفسي وأحيانا أخرى أتخيل نفسي أناقشها في مواضيع معينة، وكثيرا ما أصل إلى مرحلة من الضيق بحيث أذهب إلى غرفة ما وأصرخ في وسادة لأفرغ ما بداخلي ... الواقع أنني لم أعرف لأي قسم استشارات أرسل، فهناك جوانب تحتاج لاستشارات نفسية وشبابية ودعوية، وأتمنى أن تحولوا رسالتي أو أي جزء منها لأي قسم تجدونه مناسبا وقادرا على مساعدتي ... على أي حال مهما كان الأمر بالنسبة لزواجي منها، فإني أحس بالمسئولية تجاهها لخوفي عليها من النار، وكنت أفكر في أن أزكي لها بعض الكتب أو الكتاب أو حتى أن أهديها كتبا لمن يمتازون بأسلوبهم الأدبي المشوق ممن هم أصحاب توجه ديني، وإن كان غير مباشر وظاهر صراحة .. إضافة إلى كتب تتناول مواضيع حضارية وتربوية من وجهة نظر إسلامية.
كنت زكيت لها المرحوم عبد الوهاب المسيري، ولكنني "لست بقارئ"، لذا أحتاج مساعدتكم في هذا الأمر أيضا بأي حال، وذلك في إعطائي أسماء كتاب وكتب في هذا المضمار ... كما أنني أحتاج إلى حل فيما يتعلق بعدم قدرتي على الدراسة وسرعة الملل والضجر وعدم التركيز ... وأحتاج إلى نصائح في شأن كيفية بناء العلاقات مع الناس وتطويرها، وكيفية التعامل السليم مع الجنس الآخر، وكيفية اكتساب الثقة الحقيقية بالنفس.
أعتذر عن الإطالة وعدم ترتيب الأفكار، ففي الواقع كنت أريد أن أراسلكم منذ فترة طويلة ولم أكن أبدا قادرا على ترتيب أفكاري بأفضل من هذا،
علما بأنني أعدت صياغة هذه الرسالة عدة مرات،
وقد أبعث إليكم بشأن مشاكل أخرى أعاني منها، وجزاكم الله كل خير.
06/06/2022
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعانك الله وشفاك بني مما تجد وتعاني. لن أطيل كما فعلت رغم قراءتي الحريصة لكل ما كتبت. في الإجابة على ما هو الحب؟ أخبرك أنه سلعة نادرة يفوز بها قلة ويسعى وراءها الجميع فيهذرون ويفكرون ويكتبون ويزيدون البحث عنه صعوبة، وقد خبرت بنفسك الحيرة بين ما يكتب. وإذا انتهينا من تعريف الحب يبقى علينا تعريف السعادة، فما هي السعادة وأيهما أهم.
أوجز لك فأقول لا تتشغل في تحصيل التعريفات فتنشغل عن الحياة نفسها وعما تبحث. حثنا عليه الصلاة والسلام على البعد عن السفسطة والجدل وهو تضييع الوقت في الحديث ووعد من يتجنبه قادرا عليه ببيت في الجنة، فهل تريد التعريفات أم بيتا في الجنة.
أذكرك أيضا بتلخيص عليه أفضل الصلاة والسلام للسعادة بقوله للحياة بحديثه "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا".
ابحث عن عمل لا عن مبررات عن قعودك بالواسطة وغيرها، اكسب رزقك بنفسك وعندما تصبح قادرا على حمل أعباء أسرة ستكون أكثر ثقة بنفسك وحكمة لتقرر إن كنت تجد الفتاة مناسبة لك أم لا. انشغالك بعمل فعلي سيريح عقلك من التفكير غير المجدي. يمكنك دائما طلب مساعدة طبيب يناسب قدرتك المادية وميولك الدينية. ابدأ بالاهتمام الحقيقي بنفسك كي تكون قادرا على رعاية غيرك.