صراع الأفكار السلبية
بَدَأتْ مشكلتي وأنا في المرحلة الثانوية، كنت أشعر باختناق في حلقي، وكنت أشعر كل ليلة بأني سوف أموت، وبعد فترة زال هذا الشعور الذي استمر 5 أشهر تقريبا، والحمد لله، ولكن بعد أن وضعت طفلتي الأولى منذ سبعة أشهر أصابني اكتئاب ما بعد الولادة وفقدت شهيتي تماما
ولكني دائما أحاول أن أقاوّم نفسي وأخرج نفسي مما أنا فيه إما بالتسبيح أو بأن ألهي نفسي بالخروج مع زوجي، وأحيانا أخرى أشعر أني أريد أن أتقوقع على نفسي وأنساق فيما أنا فيه، وبعد فترة بدأت وسوسة عن النظافة تأتيني، وحاولت أن أتجاهل كل هذا وأشعر نفسي أني عادية، ولكن وسواس النظافة هذا زاد لدرجة أني شعرت أنه سوف يبعدني عن الناس تدريجيا بدءا من أقاربي، وأخشى أن يمتد إلى أن يبعدني عن أحب الناس إلى قلبي مثل إخوتي وأهلي.
وأيضا تأتيني أفكار كثيرة عن المرض والموت، وأخشى أي مأكولات في المطاعم الجاهزة، وحتى المعجنات التي تأتي من الأفران كالخبز الأفرنجي، وأظل أسترسل في التفكير كيف صنعت إلى أن أصل إلى شيء يخيفني ويمنعني عنها، وأحاول منع من أخشى عليهم أيضا، وإن لم يستجيبوا أصبح عصبية جدا وأشعر بتأنيب الضمير الشديد؛ لأني لم آكل مثلهم، أو لأني لم أمنعهم بما فيه الكفاية.
أشعر بالخوف من أشياء كثيرة وأشعر أنها مليئة بالميكروبات والأمراض كالفلوس والمواصلات وأشياء أخرى، حتى أنني أصبحت أخاف من الناس وأشعر أنهم محملون أيضا بالميكروبات أو أي شيء مؤذٍ، وأخاف على أمي وإخوتي إذا قاموا بزيارة مريض حتى إذا كان المرض غير معدٍ، مع أني أعلم أن زيارة المريض واجبة؛ وأحيانا تسيطر علي فكرة أني أنا نفسي مريضة، ولكني أيضا أحاول مرارًا وتكرارًا طرد هذه الأفكار وكلما أقنعت نفسي "أن معنديش حاجة معينة تيجي في مخي حاجة تانية"، وهكذا.
أشعر أني في صراع مستمر مع الأفكار المختلفة التي تنغص عليّ حياتي، ودائما تتزايد هذه الأفكار وتتزاحم بالليل حتى أنني أصبحت أكره النوم؛ لأني أيضا أشعر أنني سوف أموت أو أفكر إذا حدث هذا الشيء (الموت) لأحد من أهلي ويعتصر قلبي من الألم لمثل هذه الأفكار، هذا وكلما أتى الليل حاولت أن أتهرب من النوم ... أعتذر للإطالة، ولكني كنت أحاول الفضفضة؛ لأني لا أريد أن أتكلم في هذه الأشياء مع أي شخص إما خوفا عليه من أن أصيبه هو الآخر بما يصيبني من أفكار أو أني أخاف أن أتحدث في هذا الموضوع أصلا.
وأرجو منكم الإفادة.
جزاكم الله خيرا.
20/06/2022
رد المستشار
صديقتي
لقد خلقنا الله وزودنا بجهاز مناعة يطور من نفسه بنفسه.... هذا يعني أن التعرض للميكروبات هو جزء لا يتجزأ من تقوية جهاز المناعة إلى جانب الرياضة والنظافة والتغذية السليمة.. من الناحية المنطقية ليس هناك مهرب من التعرض للميكروبات والمرض والموت وبالتالي فالانشغال بمحاولة منع هذا بالكامل وإلى الأبد هو بلا فائدة على الإطلاق وسوف يؤدي إلى عدم الاستمتاع بالحياة وعدم المقدرة على التقدم فيها وعدم الإحساس بأننا على قيد الحياة أصلا.. وهذا تحديدا يزيد من خوفنا من الموت... ولكن لولا الموت لما كان هناك معنى للحياة ولأي شيء فيها.. لولا الليل لما فهمنا النهار ولولا المرض لما فهمنا الصحة ولولا الغباء لما فهمنا الذكاء.. الكون قائم على المتضادات وليس هناك مهرب من هذا.
من ناحية أخرى، الوساوس هي ستارة دخان تحجبين بها فكرة ما عن وعيك.. وسواس النظافة الذي لا ينتهي يعني أن هناك فكرة دفينة غير نظيفة.
الخوف من الموت معناه أن لا تمارسين الحياة.. الاكتئاب (إذا لم يكن بسبب خلل كيمائي في المخ) يعني غضب لا تعطين نفس الحق فيه (مثل غضب نحو الأب والأم والله)، وطاقة إبداعية تهملينها ولا تستخدمينها وتمارسينها (فتبدعين في التفكير فيما يخيفك ويكئبك)، وإنكار لشواهد حقيقية منطقية بفشل شيء ما وعلاقة ما في حياتك.
أنصحك بمراجعة طبيب نفساني لمناقشة هذه الأمور وربما لوصف العقاقير إذا لزم الأمر .. ولكن العقاقير يجب أن يصاحبها تغيير في التفكير وأسلوب الحياة.. أنت من تفكرين وتركزين على مواضيع معينة ومن زوايا معينة.. ما تفعلينه بالفكرة بعد أن تأتي هو تحت سيطرتك بالكامل.. يمكنك الاستمرار في الفكرة وتضخيمها وتصغيرها وإهمالها وتبديلها بفكرة أخرى وتغيير معناها.. لديك دائما اختيارات متعددة.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب