أعطر وأطيب تحية لهذه الصفوة الصالحة والطيبة.
أنا شاب في العشرين، في كلية الصيدلة، متميز ومتفوق وناجح ولي مكانة كبيرة في كليتي وبين أساتذتي لدرجة أني أعد معهم وأقدم بعض المحاضرات والندوات بمعنى أني محاضر معهم في بعض الندوات العلمية.
لكن مشكلتي أننا تربينا في الخليج؛ وهي بيئة منغلقة جدا جدا جدا لا أعرف من العالم غير أهلي ويقومون بكل احتياجاتي.. انتقلنا بعد الثانوية إلى بلدنا المنشأ، تركني أهلي هنا لوحدي طيلة أربع سنوات مرت علي ظروف صعبة للوحدة. وبسبب قلة خبرتي مررت بتجارب ومشاكل قاسية لقلة الخبرة كادت تصل بي لحد الخوف من الرسوب إلا أن الله كان يسترها معي وأتدارك نفسي وأحصل على درجات عالية.
في السنة الثالثة أصابتني حالة فراغ عاطفي رهيبة وأحسست أني مريض وانتابني صداع شديد من شدة التفكير كنت أشعر بشيء قوي لدي يدفعني لأبحث عن الحب، ليس المهم من، لكن المهم أن أحب وأجد من يسمعني ويشاركني وحدتي ويرفع عني همومي بالإضافة للضغوط الرهيبة التي تحاصر الشاب الملتزم هنا في بلدنا خاصة في الحياة الجامعية والجرأة المعهودة من هذا الجيل وغير المسبوقة في العلاقات بين الشباب والبنات.. كنت خجولا جدا من البنات واستمر معي الصداع الشديد والاكتئاب واضطرابات النوم لدرجة أنه جاءني نوبات من البكاء الشديد غير المفسر.. هل هذا لأني تركت أهلي وكنت معتمدا عليهم في كل شيء؟
قابلت فتاة تصغرني وتعرفت عليها، جريئة جدا جدا جدا، من اللحظة الأولى وهي تبدي إعجابها بي، جريئة قد تعرض علي أن نجلس في مكان ما أو في كلية أخرى أو أن نتقابل للحديث بمنتهى الجرأة.. كلما اتصلت بها تبادرني بالسؤال أين سنلتقي؟ كنت سعيدا بصحبتها وحديثها شاركتني كل همومي وأفكاري وشعرت بارتياح لها. لكن هذه الجرأة القوية والغريبة على شاب ملتزم مثلي قادم من الخليج كانت غريبة.. استمرت العلاقة وكانت تلمح لي بأن نبدأ قصة حب لكني كنت ألتزم الصمت وأغير الموضوع حتى فاجأتني مرة بسؤالي هل تحبني؟؟ وكان ردي نعم أحبك!!
هكذا خرج مني الرد وأنا في حالة من الدهشة والاستمتاع بصحبتها وكلامها ولأنها أخرجتني من حالة الوحدة والكآبة لكني تداركت نفسي وصارحتها أني لست كبقية الشباب إن وجد فتاة تحبه استغلها وأخذ منها ما يريد .. وقلت لها بأني من شدة ارتياحي لها وإعجابي بها وتقديري لها أخاف عليها وأن هذا الكلام ليس وقته وأنه يجب علينا التمهل.. ففوجئت بها تقول لي إن كلامي هذا زاد من تعلقها بي وأنها أحبتني أكثر.
دخلت في دوامة فأنا مستمتع بها وبكلامها ومرتاح معها لكن لماذا الحب؟ أنا غير مستعد لارتباط ولا لزواج وقررت أن نبقى أصدقاء. وكلما فتحت موضوع الحب تكون إجابتي الصمت أو تغيير الموضوع.. في هذه اللحظات كانت تغريني وتحاول جذبي لها كانت ترتدي أحلى وأجمل الملابس شكلا وإثارة عندما نتقابل في كليتنا. وأنا كنت لا أقدر أن أخسرها أو أن أنهي علاقتي بها.. كنت مستمتعا وفرحا لأنها أخرجتني من حالة الاكتئاب والوحدة والتفكير في عالم البنات خاصة لشاب مثلي بعيد عن أهله وفي مجتمع مختلف عما تربى عليه من أساليب وأفكار. ومع الوقت ازدادت علاقتي بها وتعلقي بها.
هي فتاة متحررة تفعل ما تشاء وتعبر عن مشاعرها دون تحفظ. هي منطلقة وحرة وأنا واقع في دوامة من التفكير هل أحبها هل أعيش معها قصة؟ لكن حرام أنا غير مستعد للزواج منها أو قد أقابل من هي أفضل منها؟ خاصة أن هناك فرصة وهي وجود أستاذ يحبني وعلى علاقة طيبة به وبأهله وبابنته التي تصغرني بسنتين وهم عائلة كبيرة ويكفي أنه أستاذي في الجامعة.
قررت مقاطعتها حتى أنتبه لنفسي وكان رد فعلها عاديا وطبيعيا أي أنها لم تتصل بي كما هو المعتاد.. بدأ الحنين لبعضنا مرة أخرى ثم تركتها فترة 5 أشهر كاملة وتقابلنا في السنة الجديدة وأول سؤال وجهته لي؟ هل مازلت تحبني أم تغيرت؟ رددت عليها دعيني أفكر؟ وقاطعتها مدة شهرين كنا فقط نتبادل السلام أو التحية حتى طلبت مني أن أشرح لها موضوعا ويومها بدأت تغريني بكل ما لديها من جمال وملابس وبدأت عاطفة الحب تطغى علي مرة أخرى.. الآن نحن نتكلم يوميا في الهاتف وأعيش قصة حب معها في لحظتها لكن بعد انتهاء المكالمة ينتابني الشعور القوي مرة أخرى بتأنيب الضمير وأني مجرم وأني أتلاعب بها وأني غير مستعد!!.
وما أحزنني منها أنها بدأت تسلك معي طريقا خاصا في الحوار وطريقة أكثر تحررا وكأنه كلام زوجين يمارسان حياتهما الزوجية وبدأت أبادلها نفس الطريقة في التعبير عن مشاعر الحب وأتجاوب مع كلامها المتحرر والمثير لرغبتي كرجل في الهاتف دون حرج أو تكلف بيننا.
أنا في دوامة من الأفكار وعدم الاستقرار: هل أكمل قصة الحب معها إلى أن تنتهي من نفسها لسبب خارجي أم أتوقف؟ لكن إن توقفت فأنا لا أريد خسارتها.. هي إنسانة رائعة ولها مكانة في تفكيري وعقلي وإنسانة معروفة في كليتنا بالاحترام والأخلاق، لكن أنا لست مستعدا للزواج أو الارتباط وربما أجد الأفضل منها.. في نفس الوقت أنا منجذب لها لا أدري هذا الانجذاب هل هو لأني فعلا أحبها أم لأنها تقوم بجذبي لها بطريقة كلامها ولبسها وتحررها حتى إنه قد تحصل بعض الأمور المثيرة عند لقائي بها، وتفسيرها لذلك أننا نحب بعضنا ومستقبلنا مع بعضنا. حتى الآن لم تسألني عن موعد ارتباطي بها لكنها تلمح وأنا لا أرد، أسكت أو أغير الموضوع.
أفيدوني جزاكم الله خيرا
وشكرااا لكم
4/6/2022
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله
استوقفني من بين كلماتك تساؤلك لماذا الحب ولماذا تفكر زميلتك في الزواج وسأجيبك ولكن بعد أن تجيب نفسك لماذا تأنس أنت بها وتستمتع وهي تكلمك وبالجلوس والحديث معها.
أما جوابي على سؤالك: قد يكون الحب أولا لأن لكل شيء في الحياة مقابلا وكل عطاء يجب أن يقابله عطاء يوازيه ولن نقول يماثله وأن هذا ناموس الحياة, فهي تعطيك الأنس وتبعد عنك الوحشة وتتوقع منك بالتالي أن تساعدها على الاستقرار من خلال سبل سليمة اجتماعيا وشرعيا، بدل أن يخوض الناس في أعراضكم وتكونا موضوعا للحديث, فهي تريد مقابلا لما تقدمه لك وهي في هذا طبيعية.. أنت يكفيك الحديث وهي يكفيها الحب والزواج.
وفكر بموضوعية: ما الذي تحصل عليه في الحياة دون مقابل حتى إن ربنا -وله المثل الأعلى- طلب منا الالتزام بعدد من العبادات والشعائر وهو الغني عنا وعنها كي يدخلنا الجنة، ولكن التبادل هو كما أسلفت ناموس الحياة. لن ننكر أن هناك فئة من البشر تحرص وتسعى لتأخذ دون أن تبادل العطاء ولكنها فئة توصف بالأنانية والانتهازية وتقابل بالرفض لأنها تخالف النواميس.
وقد يكون الحب أيضا لأن هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها من انجذاب الذكور والإناث بغض النظر عن إرادتهم أو مستواهم الديني والعلمي والثقافي فهذا جزء أساسي وضعه الخالق سبحانه وهو انجذاب الأضداد إن شئت، وكطالب صيدلة تعرف أن المكونات الموضوعة معا لا بد لها من تفاعل ضمن شروط، وتجنب هذا التفاعل لا يكون إلا بإضافة بعض العناصر المحايدة أو فصل المكونات المتفاعلة، وهكذا وضع المشرع أيضا قوانين تضبط التفاعل بين الذكور والإناث بتحريم الخلوة والاختلاط خارج حدود الأطر الشرعية المعروفة مثل ضرورة العمل.
بعد أن أجبتك على: لماذا الحب أجيبك بأنك لا تبادل زميلتك المشاعر ولا تهتم لأمرها إلا بمقدار استفادتك منها وأنسك بها وهذه حياتك تختار لها ما يناسبك سواء من اختيار ابنة أستاذك وقد تصادف من هي أقدر على تقديم المزيد لك في الحياة، ولكن ضع في اعتبارك وجوب مبادلة العطاء وإلا فلن تجد من يعطيك أو يقبل الدخول معك في شراكة من أي نوع.
رغم ما تسوقه من حجج ومبررات لنفسك كي تبيح وتحلل تجاوزك لحدود الله واستغلالك لمشاعر ووقت زميلتك فإنها لا تعفيك من المسئولية فأنت شريكها في هذه العلاقة وما لأحد عليك سلطة سوى رغباتك ونفسك.
لا تلم صديقتك وتغير الزمان؛ لأنك لا تستطيع الحصول على بلح الشام وعنب اليمن من رفقة صديقتك ودعم أستاذك.
قرر: تريد العنب أم البلح؟ كلاهما مفيد لك في الحياة، ولكن للأسف لا يمكن الجمع بينهما ويجب عليك أن ترتب أولوياتك في الحياة ثم تختار الأكثر أهمية على أن تكون واضحا مع نفسك أولا ومع من تتعامل معه ثانيا.
أرجو أن نكون أفدناك، وجزانا الله وإياك بخير أعمالنا.