السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حضرة الدكتور المحترم وائل جزاك الله كل خير عن المجهود الذي تبذله.. أشكرك شكرا جزيلا لإجابتك عن رسالتي، ولكني للأسف لم أستطع أن أوصل لك سؤالي حيث حدث سوء فهم نتيجة عدم عرضي المشكلة بصورة واضحة واسمح لي أن أوضحها الآن بسرعة..
طبعا أنا أعرف أن زوجي كان متزوجا من تلك المرأة المسيحية وأن هذه ابنته منها ولكن الذي لم أكن أعرفه واكتشفته مؤخرا، وهذه المعلومات هي التي لا يعرف زوجي أني على علم بها، إنه كان على علاقة محرمة معها لمدة سنة وتزوجها فقط عندما علم بأنها حامل، وهذه المرأة، كانت تعاقر الخمر وتشرب السجائر بكثرة مما أدى إلى وفاتها.
هذه المعلومات جعلتني في رعب كبير لأني أخاف على هذه الطفلة اليتيمة التي أقوم بتربيتها وأعتبرها الآن ابنتي، وأدعو الله ليل نهار أن يجعلها قرة عين لي ولوالدها في الدارين. والسؤال الذي لم أستطع أن أوصله لك في الرسالة السابقة هو:
هل التربية ستجعل من هذه الطفلة شخصا صالحا أو أن الوراثة وأخلاق والدتها هو ما سيؤثر عليها في المستقبل؟
مع أني الآن ولله الحمد والشكر قد علمتها الصلاة وهي تؤديها معي في كل وقت وهي تتكلم معي وتقول لي مشاكلها في المدرسة، ولكن مشكلة اللعب الجنسي مع الأطفال الذين يأتون إليها لا تزال قائمة مع أني أبذل كل جهدي لكي لا أتركهم وحدهم وألعب معهم وقد آخذهم ونذهب إلى مكان قريب، ولكن مراقبتهم كل الوقت أمر مستحيل. مع أن الطفلة أخبرتني أن الأطفال يلعبون لعبات لا أخلاقية وأنها تكرههم من أجل ذلك وكان هذا الكلام قبل أن اكتشف أنها هي من تطلب من الأطفال أن يلعبوا معها تلك الألعاب.
أنا ولله الحمد مثقفة، ولي دراية بكيفية التعامل مع هذه المسائل وعدم تحويلها إلى عقدة نفسية لدى الطفل، ولكن الذي يرعبني هو عندما تكبر هذه الطفلة، ونحن نسكن في هذا المجتمع غير العربي.. هل ستنحرف؟ ماذا أفعل لأنقذها؟ هل يمكن أن تصبح مثل أمها؟
كنت قد وجدتها تلعب ألعابا جنسية مع ابن المربية الذي يبلغ من العمر 13 سنة، وقد تجاهلت الموضوع وتظاهرت بأني لم أشاهد أي شيء ودعوتهما لتناول طعام الغداء ثم منعت ذلك الطفل من الحضور إلى منزلنا.
هذا هو الموضوع الذي يؤرق ليلي ويشغل نهاري أخشى أن تصبح مثل أمها.
جزاك الله خيرا، وفي انتظار ردك.
4/6/2022
رد المستشار
الأخت العزيزة.. أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك وإطرائك ومتابعتك.
تبين سطور هذه المتابعة فعلا أنك تقومين بدورك كأم لتلك البنت المسكينة على خير وجه بارك الله فيك، وأما سؤالك عن أثر أصل الشخص في تكوينه، فإن الإجابة عليه لا يمكن أن تكونَ كاملة ولا نهائية ولا حتى شبه مؤكدة؛ لأن المعروف هو أن الإنسان نتاج تفاعل الموروثات التي يولد بها مع البيئة التي يتربى فيها وتشمل الأسرة والعائلة والجوار والمجتمع الذي يتربى فيه الإنسان.
فإذا سألتني هل للوراثة دور في اضطرابات السلوك في الأطفال؟ فإن الإجابة نعم، ونفس الإجابة نعم هي إجابة السؤال: هل للبيئة دور في اضطرابات السلوك في الأطفال، إلا أننا لا نستطيع أن نقول إن التأثير متساوٍ لكل منهما، وإنما نقول إنه كل ما صلحت البيئة وصلحت التربية كلما كان تأثير الموروثات السيئة أقل.
يولد الطفل ولديه صفات وراثية من الأم ومن الأب، ولكن لا أحد يقول إن كل السلوكيات أو النزوع إلى سلوكيات معينة يورث، فقط نستطيع إثبات ذلك أو نفيه حتى الآن من خلال ما يسمى بالدراسات الاسترجاعية (أي التي تبدأ مثلا من طفل أو مجموعة أطفال أو مراهقين منحرفين ثم يبين البحث في تواريخ عائلاتهم أن لهم أبا أو أما أو جدا أو جدة أو غير ذلك كان يمارس نفس السلوك الانحرافي مثلا) وهذا النوع من الدراسات ليس كبير القيمة علميا، لأنه كثيرا ما يعتمد على ذكريات آخرين إضافة إلى اختلاف أشكال الانحراف باختلاف الأزمنة.
إلا أن الدراسات التي تثبت دور التربية في تشكيل وتعديل سلوك الطفل هي دراسات مستقبلية تجنبت تلك المشكلات وتبين نتائجها أن لطريقة التربية أثرا كبيرا في تعديل سلوك الأطفال، ومعنى هذا أننا نستطيع نسيان مسألة أن أمها كانت تشرب الخمر أو غير ذلك، وأن نلجأ لربنا سبحانه وتعالى، جاعلين من تربيتنا لها دعوة إلى الله، عز وجل وهكذا هي التربية في الإسلام.
وأنا أراك هذه المرة أكثر هدوءً وأقل قلقا... جعلك الله أما للمساكين... أراك بالفعل أقل قلقا؛ ولذلك أنصحك بأن تقرئي عن التربية الجنسية والطفولة،
وتفائلي خيرا إن شاء الله وتابعينا من خلال موقعكم مجانين.