بسم الله الرحمن الرحيم
السادة والسادات الأفاضل تحياتي لكم جميعا، ربما تقولون إني من المفترض أن أذهب إلى طبيب نفساني لكن للأسف ليس لدي مال!! إخواني، شاب متزوج في أواخر العشرينيات رغب في الزواج بفتاة أحلامه التي تسير معه لتحقيق أحلام الدنيا والآخرة وكله لله. كان عنوان رحلته في البحث عنها من تعينني لننجب الخليفة عمر أو أبو بكر أو ماري كوين العرب. لم يجد مالا لم يجد عونا من الأهل ولا رغبة... ازدادت الشهوة وخشي الانحراف أخبرهم بأنه يقبل الزواج بقريبته التي كانوا يريدونها له رحبوا وتزوج. وعشت معها قصة حب رائعة لازلنا نعيش في ظلالها –وإن تبعثرت الظلال.
وفي خلال ذلك أدركت شيئا أن حلمي سيزول لا محالة لأني كنت أحتاج قائدا أو على الأقل شريكا قويا ووجدت همة ضعيفة وأحلاما لا تعدو أحلام البسطاء ووجدتني أرجع خطوات إلى الوراء خطوة خطوة... أنجبنا ابنة جميلة وهنا كان التحول بعدا وانشغالا وكل التغيرات التي تصاحب تلك الفترة والتي كنت دارسا لها بعمق وفلسفة فكنت نعم الزوج بشهادتها دفنت رأسي في الرمال أو قل تعلقت بأمل بعيد بعيد بعيد أن يصلح الله الحال.
و الآن جاء دوركم سنين كثيرة من عمري أمضيتها في مطالعة بابكم في الموقع تشكلت عقليتي وتغير تفكيري ونضجت مشاعري وفهمت ذاتي ومما فهمته "الزمالة الملتزمة" فتاتان الأولى متدربة عندي لم أكن أعيرها انتباها كباقي المتدربات وبحكم التزامي بديني ودعوتي في نهاية الدورة صارحتني أنها رأت رؤيا أنها تبكي وأني أضمها إلى صدري وهدأت من روعها وأخذت تبكي أمامي أخبرتها أن ذلك بشارة خير إن شاء الله وليس المقصود أنا بذاتي لكن الخير هو المقصود ظلت على اتصال بحكم عملي تطلب استشارات وفي كل مرة تذكر لي حلما مشابها وهي ولا أزكيها على الله فيها من علامات الصلاح الظاهرة وليست بوجه كذاب. تطورت العلاقة وكانت تعاني من مشاكل صحية فكنت اطمئن عليها.
عرفت أنها مطلقة ولديها ابن وتكبرني بـ3 سنين وكانت تظن أني أكبر منها بحكم أني أبدو كمعلم كنت أخفف عنها كثيرا فلقد كنت بارعا في الفلسفة وعلم النفس تعلقت بي بشدة وتعاطفت معها بشدة "المحتلي" بحبها فصارحتها بحبي وصارحتني بحبها. أمضينا في التخطيط للزواج وكنت أقنعها أن زوجتي تحبني وستحب لي الخير وكانت نيتي والله يشهد أن أدخل السعادة إلى قلب تلك المطلقة البائسة. صارحت زوجتي أثناء المزاح فبدت تعبيرات وجهها تتغير فسحبت الكلام وأخبرتها أني أمزح لكنها لم تنسها إلى الآن.
أخبرت الفتاة بأنه لن يكون لنا نصيب تفهمت واتفقنا على الزمالة الملتزمة... شهور من الاتصالات لتبادل التهاني في المناسبات والاطمئنان ومازال كلامنا لا يخلو من نبرة ولغة الحنين وما زلت أرتشف مرارة الزمالة الملتزمة لا أستطيع أن أعلن تلك العلاقة أمام المجتمع الجاهلي لا أستطيع أن أمحو ما في قلبي وقلبها لا أستطيع الزواج بها ولا أستطيع قطع العلاقة لأني أصلا لا أجد مبررا لذلك.
وأما الفتاة الأخرى في نفس التوقيت كانت مدربة معي تحت إشرافي أبهرت بها وانبهرت بي، وجدتها، نعم وجدت فتاة أحلامي يارب تكون من نصيبي لكن تذكرت أني متزوج... فنسيتها وعقدت معها صفقة إلى الجنة "إخوة في الله" رضيت ورضيت أخبرتها أني أنوي الارتباط بالفتاة الأولى قالت زوجتك الأولى.. هذا لا يصح قلت سأقنعها قالت وحبي لك قلت أحبك قالت أحبك قالت هل ستتزوجها قلت زوجتي رفضت قالت الحمد لله قلت تتزوجيني قالت لا... هذا لا يصح زوجتك الأولى قلت فلننعم بأخوة في الله والآن نتجرع عذاب الحب والهوى وضياع الأحلام.
محادثات نطمئن فيها على الصفقة لا تخلو من نغمة الحنين والألم. الآن: الأولى تقدم لها شاب يكبرها وهي وأهلها يمدحون فيه فهو على خلق وبدأت تنسى مشاعرها تجاهي فحمدت الله على ذلك. الثانية أقصد حبيبتي ربما لا تنام الليل من التفكير في مصيرها إن هي تزوجت بغيري لأنها تشعر تجاهي بحب كبير وزوجتي تسعى جاهدة لإرضائي –وإن كانت الفضة لا تصبح ذهبا– وأنا أريد حبيبتي وأريد أن أحافظ على بيتي... متردد بين الهمة العالية وبين الخوف من أن أظلم زوجتي وأهدم أسرتي التي هي بالنسبة لي كالأرض البور التي تصعب الزراعة فيها فضلا عن أن تجني منها شيئا.
إخواني بالله عليكم أنقذوني... تشتت، تبعثرت أفكاري ومشاعري، ضاقت بي الأرض بما رحبت. والله كنت أريد الخلافة،
ووالله الآن أود أن أكون مسلما فقط... اهدنا الصراط المستقيم.
3/6/2022
رد المستشار
الأخ الكريم، أردت الخلافة ووصلت إلى الخلاف، حلمت بالصديق أبي بكر أو الفاروق عمر، وأنت اليوم حائر في دنيا الحب والهوى وضياع الأحلام، وأنت دخلت دائرة المعذبة بقدميك، وتقول إننا كنا دليلك إلى ما أسمته "الزمالة الملتزمة"، ولا أدري ما هي في تصورك تلك الزمالة شكلاً وحدوداً؟! هل قرأت لنا شيئاً عن تبادل روايات الأحلام وتفسيرها، أو حتى تبادل التهاني والاتصالات، والمصارحة بالحب دون ترتيب أو تخطيط للزواج!!؟
هل أكرر لك ما قلته من قبل عن الجماعية والمجتمعية والعلانية؟!! أخي ما قام بينك وبين الأولي والثانية لم يكن سوى علاقات عاطفية مثل ما يقوم بين رجل وامرأة: رؤية– استلطاف– مشاعر تتصاعد– كلمات تتواصل– تفكير وتأمل وخيال، وغرام يبحث عن حل بالارتباط الحلال، ثم صدمة بصخرة الواقع، وهي هنا رفض الزوجة، وموقف المجتمع، فماذا تريد أو تتوقع منا بالضبط؟!.
الاختيارات واضحة مثل الشمس في نهار الربيع، إما أن تكف عن "الزمالة الملتزمة" على طريقتك تلك، أو أن تقرر أن ترتبط بالزواج ثانية مع كل عواقب هذا، وهو ليس غضب زوجتك الأولى، فهذا أهون شيء، ولكن مسئوليات جسام تنتظرك، وأنت تفتح بيتا وثانيا، وتقوم على رعاية زوجة وثانية، وستجد نفسك أبا لأطفال من هذه وتلك، وسيكون عليك تحمل لدغات نحلتين قبل أن تظفر بالعسل، هذا إذا تركت لك آلام اللدغ الاستمتاع بأي عسل.
إذا كنت ملتزماً ومسؤولاً كما تقول فلماذا لا تبحث عن خبرة مجرب سبقك إلى هذا المضمار؟! اجلس إلى زوج لزوجتين، واستمع إلى تجربته، شريطة أن يكون من نفس مستوى دخلك، وملتزما ومسئولا، وليس مجرد عاطل أو بلطجي، أو شخص مهمل لا يراعي حقوق الله في رعيته!! ثم عد إلينا بما سمعت، وحبذا لو تجلس إلى أكثر من نموذج، وتستمع إلى أكثر من تجربة.
أخشى يا أخي أنك اندفعت إلى عش دبابير، وفيه لن تتلقى إلا لدغات، ولا عسل!! تذكر أن القانون المصري يعتبر الزواج من أخرى من موجبات الضرر التي تمنح الزوجة الأولى حق الطلاق تلقائيا بمجرد الزوج الثاني، وتذكر أن زوجتك الحالية لم تكون مسئولة عن فشلك في الاقتران بفتاة أحلامك، وليست مسئولة أنك تزوجتها رداً للشهوة، وخشية الانحراف، دون أن تنعقد تجاهها رغبتك فيها كأنثى!!
وتذكر أن كل امرأة تقترب منها، إما ترضى بأن تكون زوجة ثانية، وهي هنا تسقيك عسلاً ثم بعد الزواج سيكون اللدغ، أو أنها ستطلب منك طلاق زوجتك لتنفرد هي باللدغ، وأخبرنا عن العسل الذي ذقته مع الأولى أقصد زوجتك الحالية وأصدقك أن الثانية لن تعطيك أكثر غالبا!!
بالمناسبة أتذكر معك أن أبا بكر وعمر وغيرهما إنما صنعا أنفسهما بفضل الله وليس بتربية أب أو أم، أما من ولدوا في الإسلام وبرزوا فأحسب أن الزمان اختلف والظروف كذلك فإذا أردت الحسين بن علي فابحث له عن إمام المتقين والزهراء ابنة الحبيب المصطفى. ما هذا يا رجل؟!
سأدعو لك ولا تنسنا من دعائك.