السلام عليكم
أنا أريد مشورتكم؛ حيث إن عمري 26 عاماً، من المشرق العربي، أقيم في الولايات المتحدة منذ عامين، ومؤخراً قابلت مسلمة أمريكية، اعتنقت الإسلام حديثًا، وبعد فترة قررنا الزواج، والمشكلة تكمن في أن أمي ترفض هذه الزيجة؛ لأن هذه المرأة الأمريكية لديها ثلاثة أطفال.
نحن متحابان، ولا أعتقد أن أطفالها سيكونون مصدر متاعب لي. أخبروني ماذا أفعل؟ هل أطيع أمي وأبقى أعزب في هذا المجتمع السيئ، أم أتزوجها وأحميها ونفسي من الفتنة؟!
أدعو الله أن يتقبل أعمالكم وجهودكم.
والسلام.
7/6/2022
رد المستشار
الأخ الكريم، الذهنية العربية ترى البكر أفضل من الثيِّب، ولهذا الموقف مصادر متعددة منها ما حفظته السنة عن النبي المصطفى الذي راجع صحابيًّا تزوج من امرأة سبق لها الزواج، مفضلاً له أن يتزوج بكراً لم يسبق لها الزواج، فأوضح له الصحابي علة اختياره لتلك المرأة بأن عنده إخوة صغارًا، ويحتاجون إلى رعاية، والثيب أقدر على هذا، وترضى بما قد لا ترضى به البكر في هذا الصدد.
وفي التراث العربي أن النساء ثلاث: واحدة لك، وواحدة عليك، وثالثة ليست لك أو عليك.
المرأة التي لك... هي البكر: إذا رأت خيراً حمدت الله، وإن رأت غير ذلك، قالت: كل الناس مثلنا؛ لأنها لم تر غيرك،، والمرأة التي ليست لك، ولا عليك هي الثيب التي لا ولد لها: فهي إن رأت خيراً حمدت الله، وإن رأت غير ذلك إن شاءت نطقت، وإن شاءت سكتت ،، وأما المرأة التي عليك فهي الثيب ذات الولد: تأخذ من مالك لتطعم ولدها.
والشواهد متعددة حتى ترسَّخ في الذهنية العربية أن الرجل "البكر" يستحق امرأة بكراً إلا لعلة... فما هي العلة التي تجعلك تؤثر هذه المرأة بأولادها على غيرها؟! هكذا تفكّر والدتك، وهكذا ينبغي أن يكون منطقك واضحاً ومقبولاً حين تتمسك بما يبدو معيوباً في رأي مجتمعنا الذي يرى هذه المرأة أدنى من البكر، وينبغي أن تبرر أنت لماذا ترضى بالأدنى!! هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، فإن الزواج معادلة متعددة المتغيرات، ويحتاج إلى توازن بين العقل والعاطفة كما يحتاج إلى نظر في النواحي المختلفة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وفارق السن له علاقة وأثر من الناحية البيولوجية والنفسية، والاعتبارات الشكلية لها وزن، وهكذا فالزواج علاقة مركبة تحتاج إلى تريث.
وفي حالة تمسكك بهذه السيدة بعد التفكير والتأمل فسيكون عليك إقناع الوالدة بمنطق مقبول يرد على هواجسها المشروعة، ولن تستطيع إقناعها إلا إذا كنت أنت نفسك مستوعباً ممتلئاً بالاقتناع بها متأكداً أنك تريدها، وتستطيع تحمل مسئوليات الزواج منها، والمسئولية عن الأولاد، وهي مسئوليات ليست قليلة خاصة مع الاختلاف الثقافي بينكما.
إذا تزوجت هذه المرأة فسيكون عليك أعباء نفسية واجتماعية أهم وأثقل من الأعباء المادية، وهذه الأخيرة ليست بسيطة، ومن الأعباء النفسية أن تعدل بين أولادك منها إن شاء الله، وأولادها من غيرك، وهو صعب.
أخي الكريم، دائماً نقول للذين يسألون عن الزواج مع عدم رضا الأهل: إن عقبة رفض الأهل هي الأسهل، وإن بدت غير ذلك؛ لأنهم يقبلون مع الإصرار والصبر، ولكن الأهم أن يتثبت الشاب، أو تتأكد الفتاة من أن الاختيار المرفوض من الأهل هو الاختيار الصحيح المناسب من ناحية القبول بسلبياته، والرغبة في إيجابياته.
ونحذر دائماً أن يحجب رفض الأهل عورات كثيرة تكون موجودة في الموضوع، ولا يلتفت إليها المرء، وينشغل بالحصول على موافقتهم، فانظر يا أخي في اعتراضات أمك، وانظر إلى المسألة بموضوعية ومسئولية؛ لأن للاختيار غير الموفق تبعات وفتنًا قد تفوق أحياناً فتنة الشهوة الجنسية الباحثة عن الإشباع، وكن على صلة مستمرة بنا.