مشكلة زوجية
مشكلتي أن زوجي لا يهتم بي نهائيا؛ فخلال فترة الخطوبة لم يقم مرة بإهدائي حتى ولو وردة، وها أنا الآن متزوجة منذ سنتين، وأنا على نفس الحال، بل أيضا هو الذي يأخذ من راتبي، وأنا أنفق على نفسي وابنتي وأهلي، ومع ذلك يطالبني بشراء الثياب الجميلة حتى أبدو جميلة في عينيه، وراتبي بالكاد يتحمل لآخر الشهر، علمًا أن وضعه المادي جيد جدًّا.
وزوجي دائما في بيت أهله، ولا يجلس في بيته إلا نادرا، ولم يفكر مرة أن من حقي عليه أن أرى الدنيا، وعندما أناقشه في هذا الموضوع يصرخ، ويقول بأني أود أن أقطعه من أهله.
لا أعرف ماذا أعمل معه؟!!
أفيدوني أفادكم الله.
2/6/2022
رد المستشار
هذه مشكلات ثلاث إذن وليست مشكلة واحدة: بخل الزوج، وعلاقته بأهله، واحتياجك للترويح، والتنزه. وليس أمامي إلا أن أتحدث عن كل مشكلة على حدة، برغم أن هناك علاقة في الحقيقة بين بعضها البعض، ولكن دعينا نفتت المشكلات، فهذا هو الأفضل.
المشكلة الأولى: أن الزوج بخيل:
دعيني أتحدث معك بصراحة، مشكلة الزوج البخيل تكون من أبشع المشكلات الزوجية عندما تكون الزوجة "عاطفية"، ولكن مع المرأة العملية أحسب أنه يمكنها احتمالها والتأقلم عليها. وأعتقد أنك من النوع الثاني، هذا لا يعني أنك لست عاطفية تمامًا، فلا توجد امرأة على وجه الأرض لا تهتم بالعاطفة؛ فهذه طبيعة المرأة بلا شك، ولكني فقط أقول بأن هناك درجات.. فهناك نساء تغلب عليهن الطبيعة العاطفية، وهناك أخريات تغلب عليهن الطبيعة العملية. وهناك عدة قرائن تشير إلى أنك من النوع الثاني؛ فأنت مثلا عندما شكوت من عدم اهتمام الزوج، لم تكن الأعراض هي أنه لا يقول لك "أحبك" أو لا يغازلك كما تشكو الكثير من النساء في مشكلاتنا على الصفحة، كما أنك استطعت -وبجدارة- أن تتحملي فترة الخطوبة كلها بدون هدية "ولو حتى وردة"! يا للصبر!!
ولو كنت من النوع الأول لما تحملت أسبوعًا واحدًا. عندما أقول لك بأنك "عملية" فإن هذا ليس انتقاصًا من قدرك وليس مدحا في نفس الوقت؛ "فكل" من النوعين له مميزاته وعيوبه، وأهم مميزات النوع "العملي" -وهو الذي يعنينا هنا- أنك تستطيعين التأقلم مع هذا الزوج واستيعاب هذه الصفة فيه مع القليل من المعاناة.
وللمزيد من الدقة والأمانة، دعيني أستبدل بكلمة "بخيل" التي وصفت بها زوجك في بداية حديثي كلمة أخرى وهي أنه "عملي". وتعالي ننظر للأمر بعيون هذا الزوج "العملي": زوجك وضعه المادي جيد جدًا، ولكنه هو أيضًا يرى أن وضعك المادي جيد جدًا، وأن لديك من المال ما تنفقينه على نفسك وابنتك، وما يفيض لتنفقي منه على أهلك أيضًا، وهو ربما يرى أنه يدفع جزءًا كبيرًا من ضريبة خروجك للعمل الذي قد يكون على حساب أدائك لواجباتك، فأنت تأخذين من وقت البيت والزوج من أجل العمل، أليس منطقيا أن يكون لهذا الزوج نصيب من راتبك، سواء في صورة مباشرة أو في صورة غير مباشرة تتمثل في شرائك الثياب التي تعجبه؟! أنت تعطين المال لأهلك.. أليس للزوج حق فيه أيضًا؟ كلامي هذا لا يعني أنني أؤيد زوجك أو أراه على صواب، ولكنني فقط أتعرف معك على طريقته في التفكير التي ربما لا تكون مثالية ولكنها "عملية" ومنطقية.
وأنا لا أرى بأسًا من أن ترضيه بنفس طيبة. وما يؤيد كلامي أن هناك بعض الآراء الفقهية التي أجازت للرجل أن يحصل على نسبة من راتب زوجته مقابل أن عملها يقتطع وقتها في أداء واجباتها تجاهه في صورة تقصير واضح أو غير مباشر وفي صورة إجهاد أو انشغال نفسي تتميز به المرأة العاملة.
المشكلة الثانية: علاقة الزوج بأهله:
وهنا أحب أن أشير إلى نقطتين:
1- هذه المشكلة متكررة عند الكثير من الرجال، والنساء أيضًا، خاصة في السنوات الأولى من الزواج، حيث يكون الارتباط النفسي ببيت الأهل شديدًا جدًا فهذا هو المكان الذي شب فيه المرء، وعاش سنوات طفولته وشبابه فيجد صعوبة بالغة في انتزاع نفسه منه، ويرى أن أي شخص يحول بينه وبين هذا المكان هو شخص غير حريص على سعادته، أو يريد التفريق بينه وبين أهله.
2- الحل الوحيد لهذه المشكلة هو أن تنجح الزوجة الذكية في جذب زوجها إلى عشه الجديد بهدوء وبدون "نكد"، وتربطه -وجدانيًا- بها وبأولاده، ولا مانع من مشاركته أحيانًا سعادته وصحبته في زياراته لأهله إذا كان هذا يسعده. لا شك أنه هو أيضًا عليه دور ليدرك مسئولياته النفسية تجاهك، ولكنك تستطيعين -بهدوء وصبر- أن تحققي هذا وتصلي به إلى درجة معقولة.
المشكلة الثالثة: وهي احتياجك للترفيه فأقول لك بأن هذا المطلب ليس ضروريًا من أجلك فقط، ولكن من أجل تدفئة العلاقة بينكما، فحاولي أن تتفقي معه على يوم في الأسبوع للتنزه معًا، بعيدا عن مناخ الشد والجذب والمشكلات، فسيكون لهذا دور في إذابة رواسب الأسبوع، وسيتيح مجالا للمزيد من الحوار والتفاهم. ولكن حاولي أن تختاري الوقت المناسب لطرح هذه الفكرة، ولا مانع من أن تشاركي ماديًا في هذه الرحلات وأن توفري بها مناخًا عائليًا هادئًا ومحببًا لنفس الزوج.
وأخيرًا سيدتي، فزوجك لا يخلو من مميزات، ولا بد أنك لا تخلين من عيوب، فتذكري هذا وذاك، ولا تنسي التوجه بالدعاء إلى الله تعالى أن يهديكما ويصلح ما بينكما.