الكفر
مرحبا يا أساتذة، أنا مصدومة من هذا الموقع ومن عبقريتكم ووجودكم أصلا في هذا العالم وأنا أكثر من سعيدة لأنني أخيرا أستطيع مراسلتكم، ليس هناك كلام أستطيع قوله لأصف مقدار خبرتكم ومساعدتكم التي غيرت مفاهيمي ووضحت لي الكثير وأشعرتني بأنه لا يزال هناك أمل وليس من الضروري أنني فعلت الكبيرة التي كنت أخشى فعلها، بصراحة عندي الكثير والكثير من الأسئلة والأمور التي أريد التأكد منها ولكن هناك شيء في غاية الأهمية ويشعرني بغاية الرعب.
لقد علمت أن التردد في الكفر والتفكير بالقيام به مستقبلا يجعل الشخص كافرا حالا، وأنا بصراحة من الموسوسين الذين أخذوا الوسواس إلى درجة أخرى قد تكون قريبة من الجنون، لذلك أصبحت هناك تشابكات لا حصر لها في نيتي وتفكيري وأصبحت لدي مفاهيم خاطئة وبعيدة كل البعد عن الواقع ولم أعد أبدا أستطيع أن أجزم ما هي نيتي وما هو الوسواس وما هو الصوت الذي يكلمني رغما عني وما هو الشيء الذي أريده، لا أعرف متى أكون مغلوبة على أمري ومتى أكون مسيطرة، سوف أعطيكم مثلا صغيرا.
عندما كنت تقريبا بخير أي قبل أن أصاب بوسواس العبادات القهري كنت أقوم بالتطير بشكل مستمر لكي أشعر بأنني على ما يرام ولكي أشعر بأنني سوف أنال العلامات التامة في الاختبارات حيث كنت أعاني من الوسواس القهري في ذلك الشأن، وكنت أشعر دائما بأن هذا التطير يتحقق وبقيت عليه لفترة طويلة حتى علمت أنه شرك ومصيبة وخفت بعدها وكرهت الوضع، من بعدها أصبحت أقوم بأشياء في عقلي وفي نيتي في غاية التشابك والتعقيد ولم أعد أعلم هل هي عبث مني أو نية حقيقية أم أنها تطير فمثلا كنت أقول إن كان وضوئي باطلا فهذه الصلاة سنة وقد كنت أرفض هذه النية تماما ولكن لا أعرف ما مصدرها فأنا لن أصلي صلاتي كسنة أبدا بل سوف أصليها فرضا حتى لو كانت باطلة بالغيب ولكن لم أعرف ما هو السبب الذي يجعلني أقول ذلك في نفسي هل تطير أم هو نية حقيقية أم عبث أم ماذا بالضبط وهذه طبعا جرعة لا علاقة لها بالعذاب والتعقيد والوسواس الذي أعاني منه ولكنني فقط أردت أن أوضح لكم معنى التشابك الذي أعاني منه.
الشيء الذي أردت أن أسأل عنه هو أنني أصبح لدي وسواس كفري قهري قاتل منذ أشهر كثيرة تقريبا سنة أو أكثر لا أعلم. المهم أن هذا الوسواس يتشكل بصور كثيرة وله مظاهر عديدة ومختلفة جدا ولكن واحد منها هو أنه أصبح شبيها بالتطير حيث أصبحت أشعر لا إراديا أنني إذا نظرت الآن إلى جهة اليمين سوف أكون أعوذ بالله كا..ف..ر..ة، وعندما كانت تحدث هذه الأمور كنت أحيانا أنظر جهة اليمين تحديا للوسواس ولكن بداخلي شعور أكثر من قوي يقول أنني نظرت لهذه الجهة لأكون كا..ف..ر..ة فعلا. وبعدها كلما جاءتني هذه الأفكار والأوامر اللاإرادية أصبحت أشعر بنية الكفر أيا كان، وأصبح يغلب على ظني كثيرا أنني أكفر بسبب هذه الأمور لذلك أتشهد بعدها وكأن الأمر عادي، لدرجة أنني إن شككت كثيرا أنني كفرت أثناء الصلاة أكملها وكأنني أهتم بأن أنهيها أكثر من أكون مسلمة في هذه اللحظة.
هناك تعقيدات كثيرة أنستني كيف أنوي وكيف أريد وما هو الكفر وماهو الوسواس وأنستني كل هذه الأمور وأنا في الأمس كنت أفكر ماذا لو كان علي أن أكفر لثانية واحدة ثم أتشهد بعدها مباشرة أو أصلي 50000 صلاة إضافية وللأسف الشديد كنت أشعر بأنه من الأفضل أن أكفر لثانية فضلا عن أن أقوم بخمسين ألف صلاة ولم أدرك أن هذه النية مصيبة إلى أن علمت أن من تردد في الكفر مستقبلا يكفر حالا لذلك شعرت أن هذا يعني فعلا أنني الآن ك..فر..ت ، مع أنني إن هددني أحد وأراد قتلي مقابل أن أقول كلمة الكفر فمن الممكن أن لا أقولها ولو هددني بأمور شديدة الفظاعة من المستحيل بإذن الله أن أنطق على كل حال سمعت أنه إذا هددت الفتاة بالاغتصاب فتستطيع أن تنطق بالكفر وهو أفضل لأن الإثم مرفوع عنها ولكن إن قبلت بالاغتصاب فهذا أمر شنيع.
وأنا كنت أتخيل شيئا أعلم أنه مستحيل الحصول تماما وغير ممكن وهو أن أجبر على القيام بأمور مقززة وفقط لا توصف أمام عائلتي كل يوم وأنا آسفة جدا على الوصف وأنتم بكرامة أو أن أكفر لثانية واحدة ثم أعود مسلمة مباشرة وكنت أتردد كثيرا ولا أعرف ماذا أختار فالموت أهون عندي من القرف الذي تخيلته وأنا لا أريد الكفر مهما كان الثمن ولكن شعرت بأن الكفر لثانية واحدة ثم الإسلام أهون ولكن إن فكرت هكذا الآن ألا يعني هذا أنني كافرة الآن؟
ماذا أفعل أرجوكم قولوا لي كيف أكون مسلمة فعلا وكيف أفضل الإسلام على أي شيء أيا كان فأنا لست مستعدة للكفر بتاتا وبالأمس كدت أجن وكنت أدعو كثيرا وأقول لأختي التي كانت على ثقة بأنني لن أفعل ذلك وكنت أقول بلساني وبقلبي مرات لا عد لها أني لن أكفر ولا أريد أن أكفر حتى لو كان علي فعل تلك الامور، فأرجوكم قولوا لي هل نية الكفر لثانية واحدة ثم العودة للإسلام تكفر الشخص حالا ولو كان الأمر هكذا ماذا أفعل فأنا لا أقبل بأن أكفر وفيني الذي يكفيني من الوسواس في جميع أمور الدين التي أمارسها وفي العقيدة. أرجوكم أن تساعدوني علما بأن الأمور التي أتخيل حدوثها مستحيلة كليها ولا يفكر فيها إنسان طبيعي
فأرجوكم أن تقولوا لي ماذا أفعل لأبقى مسلمة
وأعتذر منكم وشكرا جزيلا لكم يا أروع علماء.
25/7/2022
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا "نور" وباستشارتك على موقعك مجانين
أنت لست كافرة يا بنيتي حتى تسألين عن (كيف تكونين مسلمة)!! أنت موسوسة، والموسوس بالكفر لا يكفر حتى لو نطق مفردات الكفر!! نعم! معك إذن مفتوح في ذلك دون أن تحاسبي على شيء، فالموسوس غير مكلف في موضوع وسواسه.
كل ما تشكين منه، وكل هذه الحيرة سببها أنك وقفت عند خاطر لا يقف عنده غيرك، بل يجعله يمر مرور الكرام، لأنه يعلم أنه خاطر لا إرادي، جرى في فكره لوحده، فيتركه يذهب لوحده.
العبارات الكفرية من الممكن أن تأتي في ذهن أي إنسان، فالسليم من الوسواس، ينساها بسرعة، وكأن الأمر لا يخصه، وهو فعلًا لا يخصه، لأنه من إضاعة العمر الانشغال بالأفعال غير الإرادية.
وأما الموسوس فينتبه بسرعة إلى هذا الخاطر، ويظن أنه مسؤول عنه، وأنه لم يخطر في بال أحد غيره، وعليه أن يعرف لماذا خطر في باله؟ وهل هو شيء مكفر فعلًا أم لا؟ وووو...
هذه الطريقة في التفكير، والتحفز الدائم وتجييش العقل والمشاعر لمراقبة ما هو غير إرادي كفيلة بأن تهد الجبال وليس الموسوس فقط.
لم يكلفنا الله يا بنيتي أن نراقب كل شيء، ولا أن نتحكم في كل شيء، نحن نعلم من أنفسنا حب الإيمان وكره الكفر، ونلتزم تعاليم الإسلام قدر المستطاع، وهذا يكفي، لا يريد الله منك أكثر من ذلك... والعبارة التي أكررها دائمًا: (الكفر لا يحصل بعطسة).
أرأيت كل هذا الذي تسألين عنه، وهل كفرت أم لا؟ لا يمكن أن نعده من المكفرات ولا بأي شكل من الأشكال، بل هو وسواس وحسب، والوسواس لا يضر، وأنت تعلمين ذلك والحمد لله؛ بقي لديك خطوة واحدة: وهي أن تخاطبي نفسك كلما مر على ذهنك شيء مما ذكرتِه لنا في رسالتك، وتقولي: (إنه وسواس سخيف، غير مضر، وغير مخيف، ولن أنشغل به). وانشغلي عنه بأي شيء آخر، لا لأنك تريدين الهروب من شيء مرعب، بل لأنه لا يستحق الاهتمام.
ولاحظي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: "وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟". قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ". رواه مسلم.
النبي صلى الله عليه وسلم لم يوبخ الصحابة الذين سألوه، ولم يقطب في وجوههم، ولم يقل لهم: إنكم كفرتم. وإنما قال لهم: إن إيمانكم خالص صريح، حيث أنكرتم ما دار في نفوسكم بغير إرادة منكم. فأين المخيف في المسألة؟!! إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لك ولأمثالك: إن إيمانكم صريح خالص. فلماذا الخوف؟! اتركي ملاحظة هذه الأشياء وعيشي مطمئنة.
بقي السؤال الأهم: هل ذهبت إلى الطبيب؟ لم تذكري في رسالتك ما يشير إلى هذا. أنصحك وبشدة أن تذهبي إلى الطبيب وأن تعالجي وسواسك، فقد طرق بابك وأنت صغيرة، وظهر بأشكال عديدة، ما تلبثين أن تتخلصي من واحد إلا ويأتيك الثاني هرولة... وما أنت فيه غير مُطَمْئِنٍ في المستقبل إن لم تبادري إلى العلاج
أعانك الله وشفاك بشفائه.