أعاني من وسواس قهري منذ الصغر
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سأبدأ في مشكلتي مباشرة دون مقدمات.
أبي مصاب بوسواس معين ولكن ليس أي وسواس وإنما هو "وسواس المرض" ولم يسبق له وأن ذهب لطبيب نفساني فهو يرفض هذه الفكرة تماماً ومع ذلك فهو أيضاً يعاني وبشكل قهري من هذا المرض مع قلق كذلك، وأنا لست أعلم إذا كان لهذا علاقة بمرضي أو لا؟ لكني سأبدأ بالتفاصيل.
كنت ومنذ صغري أعاني من الوسواس القهري وقلق غريب في كل ليلة يحين فيها وقت النوم حيث أبدأ بالتفكير في أشياء غير منطقية وأفكار لا علاقة لها بالواقع وأقلق وأتوتر وأنفعل، وكان هذا الأمر يتكرر كل يوم وفي كل مرة يكون الأمر مزعجاً، على أية حال، كانت الأفكار التي تراودني في ذلك الوقت كلها حول الدين وأنني سأدخل النار لو فعلت شيئاً بسيطاً وظننته خاطئاً وبعض الأفكار مثل ماذا لو نسيت كيف أتنفس وأشياء غير منطقية أخرى كانت تقلقني وتجعل كل من حولي يشعر أنني غريبة ومجنونة وحتى نعتوني بذلك ولم أعد أحكي وساوسي وأفكاري هذه لأي أحد وأكتمها.
ولكن الأمر بدأ يشتد فبعد ذلك بسنوات وعندما بلغت سن ال 8 بدأت وساوس جديدة وأفكار جديدة تأتيني وصرت أخاف الموت بشكل كبير وأفكر فيه وحتى أشعر بأنني سأموت في أي لحظة ، حاولت إخبار والداي في ذلك الوقت وظلوا يقولون أنه لا يوجد شيء مثل هذا الأمر وأنني أتوهم ، ربما كنت أتوهم لكن خوفي من الموت وقتها كان أشد وأقوى من أي وقت ، ووالداي لاحظا أنني لست بخير فقاموا بأخذي لأحد الشيوخ .. وللأسف لم يكن الأمر نافعاً أبداً ، لم أتخلص من تلك المشكلة ولكن مع تزايد وساوس أخرى انشغلت بها ونسيت أمر وسواس الموت حتى لم يعد يقلقني.
وبعد ذلك حظيت بسنتين خاليتين من الوساوس المعقدة ولكن كنت أعاني من وسواس النظافة وقتها لم يكن قوياً لتلك الدرجة ولكنه ازداد سوءاً في أيام عيد الأضحى في سني العاشرة، بعد سماعي عن موت الناس بسبب التسمم الغذائي والجراثيم الموجودة في اللحم ما جعلني أقلق وأستمر بغسل يداي في كل مرة ألمس شيئاً مثل الباب والحائط ، أو حتى عندما أشم رائحة لحم .. لم آكل اللحم حينها من شدة خوفي وقلقي واستمريت على هذه الحال لشهر وبدأ الوسواس بالزوال تدريجيا بعد ذلك لكن لم يختفي تماما فقد بقي لهذا الوسواس آثار فكنت أغسل يداي ثلاث مرات بدون سبب فقط لكي أشعر بالراحة ولكي أطبق ما يقوله لي عقلي في ذلك الوقت.
وبعد سنة وفي الأيام الدراسية وفي حصة اللغة العربية كانت أستاذتنا تتحدث بشكل خارجي عن الدرس عن الاستغفار وفوائده وما إلى ذلك ، وأنا صرت أطبق ذلك بشكل عادي وأقوم بالاستغفار كشيء يومي .. حتى وبدون أن أشعر صار الاستغفار وسواساً أيضا!! ، فصرت أستغفر في كل خطوة وحتى كان الأمر يسبب لي إحراجاً خاصة عندما كنت أتحدث مع شخص ما وأبدأ الاستغفار في نص الحديث وأستمر بذلك 30 مرة فقط من أجل أن لا يحصل شيء سيء .. كأن أعاقب مثلاً أو أن يحصل مكروه لأهلي مع أنني أعلم أن هذا مستحيل ولكن لكي أسكت هذه الأفكار كنت مضطرة لذلك .. واستمر هذا الوسواس وازداد خلال الثلاث سنوات ، وصرت أصلي الصلوات ثلاث مرات وأكرر التحية ثلاث مرات وأستمر بالاستغفار في كل مرة أو أصرخ بالاستغفار أثناء نوم أهلي.
وقد كان الأمر مزعجاً حقاً لكن لم يكن ما أستطيع فعله فحتى لو رفضت هذه الأفكار ستزداد وتصبح أسوء ويبدأ تفكيري باتهامي بأنني كافرة لأنني لا أريد الاستمرار في هذه الأفعال والاستغفار.. ومع ذلك ومع الوقت بدأ الوسواس يقل تدريجيا ولكنني مازلت أعاني من تكرار الكلام في الصلاة للآن والاستغفار في كل خطوة، مرت سنتين لم أعاني فيها من أي وساوس معقدة غير وسواس الدين الغريب ووسواس آخر لا يشكل ضرراً كأن أقوم بإطفاء وإشعال الأنوار خمس مرات أو المشي بشكل دائري في الغرفة بدون سبب أي أشياء بسيطة كنت أعاني منها بشكل يومي وأنا معتادة عليها .. إلى أن صرت أشعر بالخوف بدون سبب ومن أي شيء بسيط مثلاً ماذا لو تحولت لشيء غريب غير بشري!! أو أفكار مثل هذه وأنا أعلم أنها أفكار سخيفة وتجاوزت هذه المرحلة من المخاوف.
لكن، وقبل أن تبدأ هذه الوساوس عانيت من وسواس الإيحاء وقد كان أسوء شيء عانيت منه في حياتي ففي كل مرة أسمع عن مرض أشعر أنني أصبت به وبدأ الخوف يتسلل إلي وصرت أصدق أي شيء حتى لو بسخيف لأنه سيتحقق مثلما تحققت أعراض هذه الأمراض! ، واستمريت على هذه الحال حتى عمري هذا! ولكن ليست هذه المشكلة أبداً .. لا أمانع لو توقف الأمر عند هذا الحد لكن ما زاد كل شيء أنني الآن أعاني من وسواس الإيذاء، وأنا خائفة من إيذاء أهلي أو فقدان السيطرة على نفسي وقتلهم! ومهما حاولت التخلص من الفكرة لا أستطيع صار الأمر أسوأ من قبل ففي كل مرة أستيقظ كل ما صار تفكيري عليه هو هذا الوسواس ، وأنا حقاً لم أعد أتحمل ولا أريد أن أؤذي أحد ولكن هذا التفكير يرهقني ، وأرغب حقاً في قتل نفسي فكل شيء صار بلا جدوى.
جربت زيارة شيوخ المس والسحر والعين والرقية ولم ينجح الأمر ، جربت تطبيق بعض الحلول من الإنترنت ولم ينجح الأمر كذلك ، دون أن أذكر أنني أعاني من نقص شديد لذاتي ونفسي وأستمر بإيذاء نفسي في كل مرة تأتيني فيها الوساوس وأنا حقاً لم أعد أتحمل هذا الأمر على الإطلاق ، وحتى غير مسموح لي أن أزور طبيباً نفسانياً بسبب طبيعة والداي .. والداي ليسا متشددين، ولكن الأمر فقط أنهم يرفضون زيارتي لطبيب نفساني رفضاً قاطعاً مع أنني حاولت إقناعهم بالأمر لكنهم يظنون أنه سيزول بالاستغفار والصلاة فقط .. ماذا يجب عليّ أن أفعل؟ لا أريد أن يسيطر عليّ هذا الوسواس طيلة عمري لأنني تعبت من الأمر بالفعل ولا أريد من هذه الأفكار أن تسيطر عليّ
فماذا عساي أفعل وأنا لا أستطيع حتى إقناع والداي بزيارة طبيب نفساني؟
وآسفة على الإطالة، وشكراً لكم..
12/8/2022
رد المستشار
الابنة الفاضلة "نينا" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
كان الله في عونك يا ابنتي طالت معاناتك مع الاضطراب النفسي حتى قاربت العقد ونصف... وما زلت لا تحصلين على العلاج.. هناك في كثير من الأحيان علاقة وراثية بين صنوف الوسواس المختلفة إضافة إلى اضطرابات الخوف وما تصفينه من والدك هو أنه من نوع مريض اضطراب قلق المرض أو وسواس المرض المتحاشي للخدمات الصحية والخائف من الطب ومن الأطباء ... أعانه الله وسامحه إن حال بينك وبين طلب العلاج.
بدأت توسوسين مبكرا ولم يحسسن أهلك التعامل مع الوضع مما ألجأك إلى السرية فلا أستطيع أن أقول أذنبت في حق نفسك بكتمان الأمر عن غيرك كما يفعل كثيرون جدا من الموسوسين فيتأخر حصولهم على التشخيص والعلاج، بل أنت سألت أهلك فأجبروك على السرية والكتمان... والاستسلام لاستعباد الوسواس وكل ذلك وأنت طفلة، ورغم استمرار معاناتك وإخفاق محاولات العلاج التقليدية ظل أهلك حتى الآن لا يفكرون بالطب النفساني.
من وسواس وقوع السوء إلا لو (فعل قهري عادة ما يتضمن تكرارا أو مساواة بين اليمين والشمال...إلخ وهو من عروض و.ل.ت.ق) ومنه إلى وسواس الخوف من الموت ثم عرض و.ت.غ.ق أو وسواس النظافة الذي مررت به في العاشرة وبدأ معه العد والتكرار، مرات 3 ومرات خمسة... وأينما يقودك الوسواس أنت مستمرة.
حتى وصلت وسواس الإيحاء وهو ذي علاقة بوسوسة الوالد لكنه معك غالبا أتى بشكل مختلف شمل الإنترنت ولهذا تأثير مختلف، وهو وغيره في إفادتك من علامات التفكير السحري الخرافي حيث تضفين قوة لا وجود لها على أفكارك وتصوراتك وتصدقين أنها قادرة على التأثير في الواقع! أو تصدقين أن عدم أداء القهور سينجم عنه مكروه! ...إلخ.
كل هذا المر العسير الذي تعيشينه وتقولين (لا أمانع لو توقف الأمر عند هذا الحد لكن ما زاد كل شيء أنني الآن أعاني من وسواس الإيذاء) ... مع الأسف إذا بقيت على هذا الحد أو عنده فوسواس الإيذاء و/أو غيره لن يتوقف إلا لانشغال بما هو أفدح! ... وقد شرعت في إيذاء نفسك استجابة قهرية للوساوس وهذه مرحلة خطيرة.
الآن أنت تعانين من اضطراب وسواس قهري مزمن واكتئاب جسيم، (والبقية؟ مفترضة) ولم تعد موافقة الوالدين على زيارة طبيب نفساني مشكلة خاصة وأن بإمكانهم الحفاظ على السرية من خلال التواصل الإليكتروني مع الطبيب النفساني يعني ناقشيهم في ضرورة الحصول على مساعدة طبيب نفساني وأن بإمكانك الحصول عليها وأنت في البيت معهم ... إن شاء الله يقبلون.
ستجدين على الموقع كثيرا مما يفيدك في تصحيح مفاهيمك عن الوسواس القهري وغيره وربما في تغيير بعض سلوكاتك التي تريحك مرحليا لكنها تعمق الوسوسة على المدى البعيد، عليك أن تقرئي الارتباط وما بداخله من ارتباطات... نرجو فقط ألا يؤخر ذلك طلبك للعلاج المتكامل لضرورته يا "نينا".
اقرئي على مجانين:
وساوس العدوان والخوف والبرهان !
وسواس العد اللمس التكرار!
تكرار عدد معين: فعل قهري مقنن!
وسواس قهري اللااكتمال التكرار الكفر ثم الشذوذ !
وسواس اللااكتمال التكرار القهري و.ل.ت.ق مقدمة1
وسواس الذنب التعمق القهري و.ذ.ت.ق1
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.