لوم الله على الوسواس القهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو من حضراتكم أن تتمعنوا في كل حرف سأكتبه لأنني فعلا بحثت كثيرا في الاستشارات هنا في موقع مجانين وجميع المواقع ولم أجد حالة مثل حالتي فيما يخص الوسواس القهري.
أنا شاب من المغرب أعيش بأسبانيا منذ 4 سنوات، عمري 34 سنة مصاب بالوسواس القهري منذ الطفولة، فأنا أتذكر أنني كنت مثاليا في كل شيء وكنت أطلب المثالية من الجميع ولكني لم أكتشف أنني مريض إلا بعمر 15 سنة عام 2003، أي حينها فقط علمت أن ما أعانيه ليس طبيعيا وإنما مرضا وفي نفس الوقت لم أعرف اسم المرض الذي أعانيه، إلا سنة 2007.
بداية، في صغري تربيت تربية قاسية جدا من عند أبي رحمه الله، حيث كان يعنفني جسديا ولفظيا منذ نعومة أظافري، وكان يضربني كثيرا وأنا في عمر 5 و 6 سنوات حتى وصلت لسن 16 سنة حينها توقف عن ضربي، وكان يضربني بقضبان الحديد أو بسلك كهربائي أو بلكمات على وجهي... وكنت كثيرا ما أمشي للمدرسة وأكذب على الأساتذة عندما يسألونني من ضربني على وجهي، أنا لا أحمل في قلبي ذرة حقد لأبي رحمة الله عليه، فأنا أحبه جدا ويا ليته لم يمت، لكن فقط أشرح لكم لأنكم تطلبون هذا لتتضح لكم رؤية المشكلة بشكل أفضل.
المهم عندما كنت أشرح للأهل ما أعانيه من وساوس كانوا يقولون لي أن علي أن أتقرب من الله وأن أبعد عني هذه الأفكار التي مصدرها الشيطان... فلم يستمع لي أحد، وبقيت أعاني لوحدي في صمت، وعانيت من جميع أنواع الوساوس التي تخطر على البال، وسواس العقيدة، وسواس العبادات، وسواس الموت، وسواس النظافة، وسواس الطقوس الحركية بشتى أنواعه، فلم أترك منطقة في جسدي إلا وأقوم بطقوس فيها، وكانت تشكل علي هذه الوساوس ضغطا رهيبا لدرجة أنها أثرت على دراستي ومستقبلي بدرجة فظيعة... وكنت أوسوس في كل شيء، وكان 80% من وقتي وسواسا ... المهم، بعد مدة ليست بالقصيرة وجدت برامج علاجية سلوكية على الإنترنت وطبقتها وارتحت كثيرا وكنت مسيطرا على المرض وأعيش حياة طبيعية نوعا ما لمدة لابأس بها. حتى الآن وساوسي مثل بقية المرضى ولا يوجد أي مشكلة.
ولكن منذ حوالي سنة ونصف بدأ معي من جديد وسواس العقيدة وسب الله والدين والرسول إضافة إلى وسواس العبادات في الاغتسال والوضوء والصلاة... لكن هذه المرة كان الوسواس قويا جدا لأنه كان عندما يرسل لي الفكرة الوسواسية في ذات الله أو في الدين مثلا كانت تتبعها مباشرة طقوس حركية عنيفة جدا حتى أكاد أفقد طاقتي، ولا أعلم إن كان الشيطان يرى أنني أستطيع الصمود أمام وسواس واحد فقرر زيادة الجرعة، حيث أصبحت كلما دخل علي وسواس، في نفس اللحظة أصاب بطقوس حركية قوية ولا أظن أن هذا من الصدفة. وهنا دخلت في دوامة جديدة لأنني لم أجد استشارة واحدة تشبه ما الذي سأحكيه لكم الآن.
فكان اجتماع وسواسين مختلفين في نفس اللحظة يغلبني ويرهقني جسديا ونفسيا حتى ينقص تنفسي بسبب الخوف من الله وبسبب الغضب أيضا، حيث كان يفقدني السيطرة على تفكيري وأغضب جدا لدرجة أنني ألوم الله ليس في نفسي فقط وإنما أتكلم وأقول له "لماذا يا ربي تراني أعاني هكذا ولا تبعد عني الشيطان، فأنا أحارب الشيطان لكي لا أسقط في الكفر، فالشيطان عندما لم يقدر علي بوسواس العقيدة أو وساوس الطقوس الحركية أتى بهما معا لكي يقضي علي ولكنك يا الله واقف تتفرج رغم أن الأمر كله في يدك، هذا ظلم لي وليس من حقك أن تتركني أعاني لوحدي هكذا..." كل هذا وأنا أعلم يقينا أنه سبحانه حرم الظلم على نفسه. وأعلم أن ما أقوله وأنطق به مصيبة كبرى ومخرج من الملة ولكني أستمر في قوله لأنني أفقد السيطرة على نفسي حيث أغضب جدا بسبب اجتماع وسواسين مختلفين في آن واحد فيكون ضغط الوسواسين ثقيل جدا لدرجة لا يعلمها إلا الله، وأبدأ بسب الله تعالى في نفسي فيختلط الغضب مع الخوف ويختلط الوسواس مع الحقيقة ومع الغضب ولا أعلم حينها هل السب في نفسي كان وسواسا أم حقيقة وأني تعمدته.
فأنهار باكيا وأزداد غضبا ولا أستطيع أن أسيطر على حالي لحوالي ساعة من الزمن أو أقل أو أكثر بقليل. فرغم أني أحاول الهدوء وأستغفر الله وأنطق الشهادتين إلا أنني بعدها بدقيقة أو دقيقتين أقول له نفس الكلام بل وأكثر، فمثلا أقول له "ما هكذا اتفقنا سابقا يا صاحبي، (كأنه صديقي وكأنني شريك له في ملكه أستغفر الله) حرام عليك يارب ما تفعله بي، ما ذنبي أن تتركني هكذا للشيطان وأنت تتفرج، أين هي رحمتك.." كل هذا وأنا أعلم أنني مخطئ وأنه أرحم الراحمين وأن هذه مصيبة عظمى ستدخلني لجهنم والعياذ بالله، ولا أريد أن أقول ذلك الكلام ولكني لا أستطيع السيطرة على نفسي.
والكارثة الأخرى أنه مثلا إن حصل لي شيء في تلك اللحظات ليس له علاقة بالوسواس القهري، مثلا كأن يسقط كأس من يدي أو ينقطع الكهرباء... كنت أزداد غضبا وألوم الله على كل ما يحدث لأن الغضب سيطر علي وأي شيء سلبي سيحصل في تلك اللحظات حتى ولو كان بسيطا جدا ولا يستحق الغضب سألوم الله عليه كأن أقول له "ألم يكفيك ما أعانيه من الوساوس، بل وصل الأمر بك يا الله أن تزيد الطين بلة وتترك كل هذه الأمور تحدث لي.."، فأتنرفز وأنفعل جدا، رغم أني لست شخصا عصبيا ولكن اجتماع الوساوس القهرية يفقدني هدوئي وأتحول لإنسان آخر. بل وصل بي الأمر أنني عندما أنطق ذلك الكلام أرفع يدي على الله بدون استحياء.
ذهبت إلى طبيب هنا وبما أنه ليس مسلما مثل الغالبية الساحقة شرحت له الأمر فزاد الطين بلة وأراد أن يشككني في ديني، حيث قال لي أن علينا أن نبدأ العلاج ونترك الدين جانبا لأن لا أحد يجزم هل الله موجود أم لا ولكننا نجزم أنك مريض، فتركته وذهبت لحال سبيلي لأنني لا أريد أن أخسر ديني في سبيل علاجي، أفضل أن أبقى مريضا مسلما على أن أكون معافى ملحد والعياذ بالله.. هذه هي النقطة التي دمرتني وهي أنني وجدت نفسي أنني الوحيد الذي وصل به الأمر من خلال الوسواس أن يلوم الله، فعلمت أنني خرجت من دائرة الموسوسين الذين ليس عليهم شيء ولن يحاسبوا على ما يصدر لهم، فأصبحت أحسدهم على ما هم فيه من نعمة، وأتذكر عندما كنت مصابا مثلهم حيث لم يكن عندي الجرأة التي أملكها الآن، فقد كنت أخاف من الله جدا ولم أتخيل يوما أن أصل لهذا الحد.
فأنا كنت مثلهم وكنت أطمئن عندما أسمع الشيوخ يطمئنوننا، لكني الآن أصبحت شخصا آخر، أبكي بالليل والنهار على ما أصابني وأخاف أن يكون مصيري النار. مع العلم أن الجرأة التي وصلت لها اليوم هي بسبب الخوف الشديد من أن أقع في الكفر، فيتولد جراء هذا الخوف ضغط شديد يؤدي بي إلى الغضب والانفعال الشديدين. وقد أرسلت رسالتي هذه قبل مدة لموقع إسلامي ولكنها كانت قصيرة لأن أطول رسالة يستقبلونها هي 1000 حرف، وعند الرد قاموا بتوبيخي فزاد الأمر عندي تعقيدا ولم أعد أعرف ماذا أفعل.
بالله عليكم، قبل أن تنصحوني فيما يخص الذهاب إلى الطبيب والدواء، فأنا أثق بكم جدا وسأفعل ما تنصحونني به بإذن الله، فبالله عليكم أريد أن أعرف هل أنا محاسب على هذا الكلام الذي يصدر مني وأتهجم به على خالقي الذي يرزقني بالليل والنهار؟ سواء كان الكلام الذي أنطق به أو السب الذي أسبه في نفسي. وهل إن كنت محاسبا سيغفر الله لي؟ وماذا أفعل لكي لا أعود لمثل هذا الكلام؟ فقد أصبح يحدث لي هذا مرة أو مرتين في الشهر على الأقل.
أنا في حالة يرثى لها وأريد منكم النصح والإرشاد
جزاكم الله عنا خير الجزاء.
15/8/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "حمزة"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مجانين...
أما اجتماع وسواسين في نفس اللحظة، فلست أول من يحصل له هذا، وستجد كثيرًا من الاستشارات يعاني أصحابها من وسواس السب أثناء الوضوء، أو أثناء الصلاة، وهم موسوسون في الوضوء والصلاة مثلًا... أو يجتمع لديهم وسواس الخطأ في التلاوة مع السب في نفس اللحظة أثناء قراءة القرآن... ومع هذا لا نرى أحدهم غضب هذا الغضب، أو اعترض على قدر الله وابتلائه.
الوسواس قطعًا ليس له علاقة بما تقوله وبما تتفوه به، أعني ما تفعله ليس هو السباب القهري، الذي يفعله بعض الموسوسين ولا يؤاخذون عليه، ولعلك ممن اجتمع لديه مرضان وليس وسواسين
المحاسبة موكولة إلى الله تعالى، ولكن سأعطيك مقياسًا يفيدك: إذا كنت أمام الملك، أو أمام رجال الأمن، وتضايقت من أمور مجحفة أمر بها الملك وغضبت، هل تستطيع كبح كلمات السباب للملك والدولة أم لا؟ إن كنت تستطيع فأنت محاسب على ما يصدر منك تجاه الله عز وجل، وإن كنت لا تستطيع فأنت بحاجة إلى طبيب يحدد مرضك ويقيم إرادتك، قبل أن نعرف هل أنت محاسب أم لا.
والذي أستشفه بعد تكرار قراءة رسالتك كثيرًا بغية فهم حالتك، أن هناك خللًا في أعماقك في جوانب عدة، في مفهوم الابتلاء، وفي الرضا بقضاء الله، والصبر...، وفي معرفة حقيقة وجودك في هذه الحياة، وكيف تتعامل مع حلوها ومرها.
إنك وإن كنت تعلم أن الله ليس بظالم، وأن ما تتفوه به كبيرة من الكبائر، غير أنك غير مقتنع أن ما يحصل معك شيء طبيعي في هذه الحياة! هكذا هي الدنيا، امتحان وأسئلة، ولكل إنسان أسئلته الخاصة، والله ينتظر منك الجواب...، وبدل أن تجيب وتصبر، رفضت دخول الامتحان كله، وبدأت تعترض على سنة الله في الكون وهي أن يعيش الإنسان في حياة كلها اختبارات وابتلاءات، فخرجت ببلاءين بدل الواحد، وأضفت إلى معاناة وسواسك، خسران دينك.
تحتاج إلى أن تكون حازمًا مع نفسك، وتقرر أن تلجم نفسك عن الغضب والسباب، وأن تصبر وترضى بقضاء الله في هذه المعاناة التي تعد بسيطة جدًا مقارنة بأمراض أخرى، أو مقارنة بسجين –مثلًا- ينال ألوان العذاب التي لا يتصورها الخيال، ولا يدري أحد عنه شيئًا... هل يرضيك أن ترسب في الامتحان وينجح غيرك؟
أما هل يقبل الله توبتك أم لا؟ نعم هو يقبل التوبة من كل الذنوب وإن تكررت. والمهم أن تكون صادقًا، وتبذل جهدك كله في الحفاظ على توبتك وعهدك
طبعًا يلزمك استشارة طبيب، وهناك أطباء مسلمون في البلاد العربية وغيرها، يستقبلون المرضى عن طريق الإنترنت، فانتظم عند واحد منهم، ومنهم د.وائل أبو هندي.
لا تهمل نفسك هداك الله
التعليق: وش قاعد تقول يا دكتور الله يهديك الرجال واضح مليون بالمية أنه مريض وسواس قهري
أرجوك صحح معلوماتك ولا تهلك الرجال