ليلة الزفاف عقدتي
أنا متزوجة ولدي من زوجي أبناء، مشكلتي مع زوجي بدأت منذ يوم زفافي، مع أننا كنا طبيعيين بالخطبة مع وجود بعض الفتور بالمشاعر.
زوجي من النوع الذي يغلبه الجمود وطول مدة الخصام عند حدوث المشاكل، وفي يوم زفافي قرر فرض رأيه علي كنوع من العناد وعدم احترام مشاعري أو حتى احترام أن يفعل ما أحب بليلة عمري وكانت النتيجة حفل زفاف وليلة دخلة من أفشل ما يكون، خالية من كل أنواع الحب والحنان مع القهر المكبوت نتيجة ما سببه لي من ألم بليلة لا تعوض؛ مما أدى إلى خلق عقدة لدي من كل ما اسمه عرس وعروس وحتى أصوات سيارات الزفاف، وهذه كانت مشكلتي الأولى.
استمرت الحياة مع زوجي وكان يمارس أنواعا من القهر وفرض الرأي، هو لا يضرب ولا يسب ولا يشتم إلا عندما يشتد الجدل، ولكني شعرت أنه من السهل له أن يسبب لي الحزن، وأنه لا يهتم سواء كنت فرحة أو مقهورة أو حزينة، ولا يناديني بألفاظ الحب ولا يحن علي، أحس أنني بحاجة إلى العاطفة والحنان خاصة إني لم أحرم منهما عند أهلي وتوقعت امتدادا لهما عند زوجي، ولكن للأسف.
حاليا أنا أعمل، وبعد العمل أدور بطاحونة العمل المنزلي والأولاد إلى ساعة متأخرة من الليل بينما يجلس ليشاهد التلفاز أو ينام، وإن لم ينم فهو خارج البيت.. أحس بأنني أعيش وحدي وقد قتلتني الوحدة والتعب، ولا أستطيع ترك العمل لأني أعرف ما سيؤول إليه الوضع وصرت لا أقدر على العمل من قلة النوم والتعب الجسدي والنفسي.
زوجي كثير النقد ينتظرني على الزلة، ولا يريدني أن أتكلم عما يؤلمني وما أحب أن يقدمه لي، فكأنه وضع سياسة لتعامله معي لا ينوي تغييرها، لا أحس بالقرب العاطفي بيني وبينه فكأننا غرباء، والصراحة بيننا معدومة وإن حاولت أن أكون صريحة تسببت بمشكلة.. أساعد بمصروف البيت، وأحس بأني أعمل للا شيء سوى أن أقلل مبلغ الديون التي ما زالت تتراكم علينا ولا تنتهي أبدا .. أنا أغار من كل زوجين أحس أن أرواحهما قد تعلقت ببعضهما، كما صرت أشعر مؤخرا بأنه لا يربطنا سوى الأولاد، صرت أشعر بأنه لا يوجد ذرة من حب في قلب زوجي تجاهي فمن ذا الذي يحب وهكذا يتعامل مع زوجته؟!
فكرت بالانفصال مرات عديدة وحتى الآن ما زلت أفكر، ولكن الأمر يختلف، ماذا سيكون مصير أولادي لو انفصلنا، ولا أحب أن أكون سبب التفكك لأسرتي.. وبنفس الوقت أحس إني أموت موتا بطيئا؛ فلم أتوقع يوما أن تكون هكذا حياتي جافة وتعيسة .. أرجوكم لا تهملوا أي جزء من رسالتي.
هل الانفصال هو الحل لوضعي وقد جربت كل الأساليب مع زوجي ولم ينفع شيء، كما أنه يرى أنني السبب لما نحن عليه، لا أدري ما يريده مني.. هل يريد زوجة بلا أخطاء لا تشكو ولا تتذمر!.
أحس بأني كبرت كثيرا من كثرة الهم والغم؛ فهل من المنطق أن يحيا الإنسان بدون سعادة
أو أن يكون قد ارتبط ماضيه بعقد لا تفتأ تخرب صفوه؟
11/8/2022
رد المستشار
كلما جاءتني استشارة من زوجة تشكو الحال مع زوجها أتذكر تلك الوصية التي قدمتها الأعرابية لابنتها ليلة زفافها، وأسأل نفسي هل هذه الوصايا "منطقية" أو "واقعية"؟
الأعرابية تقول: يا بنيتي لقد فارقت بيتك الذي منه خرجت، ومخدعك الذي فيه درجت إلى مخدع لم تعرفيه، وقرين لم تأليفه، فكوني له أمة يكن لك عبدًا .. ثم تبدأ الأعرابية في نصيحة ابنتها بعشر نصائح: القناعة، والطاعة، والتجمل، والتعطر، وتقديم الطعام في وقته، وتوفير البيئة الهادئة المساعدة على النوم، والتدبير لأمواله، وحسن تربية أولاده، وعدم عصيان أمره وعدم إفشاء سره .. ثم تنتقل الأعرابية لمجموعة أخرى من الوصايا، وهي: ألا تفرحي عند حزنه، ولا تحزني عند فرحه، وأن تكوني أكثر الناس إعظامًا واحترامًا له .. ثم تختم بقولها: "واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت".
ومرة أخرى أسأل: هل هذه الوصايا منطقية وواقعية؟ وإن كانت كذلك، ألا ينبغي أن تكون هناك وصايا مشابهة للزوج؟
ربما تبدو الوصية فيها "مثالية" زائدة، وربما يجب أن تكون هناك وصية موازية للرجل، ولكن -رغم كل هذا- لا شك أن هذه الوصية تلفت أنظار الزوجات إلى ثلاثة أمور مهمة:
النقطة الأولى: أن هناك "انتقالا" من الحياة في بيت الأهل إلى حياة جديدة بشروط جديدة وعلاقة مختلفة، ومسؤولية حقيقية، وأن المقارنة مع الحياة قبل الزواج ليست لها معنى.
النقطة الثانية: أن الرجل له "مفاتيح" معينة وأن الزوجة الذكية هي التي تُحسن استخدام هذه المفاتيح لتحصل على كثير مما تريد.
النقطة الثالثة: أن الزوجة عندما "تبدأ بنفسها" فإن العدوى ستنتقل إلى الزوج ولو بدرجة معقولة يمكن معها استمرار الحياة، وأنا هنا أدعوك لتأمل هذه النقاط الثلاثة: أن تتحملي مسئولية الحياة المختلفة، وأن تبحثي عن مفاتيح زوجك، وأن تبدئي بنفسك.
أعرف أن تطبيق هذا الكلام ليس يسيرًا، وخصوصًا؛ لأن لديك تراكمات وعقد سنين طويلة من الزواج!! ولكن هناك بعض الأمور ستساعدك كثيرًا في التقدم للأمام، سأذكرها لك كعناوين، وأتركك تفكرين في تفاصيل هذه العناوين بهدوء:
1- حاولي أن تنظري لزوجك بشكل مختلف، ولا تفسري تصرفاته بأسوأ التفسيرات، فمثلا هو لم يتصرف بشكل "جاف" ليلة زفافك لأنه يتعمد أن يحرمك من سعادتك، ولكنه "لا يفهم" أهمية تلك المشاعر، ويعتقد أن أسلوبه "العملي"، "الحازم" في إدارة الأمور فيه مصلحة البيت كله.
2- لا تكلفي نفسك فوق طاقتك، وإنما اجتهدي في أن يتحسن أداؤك تدريجيًا.
3- لا تنتظري ثناء أو شكرًا من زوجك كلما أحسنت، فهو في داخله قد يدرك التحسن، ولكنه لا يجيد التعبير عنه، وإنما قد تفاجئين بأنه يهتم دائمًا "بالسلبيات" متصورًا أنه بهذا يدفعك للمزيد من الكمال.
4- انتهزي الفرص الطيبة والأوقات الجميلة لتعبري له عما يضايقك، ولتطلبي منه هو أيضًا أن يتحسن في بعض الأمور بالتدريج.
5- أعطي نفسك ما تحتاجينه من الراحة -ولو قليلا- لأن القلوب إذا كلت عميت.
6- لا تسكتي على خطأ يرتكبه زوجك في حقك، ولكن المهم هو أن تختاري الوقت والأسلوب المناسب للتعبير عن هذا، فلا مانع من المصارحة لكن المهم كيف ومتى.
7- ربما تحتاجان اللجوء لاستشارة متخصص ليقدم لكما برنامجًا طويل المدى للتواصل والتفاهم.
8- وأخيرًا.. جددي نيتك مع الله سبحانه وتعالى، ليتقبل حسن معاملتك لزوجك، وأكثري من الدعاء أن يصلح بينكما.