السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنتي تبلغ من العمر ثلاث سنوات وستة أشهر مؤدبة وذكية، ولكن في بعض الأحيان أواجه معها مشاكل في بعض التصرفات نتيجة للعناد الذي ينتابها فهي دائماً تعبث في أدوات التجميل الخاصة بي وتفسدها وكم مرة أوبخها ولكن ذلك لا يؤدي لنتيجة وأحياناً أضربها على يدها ولكن دون جدوى لا أعرف ما الذي يمكنني فعله في مسألة العناد مع طفلة في هذا العمر علماً بأني أكره الضرب وأحزن عليها جداً حينما أضربها هذه المشكلة الأولى.
أما الثانية: فهي أن ابنتي كثيرة الكلام بعض الشيء وتنقل الكلام دوماً فكل ما يحصل بيني وبينها تذهب للخادمة وتخبرها به، مثلاً عند خروجي من المنزل تخبرها بالمكان الذي ذهبنا إليه أو عندما أوبخها تذهب فوراً للخادمة وتقول لها (ماما زعلانة مني هي بس تصرخ) ماذا أفعل كي أمنعها من نقل الكلام إلى الآخرين؟ وكيف أربيها على أن تبوح لي بكل مشاكلها التي تمر بها عندما تكبر؟
وهي لا ترتب أغراضها في أغلب الأحيان فكيف أجبرها على ذلك؟ كما أود أن أخبرك بأني سوف أدخلها الروضة هذا العام وهي تشكو من حساسية في الجلد عند تناولها لبعض أنواع الطعام فقد كتبت كل ذلك للمدرسة وسوف أترك لها الدواء المناسب في المدرسة، ولكنني خائفة من حدوث أي مكروه لها خصوصاً بأن بعض أنواع الأطعمة إذا تناولتها يمكن أن تسبب لها اختناق وعلى آثره يجب نقلها إلى المستشفى مع العلم بأنها تعرف أنها تعاني من الحساسية وتخاف من الأطعمة التي تسبب لها هذه المشكلة ولكن في بعض الأحيان ينتابها الفضول وتريد تذوقها ما العمل؟
أما المشكلة الثالثة: ابن أختي يبلغ من العمر سنتين واسمه عبد الرحمن ولا يتحدث حتى الآن وأنجبت بعده فتاه تبلغ من العمر 4 أشهر، وله أخ وأخت أكبر منه سناً يعني هو في المرتبة الثالثة بين إخوته هو طفل مؤذٍ جدًّا وعنيف فهو يضرب أخته الصغيرة دائماً على وجهها ويشد شعرها ويضع أصبعه في عين أي طفل يراه بالرغم من أن منظره وهدوءه يوحيان للناظر إليه عكس ذلك
ما الذي يمكن أن تفعله معه حتى تغير من تصرفاته؟
علماً بأن أمه معلمة ووالده مهندس؟
15/09/2022
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم، الابنة الكريمة "هند" حفظها الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أهلا وسهلا بك على موقعك، ونحن نرحب دائما بأسئلتك واستفساراتك.
ابنتي الكريمة: يبدأ العناد في الأطفال من سن الثانية إلى سن الخامسة والسادسة تقريباً، وقد تؤدي معالجة الوالدين الخاطئة لهذه المشكلة إلى طول فترة العناد وتزايد شدته، فالطفل في عامه الثاني والثالث يشعر بأنه قد تعلم الشيء الكثير فأصبح قادراً على المشي والتنقل وفهم الكلام الموجه إليه، وأصبح يعرف أشخاص خارج نطاق أسرته، لذلك فإن عناده في هذه المرحلة يكون ظاهرة صحية لأنه يحاول الاستقلال بنفسه والاعتماد على ذاته، وعلى الوالدين أن يتعاملوا مع عناده بشكل سليم، لذلك فإن صراخك في وجه الطفلة وضربها ليس هو الحل الأمثل، وكلما اقتربتي منها وأشعرتيها بوجودها وأعطيتيها قيمة لرأيها اتجهنا إلى المنحى الصحيح في التربية والتعامل مع عنادها.
لذلك كل ما يجب عليك في هذه الحالة هو الاقتداء بالنصائح التالية:
- التقرب من الطفلة، ومناقشتها كشخص بالغ، والاهتمام بها، ولابد من النظر في عيني الطفلة عند التحدث إليها، واستخدام عبارات محددة وبسيطة ومناسبة لعمرها وقدراتها العقلية
- محاولة التعرف على ميولها ورغباتها مع إشباعها وفقا لمتطلبات المرحلة العمرية، فمثلا اذا كانت تعبث بأدوات التجميل الخاصة بك فهذا يدل على ميولها الأنثوية ورغبتها في تقليدك، ويمكنك حل المشكلة بإحضار لعبة "أدوات التجميل" لها لتمارس من خلالها ميولها دون أن تقوم بتدمير أدوات التجميل الخاصة بك .
- استخدام القصة في إكساب الطفلة القيم والسلوكيات الإيجابية، ويفضل أن يكون أبطالها من الحيوانات المحببة إليها ويمكن أيضاً لعب الدور معها
- عندما ترفض الطفلة فعل شيء معين عليك طرح سؤال عليها عن السبب الذي أدى بها إلى الرفض ومحاولة إقناعها عن تغيير تلك الفكرة عن طريق تقديم تعزيزات مادية ومعنوية لضمان تعديل السلوك قبل اللجوء للعقاب
- وضحي للطفلة النتائج السلبية لعنادها مع عدم الاعتماد على الضرب نهائيا في التعامل معها لأن ذلك يزيد من الشحنات السلبية التي تسقطها عليك
- في حال رغبتي في عقابها فإن عقوبة الحجز من أنفع العلاجات لأغلب مشكلات الأطفال، وهو أن يضع أحد الوالدين كرسياً في زاوية إحدى الغرف، فإذا ما استخدم الطفل العناد كوسيلة للطلب والعصيان فإن الأب والأم يمسك بيد الطفل بهدوء ثم يسحبه إلى الكرسي ويجلسه عليه ويجعله لا يتحرك لفترةٍ زمنية معيَّنة، مع مراعاة أن المدة الزمنية المحددة يجب أن تتناسب مع عمر الطفل، "دقيقة لكل سنة"، ولا نستخدم هذا العلاج للطفل أقل من سنتين لعدم إدراكه
واحذري – عزيزتي – من توبيخ الطفلة أمام الآخرين، لأن ذلك يضعف من ثقتها في نفسها ويزيد عنادها، وتذكري أنه عندما نطلب منك التعامل معها بالحسنى لا أقصد أن تتعاملي معها بالحسنى لمدة يوم ويومين ثم تقولي أن الطريقة لم تنفع لأن الحصول على نتائج إيجابية خصوصا في تعديل سلوك العناد يستوجب المواظبة عليه لنصل إلى تغيير مدركات داخلية تسهم في تعديل السلوك
أما فيما يتعلق بمشكلة نقل الطفلة للكلام إلى الآخرين، فدائمًا ما يرغب الأطفال في التعبير عن أنفسهم بالحوار مع الآخرين، خاصة خلال الجلسات العائلية، إذ لا يعنيهم ماذا يقولون بقدر ما يهمهم أنهم وجدوا لأنفسهم دورًا في الجلسة بالحديث والتعبير عن شخصيتهم، فإذا لم تحاولي تنبيه طفلتك بعدم نقل ما يُقال من أحاديث عائلية، قد تطرحها في نقاشاتها بشكل عفوي، ستستمر معها تلك العادة وربما تزيد فيما بعد، لذا يجب أن تتبعي هذه النصائح للتخلص من عادة نقل الكلام عندها:
- إياكِ والعنف، فالعنف مع الطفلة تجاه أي تصرف خاطئ يؤدي إلى نتائج عكسية، ويزيد تمسكها بأفعالها التي تضايقك
- امنحيها جرعة حنان واهتمام أكثر، لأن أحيانا يكون سبب نقل الكلام هو محاولة من الطفلة لجذب الانتباه
- عوديها على النقاش والصدق بينكم، فهذا الأمر سيجعلها تثق فيك وتبوح لك بمشاكلها عندما تكبر
- اشرحي لها أن عادة نقل الكلام عادة سيئة، وعلميها معنى الخصوصية ومدى قدسية المنزل والأسرة والأحداث التي تدور بينهم، وأنه لا يجب أن يعرف أي شخص مهما كانت قرابته ما يدور بين أفراد الأسرة
- محاولة استغلال أوقات فراغ الطفلة بالتوجه الصحيح إلى أنشطة مفيدة لها
- غرس الأخلاق المستحبة والنازع الديني أمر بالغ الأهمية
وفيما يتعلق بحساسية الطعام، فعلى الرغم من أن معظم الأطفال يتغلبون عليها، إلا أنه لا يجب الاستهانة بها لأنها مشكلة مناعية قد تعرض حياة الطفل للخطر، مما يستدعي من الأم اتباع إجراءات ضرورية لحماية طفلها، وتستطيع الأم السيطرة على الطفل في المنزل عن طريق إبعاد الأطعمة المسببة للحساسية عن متناول يديه، أما في المدرسة، فلحماية طفلتك من حساسية الطعام هناك مجموعة من الإرشادات ينبغي عليك كأم اتباعها، أبرزها:
- توعية الطفلة بالأطعمة الممنوعة والمسموحة بطريقة مناسبة لعمرها دون ترهيب وتهديد
- تحضير الطعام الخاص بالطفلة في المنزل
- التنبيه على الطفلة بعدم تناول أي أطعمة وحلوى من زميلاتها في الروضة
- الحرص على أن يكون طعام الطفلة يشتمل على جميع العناصر الغذائية التي تحتاج إليها
- التواصل مع المعلمات في الروضة وإبلاغهن بالحالة الصحية للطفلة ونوع الحساسية التي تعاني منها والأدوية التي يمكن استخدامها في حالة الطوارئ
- تعريف المعلمات في الروضة بالأعراض المحتمل ظهورها عليها – إذا تناولت الطعام المسبب للحساسية – وطريقة التعامل معها
- تزويد الطفلة بالأدوية التي تتناولها والمستخدمة في حالات الطوارئ
- المتابعة المستمرة مع المدرسة والأشخاص الذين يتعاملون مع الطفلة بشكل مباشر، وترك أرقام تليفون يمكن الاتصال بها في حالات الطوارئ
وأما عن سؤالك الأخير بخصوص ابن أختك "عبد الرحمن"، فالأطفال أصحاب المهارات اللغوية الضعيفة، يكونون غير قادرين على تنظيم سلوكهم، ويكونون أكثر عرضة للعدوانية ومشاكل السلوك، ومع ذلك فلا داعي للقلق إلا إذا تأخر الطفل عن الكلام إلى عمر ثلاث سنوات ونصف السنة، لأن هذا الضعف في المهارات اللغوية قد يشير إلى وجود إعاقة نتيجة إصابته باضطراب نمائي مصاحب بوجود مشاكل في الانتباه، والتركيز، وفرط في النشاط الحركي .
انصحي أختك – في الوضع الراهن – بالاستمرار في محاولة الكلام مع ابنها، وحكاية القصص، وتوجيه الأسئلة له، حتى لو شعرت بأنها ساذجة لإجرائها محادثة مِن طرفٍ واحدٍ؛ فإنه مع الأيام سيفهمها، ويبدأ في الحديث معها بالتدريج، انصحيها بتكرار المواضيع والأسئلة نفسها، وفي أوقات مختلفة؛ لأنَّ الأطفال يحبون التَّكرار، وسماع القصة مرات عديدة،انصحيها بشرح القصص له عن طريق الصور، وأيضًا عليها أن تجرب معه أسلوب المنافَسة مع أخوته، ليتشجَّع أكثر، وإذا رغبت أختك بزيارة طبيبٍ نفساني مختصٍّ؛ للاطمئنان على قدراة ابنها، وقياس الانتباه والتركيز لديه عن طريق القيام بالاختبارات اللازمة لذلك فلا مانع، وسيقوم الطبيب بإعطائها طرقًا مناسبة للتعامُل معه بوضوحٍ
ابنتي الكريمة : أتفهم قلقكِ على ابنتك الصغيرة وعلى الأطفال في الأسرة عموما، وأنا سعيدةٌ لاهتمامكِ برعايتهم والاطمئنان عليهم، أدعو الله أن يصلحهم، وأن يجعلهم قرة عين لك، ولوالديهم في الدنيا والآخرة، وبالله التوفيق.