ماذا أفعل؟
أنا طالب أدرس بروسيا، عدت إلى مصر في إجازة الصيف بعد انتهائي من الكورس الثاني.. فوجئت بمرض أمي بالسرطان، وقد ماتت بعد عودتي بثلاثة أسابيع، وهي في فراش الموت أوصتني بأن أتقدم لخطبة فتاة ترغبها لي.
وفي العام التالي تقدمت لخطبة هذه الفتاة؛ كي أنفذ وصية أمي، وبعد أسبوعين من الخطبة تبين لي عدم رغبتي بالزواج منها؛ وذلك لأنها غير جميلة وسمينة البدن، مع العلم أنها من أسرة ذات خلق ودين وأغنياء.
وعندما فاتحت أهلي بعدم رغبتي بالزواج من هذه الفتاة؛ كان الرفض بالإجماع على فسخ الخطوبة، وقد قمت بأداء صلاة الاستخارة ثمان مرات، ولكني ما زلت أجد عدم رغبتي بالزواج منها،
وقد مضى على هذه المسألة أكثر من أربعة أشهر،
فما رأي فضيلتكم في مشكلتي هذه؟
19/8/2022
رد المستشار
هناك مَثل إنجليزي معناه: "إنك تستطيع أن تجبر الحصان عل الذهاب للبحيرة، ولكنك لا تستطيع أن تجبره على الشرب".
الممكن أن تجبرك الأم - رحمها الله - بوصيتها أو يجبرك الأقارب بضغوطهم على إتمام الخطوبة أو عقد الزواج أو حتى الزواج، ولكن مهما كانت الضغوط؛ فإنها لا يمكن أن تصنع رغبة أو ميلاً أو قبولاً، وهذه كلها أمور ضرورية لنجاح هذه العلاقة التي تمتد لنهاية العمر، ويرتبط فيها الزوجان في حياة مشتركة وبيت واحد.
وحتى إذا نظرنا للموضوع من الناحية الشرعية، فإن وصية الأم ليست ملزمة شرعًا؛ لأنك لست جزءًا من تركتها، وإذا أردت أن تبر أمك، فهناك وسائل كثيرة جدا مثل الدعاء لها والتصدق باسمها وغير ذلك؛ فهذا الزواج إذن غير مقبول من الناحية النفسية والشرعية وإذا تم هذا الزواج على هذا النحو وعلى غير رغبة منك؛ فإن هذا ليس فيه ظلم لنفسك فحسب، بل ولهذه الفتاة أيضا.
يتبقى عليك الآن أمران:
الأمر الأول: أن تراجع نفسك للمرة الأخيرة في أسباب رفضك لهذه الفتاة مراجعة موضوعية، وتعيد تقييمها هي شخصيا، وتقيس قبولك لها وشعورك لها، ولا تتطرف في اتجاه قبولها تأثرًا بوصية الوالدة - رحمها الله - ولا تتطرف في اتجاه رفضها لمجرد شعورك أنها فرضت عليك أو لمجرد أنها غير جميلة؛ فليس بالجمال وحده يُبنى بيتك ويُربى أولادك.
الأمر الثاني: إذا تأكدت بعد هذه الوقفة أنه فعلا لا يوجد قبول نفسي لديك تجاهها؛ فلعيك أن تدرس السلبيات المترتبة على ذلك، وتقوم بعلاجها على المدى الطويل أو القصير بحكمة وهدوء، الأمر يحتاج إلى نظرة موضوعية متكاملة بمعزل عن تأثيرات الضغوط، مع مراعاة أن يكون انسحابك من الخطوبة برجولة مع المحافظة على برك لأهلك مهما مارسوا عليك من ضغوط أو أساءوا إليك وقتيا، متأثرين بما فعلت.