وسواس الطهارة والاستنجاء بالذات سبب لي أزمة وجعل حياتي كئيبة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولا أريد أن أشكركم على جهودكم على موقع مجانين، وتقديمكم للاستشارات المجانية المفصلة والمفيدة، الله يجعلها في ميزان حسناتكم.
كخلفية عني، أنا أعاني من الوسواس القهري لمدة 5 سنوات تقريباً. بدأت بالوسواس في عدد ركعات الصلاة، والقليل من وسواس الاستنجاء. الحمد لله بعد معاناة وجهد، وجدت طرق للتعامل مع وساوس الصلاة، وصرت الآن تقريباً 80% طبيعي من هذه الناحية الحمد لله.
معضلة حياتي كلها هي وسواس الاستنجاء والطهارة بشكل عام. أعزكم الله، وصل بي الحال أن دخولي لدورة المياه صار عبء وشقاء، دخولي للتبول يأخذ وقت لا يقل عن 30 دقيقة، والغائط لا يقل عن ساعتين، وكذلك غسل الجنابة لا يقل عن الساعتين أو الثلاث. ولا أستطيع أن أستعمل دورة المياه في أي مكان غير منزلي بسبب الخطوات المعقدة التي اتخذها للاستنجاء.
اعذروني عن الشفافية العالية التي سأستخدمها لوصف حالتي، أُفضِّل أن أكون واضحاً حتى أحصل على المساعدة المناسبة: بداية، أنا أستعمل المرحاض الأفرنجي، كمراهق، كنت أتبول واقفاً، ومن بعد ما بدأت أن أهتم أكثر بصلاتي، صرت حريص ألا أصيب بدني بقطرات البول، فصرت أغسل ساقي كاملتين من الجهة الأمامية. ومن بعدها صرت أشك، كوني واقفاً، أن البول قد يتطاير إلى مقعد المرحاض والأرضية، فبدأت التبول جالساً كونه أكثر طهارة وسنة أيضاً. ومن بعدها كانت الأمور على ما يرام حتى صرت أشك أن البول الذي يرتطم بزجاج المرحاض من الداخل قد يرتد على أفخاذي ومؤخرتي (لأنه حصل في بعض المرات)، ولم تعجبني فكرة أن أرش الماء على هذه المناطق وأنا على المرحاض، لأني أشك أنني لن أستطيع إيصال الماء إلى جميع المناطق التي قد يصل رذاذ البول إليها، وأيضا قد يرتطم ماء الرشاشة بالماء النجس الذي بداخل المرحاض ويرتد علي وينجسني.
الآن نصل إلى روتيني الحالي الذي لا يقل عن 30-40 دقيقة وسأقوم بوصفه خطوة خطوة حتى تتمكنوا أن تعطوني نصائحكم بما قد يقلل من وقتي في الحمام، لأني أعترف أن كمية من مشاكلي الوسواسية يرجع سببها إلى نقص في العلم، بدليل أني من بعدما صرت أقرأ استشاراتكم السابقة بالمشاكل التي تشابه مشاكلي، قمت بتطبيق بعض النصائح التي تقدمونها، وساعد هذا أن أقلل وقتي بالحمام بنسبة 10 دقائق والحمد لله، لكن هذا يعني أني لازلت أستغرق 20-30 دقيقة تقريباً من الإرهاق الذهني والنفسي والبدني كلما أردت التبول.
سوف أركز على روتين التبول لأن هذا الأكثر تكراراً في حياتي اليومية، ورجاءً أعطوني نصيحتكم على كل خطوة:
1- أستخدم المرحاض الأفرنجي، ولأني أتشارك الحمام مع إخوتي، ومنهم من يتبول واقفاً، عندما أدخل الحمام أقوم بتفحص مقعد المرحاض تحرياً من أي قطرات بول (لأنها صارت من قبل)، وفي كل الحالات أقوم برش المقعد بالماء بطريقة حذرة حتى لا أقوم برش الماء في داخل المرحاض فيتطاير الماء الموجود في داخل حفرة المرحاض إلى المقعد.
2- أقعد أعلى المرحاض، وأحاول أن أتبول بطريقة سلسة حتى أتفادى أن يرتد البول علي من زجاج المرحاض من الداخل. لكن، ورغم أني منتبه، أشعر معظم الأوقات بقطرات تلمس أفخاذي ومؤخرتي، أحيانا هذا الشعور حقيقي، وأحيانا يكون كاذب، وأحيانا يكون بسبب تبليلي للمقعد قبل جلوسي عليه. فأضطر أن أستنجي من هذه القطرات في الخطوة التالية.
3- حتى أستنجي، أقوم بسلت الذكر، ومن ثم أقف وأذهب إلى مكان الاستحمام، فأخذ رشاشة الاستحمام وأقوم بغسل رأس الذكر، وهنا ينزل الماء على رجلي مختلطاً بقطرات البول التي على رأس العضو فأشك بتنجيسهما. فأقوم بغسل الرجلين، ومن ثم أقوم بغسل أفخاذي ومؤخرتي من الخلف بطريقة أن الماء يصل إلى كل الزوايا والجهات التي قد يصل إليها رذاذ البول وأنا على المرحاض، ومن ثم أغسل الذكر كاملا مع المنطقة التي حوله من الأمام، ومن ثم أقوم بحركات متعبة كالقرفصاء لوقت طويل حتى أتمكن أن أصل الماء إلى جميع المناطق بكل دقة ومن غير استثناء، خاصة الأماكن صعبة الوصول. هذي الخطوات متعبة جدا، خاصة أنها تتطلب أن دفع الماء يكون قوي إلى حد ما، وهذا غير متوفر في كل الأحيان، وأحيانا الماء يكون شبه يغلي من شدة حرارته فيكون اكثر تعذيباً.
4- بعد ما أنتهي من الحركات الجمبازية التعجيزية، أقوم بالسلت لمرة أخيرة كوني أشعر بقطرات داخل الذكر، ثم أقوم برش جسمي السفلي كاملا مع المناطق صعبة الوصول مرة أخرى بشكل سريع (للتأكيد)، ومن ثم أخرج من دورة المياه (أخيراً).
كما ترون، أغسل نصف جسمي السفلي بدقة عالية في كل مرة أضطر أن أتبول، وكذلك في الغائط لكن بدقة أكبر ووقت أطول بكثير. خطواتي الغير واقعية تجعلني أحسب مليون حساب قبل أن أذهب إلى دورة المياه، وتجعل استخدامي للحمامات العامة شيء مستحيل بسبب عدم تواجد أماكن اغتسال لتتناسب مع أسلوبي في الاستنجاء.
اعذروني على الإطالة، فمشكلة الوسواس القهري سببت لي أزمة في حياتي، وجعلتني مقصِّر في نواحي كثيرة من حياتي وديني ودراستي وعملي ونفسيتي. جربت الذهاب إلى طبيب نفساني لكنه لم يسمع مني شيء تقريباً سوى أني موسوس، وقام بوصفي الدواء فوراً، فلم أرتح له ولم أتعاطى الدواء. أنا أرى أني شخص متفهم، فأُفضِّل أن أتعالج عن طريق التوجيه والنصيحة، لأني قد رأيت من هذا الأسلوب الفائدة خلال فترة إصابتي بالوساويس، فقد مررت بفترات أسوء مما أنا عليه الآن، والحمد لله تخطيتها.
وشكراً جزيلاً مقدماً،
وجزاكم الله كل خير.
25/8/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "حمود"، نشكر لك مشاعرك الطيبة تجاه الموقع، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك
مشكلتك ليست في الأحكام الشرعية بقدر ما هي في طقوس وسواس دخول الحمام التي تستهلك منك وقتًا طويلًا بغير ضرورة.
1-أريد أن أعلق على قولك بالنسبة لارتداد الماء والبول: (لأنه حصل من قبل). الشيء إذا حصل مرة لا يعني أنه سيحصل كل مرة! أنت عندما يرتد البول أو ماء المرحاض وتراه بعينك، وتتأكد من أنه نجاسة، طهره، وإلا فلا داعي للتطهير.
حتى لو استعمل أخوتك المرحاض، هم مسلمون مثلك، وحريصون على الطهارة، وإذا تأكدوا من وجود نجاسة طهروها. ربما مرة لم يلحظوا قطرة، ورأيتها أنت وقمت بالتطهير، لكن لا يعني هذا أنهم سيقصرون في التطهير في كل مرة... فلا داعي لغسل غطاء المرحاض في كل مرة تدخل فيها إلى الحمام.
وطبعًا تطبيق هذا يحتاج إلى قوة وعزيمة وتحمل للقلق
2-كذلك قولك: (أحيانا هذا الشعور حقيقي، وأحيانا يكون كاذب، وأحيانا يكون بسبب تبليلي للمقعد قبل جلوسي عليه). إذن الشعور لا يكون صحيحًا دائمًا، وإنما هو أحيانًا وأحيانًا... وفي هذه الحالة أيضًا لا يلزمك التطهير في كل الأحيان، وإنما في الحين الذي يكون الشعور فيه حقيقيًا. وإذا لم تستطع معرفة هل الشعور حقيقي أم لا، فالأصل أن النجاسة لم تصبك وإنما هو توهم أو من ماء المقعد، وليس عليك تطهير. ما رأيك؟ هل تستطيع التطبيق؟
ولا أدري لماذا لا يعجبك رش فخذيك وأنت على المقعد؟!! عدم صلاحية هذه الطريقة للتطهير فكرتك أنت وحدك، لكنها كافية ووافية في الواقع.
3-4- لو فرضنا أن استنجاءك في مكان الاستحمام صحيح، فلا أدري لماذا تستنجي واقفًا لتدخل إلى نفسك شكًا فوق شكك، وتحكم بنجاسة رجليك، ثم تقوم بطقوسك العجيبة! استنجاؤك في مكان الاستحمام غير صحيح من أصله، ويجب أن تمتنع عنه، ولكني أحببت أن ألفت نظرك إلى سلوك أنت في غنًى عنه خاصة أنك تجلس القرفصاء بعد ذلك.
يمنع منعًا باتًا باتًا باتًا أن تستنجي إلا على المرحاض. وكن على يقين أن رذاذ البول لن يصل إلى مكان لا يصله ماء الرشاش؛ أعني أن مجرد رش المكان كافٍ في إذهاب النجاسة كلها من على فخذك (إن وجدت) لأن الرذاذ لن يصل إلى الثنيات التي لا يصلها ماء الاستنجاء.
هذا الكلام لتقويم طريقة تفكيرك وتناولك للأمور والحكم عليها...، ولكن التدريب على ترك هذه الطقوس لا يكون هكذا...
قبل كل شيء عليك أن تعرف أن مذهب المالكية يجيز لك الصلاة مع وجود النجاسة، لهذا ستقوم بطلاق هذه الطقوس، فإن بقي شيء من النجاسة (في ظنك) فاتركها تمر على مذهب المالكية...، المهم أن تتخلص من طقوسك المميتة هذه.
كما قلت لك: أول ما ستبدأ به هو التخلي عن الاستنجاء في مكان الاستحمام مهما كان الأمر صعبًا بالنسبة لك، ترش الماء وأنت على كرسي المرحاض وتقوم. ولا يهم إن لم تشعر بزوال النجاسة، فإنها لا تؤثر على صحة صلاتك كما أخبرتك قبل قليل.
من المفيد أن تسجل على ورقة عدد المرات التي نجحت فيها في الاستنجاء على المرحاض، وكذلك كم مرة فشلت، لتشجع نفسك على المثابرة، ولا بأس بمكافأة نفسك بشيء تحبه عند النجاح.
وعندما تنتهي من هذه المشكلة، وتصبح مرات الفشل قليلة جدًا، ابدأ بالامتناع عن غسل المقعد قبل قضاء الحاجة. كذلك لو فرضنا أن هناك شيء من النجاسة فدعك من تطهيرها، واتركها على مذهب المالكية.
في الواقع أنت لا تحتاج لتطهير المقعد، لأنه غير متنجس أصلًا، وهذا باتفاق المذاهب، ولكن دعنا نجامل وسواسك قليلًا، ونسكته بأن وجود النجاسة لا يضر.
فإن تغلبت على طقوسك في غالب أحوالك، ابدأ بحساب الزمن الذي تستغرقه في قضاء الحاجة والاستنجاء، وقلل المدة شيئًا فشيئًا، مع تسجيل المدة في كل مرة. وتقليل الزمن يكون بقطع عملية الرش والاستنجاء، بعد وقت تحدده أنت سواء شعرت بزوال النجاسة نهائيًا أم لم تشعر. وتذكر دائمًا أن شعورك لا يعتمد عليه، أي أن النجاسة قد زالت في الحقيقة ولكنك لا تشعر بذلك، لهذا قم بتطبيق خطوات محدودة في زمن محدد، ولا تعتمد على شعورك، وثق تمامًا أن عملية الاستنجاء تمت على ما يرام.
حاول أن تدرب نفسك على ما نصحتك به، ثم أخبرنا بالنتائج، وفقك الله