ذنب مع ابنة خالتي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ورضوان الله على آله وصحبه أجمعين ثم أما بعد:
طبيبي الفاضل قبل سنة من الآن وتحديدا قبل رمضان بشهرين كنت أقطن مع خالتي فترة إجازة وفي هذه الفترة كانت ابنة خالتي قد صارحتني بحبها تجاهي وأنا أيضا أحببتها مع العلم إنها صغيرة وأنا أكبر منها بخمس سنوات والدها توفي في نفس السنة فقلت في نفسي لماذا لا أكون أنا الأخ والأب لها وبالفعل قد عزمت إني بعد أن أتخرج من الجامعة سوف أخطبها رسمي ولكن مع مرور الأيام أصبحت تتقرب مني فمثلا أستيقظ من النوم فأجدها جالسة بجانبي فأقول لها ما بك فتقول لي لا فقط أنظر إليك وأنت نائم
في مرة من المرات قدمت إلي في وقت متأخر من الليل وأنا ما بين الحلم والعلم فإذا بي أحسست بها تقبلني فاستيقظت واحتضنتني وأنا بالفعل كنت بحالة صدمة ولا وعي لأول مرة في حياتي أجرب هذا الشعور فوسوس لي الشيطان ولم أعد قادرا على التفريق ما بين الصح والغلط فعاشرتها تلك الليلة والشيطان شاطر، وفي اليوم الثاني قدمت لي وفي نفس الساعة وفعلنا الحرام، بعدها رجعت للدراسة وتذكرت تلك الأيام المشؤمة وربي لقد ندمت على كل شيء حتى كرهت نفسي
وعندما رجعت لهم تكلمت معها وقلت لها حرام علينا لماذا فعلنا هكذا ولكن بالنسبة لها لم تسمع لكلامي ولهذا الوقت مصرة على الفعل وتقول إنها كانت من أجمل لحظات حياتها ويجب علينا معاودتها فبادرتها القول لا لقد كانت أسوأ لحظات مرت في حياتي إنها لحظات شيطانية، وربنا سوف يعاقبنا عليها وأيضا ياحضرة الطبيب إني والله أخاف عليها من الضياع وأخشى أن أكون أنا السبب في ضياعها في كل يوم لا يرتاح ضميري وأقول كيف سولت لي نفسي بذلك
والله يا طبيبي أنا نادم أشد الندم وعسى الله يغفر لي ولها
وشكرا جزيلا.
13/9/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلا وسهلا ومرحبا بك سيد "عابد".
أولا: أتوجه إلى الله بالدعاء لأجل الفتح، ففتح الله جل جلاله لكم ولي، وساقني لقول ما ينفعكم في الدين والدنيا.. آمين.
ثانيا: لم أقف على سؤال واضح منكم للشيء الذي تود أن تسأل عنه، وربما ذلك لأنك ما زلت تعيش ندما وتشويشا على ما قد صار، لذلك بإذن الله وتوفيقه أضع لكم خطوطا عريضة، ويقع على عاتقكم أن تتبصّر منها ما ينفعكم بإذن الله جل جلاله .
ثالثا: آخذ نقطة "الندم".
١- لا شك أن الندم شيء طيّب على الصعيد الإيماني والنفساني كذلك، وذلك إن سار في مساره ولم ينحدر إلى مسارات أخرى كجلد الذات وكره النفس، فالندم معنى ديني صحي إذ يحفظ الإنسان من الاسترسال في الأخطاء.
٢- عدم شعور البنت بالندم لا شك أمر غير مستحسن، لأنه لن تكون هناك حواجز توقف النفس عن تكرار الأخطاء، بل وقد تستلذ النفس بالأخطاء وتستمرئها، ولكن بعض المعاني تحتاج للاكتساب من الخارج ما دامت غير موجودة في تركيبة الإنسان وسجيّته، لذلك لا نحاسب البنت على عدم الندم بقدر ما نبحث في الأسباب التي خلف ذلك، ونسوقها لأن تستشعر الندم على الأخطاء، ولكن يجب أن يكون ذلك وفق قواعد، مثلا: ألا يكون الحديث معها في خلوة حتى لا يتكرر الخطأ، أو تخبرها أنك ستخبر شيخ الجامع لأجل معرفة كيف تستغفر وتكفر عن الذنب، شيء من هذا القبيل تجد به طريقة ما تحرّك بداخلها معاني الخوف من أن يُعرف عنها ذلك الذنب، وبالتالي قد تُساق من خلال هذا الخوف إلى إدراك الخطأ، مثلا: تسألها عن سبب عدم الندم، وتخبرها خلال ذلك أنك تجد في قلبك منها جدا تجاه عدم الندم، وتحاول بهذا الحديث أن تثير داخلها لكي تستشعر أن هناك قبح ما قد حصل.
٣- بالنسبة لك؛ يجب أن يقف الندم عند الندم أيْ على الفعل فقط، فتستغفر وتكثر من الاستغفار، تقرر عدم العودة إلى ذلك، تأخذ خطوات فعلية تجاه تنفيذ القرار، ولكن في ذات الوقت تتسامح مع نفسك، لا تجلدها ولا تنفر منها، فخير الخطائين التوابون، فكلما تذكرت ذنبك، أسرع إلى الاستغفار والتوبة، وضع هذه الموقف في زاوية داخلك بحيث تكون دافعة لك على عدم تكرار ذلك، ولا تكون في نفس الوقت موقفة للحياة، ومُكْسِبة لمعاني التقزز من نفسك، فالله جل جلاله يسامح عباده ويغفر لهم ويتجاوز عنهم ويسامحهم ويتوب على الذين يتوبون من قريب، لذلك تسامح مع نفسك وأكثر الاستغفار، وسيعلمك الله جل جلاله معاني التسامح مع الذات على أخطائها بالاستغفار والإصرار عليه كدليل العزم على صدق التوبة.
رابعا: إن كان في نفسك سؤال عن هل تخطبها أم لا، ويبدو أنك لا تريد هذا، لأسباب تخصك، أو لأجل أمك لم ترى فيها ندما فخشيت على نفسك وحياتك منها، ولذلك تخاف أن تكون سببا في ضياعها، في الحقيقة هذه نقطة تنقصنا فيها المعلومات المتعلقة بالبنت... وبشخصيتها، ولكن إن وجدت في نفسك ضجرا وقرفان وتقززا منها، فهذه لن تكون علاقة جيدة حتى ولو باسم الستر والحفاظ عليها، وربما لا تتقزز ولكن لا تستحين وترى أنها تربطك بذنبك تكرهه، فأيضا لا تفعل، ولكن إن وجدت نفسك محبا، تجد في داخلك قدرة على التعامل مع شخصيتها التي نفترض أنها غير منضبطة قليلا لأجل عدم الندم هذا، وتعلم مما بينكما أنها قد تنصلح، وتعلم أنك لن تأخذها بذنبكما ... فاستخر الله تعالى أولا، وليقدم الله لكما الخير، المقياس في هذه النقطة هو نفسك.. كيف تجد الأمر، وأما ما يتعلق بالعباد هل يضيعون، هل يبقون جيدين، تلك لله، ولخيارات العبد ذاته.
في النهاية لا يسعني إلا الدعاء لك بالخير والصلاح والفلاح في دينك ودنياك، وأن يبصرك الطريق النافع، ويرشدك إلى ما يحبه ويرضاه.
في انتظاركم إن أردت أن تتحدث في الأمر أكثر.
حفظكم الله، دمتم سالمين.