الإخوة الأعزاء جزاكم الله خيرا
أرجو أن لا تهملوا رسالتي لأن الموضوع ملح وصاحب الحاجة أرعن.. سوف أتحدث بالموضوع مباشرة دون مقدمات.
أنا زوجة أبلغ من العمر 27 عامًا، متزوجة منذ 6 سنوات ولي طفلتان، زوجي طبيب مثقف وطيب جدااا يعمل بعمل الصالحين، لا أريد أن أقول "متدين" حتى لا تغضب مني الدكتورة نعمت.. يؤدي واجباته على أتم وجه لكن هناك مشكلة لا أستطيع تجاوزها، ألا وهي ضعفه أمام النساء!!.
هو لا يستطيع أن يقاوم بناء علاقة عاطفية مع معظم النساء اللاتي يلتقي بهن، وهذه الصفة ملازمة له منذ أن شب، ولم أعلم بهذا إلا قبل 3 سنوات، وخلال سنوات زواجنا الست علمت بـ5 علاقات حب، واجهته بها واحتويته وأغضبته، وفي كل مرة يأتيني الخبر إلى بيتي بتفاصيله طبعا.
هو ينكر مع وجود الأدلة المادية من رسائل غرامية وهدايا، في آخر قصة له قبل 6 أشهر، جلست معه واستحلفته بالله أن نضع حدًّا لهذه المهزلة وأن نبحث الأسباب، فأقسم أنه يراني أكمل النساء خلقا وخلقة، وأنني لم أقصر في حقه ولكنه إنسان يحب التنوع، فطلبت منه أن يطرق باب الحلال ويتزوج بأخرى على أن أحصل على الطلاق؛ إذ إن نفسي لا تحتمل وجود أخرى في حياتي، ووعدته بأن أعفيه من جميع المسؤوليات تجاهي وتجاه بناته في حال طلاقنا، أما وجودي معه وفي قلبه أخرى فهذا ما لا أحتمله أبدا.
أنا أعشقه.. ولكني أعشق كرامتي وإنسانيتي وأنوثتي المذبوحة.. الآن اكتشفت قصة حب جديدة واجهته فأنكر ولكن لم يبق له عذر، والمشكلة في هذه القصة وغيرها من القصص أن خياراته لا تصلح للزواج؛ حيث إن الجنسية مختلفة والمذهب مختلف، غير أن البنت معروف عنها أنها فتاة لعوب على علاقة بالعديد من زملائه، هي لم تطلب وده ولكنه هو مندفع نحوها بشكل جنوني، حتى إنه كتب لها بأنه يشعر بأنه طفل بين يديها، تماما كما كان يقول لي أيام الخطوبة، واستأمنها على جميع أسراره، ولكنها زارتني وقالت لي: "لمي جوزك عشان خاطر بناتك" .. الآن أشعر بأنني أكرهه ولا أثق به أبدا، وأمامي خياران: فعقلي ومشاعر الغضب يحثانني على الطلاق، ولكني أعشقه!!.. نعم قد توبخونني على هذا الضعف، لكني بالرغم من كل ما فعل فإنني أحس بأنه ابني المدلل وأعشقه، ربما يكون قد استغل هذا الحب العميق الذي أحمله له ليتمادى ويدوس على كرامتي.
زوجي حساس جدا ولا يحب تحمل المسؤولية، وتعود أن يحصل على كل شيء جاهزًا، شخصيته هشة تتكسر على أبسط المواقف، مسكون بالخوف من الزمن وتقدم العمر، والرزق، ثقته بنفسه ضعيفة جدا، لديه شعور بالضعف، وهو صريح جدا معي، ويخبرني بكل ما يحدث معه، إلا إذا وصل الموضوع إلى حب فكل شيء في جسمه يتحدث إلا لسانه.. وفي كل قصة حب -أو لنسمِ الأمور بمسمياتها: قصة خيانة -يبدأ بإغداق المشاعر علي والهدايا والمال ويطلب مني أن أجلس ولا أعمل شيئا، بل يحاول أن يقوم هو بخدمتي، فلا أعلم هل هو الشعور بالذنب، أم يحاول إخفاء القصة؟
العلاقة الحميمة بيننا على أتم وجه.. أشعر بأن الله يبعث له رسائل كثيرة لعله يفيق؛ فأموره بالعمل غير مستقرة، ودائما تأتي الأمور على غير ما تمنى.. لا أشعر بوجود توفيق بحياته.. وصدره دائما ضيق، وكل القصص التي مر بها انتهت بخصومة مع البنت التي أحب وفضيحة، وفي إحدى المرات قبل زواجنا طرد من عمله بسبب دنجوانيته ثم يعود ويستحلف البنت أن تكون أمينة على أسراره وأن تقدر مشاعره، ولكن لم يلتق بنتًا فعلت هذا.
أخبرته أن مشاعره شيء مقدس، فلا يدنسه إذا كان سيمنحه لغيري، وليحسن الاختيار وليختر الحلال ليبارك الله هذه العلاقة، أشعر بأنه مندفع بلا شعور، أخبرته بأن ما يقوم به مقدمات للزنا وأن الله يضيق على الزاني الدنيا، لكنه غضب وقال لي: "هو أنا عملت إيه؟ غيري كل يوم بيعاشر واحدة"! بيئة عمله وأصدقاؤه مثله مع النساء وبعضهم أكثر.. شعور الرضا مفقود عنده؛ فهو دائما ينظر إلى ما لا يملك؛ فمثلا بالرغم من حبه لبناته فهو يعتقد أنه لو رزق بذكور لكان أكثر سعادة.. لو درس في أمريكا لكان أكثر نجاحًا.
أشعر بأنه يتمنى أن يتغير وأرى ذلك في بكائه حين نقوم الليل فيناجي الله ويبكي بصدق، ولكن كلام الليل تمحوه النساء؛ حتى الآن لم أستطع أن أقف في وجهه بشكل حازم؛ إذ إنني أتعامل معه عندما يخطئ كأم متعاطفة معه.. ما أريده تحديدًا -أعلم أن هذا خلل نفسي وهو يرفض الاعتراف به- هل من الممكن أن يشفى دون تدخل طبيب؟ إذ إنه من سابع المستحيلات أن يعرض نفسه على طبيب نفساني، حتى لو اخترت الطلاق فلا أريد أن يفتضح أمره أكثر.. أخشى أن يأتي يوم يعلم أهله والجيران بما هو عليه فيحتقرونه، وهو قدوة للكثير منهم (علاقته النسائية بس بالشغل، أما مع الأهل والجيران فمن يراه يظنه بعفة يوسف عليه السلام) زوجي مدمن على المواقع الإباحية، ويدعوني لأشاهد معه، لكني أذكره بالله وأقوم لعله يحس!
أريد أن أفهم لماذا يقوم بهذا؟ أفكر بالسفر إلى إحدى الدول الغربية حيث تقيم والدتي لإتمام دراساتي العليا وفرصة لتهديده لعله يفيق.. أعلم أنني بسفري سأفتح له مجالا واسعًا للعلاقات التي قد تصل إلى ما هو أكثر من عاطفي، لكن أنا أيضا تحطمت وأتمنى أن أبني ذاتي على الأقل من أجل بناتي؛ فلا أريد أن يكبرن ويرين أمًّا محطمة وأبًا غير متحمل للمسؤولية .. ما رأيك بالحل؟ محور حياتي زوجي ومحور حياته النساء.. أنا أشعر بنار الفقد ولا أستطيع تخيل حياتي من دونه.. فهل سأستطيع النسيان بالرغم من شخصيتي القوية؟ إلا أنني أشعر بضعف أمام زوجي، وأنا الآن أشعر بضياع، أرجو أن لا تتأخروا علي بالرد؛ فأنا أشعر بالنار داخلي ولا أعلم متى سينفجر البركان الكامن في نفسي؟ ولا أستطيع تخيل شكل انفجاره.
آسفة على الإطالة، وأتمنى بل أرجو من أمنا الدكتورة نعمت أن تجيب على هذه الرسالة وتنصحني كابنتها.
ودمتم واحة في صحراء عمري القاحل.
10/10/2022
رد المستشار
ابنتي..
استقبلت سيدة لها نفس المشكلة من فترة، ولولا اختلاف العمر والجنسية كما يبدو من لكنة في كلماتك لقلت إنك هي.. قصتك بكل تفاصيلها وزوجك الذي يبحث دائما عن النساء.. الفرق أن زوجها أعلن أن علاقته بالله لا تخص غيره فقتل ضميره بالضربة القاضية.. أما زوجك فهو يشعر بوخز ضميره الذي ما زال يصارع الموت على أعتاب معاصيه.
اسمحي لي أن أحييك بالعكس لقد أحسنت وصفه.. هو يعمل بعمل الصالحين.. ويتمنى أن يكون منهم بدليل صلاته بالليل وابتهاله لله، ولكنه ضعيف.. وكلنا كذلك إلا من رحم ربي، أحسنت تحليل شخصيته.. ولن أوبخك على حبك له، بل أحييك من كل قلبي؛ فلقد رأيت في كلماتك صفات وعمقًا وفهمًا لم أرهم منذ زمن.. أنت رائعة يا ابنتي فاصبري.
ألومك على شيء واحد؛ وهو أنك لم تذكري حبه الجنوني لك.. حبه لك الذي يقترب من أن يكون أحد أصول حياته الثابتة، وقد تسألينني أين رأيته؟! رأيته في كلماتك أنت عن حبك وعشقك له، وعن كونه طفلك المدلل.. وأنه لا يخفي عليك أي شيء حتى لحظات ضعفه مع النساء، ومحاولاته المستميتة لاسترضائك في هذه الفترة بالخدمة والمساعدة والتدليل.. أعود فأقول: أعانك الله، من المؤكد أنه ليس شعورا لطيفا ذلك الذي تشعرين به مع كل أنثى تمر بحياته، وتكونين متأكدة من أنه ينظر إليها ويهيم بها، ويحتضنها بعينيه، ويشتهيها بجسده وإن كان حسب أقواله لا يفعل شيئا.. لا تجدي في كلماتي هذه قسوة، وأنا أضغط على مشاعرك وأصف مشاعره بشكل جارح، أنا تعمدت ذلك يا ابنتي؛ لأن هذا هو أول وآخر المشوار بالنسبة إليه.. لم أقل يحبها.. لم أقل يحترمها، هذا وإن لم يكن مرضا يستدعي علاجا؛ فإن حالته يا ابنتي تحتاج إلى حكمة.
ولقد كنت حكيمة جدا حتى في دفعك له لاختيار الحلال وإطلاق سراحك، ولكنه لن يفعل؛ فهو طفل كما ذكرت بكل مواصفات الأطفال: "زوجي حساس جدا لا يحب تحمل المسؤولية، وتعود أن يحصل على كل شيء جاهزًا، شخصيته هشة تتكسر على أبسط المواقف، مسكون بالخوف من الزمن وتقدم العمر، والرزق، ثقته بنفسه ضعيفة جدا، لديه شعور بالضعف.." هو كالطفل يتعلق بكل اللعب الجميلة التي يراها في -المحل- الدنيا.. بعض هذه اللعب غال- محترم- فلا يجاريه ولا يبالي به.. وبعضها رخيص ومعروض للتجربة وهن من يتجاوبن معه، ولكنها مجرد تجربة للعبة شكلها جديد، وهو يعلم أن يد "ماما" الحانية -أنت- لن تتركه، وأنه سيعود معها وبها إلى البيت ليلعبا معا بكل سعادة وانسجام.
من تحليلك له أجدك واحدة من اثنتين:
إما دارسة لعلم النفس، أو قارئة نهمة في هذا المجال، وهذا سيفيدك حتما في حياتك وتعاملاتك معه، وبما أنك طلبت رأي "ماما" وليس رأي مستشار فتعالي يا حبيبتي لأقول لك "كلمة في ودنك": أنت تحبينه وهذه نعمة ليست متوفرة في كثير من البيوت.. أن يكون زوجك هو حبيبك، هو عشقك، هو رجل الدنيا الأوحد بالنسبة إليك كامرأة، وعلاقتكما كلها في مجملها رائعة، حتى العلاقة الحميمة التي يصرخ البعض من مساوئها.. وتفسد عليهم الحياة.. ولديكما الأبناء.. بنات هن باب الجنة وقصورها.
هو فيه عيب.. صحيح هو عيب "بايخ"!! صحيح أنه عيب ينرفز، لكنه عيب، ومن منا بلا عيوب.. علاجه الوحيد ليس الطبيب النفساني.. علاجه الوحيد هو مراقبته لله في نفسه وتصرفاته، التي يبدو أنها عنده كبذرة لا يرويها باستمرار فتعطب.. وتكمن بلا نمو أو ازدهار.. ومراقبة الله لا تنشأ بالنصيحة المباشرة، ولا تتأتى بين يوم وليلة، بل تحتاج إلى دأب وصبر وإلحاح ناعم يحاصره بالدروس والأحاديث وحتى الأغاني الدينية.. بنعومة وسلاسة وحكمة.
إذن لا تتركيه لشيطانه يا ابنتي، واستعملي هذا الذكاء الذي رأيته بنفسي بين سطورك، وقفي على أرض حبه لك وحبك له، واعتمدي على الله، وأكثري من الدعاء، ولن تعدمي وسيلة أو وسائل لجذبه إلى طريق مراقبة الله مرة أخرى؛ فيكون ذلك سببًا لنيل أجرك مرتين.. مرة لأنه زوجك، ومرة لأنك أعنتِ إنسانًا على الهداية.. إنما لو شعرت بأنك ستفتنين في دينك، وبأنك أنت من ستخسر دينها من شدة الضغط عليها، فلا ضرر ولا ضرار.. انسلي من بين يديه واتركيه، ولكني أراك أقوى من ذلك بكثير، وما كل الضيق والإحباط الذي تمرين به إلا دليل هذه القوة.
قوي أنت أيضا علاقتك بالله، وأكثري من الاستغفار لا لذنب ارتكبتِه، ولكن لأن الاستغفار هو جالب الراحة والسعادة.
بسم الله الرحمن الرحيم: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الأنفال 33).
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) (الطلاق 2).
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق 4).
ولك مني كل الدعاء.