السؤال:
أنا أشتكي من عدم شعوري باللذة الجنسية الكاملة في الجماع مع زوجي، رغم إنه لا يعاني من سرعة القذف، وسأعطيكم ما أظنه لازما من المعلومات لتفيدكم في ردكم على مشكلتي، وسأحاول جهدي الاختصار قدر المستطاع:
عمري عشرون عامًا، ومن المشرق العربي وأقصد باللذة الجنسية الكاملة "رعشة الشبق" التي جربتها في بداية زواجي، ولم أكن مرتبطة بشخص آخر قبل زواجي، وأحب زوجي كثيراً، ومتأكدة من حبه لي، ولم تحدث لي مشكلات جنسية سابقة مثل: الاستمناء، والاغتصاب أو ما شابه، أما عن ثقافتي الجنسية أنا وزوجي فهي محدودة، ومصادرها المقررات الدراسية في المتوسط والثانوي، وكانت معلومات قليلة،
وأما عن الملاطفة والمداعبة قبل الإدخال، وبعد الإنزال، في الحقيقة المداعبة القبلية تقع أحياناً، أما "البعدية" فتكاد تكون معدومة، كما أننا لا نتهيأ للجماع بشكل كاف في كل مرة؛ وذلك لأننا نقيم مع أهل زوجي حتى إنني أخجل أحياناً من الاستحمام لصلاة الفجر، كما أنني أدرس بالجامعة، مما يفرض عليّ الخروج مع زوجي مبكراً عند ذهابه للعمل؛ ليوصلني وأعود متعبة من الجامعة إلى العمل في البيت، والمذاكرة، وبالتالي أكون في معاناة من الإرهاق معظم الوقت، في بداية زواجنا كان الوضع مختلفاً، فقد كنا بالصيف قبل الذهاب إلى الجامعة، وكان أهل زوجي مسافرين.
أرجو أن أكون كتبت بشكل كافٍ
وجزاكم الله خيراً.
19/9/2022
رد المستشار
الأخت الفاضلة:
بل أنت جزاك الله خيراً على تجديدك لسنة كادت تندثر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من التفقه في الدين"، أو كما قال. وإذا كنا نعتقد بأن الإسلام نظام شامل يتناول أنشطة الحياة جميعها، فإن النكاح من أهم هذه الأنشطة لأن به يتم مراد الله من إعفاف الزوج والزوجة، وكذلك النسل وعمارة الأرض،
وقد جاء قول الرسول – صلى الله عليه وسلم - في معرض تعليقه على أحداث منها سؤال "أم سليم" – رضي الله عنها - له ـ وكانت من الأنصار ـ هل على المرأة غسل إذا احتملت؟، ونظرت إليها السيدة عائشة -رضي الله عنها- وسألتها مندهشة: وهل تحتلم المرأة؟!
ويبدو أن السيدة عائشة – رضي الله عنها – لم تكن تعرف الاحتلام، ولم تسمع عنه، وكان مجتمع مكة محافظاً إلى حد الانغلاق في هذه المسألة على عكس مجتمع المدينة، وهكذا قدم المهاجرون من مكة على ثقافة أكثر انفتاحاً، واندمجوا في المجتمع الجديد؛ ليصبح شعار المجتمع "لا حياء في الدين"، وإذا أخذنا بالرؤية التاريخية التي ترى أن المهاجرين والأنصار ليسوا أقواماً بعينهم رحلوا وانتهوا، ولكنهم صفات وشيم إذا تحققت في أي فئة من المسلمين في أي زمان أو مكان، فهم منهم، إذا أخذنا بهذه الرؤية فاسمحي لي أن أبشرك، وأقول لك: أنت من الأنصار.. أنت من الأنصار. وصدى دعاء الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - يتردد في أسماع الكون عبر التاريخ: "اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار.. آمين." وكما كان سؤال "أم سليم" باباً لتعليم من بعدها أمراً من أمور دينهم سيكون سؤالك بإذن الله.
أختي:
الطريق إلى "اللذة الجنسية الكاملة" سهل وميسور بإذن الله، ولكن تعترضه في حالتك مجموعة من العقبات سأجتهد في إزالتها جميعاً من خلال هذه الإجابة التي أرجو أن تكون دليلاً متكاملاً لغيرك من الزوجات، بل والأزواج:
ـ هناك تنوع في أشكال تحقق "اللذة الجنسية"، وبالتالي ليس هناك مكان للحديث عن "صواب" أو "خطأ"، ولكن عن أشكال وأنواع.
ـ الحالة المزاجية من قلق أو سرور أو غير ذلك لها دخل كبير في الوصول إلى "اللذة" والشعور بها، كذلك الإرهاق البدني والذهني، وكذلك المناخ المحيط بعملية الممارسة: المكان، الإضاءة، التهيؤ.
ـ نوع وكمّ المداعبة "القبلية" و"البعدية" له دور هام أيضاً.
ـ مستوى الثقة والانسجام بين الزوجين، وتشاركهما في التفاعل والتعامل مع أحداث الحياة أيضاً عليه معول هام.
* بالنسبة للرجل: تحدث "اللذة الجنسية"، وترتبط بإثارة القضيب، ويتوافق مع القذف الذي يعقبه مجموعة من الانقباضات في بعض أو كل الأعضاء التناسلية، وتفاعلاً مع هذه الانقباضات حدوث -في بعض الرجال- "تعبير أعلى" من أصوات تأوه عالية، أو حركات جسدية لا إرادية أو كلاهما.
وهذه التعبيرات قد تحدث أحياناً، وقد لا تحدث، ويستمر الشعور باللذة عند الرجل لفترة ـ تطول أو تقصر ـ بعد القذف.
* بالنسبة للمرأة: هناك اختلاف واسع بين المتخصصين ـ كما سنرى لاحقاً ـ حول شعور المرأة باللذة الجنسية عمقاً، و"رعشة الشبق" خاصة:
ـ بعضهم يقول بأن هناك نوعين من "الشبق": أحدهما يحدث في "البظر" وحده ولا يتجاوزه، والآخر يبدأ من "البظر" ولكن ينتشر منه إلى المهبل، بل وأعضاء الحوض الأخرى: الرحم .. والمثانة...إلخ، ويتحدثون عن نقطة توجد في بعض النساء "حوالي الثلث" وموضعها في الجدار الأمامي لقناة المهبل، وأن إثارة هذه النقطة هي التي تؤدي إلى حدوث "الرعشة" التي تنتج أو تكون مصحوبة بانقباضات في الرحم، والمهبل، وبقية أعضاء الحوض.
ـ في حين يتمسك فريق بوجود هذه النقطة، ويرتبون المسألة على النحو الذي أوضحناه، ينفي آخرون وجود مثل هذا الأمر تماماً، وإن اتفقوا على أن الجدار الأمامي لقناة المهبل "شديد الحساسية"، وله دور كبير في تحقيق اللذة، وأن الحديث عن وجود "النقطة الساخنة" تلك مجرد افتراض علمي، ولم يتأكد بشكل نهائي في الوقت الذي يؤدي إلى قلق النساء والرجال، وتبرير أخطاء أخرى في الممارسة، بمعنى أن يكون الادعاء بعدم وجود هذه النقطة في امرأة ما مثل الشماعة التي يعلق عليها الزوج والزوجة تقصيرهم في استكمال مقدمات وشروط الاستماع.
* فما هي ترتيبات الجماع الممتع؟!
ـ باختصار:
1ـ التهيؤ، والاستعداد الجيد: من عدم وجود منغصات نفسية أو اجتماعية، أو إرهاق بدني أو أي عارض يحول دون التركيز الكامل في الممارسة الجنسية، مع استحضار النية وتلاوة الدعاء المأثور.
2ـ المداعبة والملاعبة التي تشمل أشكالاً كثيرة، وفنوناً واسعة .. أخص منها بالذكر: مداعبة الأعضاء التناسلية الأساسية: "القضيب" في الرجل، و"البظر" في الأنثى .. إن هذه المداعبة جزء أساسي في تحقيق اللذة، بل وحدوث "الشبق" عند المرأة، والرجل.
3ـ مرحلة الجماع: وله أوضاعه المختلفة والمتنوعة، والتي تتناسب مع ظروف وأحوال الرجل والمرأة، وغرض هذه الأوضاع وهدفها تحقيق الإدخال على أفضل وجه، ويلاحظ أن متعة الرجل ووصوله إلى اللذة يكون أسرع من المرأة ـ في أغلب الأحيان ـ؛ ولذلك فإن عليه ألا يستعجل القذف، وأن يتأنى ـ حتى لو قذف ـ ويستمر في البقاء داخل المهبل مع المداعبة والملاطفة حتى تشعر المرأة أنها قضت وطرها، ويسألها عن ذلك، ولا يقوم عنها إلا إذا اطمئن أن هذا قد حدث.
4ـ إذا هم الرجل بالقيام عن المرأة قبل أن تقضي وطرها فعليها أن تطلب منه أن يبقى، ويستمر، وألا تعتبر هذا عيباً أو "قلة حياء"، فالنتائج المترتبة على عدم الشعور باللذة الجنسية أكبر وأهم من أن نتعامل معها باستخفاف، أو نصمت عنها بدافع "الحياء" الذي يكون هنا مذموما؛ً لأنه في غير موضعه، بل ونلوم فاعله لأنه أخطأ في حق نفسه، وشريكه.
5ـ لا بأس من معاودة الجماع مرة أخرى ـ بعد وقت معقول ـ يحتاجه الرجل لاستعادة القدرة على الانتصاب، ويحتاجه الزوجان للتهيؤ من جديد لجماع جديد، والرسول – صلى الله عليه وسلم - أوصى بالوضوء، وربما غسل الرجل لأعضائه بما يجعله أنشط وأقدر على المعاودة.
إذن: الوصول إلى "اللذة الجنسية" عملية مركبة من خطوات تتضافر، وتتشارك في الوصول، وغياب إحدى النقاط يعيق هذا الوصول.
* الوصول إلى الشبق في الرجل والمرأة على حسن إبرام هذه الخطوات، ولا يرتبط فقط بالإدخال والإنزال، ولكن بمكونات الممارسة كلها، وخاصة مداعبة أعضاء الإثارة الجنسية: البظر، الأذن، جانب الرقبة، وحلمات الثدي (في المرأة)، والأعضاء التناسلية (في الرجل).
* بحسن الإعداد والممارسة ـ نضمن إن شاء الله ـ أن تحصل المرأة على متعتها، ويحصل الرجل كذلك على متعته (قبل ومع وبعد القذف).
* المرأة التي لا تصل للشبق بمعنى "الرعشة" ليست بالضرورة امرأة "باردة جنسية"، فقد تكون بطيئة أو هادئة الاستجابة، وقد يكون زوجها أسرع منها بكثير، وقد يكون هناك عيب في جانب آخر من الجوانب اللازم استكمالها لتحقيق ممارسة موفقة، وهكذا.
* التفاهم والمصارحة، وعدم الخجل من الحوار حول هذه المسائل، هو المتسق مع هدي الإسلام، وهو السبيل إلى الانسجام بين الزوجين، واستمتاع وإمتاع كل منهما الآخر،
* إذن قولي لزوجك: أريد منك أن تفعل كذا وكذا واسأليه، ماذا تريد مني أن أفعل.. وهكذا، "ولا حياء في الدين"، وخراب البيوت يبدأ من الفراش غالباً.
أرجو أن تكون جوانب القصور في حالتك قد ظهرت أمامك واضحة الآن.
* ويبقى أمران: الأول: أن الشهر الأول "شهر العسل" ليس مقياساً ولا معياراً للعلاقة الجنسية بين الزوجين فهو مجرد مرحلة يستكشف فيها كل منهما جسده، وجسد الآخر، ومسألة الجنس "الغامضة" هذه.
الثاني: أن خجلك من أهل زوجك وكونك تعيشين معهم يبدو مفهوماً بالطبع، ولكنه غير منطقي، وينبغي أن يخف إلى أقل درجة ممكنة، وخاصة إذا كانت إقامتكم معهم ستطول، فمن ناحية يسعدهم أن يعرفوا ويطمئنوا دائماً على "فحولة" ولدهم، و"سعادته" كما يحبون أن يطمئنوا أنك أيضاً "سعيدة" وراضية؛ لأنك إن كنت كذلك فسينعكس هذا على علاقتك بزوجك "ابنهم" وعلى حياتك معهم.
إن الله لا يستحي من الحق، وهكذا ينبغي أن نكون، فأغلقي عليكما باب غرفة النوم جيداً، وخذي راحتك بعد ذلك. واستحيي من الله - سبحانه - أن تفوتك صلاة الصبح في موعدها لأنك تخجلين من الاغتسال!! ويمكن طبعاً أن ترتبي لقاءك مع زوجك، بحيث يكون في أوقات نومهم، ويمكنكما أن تذهبا في رحلات داخل بلدكم الجميلة خلال العطلات. أرجو أن تضعي مولودك على خير، وأن يبارك الله لزوجك فيك، ويبارك لك فيه،
وجزاكم الله خيراً مرة أخرى، وثالثة إذا أعلمتنا بالتطورات... والله أعلم.
واقرأ أيضًا:
فن الإمتاع والاستمتاع .. فن الزواج والحب
الحياة الجنسية للمرأة الإرجاز Orgasm
أ.ر.ق النساء: الرغبة الجنسية قاصرة النشاط في النساء