مشاكل العقيدة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أشكركم على هذا الموقع الرائع وأتمنى منكم أن تساعدوني في حل مشكلتي التي أعاني منها منذ سنوات،، أحاول أن أسرد عليكم المشاكل التي أعانيها مع العقيدة عندما كان عمري 14 سنة حدث معي مشكل عائلي وبعدها قررت أني ألتزم بالعبادة مدى حياتي ولا أبالي بأمور الدنيا ومشقاتها فبدأت بالصلاة والنوافل والقرآن والأذكار وكل شيء قد يلتزم به المسلمون وحقا أحسست بحلاوة ما كنت أقوم به
وبعدها بفترة تذكرت أنه قبل فترة الالتزام كنت قد عصيت الله كثيرا فأصبت باكتئاب شديد وحاولت التوبة من كل الذنوب وبالفعل تفوقت وبعدها بمدة قصيرة أصبحت أسب وأقول كلاما كفريا عن الله عزوجل والعياذ بالله أي أني أسب الله في نفسي هكذا وبعدها أيضا بمدة أصبحت أفكر وأتخيل خيالات كفرية وجنسية أي كفرجنسية عن الله عزوجل لا أعرف إذا فهمتم قصدي ولكني أتخيل الله في أوضاع جدا حقيرة أي أنه أي شيء قد يكون مسيء وكفري وقذر متعلق بالله عزوجل أنا أفكر فيه كل أنواع القذارة قد قمت بالتفكير فيها
وبعدها أيضا يعني إضافة إلى الأفكار التي ذكرتها أصبحت أشك في وجود الله كثيرا وفي صحة الدين وصدق الأنبياء حيث بيني وبين نفسي أقول ليس هناك أي دليل على وجود إله وصحة الدين والقرآن وكذلك عندما أقوم بأي شيء وأحمد الله وأذكر الله أقول في نفسي ربما ليس هناك إله فلماذا أقوم بذكر الله وفي نفس الوقت كنت أرى أدلة وأقول أنه حقا يوجد إله لا أعرف حقا كيف يجب علي الشرح ولكني حقا أريد الاختصار المهم مع هاته الأفكار تيقنت حقا أني خارج الملة كليا ولم أعد مسلمة حيث تركت الصلاة والقرآن وانشغلت بأمور الدنيا ولكني دائما أحاول الرجوع إلى الصلاة كنت قد أردت التوبة من الكفر والاغتسال ولكني دائما أرجع لنفس الطريق والتفكير.
وبالنسبة للتوبة يجب الندم على فعل المعصية ولكني أبدا لا أشعر بشعور الندم كلما حاولت الندم لا أستطيع وأرجع إلى حالتي المهم كذلك بحثت على الإنترنت عن الأفكار التي أفكر فيها فوجدت أنه لست محاسبة عليها والكل يقول أنه ما دام المرأ يكرهها وينفر منها فهي صريح الإيمان وليس محاسبا عليها ولكن المشكل هو أنه من أول يوم أتتني حتى الآن لم أنفر أبدا منها ولم أستكرهها بل واصلت التفكير فيها بشكل عادي جدا فما هو حكمي وهل يجب علي توبة لأني كافرة وكيف أتوب حيث أني لا أشعر بالندم أبدا ولا أستكره أبدا تلك الأفكار أي أنها ليست وساوس وإنما أنا من أحب التفكير فيها
أتمنى حقا أن تقرؤا رسالتي بتمعن لأن الأمور متداخلة في بعضها البعض وأن تعطوني الحل النهائي لمشكلتي
أتمنى أن تجيبوني على كل تساؤلاتي وآسفة حقا على الإطالة
16/10/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا "مريم"، وأهلًا وسهلًا بك على مجانين
فعلًا أنت لديك الأمران، الوسوسة، والأفكار التشكيكية الإرادية
فأما الوسواس فقد أنكره قلبك فعلًا وكرهتِه، بدليل قولك: (وأقول كلاما كفريا عن الله عز وجل والعياذ بالله). كلمة "والعياذ بالله" هذه لها دلالتان: الأولى أن مسألة السب والتخيلات الكفرجنسية هي وساوس تنكرينها. والثانية أن قلبك ما زال فيه نور كامن وإن ظننت غير ذلك، لأنك استعذت بالله في لحظة كتابتك، ووصف نفسك بالكفر! والكافر الذي أُغلِق قلبه، وهان الإيمان عليه، لا يبالي إن تكلم بما حاك في صدره من أمور لا تليق به سبحانه.
فأنت لديك نور في القلب ولكن غطته طبقة من الغفلة والمعاصي، فصار النور خافتًا، وصار القلب في حالة تخدير، لا يشعر بالفرق بين الصواب والباطل، ولا يحس بألم ولا ندم لارتكاب المعصية، وإن علم أنها معصية.
هذه الأفكار التشكيكية التي أعجبتك، وصرت تلوكينها في ذهنك، مستمتعة بالأخذ والرد فيها، هي ظلمات وفتنٌ استطاع الشيطان أن يدخلها إلى قلبك، مستغلًا شيئًا غير مستقيم في حياتك...، ذنب من الذنوب الظاهرة أو الباطنة (أقصد أفعال القلب)، والذنوب الباطنة أشد خطرًا على الإيمان من الذنوب الظاهرة، لأن القلب هو القائد للجوارح وأفعالها الظاهرة.
ومن الحالات التي أعرفها، لأناس مسلمين استمتعوا بأفكار التشكيك وانتقاد الدين، علّتهم الإعجاب بأنفسهم وذكائهم، وقدرتهم على التفكير والتحليل...، فدخل الشيطان عليهم من هذا الباب، وجرأهم على تحليل أمور هي من بديهيات الدين، وصاروا يشككون فيها ظانّين أنهم اكتشفوا ما لم يكتشفه غيرهم، لشدة ذكائهم وفهمهم، وأصبحوا ينطقون بكلام يتعوذ منه الشيطان، ويفعلون أفعالًا لا مسؤولة ولا يهمهم أن تكون مخرجة عن الملة.
فانقلب إعجابهم بذكائهم عليهم، وأصبحوا كالأنعام بل هم أضل سبيلًا، وأصبحوا يستنتجون استنتاجاتٍ تضحك الثكلى وهم يحسبون أنفسهم سبقوا أينشتاين! وللأسف أصبحنا نرى عددًا كبيرًا من هؤلاء على الإنترنت، ويمكنك معرفتهم من كَمِّ الغباء الذي يتفوهون به مع إعجابهم به!! وقد ضربت لك مثلًا من واقعنا، ويمكنك القياس عليه، ومعرفة ما سبب استمرارك في الأفكار التشكيكية واستمتاعك بها إلى أن غلبتك.
هل يعجبك عقلك؟ هل تحبين إثبات رأيك أيًا كان، وإظهار نفسك؟ كيف علاقتك مع والديك؟ وهل تنظرين إليهما نظرة احترام أم غير ذلك؟ هل ممن يحمل المسؤولية أم يتهاون في مسؤولياته؟ ... كل هذه الأسئلة اسأليها لنفسك، لتعرفي أين نقطة الضعف، وأين الخلل الذي دخل الشيطان إليك من خلاله.
ثم، باعتبارك أصبحت تفكرين بأفكار تشكيكية مظلمة، وتقبلينها، أصبحت كل فكرة تُحدِث بقعة سوداء في قلبك، إلى أن كاد يمتلئ قلبك بالظلمة والسواد، وكاد أن يصبح حالك كحال القلب الأسود المذكور في الحديث الصحيح (ولما يصبح بعد)، روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ. حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ. وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)). رواه مسلم
فهذه الفتن من المعاصي، الفكرية والقلبية، ومعاصي الجوارح، تعرض على قلوب كل الناس، واحدة تلو الأخرى، فمن الناس من ينكرها بشدة، ويعلم أنها لا ترضي الله تعالى، فكلما أنكرت قلوبهم فتنة، أنارت بقعة بيضاء في القلب، إلى أن يصبح القلب أبيضًا كله، متينًا أملسًا ليس فيه شقوق تتشرب الفتن، كحجر الصفا، لا تضره الشبهات، ولا تثبت عليه فتنة إلى أن يلقى الله... وهناك قلوب تعجبها تلك الفتن، تعجبها الأفكار التشكيكية، أو المعاصي الظاهرة فتقترفها، أو يعجبها معاصي القلب من حقد وحسد وكبر وعجب وغير ذلك... فكلما أعجبت بشيء من هذا وقبلته، ظهر في القلب بقعة سوداء مظلمة، إلى أن يمتلئ القلب سوادًا مغبرًا مكدرًا، فلا يدخله نور ولا خير، كالكأس المقلوب الذي لا يستقر فيه شيء. وتختلط الأمور عليه لشدة الظلمة فلا يعرف المعروف ولا ينكر المنكر، وتتبلد مشاعره، تجاهها، فلا يندم على ذنب، ولا يقبل على طاعة، ولا يفهم إلا ما وافق هواه.
لكن قلبك بحمد الله لم يمتلئ بعد بالسواد والمعاصي، فما زال هناك بصيص نور كالجمر المختبئ تحت الرماد يحتاج فقط إلى من ينفخه ليعود فيتقد من جديد... ولولا هذا البصيص لما سألت المساعدة ولما طلبت من الآخرين إنقاذك... فالقلب الذي امتلأ سوادًا، يعجبه حاله، ويعشق هواه، ويكره كل من أراد إنقاذه... لكن حذار حذار من التهاون بعد الآن، وتداركي الأمر قبل أن يمتلئ القلب بالسواد، فلا تعرفين معروفًا ولا تنكرين منكرًا ... السواد في قلبك بدأ يخدر مشاعرك، فلا تشعرين بالندم، وتحتاجين إلى مساعدة في إنعاشه وإيقاظه، وتنظيفه من السواد والكدرة... وهذا تحصلينه بذهابك إلى حلق الذكر والعلم في المساجد، فالأنوار التي تتنزل هناك، والرحمات، والملائكة التي تحفّ الناس في بيت الله تعالى، تغسل القلب وتنظفه، وهناك قلوب تتنظف بجلسة واحدة، وهناك من يحتاج إلى جلسات عديدة حتى يبيض القلب ويصحو
لا تكفي مقاطع الوعظ في الإنترنت، فهي تنقل المعلومة، لكنها لا تنقل أنوار مجالس الذكر ولا يحضرها ملائكة الرحمة بذلك الزخم الموجود في المساجد ... فعليك أن تقومي من فورك الآن، وتغتسلي وتعودي إلى إسلامك واعتقادك العقلي بيقين وجود الله سبحانه وصحة دينه؛ واسألي كذلك فورًا عن شيخ عالم مشهور بالتقوى والعمل الصالح، فاذهبي إلى مسجده، واحضري حلق الذكر ومجالس العلم ... ادخلي المساجد في أي ساعة، واجلسي فيها حتى إن لم تقومي بأي عمل...، راقبي حلق تحفيظ القرآن عن بعد...، تأملي الأطفال وهم يحفظون ويقرؤون.
إن كان لك غرفة منفردة فغيري ترتيب أثاثها حتى لا تتذكري الماضي عند رؤيتها...، غيري ما استطعت من الأشياء التي يمكن أن تذكرك بالسوء والمعاصي ... وإياك والاسترسال في التفكير الإرادي أو الوسواسي، فالشيطان لا يعجبه أن تتوبي، وسيعلن عليك النفير، ويقود الغزوة تلو الغزوة علك تستسلمين، فكوني يقظة، وسدي عليه الطريق بتغيير حالتك، إما بزيارة لصديقات صالحات، أو بسماع مقطع ديني، أو بدخول مسجد، أو حتى بالتسوق!!
وأهم شيء: ابدئي خطوة خطوة، إياك أن يأخذك الحماس فتمضين نهارك في الصلاة والقضاء والتنفل والتلاوة، ارجعي إلى العمل الصالح قليلًا قليلًا، لا أحد يصحو من التخدير فورًا إلى الجري! سيسقط حتمًا ويحتاج إلى إنعاش من جديد وقد يفقد الأمل من نفسه فيتكاسل عن المسير... وأول خطوة هي التزامك بالصلاة في وقتها، مع قراءة آية الكرسي والمعوذات قبل النوم وعند الاستيقاظ. فإذا استأنست نفسك بهذا، وأصبح سهلًا عليك فأضيفي شيئًا آخر، واقضي مع كل فرض فرضًا مثله مما فاتك حال غفلتك وشرودك.
إن كنت جادة فعلًا في طلب المساعدة، واستعادة القلب العامر بالإيمان، فطبقي ما ذكرته لك فور إنهائك هذه السطور، وإلا فإن الكسل عاقبته وخيمة...، أنقذي نفسك من النار قبل ألا تجدي من ينقذك ... فإن بدأت الطريق، وبدأت أمورك بالاستقامة، فتابعينا بشؤون وسواسك لنرى ما نفعل به
حماك الله وهداك وأخذ بيدك يا بنيتي