الأعزاء موقع مجانين، السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب في مقتبل العمر وعلى أبواب الزواج، وقد تعرفت مؤخراً على فتاة تصغرني بسنوات قليلة (ثلاث سنوات فقط)، وهي من عائلة تختلف تقاليدها ـ إلى حد كبير ـ عن تقاليد عائلتنا، وربما كان هذا السبب وراء رفض عائلتي لفكرة تقدمي لخطبتها بحجة أن مستوى عائلتها غير مناسب لنا، كما أنها كبيرة نسبياً في السن وهم يريدونني أن اختار فتاة أصغر منها،
والحقيقة أنني في غاية الحيرة؛ فهذه الفتاة- التي يعترض عليّها العائلة ـ متدينة وعلى خلق وإن كانت متوسطة الجمال، كما أنني أشعر ـ في كثير من الأحيان ـ بالانجذاب إليها والانسجام معها بسبب تقاربنا في الثقافة وأوجه التفكير... لكن في أحيان أخرى أجدني أتأثر بحديث أهلي وبرأيهم فيذهب خيالي إلى التفكير في الارتباط بأخرى أصغر سناً وأكثر جمالاً وتليق بمستوى عائلتي، خاصة وأنا أخشى معارضة أهلي وما قد يّجره عليّ اختياري من مسؤوليات جسام.
فماذا أفعل؟
آمل أن أجد عندكم الإجابة
14/10/2022
رد المستشار
أخي الفاضل: معك في حيرتك وترددك، وتجاوباً مع ثقتك فينا، واعتمادك على رأينا. فبعد التوكل على الله ـ تداولت في مشكلتك مع اثنتين مع أعضاء "فريق مشاكل وحلول" تجد اسميهما في نهاية الجواب، وهذا خلاصة ما انتهينا إليه:
1ـ الكمال لله وحده، ليس هناك امرأة ولا رجل دون عيوب في الشكل أو المضمون، وفي الزواج ليس عليّنا أن نبحث عن الكمال المستحيل، ولكن نبحث عن "الكمال الإنساني" وهو أن تعد عيوبه، وأن نكون على دراية واضحة بها، ورضى واقتناع، بمعنى أن يقول الشاب المقدم على الزواج أو الفتاة: هذه هي العيوب التي في شريك الحياة "النموذج الذي أمامه أو أمامها"، وأنا مستعد للقبول بهذه العيوب طوال العمر مع الاجتهاد في إصلاح ما يمكن إصلاحه، ولكن أقبل به لو استمر.
2ـ من المفيد أن نتوازن في نظرتنا؛ فنرى المحاسن والعيوب جنباً إلى جنب، ونستشعر جمال الصفات الإيجابية التي نريدها حين نجدها في "الشريك"، وباختصار نحن نبحث عن شريك يتصف بالإيجابيات التي لا نستطيع الاستغناء أو التنازل عنها، وفيه من العيوب ما لدينا الاستعداد الكامل والمستمر للقبول به، وتحمله.
3ـ إذا كنت في ضوء ما تقدم ترى أن فتاتك هي ما تريد من عالم النساء الواسع شريكة لك: تحب تفكيرها وثقافتها، ودينها وخلقها، وشخصيتها، وعائلتها، وتستطيع أن تتغاضى "وإلى الأبد" عن جمالها المتوسط، أو شكلها الذي يبدو أكبر منك، أو غير ذلك من السلبيات فيها أو في ظروفها،إذا كنت مقتنعاً تماماً بذلك، محباً تماماً لها، وتأكدت من اقتناعك وحبك تبقى مسألة إقناع الأهل.
4ـ اقتناع الأهل هام وأساسي، ومن شروط نجاح الزواج خاصة في مثل ظروف المجتمع التقليدي الذي تعيش فيه حيث لا يستطيع الزوج الانفصال عن العائلتين، والاستقلال عنهما، كما يكون تأثير الأسرة كبيراً في طباع الرجل والمرأة، أو الزوج والزوجة.
وأنا هنا أتحدث عن الحد الأدنى من الانسجام بين الطباع ونمط العيش الذي تعود عليّه كل طرف في "الأسرة الجديدة" المنتظر تكوينها، كما أتحدث عن وجود الحد الأدنى من العلاقة الطيبة بين الأسرتين، وفي مثل هذه الظروف الاجتماعية يكون من الصعب جداً الزواج دون رضى الأهل، ثم تربية الأبناء بعيداً عن العائلتين، أو في إطار إحداهما فقط، والزواج بمخالفة الأهل هنا يولد مشاكل لا حصر لها في المستقبل القريب، وربما البعيد.. والسؤال هو: هل هناك اختلاف فعليّ كبير بين العائلتين؟
5ـ إذا كنت مقتنعاً ومحباً تماماً كيف نصل إلى إقناع الأهل؟!
إذا كان الاختلاف ـ الذي يرفض من أجله أهلك هذه الزيجة ـ من النوع البسيط أو السطحي، وهذا يحتاج إلى حكمة في التحديد؛ إذا كان الاختلاف كذلك فسيكون سهلاً أن تقنعهم باختيارك، وأن تستعين على ذلك بأحد له وزنه في العائلة أو في الأصدقاء المقربين من الوالد، كما تستطيع أن تقنع الفتاة والدتك بحسن تعاملها معها بعد تعرفها عليّها، وبالتودد إليها وكسب ثقتها، فربما يكون جزء من رفضهما يتعلق بعدم المعرفة بالفتاة نفسها، وإصدار الحكم بناءاً على ما يشيع عن أسرتها، وإذا اتصلت الفتاة بأسرتك عبر الدوائر والمناسبات الاجتماعية المختلفة فسيرون منها ما ترى مما شجعك على زواجها، فيعرفون ما تعرف، وتتغير مواقفهم وقد تستعين أنت على هذا بأقرب شخص إليك في الأسرة أخ أو أخت أو خالة أو عمة...إلخ، وسيقوم هذا الشخص ـ إذا اقتنع ـ بالدفاع عن موقفك، وربما تدبير أمر اللقاء بين والدتك والعروس، وإذا اقتنعت الوالدة انقضى أغلب الأمر.
إذن لا تتزوج دون موافقة أهلك، واعمل على إقناعهم بكل السبل بعد أن تتأكد من اقتناعك أنت ومشاعرك تجاه هذه الفتاة، واستعن بالله ولا تعجز، واستخره عسى أن يفتح عليّك الاختيار الصائب، وبالتوفيق إليه، واعلم أنك ستتحمل مسؤولية اختيارك على كل حال سواءً وافق الأهل أو رفضوا، وسواءً تزوجت هذه أو تزوجت غيرها فالزواج مسؤولية نابعة من الاختيار الذي لن ينوب عنك فيها أحد؛ مع هذه أو غيرها، وإذا كان الكثيرون يطالبون ويتحدثون دائماً عن "حرية الاختيار" في الزواج، فإنهم غالباً ما يغفلون عن مسؤولية هذا الاختيار، وهذا حديث آخر وفقك الله.
((شارك في الإجابة على هذه المشكلة: الأخت: "جليلة رحالي" الاخصائية النفسية ـ من الجزائر ـ والأخت: "سمر عبده" الباحثة الاجتماعية ـ من مصرـ))