السلام عليّكم..
أريد أن أسرد لكم قصتي لأنني في أمس الحاجة لأحد يسمعني ويساعدني.. أرجو أن لا أطيل عليّكم، على الرغم من أنني بحاجة لأسرد التفاصيل. أنا فتاة (22 عاما) كنت دائما أبحث عن رجل صادق ومحب ليكون لي زوجا وصديقا، ولم أفكر أبدا في علاقة أو صحبة عابرة.
لقد كنت يتيمة الأم منذ الطفولة، ولم أجد أحدا يكلمني عن الحب والزواج والرجال، وحتى عن علاقة المرأة بالرجل.. تعرفت السنة الماضية على شاب في الجامعة، بدأت علاقتنا كصداقة ثم اعترف لي بالحب، وكان صادقا حسب ما شعرت.. لم أكن أحبه ولكن لم يكن عندي الشجاعة لأصده. كنت ضعيفة، لا أعلم لماذا.. لقد فقدت الحنان، والحب من أمي وهذا جعلني ضعيفة وعاطفية إلى درجة الغباء .. بدأت هنا علاقتنا واتفقنا أن تكون العلاقة جدّية يكون هدفها الزواج، ولكنه لم يتقدم لي، نظرا لأنه ما زال طالبا غير مؤهّل للزواج. مرّت الأشهر وبدأت أتعلق به، وأحببته.. ولكن في أحد الأيام طلب مني أن يلمس يدي فرفضت.. ولكنه ألحّ عليّ، واستمر على طلبه شهرا كاملا، وبعد ضغط نفسي وعاطفي قبلت، ليس لأنني أردت ذلك، ولكن لأنني لم يعد لدي قوة للرفض.
وبدأت المشكلة هنا، لم يكتف بمجرد لمس اليد! وكان يتوسل لي وكنت ضعيفة أمام طلبه، كنت أقبل بعد إلحاح، شفقة به، كنت أشعر بأنه يتألم إذا رفضت، وأنا لم أكن أستطيع أن أقبل أن يتألم أحد بسببي .. تطورت علاقتنا كثيرا ولكن الحمد لله لم تصل إلى حد الزنا.. كنت دائما أشعر بتأنيب الضمير وأبكي بمفردي، كان يعلم أنني أفعل كل ذلك له، وأنني لم أكن يوما مرتاحة، لم أسلمه نفسي بكل إرادتي، حتى إنه يوما قال لي إنه يشعر بأنه يغتصبني. أنا أحببته و لكن لم أشعر برغبة تجاهه.. حتى إنني كنت أتساءل إذا كنت باردة أو مريضة، ولكن في الواقع، كان تأنيب الضمير والشعور بالذنب يطغى على أية رغبة لديّ.
في هذه الفترة، وبعد أن تقرب مني كثيرا، عرض عليّ أن يتكلم مع أبي، وعندما علم أبي أنه ما زال طالبا رفضه، ولكن برغم ذلك لم تنقطع علاقتنا. واستمرت العلاقة المحرمة على هذه الحال تقريبا 4 أشهر، إلى أن تغلبت على ضعفي وأصبحت أرفضه، وظل يلح عليّ مدة شهرين وأنا أرفض باستمرار. والآن وبعد أسبوع على آخر طلب له، اتصل بي هاتفيا ليقول لي إنه يحب فتاة أخرى واكتفى بالاعتذار، وقال لرفيقتي إنه اعتقد أنه كان يحبني ولكنه التقى بحبيبته السابقة فاكتشف أنه ما زال يحبها.
لقد كان الخبر كالصاعقة بالنسبة لي.. أنا لا أصدقه، أراه في الجامعة مع فتاة جديدة.. لا أستطيع أن أفهم.. لا أستطيع أن أصدق أنه يوجد إنسان مثله، لا أستطيع أن أصدق أن كل هذا الحب الذي عبّر عنه هو كذب، وأنه يختفي بين ليلة وضحاها.. لقد فقدت ثقتي في نفسي وفي كل شيء، أتألم كثيرا.. ليس لأنه تركني، ولكن لأنني أشعر بأنني كنت غبية وعمياء ولم أحسن التصرف، وخسرت نفسي مع شخص بلا ضمير، أشعر بالألم لأنه استغل ضعفي.
عفوا لكثرة الكلام، وأتمنى منكم الإجابة على الأسئلة التالية:
هل أنا فتاة سيئة؟ فأنا لا أستطيع أن أسامح نفسي.. أريد فعلا أن أتوب وألغي هذه الفترة من حياتي.. ليتها لم تكن.. أريد أن أنسى وأعيد احترامي لذاتي.. أشعر أنني لم أعد أستحق أن أتزوج رجلا صالحا.
إذا تزوجت هل يجب أن أخبر زوجي بهذه العلاقة؟ هل أنا عذراء، أم فقدت شيئا من عذريتي؟! ومن هي الفتاة التي تستحق هذا اللقب؟! أرجوكم ساعدوني.. أنا أحسد كل فتاة لم يمسّها أحد.
ثانيا أريد أن أفهم تصرفه، أشعر بالضياع، ألتقي به في الجامعة ولكن دون أن أسلّم عليّه أو أكلّمه، وهو في المقابل لا يلقي التحية، وكأنه لا يعرفني.. ولكن أريد أن أعرف.. أنا في صراع.. رأسي مليء بالأسئلة.. الصدمة أكبر من أن أستوعبها.
أرجو المساعدة!!
ولكم كل الشكر
16/10/2022
رد المستشار
أهلا ومرحبا بك على موقع مجانين، وأحمد الله تعالى الذي حبانا بنعمة مد يد العون للشباب.
أدرك مدى المعاناة والألم الذي تعيشينه، وقبل أن أرد على السؤالين في نهاية رسالتك، سنقسم المشكلة إلى أجزاء ونعلق على كل جزء منها.
مشكلتك آنستي لها بداية ولكنني سأبدأ معك من قبل أن تبدأ مشكلتك حتى تستفيدي في المرة القادمة، وحتى يستفيد غيرك من قرّاء صفحتنا فنتعلم جميعا كيف نقي أنفسنا من علاقات تؤذينا وتحملنا الذنوب.
إن المشكلات المتعلقة بالعلاقات العاطفية كثيرًا ما تبدأ بطريقة أو بأخرى دون أن يكون لدينا خبرة، ودون أن نتخيل عواقبها، ودون أن نفهم أننا سنجد أنفسنا يوما ما في مهب الريح.. فندخل في علاقات وكلنا أمل كبير في أن نعيش علاقة جميلة وحبا أفلاطونيا، ومع تطور العلاقة تكون الفكرة التالية هي التفكير في الزواج، وكأن التفكير في استمرار العلاقة لتصل إلى الزواج هو الحل الأمثل الذي سيعصمنا من الذنوب.
من أحببته هو طالب، ومن المتوقع أن يرفض الأهل أن يزوجوا ابنتهم لشاب لا يزال طالبا لا يعرفون متى سينتهي من دراسته ومتى سيجد عملا في ظل البطالة التي نعيشها، وإن وجد عملا مناسبا فهل سيساعده عمله على أن يفتح بيتا وأن ينفق على زوجته أم لا؟! وإلى متى يمكن أن تتحمل الفتاة استمرار علاقة قد تدوم لسنوات حتى يستطيع "الحبيب" أن يصل بها إلى بر الزواج؟! هذه الأسئلة وغيرها لا نفكر فيها حينما نقع في الحب، بل نستسلم تاركين أنفسنا لمشاعرنا دون إعمال كاف للعقل ودون أن نفكر في أنه كثيرا ما تكون الوقاية خيرا من العلاج؟!
إن كانت حجتنا أنه لا يوجد أحد في أسرتنا يكلمنا عن الحب والزواج وعن علاقة المرأة بالرجل، فإن هذا لا يعني ألا نبحث ونقرأ، خاصة الشباب والفتيات مثلك ممن يستخدمون الإنترنت ويدخلون على مواقع تقدم معلومات قيمة كموقعنا "مجانين" .. كما أنني أجد في كثير من الأسر من لا يفتح الحوار حول موضوع العلاقة بين الرجل والمرأة، أو يتم تناوله في حوار سطحي لا يسمن ولا يغني من جوع .. أيا ما كان السبب فقد بدأت العلاقة واستمرت إلى أن بدأ يطلب أن يلمس يدك ثم يقترب جسديا أكثر من هذا، وحتى هذه اللحظة وبرغم استيائك مما يحدث فلم يكن من السهل عليّك أن تبتعدي، وأحمد الله تعالى أن منّ عليّك بنعمة الإحساس بالذنب التي جعلتك في حالة من عدم الراحة والبكاء ثم قرار التوقف والبعد، خاصة حين تيقنت صعوبة الزواج منه بعد رفض والدك له، وحينما زاد إحساسك بالذنب وتأنيب الضمير وحين تأكدت من أنك تعيشين معاناة وليس "قصة حب"!!
لقد أمدك الله تعالى بقوة جعلتك تتوقفين عن ارتكاب مزيد من الذنوب واقتراف المعاصي، رغم أنه لم يتركك في حالك بل ظل يضغط عليّك لمدة شهرين.
حين يغفل الإنسان عن الله تعالى يكون من السهل عليّه أن يفعل كما فعل ذلك الشاب، فينتقل من علاقة إلى أخرى، وربما يكون قد اتصل بك لأنه أحبط من رفضك له في الفترة الأخيرة، وبالتالي أراد أن يثبت لك أن هناك من تحبه وأنه قادر على أن يكمل مع غيرك. رجوعه إلى من تسمى "حبيبته السابقة" ربما هو أمر إيجابي يساعدك على الوقوف على قدميك من جديد دون ضغوط من جانبه تجبرك على أن تعودي إلى الذنب مرة أخرى.
صدقي أنه انتقل إلى فتاة أخرى، ولو كان حبه صادقا لحافظ عليّك ولما استطاع أن ينظر إلى غيرك بين عشية وضحاها، لو أحبك بالفعل كنت سترين أنه يحترم مشاعرك ولا يؤذيك ولن يجعلك ترينه أمامك في الجامعة مع فتاة جديدة.. الزواج آنستي لا بد من أن يقوم على العقل والتقارب الأسري والاجتماعي والمشاعر، ولكن المشاعر وحدها لا تكفي، خاصة إذا تركزت حول التقارب الجسدي دون الحب.
لقد منّ الله عليّك بنعمة كبيرة فانظري أمامك فأنت لا تزالين طالبة ينتظرها النجاح والمستقبل المشرق بإذن الله تعالى، ينتظرها أيضا زوج المستقبل، ذلك الرجل الصالح الذي قدره الله لك، فلا تنظري إلى الخلف لتعذبي نفسك بل خذي عبرة من الماضي وافهمي أخطاءك التي جعلتك تقعين في الذنوب.
أظن أنني اقتربت فيما سبق من الإجابة على تساؤلاتك، ولكنني سأجيب عنها مباشرة.. أنت لست فتاة سيئة فالله تعالى جعلنا نتوب فهو الذي يسامح ويغفر ويعفو عن كثير، فما عليّك سوى التوبة، حيث الندم على ما فات ونية عدم العودة إليه، إضافة إلى أنك توقفت بالفعل عن ارتكاب الذنب وهذا كله يجعل الله تعالى يتقبل توبتك، وما دام الله يتوب عليّنا ويمحو الذنوب فعليّنا أن نسامح أنفسنا.
هذه الفترة من حياتك هي من أهم الفترات التي تجعلك تكشفين نقاط ضعفك وتقوينها وتجعلك تصبحين أكثر نضجا وخبرة بالحياة، آنستي لنتعلم من أخطائنا فلا نكررها، واعلمي أن الله تعالى يبدل الذنوب حسنات إذا ما تاب الإنسان وأتبع التوبة بالعمل الصالح، ولا داعي أن تخبري زوج المستقبل بتلك الذنوب التي محاها الله عنك بعد توبتك، كلنا بشر وكل ابن آدم خطّاء، كلنا نخطئ ولكن المهم من منا يدرك خطأه كما فعلت أنت ومن منا يتوب ويستغفر؟!
الصدمة آنستي ليست بهذا الهول، وأظن أنك مع قراءة الرد سوف تستوعبين ما حدث وتنظرين إليه من جوانب أخرى، وربما يساعدك في ذلك أيضًا قراءة الإحالات أدناه عن "الحب الأول" .. وتابعينا بأخبارك
واقرئي أيضًا:
الحب الأول معلمي وأحلامي ومشاعري
الحب الأول والحيرة الباقية
رحِيل في وهم الحب الأول !
ضاع الحب الأول : ابدئي من جديد !