بسم الله الرحمن الرحيم..
في الحقيقة عندي مشكلتان، ليست واحدة، الأولى أنني فتاة تحت العشرين أقطن بالمغرب أحببت شخصا؛ هو شاب تتوفر فيه جميع المواصفات التي تحلم بها أي بنت في فارس أحلامها، وكانت معاملته لي هي السبب الذي جعلني أغرم به، ولكنه للأسف قد خطب فتاة أخرى فحاولت نسيانه ولم أقدر على ذلك؛ فكيف السبيل لكي أنساه.. أفيدوني.
ومشكلتي الثانية هي أنني أحس بفراغ عاطفي، لا أجد شيئا يحتويني مما يجعلني أشاهد أفلاما جنسية، على الرغم من أنني أحاول جاهدة عدم مشاهدتها، أعينوني أعانكم الله.. ولكم جزيل الشكر.
18/10/2022
رد المستشار
بل هما مشكلة واحدة فقط... وهي كما ذكرت أنت بالضبط "الفراغ العاطفي"؛ فعلى الرغم من أن محبوبك صار لأخرى اختارها ليكمل مشوار حياته معها –على الرغم من وجودك- فإنك ما زلت تفكرين فيه؟!
ولأوضح لك أكثر أن تفكيرك فيه يعود حقا لهذا الفراغ والتشبث "بحالة" التفكير والانشغال وليس الحب.. فاسألي نفسك سؤالا صريحا وأجيبي عليّه بصدق.. هل إذا تقدم لك "الآن" شخص يناسبك "بهي الطلعة" فسترفضين؟ وسيكون حبك للشخص الأول هو ما يمنعك من الارتباط –على الرغم من خطبته لأخرى- لأنك ما زلت تحبينه وتفكرين فيه ولا تستطيعين التورط في ارتباط مع آخر حتى إن كان مناسبا لك؟
وقبل أن نخوض في الحل عليّ أن أعترف أن ما سأحدثك عنه يحتاج منك لرفع درجة استخدام "العقل" و"الإرادة" على الرغم من أن حديثنا عن القلب والمشاعر.. حيث لا مفر من ذلك، فلقد خلقنا الله نميل فطريا للجنس الآخر، فهل أوجد الله عز وعلا بداخلنا تلك الفطرة لنشقى بها؟
أبدا يا صغيرتي؛ فلقد أوجدها الله فينا ليجعلها سببا في عمارة أرضه وسببا ليحتمي فيه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل حين تزداد مسؤوليات ومشقات الحياة الزوجية، وأحيانا قسوتها؛ فتكون واحة راحة وهناء تساعدهما على إكمال الطريق، ولا أقصد بحديثي مساحة العلاقة الخاصة بين الزوج والزوجة فقط؛ ولكن أقصد علاقة الزواج ككل بما فيها من تلاقي إنسان بإنسان وتلاقي حبيب بحبيب وتلاقي زوج بزوجه.
وكذلك أوجدها ليُعليّ فينا الإرادة والمقاومة والتي هي أساس تميُّز الإنسان عن غيره وتكريمه، فهل تنكرين أنك حين تقاومين ولو مرة واحدة خضوعك للتفكير فيه أو مشاهدتك تلك الأفلام بإرادة داخلية منك تشعرين بسعادة ورضا واحترام لنفسك مضاعف؟
فلا تهوني من ذلك على الرغم مما يحمله من كد واجتهاد، ولكنه الاجتهاد "اللذيذ" والتعب المفرح؛ لأنك قاومت بإرادة ونجحت في اختبار يُظهر آدميتك وأنك فعلت الشيء الصحيح.
وكما أوجدها الله فينا لحكم كثيرة؛ فقد وضع لنا "ضوابط" للتعامل معها حتى لا نحيا في فوضى، ولا نترك أنفسنا لأهوائنا فنصير كالفيروس الخبيث يتحرك في الظلام دون أن يراه أحد لأنه "مكروه" وإذا ظهر في المجتمع يُمرضه ويُعدي أصحاءه فيهدد استقراره.
بقي أن أحدثك عما يساعدك من حلول "عملية مؤقتة" حتى يحين الوقت المناسب للاقتران بشخص مناسب يستحق الفوز بقلبك وعطائك في إطار من الضوابط الشرعية وتحت سمع وبصر الأهل:
* الرجوع بصدق لله عز وعلا رجوعا حقيقيا تبثين فيه شكواك إليه وترجينه أن يعينك وأن يغفر لك زلاتك ويمددك بالعون لمزيد من المقاومة، وقد لا يكون بكثير من الصلاة وقراءة القرآن فقط، ولكن باستشعارك بقربك منه عز وعلا بالفعل واستحضارك لجلاله ووجوده وقدرته على تبديل الأحوال، ولتذرفي الدمع ليغسل قلبك قبل صحيفتك متمنية رضاه ومنحك زوجا صالحا تقر به عيناك.
* الانشغال "المتعمد" بدراستك وعلاقاتك مع من يحيطون بك من زميلات وصديقات وأسرة وأقرباء لتنشغلي بهم ومعهم، ولتنظري إليهم بشكل جديد ومختلف، ولتقتربي منهم بشكل جديد ومختلف، فما أجمل ذلك وأيسره إذا أردناه، فقط جربي.
* الانشغال "الحقيقي" بعمل تهوينه أيا كان شكله أو موضوعه؛ فحبك لشيء بصدق سيجعلك تتميزين فيه، بل تبتكرين فابحثي بهمّة ولا تتأخري.
* البعد "المتعمد" عن كل ما يثير حفيظتك من إعلام أو أحاديث أو شخصيات مهما كانت الضغوط أو المؤثرات، ولتتعودي "بالتدرج" و"التكرار" أن تحترمي تنفيذ اتفاقاتك مع نفسك والتحكم في كبح جماحها، ولتعبري عن امتنانك لنفسك في كل مرة تنجين فيها من مشاهدة تلك الأفلام أو في تقليص مساحة تفكيرك فيه بالشكل الذي يرضيك.
* الصحبة الطيبة، ولا أقصد الصحبة الصالحة فقط والتي قد تفقد تأثيرها بمرور الوقت لأنها مجردة أو لمجرد شحن بطاريتك الإيمانية، وإن كانت مهمة بالطبع، ولكن مع اختيارك لصلاحهن فلتختاريهن ممن يتوافقن معك في التفكير والموضوعات التي تهمك "قدر الإمكان" حتى تتكامل علاقتك بهن، فلا تكون علاقتك بهن مجرد سماع أمور صالحة مجردة، ولتكن علاقة حقيقية فيها تواصل حقيقي وممارسة للحياة بمواقفها فيصبح الصلاح مطبقا عمليا لا نظريا فقط.
* الاطلاع على ملفات الموقع ومشكلاته التي تتعلق بموضوع تلك الأفلام؛ حيث تم النقاش فيه كثيرا من قبل، وتم وضع برامج للتعامل معها خاصة إذا أخذت المشاهدة شكل "الإدمان"، وستكتشفين معلومة هامة جدا لا يعرفها الكثير ممن وقع تحت سطوة تلك الأفلام وهي أنها تؤثر على "استقرار" العلاقة الخاصة بين الزوجين، ناهيك عن زيفها وبعدها عن الواقع.
* الحب ليس مرادفا للجنس، وإن كان الجنس جزءًا من التعبير عنه بين الزوجين؛ ولكن الحب أكبر وأهم، فيه عطاء وتحمّل للمسؤولية مع اقتناع ومعرفة بالطرف الآخر معرفة عميقة يحميه سياج الشرع لنطمئن ولنشعر بالرضا.
* انظري لقصص النجاح من حولك لفتيات في مثل سنك وتحت نفس ظروفك، إلا أنهن استطعن بقوة إرادتهن ومقاومتهن ألا يقعن فيما وقعت فيه؛ فلا صعوبة بالغة إذن في أن تكوني مثلهن.. فاستعيني بالله ولا تعجزي.