أنا -والحمد لله- متزوج، وأنا من محافظة في ريف مصر، وكذلك زوجتي، وقبل زواجي اشترطت على أهل زوجتي وزوجتي أننا سنعيش في شقة بالقاهرة، وستلحق بنا والدتي وأختي بعد عامين من الزواج؛ نظرًا لانتقال أختي إلى الجامعة في القاهرة، وليس لنا سوى والدتنا، وهما أمانة في رقبتي، ولا يمكن التفريط فيهما.
وبعد مرور عام من الزواج بدأت المشاكل الأسرية، وأخطأنا في حق بعضنا، واستغل أهلها الفرصة حتى يتحرروا من الشرط ويطالبوا بشقة لها في البلد الريفي، ووصل الموضوع إلى الشقة في الريف لها أو الطلاق، فاخترت الطلاق، فرجعوا في كلامهم ووافقوا على أن تعيش معنا في القاهرة، وهي الآن تتعمد أن تفعل ما يغضب أمي منها، وأمي ليست صابرة عليها، فهي تريدها زوجة مثالية، وأصبحت الآن النفوس ممتلئة من الجانبين، وزوجتي تنتظر أن تخطئ والدتي في حقها بكلمة حتى تأتي بأبيها وجيراننا وتفهمهم أن أمي قاسية عليها وتكرهها، وأمي ليس من السهل عليها أن تراها تفعل شيئا خطأ في المنزل وترتيبه وطهي الطعام مثلا.
حاولت معهما أن يتغاضى كل طرف عن الطرف الآخر حتى تسير الأمور، من أجل البنت الصغيرة التي رزقنا الله إياها، ومن أجل أختي التي تذاكر بالجامعة، ومن أجل مستقبلي العلمي حتى أتمكن من تحضير الدكتوراه، ولكن النفوس ممتلئة حتى وصلت إلى أن زوجتي لا تطيق كلمة من أمي أو أن تقول لها افعلي كذا، وأمي أصبحت تدعو الله عليها بألا أنجب منها ثانية، وأن يرزقني خيرا منها، وأنا الآن أمامي اختيارات، إما إصلاح الطرفين، وهذا صعب لأن كل طرف يتصيد الخطأ للطرف الآخر، وإما تركها في المنزل بالريف ولا أسافر لها إلا كل شهر.. أو الطلاق.
فما الحل لهذه المشكلة من وجهة نظركم، وأسأل الله أن يوفقنا للحق ولما يحب ويرضى،
وجزاكم الله خيرا.
04/11/2022
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان الله في عونك على معركة نساء أساسيات في حياتك. النقطة الأولى التي يجب عليك التركيز عليها والأساس في توتر الوضع العام في حياتك هي علاقتك مع زوجتك. قبل حضور والدتك لم تنسجما ووصل الأمر بكما إلى الطلاق، علاقتك بزوجتك هو أول وأهم ما يجب عليك التركيز عليه. لم تذكر أسباب الخلافات السابقة ولكن الإنسان السعيد في حياته الخاصة يكون أكثر قدرة على تحمل الضغوط الخارجية، أي لو أن زوجتك سعيدة معك لكانت قادرة على تحمل مضايقات والدتك، انظر أسباب الخلاف بينكما، الخلافات هي صعوبات في التواصل والتفاهم أمر يتحمله طرفا العلاقة، وأنت أيضا إن ارتحت في علاقتك مع زوجتك ستكون أكثر استقرارا وإنتاجية.
إبعاد زوجتك وطفلتك إلى بلدتكم الأصلية لن يساعد في تقوية العلاقة ولا مدك بالاستقرار النفسي الذي تحتاجه، نعم إصلاح العلاقة بينكم سيتطلب منك بعض الجهد ولكن نتائجه تستحق الجهد المبذول، افعله من أجل نفسك قبل طفلتك، حاول وجرب وثابر بينكما ميثاق غليظ لا يجوز التفريط به بسهولة، وذكر زوجتك بدورها في عونك على تكليفك الخاص ببر والدتك وأن تقدم لوالدتك من حسن الخلق ما ترى أنها أهل له بحكم تربيتها وما تتمنى أن تحصل عليه بنفسها عندما يتغير دورها وما تتمناه لوالديها.
الجانب التالي سيكون الاستعانة برحمة والدتك لك وحرصها على سعادتك، الأم معتادة على العطاء ولن تتردد في المزيد منه غالبا. قسم المهام بينهما المنزل لزوجتك ووالدتك ضيفة عزيزة مكرمة نجتهد لإرضائها ويجب عليها تقدير الجهد وأن تتغاضى عن النتائج. ذكرها بأنك ملزم شرعا بزوجتك كما أنت ملزم بها. انصحها بأن تشغل وقتها لنفسها في أي اهتمامات تناسبها بعيدا عن مسؤوليات المنزل فقد كفاها ما تحملت من مسؤولية وحان الوقت لها لترتاح وتنشغل بهواياتها، إن لم يكن لها هوايات ساعدها على تنميتها، ساعدها في شغل وقتها فالفراغ مقتلة. قد لا يكون من السهل عليها الاندماج في حياة القاهرة ولذا يمكنك العرض عليها بأن تعود هي إلى البلد لما تألف من مكان وجيران ونمط حياة وتزورها أنت وشقيقتك في نهاية كل أسبوع. يمكنك أيضا إن كان وضعك المادي يسمح لك بأن تحضر من تسكن معها في البلدة لتخفيف وحدتها ومساعدتها في أمور حياتها. عودة والدتك إلى البلدة قد يكون مفيدا لها بالفعل بعيدا عن خلافاتها مع زوجتك.
نبه شقيقتك بأن المشكلات التي تفتعلها والدتك قد يكون سببها شعورها بالوحدة فلا يجب أن تبالغ شقيقتك بالانشغال في دراستها وحياتها الجديدة وتنسى دورها في رعاية والدتها النفسية، تشركها خبراتها وحكاياتها وتسليها وتشاركها اهتماماتها الخاصة.
كان الله في عونكم جميعا.