أرجو أن يتسع صدركم لقراءة مشكلتي، التي قد تكون فريدة من نوعها؛ ولكنني "أتعشم" فيكم -كما عهدتكم دائما- الصدر الحنون، والعقل الواعي، فقد آلمتني ألسنة لائمة، وظنت بذلك أنها حلت مشكلتي، ولكن على العكس، ازداد الوضع سوءا.
إن لدي مشكلة عظيمة تكاد أن تدمر حياتي، بل وحياة أطفالي الصغار، ولكنني للأسف لا أستطيع أن أعرضها على أحد؛ لأنني أخجل منها، وأخفيها جاهدة قدر الإمكان، ولكنني أرغب بشدة أن أغير هذا الوضع السيئ.. ولأعود إلى البداية.
أنا طبيبة متزوجة منذ ست سنوات، وزوجي أيضا طبيب، لدي ثلاثة أبناء: (4 سنوات، وسنتان، وستة أشهر)، تركت العمل وتفرغت للأولاد بعد الطفل الثاني، أسكن إلى جوار والداي، "لا أدري ماذا حدث لي لم أكن كذلك" هذا ما أردده يوميا، ربما بدأت المشكلة بعد ولادة الطفل الأول، انشغلت كثيرا، وأصبت بالاكتئاب؛ ولكن ذهب الاكتئاب وحل محله الإهمال في شؤون المنزل والمظهر الشخصي، بدأ زوجي يشكو، وأنا أجد دائما له المبررات: العمل.. الطفل.. أنت لا تساعدني.
صبر علي زوجي كثيرا، ولكن الوضع ازداد سوءا.
كم تدخل أهلي، بل جاءوا وساعدوني، ونظفوا البيت، ولكن بعد يوم واحد يعود كل شيء كما كان.. المنزل دائما في حالة فوضى، والحشرات تنتشر فيه، وأنا أهمل في نفسي، والأولاد كذلك؛ لم يعتادوا النظافة، وأنا أشعر بالحسرة الشديدة؛ لأنني أخاف عليهم من الأمراض، وهم ما شاء الله في غاية الذكاء وخفة الدم، ولكنني النقطة السوداء في حياتهم.
أحب زوجي جداـ وأحب أبنائي، وأريد أن أعود نظيفة مهتمة بالمنزل، هل تعلمون كم هو صعب علي أن أدخل لأستحم؟ إنني أؤجل أكثر من مرة، وأتذرع بأشياء واهية، مع أني أشعر بالألم لذلك.. وقس على ذلك باقي الأمور، ولأكون صادقة معكم؛ فأنا دائما أتذرع بضيق الوقت، وانشغالي مع الأولاد؛ ولكن الحقيقة أن لدي وقتا متسعا أقضيه عادة في اللعب على الكمبيوتر، وبعد ذلك أشعر بالندم؛ لأنني أضعت وقتي في هراء.
إن ما ينقصني هو الدافع لأتحرك لوضع شيء سقط من مكانه، أو غسل أيدي الأولاد فور أن تتسخ، أو حتى رش حشرة.. أنا أترك الأمور حتى تخرج عن السيطرة، ويصبح علاجها مكلفا، كما حدث مع أسناني التي أهملتها فتكسرت، وشعري الذي تشابك في بعضه فاضطررت لقصه.
هل السبب في مشكلتي هذه هو الاكتئاب؟ مع أنني الآن طبيعية، (مع العلم أن زوجي يرفض بتاتا العلاج النفسي)، هل يعود إلى نشأتي؛ حيث إن أمي لم تكن "ست بيت شاطرة" وكنا نعيش في دولة خليجية، والتنظيف هناك أيسر من هنا في مصر؟ لكن حتى في طفولتي وشبابي كانت حجرتي نظيفة، وملابسي مرتبة بعكس ما أنا فيه أنا وأولادي الآن، هل أجد لديكم حلا يعيد إلى بيتي النظافة وإلى نفسي السكينة.
لقد كنت صادقة معكم وأعلم أن الحل بيدي، ولو أن سيدة عرضت علي هذه المشكلة لكتبت لها صفحات من الحلول العملية؛ لكن كيف أدفع نفسي للتنفيذ؟ هذا ما أطمع أن أجده لديكم، وجزاكم الله خيرا، وجعل في موقعكم ما ينفع الناس. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
07/11/2022
رد المستشار
شكرًا على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالشفاء.
حالتك ليست بغير المعروفة وكثيرة الملاحظة في ممارسة الطب العصبي النفساني وتدعى متلازمة انعدام الدافعية أو الاندفاع Amotivational Syndrome أو التحفيز ويتم ربطها بأسباب عضوية متعددة. ولكن هذا لا ينطبق على حالتك التي يكثر ملاحظتها في الممارسة المهنية للطب النفساني العام وخاصة مع الاكتئاب المزمن واكتئاب ما بعد الولادة. هناك أيضاً من يربط الحالة مع استعمال العقاقير المضادة للاكتئاب والمعروفة بمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية م.ا.س.ا SSRI ولكن هناك من يسرف ويدعي ظهورها مع استعمال هذه العقاقير حتى لفترة قصيرة وهذا غير صحيح.
الصراحة أن حالتك هي اكتئاب مزمن تحسن جزئياً فقط. انجبت ثلاثة أطفال خلال أربعة سنوات رغم إصابتك باكتئاب ما بعد الولادة مع الطفل الأول. هناك من يفسر ارتباك أعراضك الاكتئابية وظهورها في إطار أعراض سالبة بسبب التغيرات الهرمونية المتعددة أثناء وبعد الحمل وعدم دخولك فترة نقاهة كافية بعد نوبة الاكتئاب الأولى التي لم تتحسن كلياً. الذي حدث هو تحسن الاكتئاب ولكن دون الشفاء منه.
ربما لو راجعت استشاري في الطب النفساني فستكون خطوات العلاج كالاتي:
١- استعمال مضاد للاكتئاب ولكن تجنب استعمال بعض العقاقير ، قد يبدأ بعقار مضاد سيروتونين ونورادرينالين مثل فينالافاكسين.
٢- يتفق معك على جدول أعمال يومي يتم تنفيذه.
٣- مناقشة وضعك الاجتماعي.
٤- ينصحك الطبيب على التفكير بالرجوع للعمل إن كنت توقفت عنه.
٥- سيستعين الطبيب بمعالج نفساني بعد عدة أسابيع إذا لم يحدث تحسن ملحوظ.
٦- إذا لم تتحسن الحالة بعد ٤ أشهر قد يتم استعمال عقاقير أخرى.
توكلي على الله وتوجهي صوب استشاري في الطب النفساني.
اقرئي على مجانين:
علاج الاكتئاب بين العقاقير والعلاج النفساني
خطة علاج الاكتئاب الأولية